توكل كرمان: العالم بحاجة الى شجاعة الشباب 
مقالات صحفية

توكل كرمان: العالم بحاجة الى شجاعة الشباب 

صحيفة "فارسيتي" التابعة لجامعة كامبريدج - حاورها: رافائيل كوربر-هوفمان: في عام ٢٠١١، سطع اسم الناشطة الحقوقية اليمنية توكل كرمان كأول امرأة عربية، وثاني امرأة مسلمة، تنال جائزة نوبل للسلام، مما عزز مكانتها كواحدة من أشهر ناشطات حقوق الإنسان في العالم.

ومنذ العام 2005، تصدرت العديد من الحركات الاحتجاجية، حيث قادت مظاهرات في وطنها اليمن مطالبةً بمزيد من حرية الصحافة. بشخصيتها التفاؤلية المقنعة، تحدثت كرمان معي عن الدور القوي الذي تعتقد أن بإمكان الشباب القيام به في إعادة تشكيل العالم من خلال تبني حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية. 

 

أخبرتني أن الشباب كانوا دائمًا أساس نشاطها، ومثال ذلك تنظيمها لتجمعات طلابية مناهضة لدكتاتور اليمن علي عبد الله صالح في العام 2011. وقالت عن الشباب: "يحتاج العالم إلى شجاعة هؤلاء الشباب؛ يحتاج العالم إلى طاقتهم. يحتاج العالم إلى روحهم ولطفهم، لأنهم لا يحملون كل تلك الأخطاء التي يحملها الأكبر سنًا منهم." وأشارت، وهي تستذكر أحداث الربيع العربي، إلى أن الشباب هم من أطاح بالأنظمة الديكتاتورية وذلك بحسب رأيها لأنهم عرفوا دورهم، وواجبهم، وقرروا تحمل مسؤوليتهم تجاه من اهم أصغر منهم، وتجاه كافة الأجيال القادمة. كما ربطت كرمان دور الشباب بإنقاذ المناخ، وتحدثت أيضًا عن إعجابها بالناشطين في مجال التغير المناخي، وانها "تؤمن بأنهم سينجحون في معركتهم".

كما جالت بذاكرتها فيما واجته من تحديدات سواء كمتظاهرة في فترة ما قبل ٢٠١١، أو كامرأة. وتؤكد أن النساء يواجهن هذه التحديات مرتين؛ أولاً كصحفيات ومواطنات يعانين من وطأة الاستبداد، وثانيًا كنساء يتحملن أعباء التقاليد والعادات السيئة، وهي عادات أنتجتها الأنظمة الديكتاتورية نفسها، فالمستبدون لا يريدون مشاركة المرأة في الحياة العامة. وتضيف أنه بعد إسقاط النظام الاستبدادي في اليمن، "حصلنا على هذه الحقوق كنساء أولًا، وكمواطنات ثانيًا... وضمنّا حق المرأة كحق دستوري".

مع عودة اليمين المتطرف إلى الساحة العالمية، لعله من الصعب تبني رؤية إيجابية تجاه السياسة العالمية في عام 2020. لكن بالنسبة لتوكل كرمان، فهناك دائمًا بصيص أمل. يعود جزء من ذلك إلى رؤيتها بعيدة المدى فيما يخص الدمقرطة. ينظر البعض إلى نتائج ثورات الربيع العربي التي انطلقت في عام 2011 بأنها مخيبة للآمال. فمصر، التي تمكنت من الإطاحة بالديكتاتور الذي امتد حكمه لعقود، حسني مبارك، عادت إلى الحكم الاستبدادي بعد انقلاب عسكري في عام 2013، بينما اليمن وسوريا ما زالتا تواجهان صراعات دامية خلفت أعداداً هائلة من الضحايا وأزمات إنسانية مروعة. 

أما الاحتجاجات الأخرى كالتي حدثت في البحرين، فقد قُمعت بوحشية. ومع ذلك، تجادل كرمان قائلة: 'عندما بدأنا ثورتنا السلمية، ربيعنا العربي، لم نكن ننتظر من المستبدين أن يتخلوا عن السلطة بسهولة، ولا ان يستقبلونا بالورود.' وتضيف: 'نحن، الشعوب العربية، أسقطنا ثمانية مستبدين خلال عشر سنوات... في اليمن، وفي مصر، وفي تونس، وفي ليبيا، والآن في الموجة الثانية من الربيع العربي في الجزائر، وفي السودان. 

إنهم سبعة مستبدين، وأنت تعرفهم: القذافي، بن علي، عبد الله صالح، حسني مبارك، البشير، بوتفليقة. لقد استمروا عقوداً طوال في الحكم، منهم من طال حكمه أربعون عامًا، وأدناهم من حكم 23 عامًا.' وأضافت: 'لا زلنا في الخطوة الأولى.' كرمان مقتنعة أيضًا بنهجها السلمي، حيث أكدت أن "هؤلاء المستبدين يجيدون استخدام العنف. إنه ميدانهم ومعركتهم، لذا ينتصرون دائمًا". وشددت على أن المتظاهرين السلميين "يجب أن يؤمنوا بأنهم سينتصرون في النهاية بتكلفة أقل ونتائج أكثر ضمانًا".

ومع ذلك، تُقرّ كرمان بالصعوبات التي واجهتها ثورات الربيع العربي، وتُرجعها إلى "الثورة المضادة التي تقودها الأنظمة الملكية المحيطة بنا". وتُشير تحديدًا إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران، مُؤكدة على ذلك بقولها "إنهم لا يريدون الديمقراطية ويخشون انتصارنا. كما أن ما حققناه من انتصار ليس إلا خطوتنا الأولى، مجرد خطوة أولى على طريق ثورتنا لأن الهدف لم يكن إزاحة المستبدين، بل كان بناء دول جديدة، دول ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتمارس المساءلة وسيادة القانون".

وعند سؤالها عما إذا كانت تُحمّل القوى الغربية، مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة وغيرهما، مسؤولية الفظائع التي وقعت، لا سيما في اليمن، أجابت بالايجاب، ودعت الغرب إلى "التوقف عن بيع الأسلحة لتلك الأنظمة الاستبدادية". بيد أن مسؤولية الدول الغربية تتجاوز ذلك، إذ تشير كرمان إلى أن الاعتراف أو الترحيب بمستبدين مثل السيسي أو محمد بن سلمان يُضفي  عليهم الشرعية "ويشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم"، مستشهدةً على ذلك بحادثة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي. وفيما يتعلق بسوريا، أشارت كرمان إلى أن "الدول الغربية خذلت مطالب الشعب السوري في الحرية".

بينما لا تزال الحرب مستعرة في موطنها الأم، فإن عمل توكل كرمان سواء داخل اليمن أو وخارجها يشكّل مثالًا حيًّا على أن الشجاعة في النهوض وتسجيل موقف يمكن أن تُحدث فرقًا في جعل العالم مكانًا أفضل، حتى وإن كان إسقاط الديكتاتور مجرد خطوة أولى في رحلة طويلة وشاقة نحو الحرية. ورغم أن العالم اليوم يُعد بالنسبة للكثيرين مكانًا مليئًا بالخوف والقمع، إلا أن كرمان أكدت في خطابها أمام اتحاد كامبريدج أن 'هذا الظلام لن يدوم.'"

 

Subscribe now to get my updates regularly in your inbox.

Copyright © Tawakkol Karman Office