مقابلات صحفية
حوار الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان مع صحيفة المصري اليوم
جسد نحيف وعينان تشعان ذكاءً وقلب ملىء بالإرادة. تتحدث إليك عن مصر فتشعر أن حب مصر يعتصرها، وعن تونس فتشعر أنها ولدت وتربت في قرطاج. عربية الهوى، شديدة الإنتماء لوطنها اليمن،
الذي تؤمن بأن ثورته مستمرة لحين إسقاط كافة «شبكات المحسوبية» وتغيير رؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية به.على هامش زيارتها للكويت، أجرت «المصري اليوم» حوارا خاصا مع كرمان، الفائزة بجائزة «نوبل » للسلام، لتعبر عن ألمها من موقف دول الخليج التي لم تلب طموحات الشعب اليمني، «رغم كره تلك الدول للديكتاتور علي عبد الله صالح».أجرى الحوار في الكويت محمود الكفراوي:
كيف تنظرين لمستقبل الثورة اليمنية ؟
قبل الحديث عن الثورة اليمنية، لي رغبة في إيصال سلامي لصحيفتكم التي وقفت بجوارنا وساندتنا أثناء، فقد كانت «المصري اليوم» معنا في ساحة التغيير لحظة بلحظة.
أما بالنسبة للثورة اليمنية فهي باتجاه تحقيق كامل أهدافها، بعدما استطاعت تحقيق الجزء الأول، وهو إسقاط الديكتاتور صالح، وإبعاده عن السلطة، والآن تتجه نحو المرحلة الثانية لتغيير رؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية وإسقاط كافة شبكات المحسوبية، بما يعني أننا بصدد ثورة كاملة تتجه نحو تحقيق الدولة المدنية الحديثة.
وماذا عن اشتراك أحزاب اللقاء المشترك في الحكم وفق المبادرة الخليجية؟
هذه الأحزاب كانت شريكة لنا في الثورة وكان وجودها داعما، لكنها في الوقت نفسه أعاقتها حين تخلت عن الحل الثوري واتجهت للحل السياسي، ومن ثم اكتفت بتحقيق الهدف الأول، وهو إبعاد صالح. في المقابل، الشباب لم يثوروا ولم يقدموا آلاف الشهداء والجرحي لإبعاد الرئيس المخلوع. ثورتنا لم تكن ضد فرد وإنما ضد نظام كامل مستبد وفاشل وفاسد. هم اكتفوا بإسقاط الرئيس وتركونا منفردين، أما نحن فماضون لاستكمال الثورة.
في مصر الآن شعار «الثورة مستمرة».. هل ينطبق الحال على اليمن أيضا؟
بالفعل الثورة مستمرة وهذا هو الصحيح، فالثورات لا تنتهي باسقاط الديكتاتور بل تبدأ. مصر نجحت في إسقاط الديكتاتور وأفراد عائلته، وعليها الآن المضي لتغيير الأجهزة الأمنية والعسكرية وإسقاط شبكات المحسوبية والفساد.
كيف ترين قرار دكتور محمد البرادعي الانسحاب من سباق الرئاسة ؟
حزنت كثيرا. أنا أعول عليه لأنه عنوان الدولة المدنية الحديثة، لكن انسحابه يدل على مدى احتقان الوضع السياسي في مصر، فهو يعرف ما يفعل والانسحاب وإن كان يبعث على الحزن، لكنه في ذات الوقت يفضح الوضع القائم، لأن أي تجميل لحكم العسكر أمر مرفوض، سواء كان ذلك عبر انتخابات برلمانية أو رئاسية.
لماذا وجهت الدعوة لعمرو موسي دون غيره لحضور مراسم استلامك الجائزة ؟
(ضحكت متفاجئة) أنا أعتز بمواقف عمرو موسي القومية قبل الثورة، ودعوتي له لم يكن لها علاقة بترشحه للرئاسة. نحن نعتز بمواقفه وعروبته.
وانت من نشطاء المجتمع المدني في بلادك.. كيف ترين الاتهامات في مصر للمنظمات الحقوقية ؟
هذا كلام فارغ بكل ما تحمله الكلمة من معان، ولا يليق بدولة عظيمة مثل مصر لطالما قادت الحوار بين الشعوب، ولا يليق بمصر التي خاضت وتخوض حوارا حقيقيا وشراكة مع الشعوب الأخرى، فهذا ارتداد في العقلية المدنية. المجتمع المدني اليوم يخوض شراكة حقيقية مع حكومات ومنظمات دولية والعالم تغير فلم تعد العلاقات محتكرة على الدولة.
وماذا عن اليمن؟
واجهنا الاتهامات نفسها في فترة صالح، إذ وجهت لنا تهم العمالة والارتهان للخارج. لكن هناك فارق كبير بين الشراكة والعمالة. المجتمع المدني يتعاون وفق الندية والشراكة وليس التبعية والعمالة، كما كان الحال في أنظمة بن علي ومبارك وصالح والقذافي وكذلك الأسد في سوريا.
البعض ربط بين حصول ناشطات عربيات بينهن أسماء محفوظ على جائزة البرلمان الأوروبي ووجود أجندة غربية للنشطاء ؟
يا أخي حرام عليكم، أنا اسمع هذا الكلام وأتعجب حقيقة أن يخرج من مصر. كان هذا الكلام يقال علينا في اليمن إبان الحكم الرجعي المتخلف لصالح. لكن الآن هناك شراكة حقيقية بين الشعوب ولم يعد هناك سيادة دول هناك سيادة أفراد.
ألا تعتزمين زيارة مصر قريبا ؟
(ردت بحماس) بالفعل تلقيت الكثير من الدعوات وسأستجيب لإحداها قريبا لكني سأعود أولا إلى اليمن، وبعدها ستشمل أول جولة لي زيارة مصر. عندما أزور مصر، أود أن أنزل من الطائرة مباشرة على ميدان التحرير، فهل لديكم مطار بالميدان. أتمني لو أهبط فيه حتى لو كان باستخدام مظلة.
كيف تنظرين لفترة وجود المجلس العسكري في مصر؟
أود أن أقول للمشير محمد حسين طنطاوي لقد رفعت رؤسنا عاليا حين قمت بدور محايد في الثورة يليق بالجيش المصري. أي جيش مهمته أن يحمي الشعب، وألا يكون جيشا لعصبة أو قبيلة أو أسرة. الجيش المصري قام بدور رائد في دعم الشعب لإسقاط مبارك لكن على طنطاوي أن يعلم أن عليه أن يحافظ على الأسطورة التي صنعها جيشا مصر وتونس معا. كما أن عليه ألا يتحول إلى حاكم عسكري وألا يتشبث بالسلطة لأن الشعب سوف يسقطه. الشعب الذي أسقط فرعون قادر على إسقاط 60 ألف حاكم آخر، لذا عليه أن يخرج بكرامة وأن يسجل موقف مشرف وألا يلوث تاريخه؟ باختصار عليه أن يرحل قبل ان يُرحل.
البعض يصنفك باعتبارك إسلامية.. إلي أي تيار تنتمى توكل كرمان ؟
أنا ابنة كل التيارات وقد أخذت من كل تيار أجمل ما فيه. أحب الجميع وأعرف أن كل التيارات قادرة على بناء مستقبل أوطانها. هذه التيارات كانت مشكلتها أنها في ظل الحاكم المستبد لم تكن قادرة على أن تنتج الآن هي قادرة على الإنتاج، وعليها أن تعمل بشكل مشترك وأن تعرف أن هناك تيارا جديدا آخر على الساحة، هو تيار الشباب، الذي أخذ منها جميعا أجمل ما فيها وترك كل أخطائها التي ارتكبتها في الماضي.
ألا يوجد لديك خوف على وضع المرأة العربية في ظل تصاعد التيارات الدينية ؟
لا يوجد لدي أي خوف أبدا. لا أخاف من المستقبل لأني مؤمنة بأن علينا أن نصنع مستقبلنا، والمرأة التي صنعت الثورات قادرة على صناعة مستقبل مشرق، وثقتي في المرأة العربية وفي الشباب أيضا لا حدود لها. كلي ثقة في ثقة المواطن بنفسه، رجلا كان أم امرأة، تلك الثقة التى تولدت بفعل الثورات تجعله قادرا علي أن يفعل الكثير.
ونحن في الكويت.. كيف تقرأين المواقف الخليجية من الثورة اليمنية؟
إذا تحدثنا عن قطر كإحدى دول الخليج فكل الشكر لها، حقيقة موقفها يحسب لها.
وماذا عن السعودية؟
بالنسبة للسعودية وكثير أيضا من دول العالم تعاملت مع الثورة اليمنية كأزمة، وليست كثورة، وهذا لا يلبي تطلعات الشعب اليمني. هذا ضد طوحنا، لكني متأكدة أن القادم أفضل، وأننا قادرون على صناعة مستقبل جميل، ولن نلتفت بما قامت به أي دولة ضد ثورتنا. نحن نقول أن ذراعنا مفتوح للجميع ومن يريد أن يدعم ثورتنا فأهلا به وسهلا.
لكن بصراحة هل توقعتي هذا الموقف من دول الخليج باستثناء قطر؟
للأسف الشديد لم أتوقعه لأني أعلم جيدا أنها تحب اليمن، وأعلم أيضا أنهم يكرهون صالح، وكانوا يريدون اقتلاعه من الحكم.
لقراءة الحوار في صحيفة "المصري اليوم" اضغط (هنـــــــــا)