حوار الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان مع صحيفة الشرق القطرية - الجزء الثاني
مقالات صحفية

حوار الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان مع صحيفة الشرق القطرية - الجزء الثاني

حاورها: عبد الحميد قطب- أكدت الناشطة الحائزة جائزة نوبل للسلام توكل كرمان  أن طرد التحالف السعودي الإماراتي من اليمن بات مطلباً شعبياً، لافتة إلى أن هناك قناعة متزايدة لدى اليمنيين بضرورة تحرير بلادهم من التحالف قبل الحوثي.

جاء ذلك في الجزء الثاني من حوار توكل كرمان مع صحيفة "الشرق" القطرية نشرته في عددها الصادر، اليوم، فيما يلي نصه: 

 

* بعد انقلاب عدن.. كقوى يمنية كيف تنظرون إلى المرحلة الحالية وما المطلوب فيها؟

- المطلوب في المرحلة الحالية تحرير اليمن من التحالف الذي يتصرف كمحتل للبلاد، ويحاول تفتيتها وتقسيمها بطريقة ممنهجة ومخططة ومع سبق الاصرار والترصد. فهناك قناعة متزايدة لدى اليمنيين ان طرد هذا التحالف الغادر لا يقل أهمية عن عملية اسقاط انقلاب الحوثي .. والسؤال هل يقدر اليمنيون على تحرير بلادهم؟ الإجابة نعم يستطيعون، وليس هناك في الجوار من يقدر عليهم، كما أنه ليس بمقدور ميليشيات الحوثي المضي في حكمهم بالقوة والقهر، فاليمنيون شعب صعب المراس جبار وجغرافيا اليمن معقدة للغاية، ليس هناك من يقدر علينا لا بالاحتلال ولا الحكم بالغلبة والقهر.

 

رعاية سعودية

* ما رأيكم فيما جرى في عدن وهل الانقلاب كان مخططا له مسبقاً؟

- انقلاب عدن نتيجة طبيعية لخمس سنوات من الشغل الإماراتي في هذا الاتجاه، وبإشراف ورعاية من السعودية. فقد تحرر الجنوب في منتصف 2015 بمقاومة شعبية إلا أن جهود التحالف ساعدت في تشكيل ميليشيات الأحزمة الأمنية كقوة موازية للشرعية ومضادة لها تقوم بمهام الاغتيالات وممارسة العنصرية على الشماليين ومنع مؤسسات الشرعية من الانتظام في عدن والقيام بمهامها، وقد مهد التحالف الطريق لمليشيات الأحزمة الأمنية بعزل نايف البكري ابرز قادة المقاومة، واغتيال المحافظ جعفر ضمن برنامج اغتيالات طال اكثر من 400 شخصية أغلبهم من حزب الإصلاح والمعارضين للوصاية الاماراتية السعودية.

 

* لكن السعودية تنفي علمها مسبقاً بالانقلاب؟

- الانقلاب جرى التخطيط له من الإمارات ولا يوجد ما يثبت ان السعودية كانت معترضة أو متحفظة عليه، خاصة أنه جرت بروفة له في يناير 2018 بشن حرب على حكومة بن دغر والاستيلاء على عدن، ثم توقفت البروفة في بوابة قصر معاشيق، ليكملها لاحقا الرئيس هادي الذي نفذ توجيهات الإمارات والسعودية بإقالة بن دغر وزاد عليها من عنده بإحالته إلى التحقيق، رغم ان بن دغر حاول ان يضع قدما للشرعية في عدن وكان شجاعا في رفضه الحصيف لوصاية التحالف والمضي معهم، وقاوم الاحتلال الإماراتي لجزيرة سقطرى وفضحه على مستوى العالم وهو ما وضع الإمارات في وضع محرج وفي قفص الاتهام.

 

تآمر مشترك

* لكن ما دور الإمارات تحديداً فيما جرى؟

- الإمارات وبرعاية السعودية ومباركتها تتولى ملف الجنوب والسواحل والجزر منذ بداية الحرب، واشتغلت في هذا الاتجاه لتحقيق أهدافها المناقضة لأهداف الشرعية اليمنية، وبطريقة تمس سيادة اليمن واستقلاله ومصالحه وجزره وموانئه وسواحله.

فالإمارات جندي السعودية وكتيبتها المتقدمة، والشبكة التي تصطاد بها القوى الدولية السعودية وتجذبها بواسطتها إلى حتفها، وللأسف السعودية منذ 2011 تمضي مغمضة العينين في اتجاه الهاوية السحيقة، وتحصد نتائج مسارها الانتقامي.

 

* إذاً الانقلاب تم بموافقة سعودية؟

- نعم، فالأمر مزيج من التآمر المشترك والموافقة العمياء والغفلة وسوء التقدير لمملكة وصلت إلى خريفها ولم تعد تفرق بين ما يضرها وما ينفعها، رغم أنها دولة عربية كبيرة، ولم نكن نتمنى لها أن تصل إلى هذا الحال من المغامرة والعبث بمصالحها ومصالح جيرانها وفضائها العربي كله.

ونحن نتساءل، هل من أجل انتقال السلطة تعبث كل هذا العبث باليمن وليبيا وقبلهما سوريا ومصر؟! فالخمس سنوات الماضية لم تكن حربا ضد الانقلاب الحوثي، بل تحولت إلى حرب ضد الشرعية وضد اليمن وضد السعودية نفسها التي تغرق خطوة اثر الأخرى في المستنقع الذي حفرته لنفسها بعناية فائقة وأبدعت الإمارات في توسيعه وتعميقه. هل تعتقد قيادة السعودية اننا نفرح لغرقها المنتظر؟! لا طبعا، لكننا كنا نتمنى ان لا تقف حجر عثرة امام احلام الشعوب ومشاريع التغيير في المنطقة، إلا أنها تبدو مصرة على المضي في هذا الاتجاه، وهي بذلك كأنها تحفر قبرها بيدها، وتبدد ثروتها كما يفعل رواد نوادي القمار العالمي.

 

دعوة الحوار

* ما رأيكم في دعوتها للحوار مع الانتقالي.. وهل هو اعتراف بالأمر الواقع؟

- الحوار مع جماعة انقلابية عنصرية استولت على عدن بالقوة تحت رعاية التحالف، هو أخطر من الانقلاب نفسه، لأنه يضفي المشروعية عليها ويستوعبها في ظل سلطة عنصرية انفصالية مطلقة لها في عدن.. فالانقلابيون والتحالف يحاولون اكتساب مزيد من الوقت لشن حروب اخضاع لحضرموت وشبوة والمهرة، وترتيب دويلة انفصالية، وهم بذلك يحلمون، فالزمن لا يعود إلى الوراء، واليمن لن يعود كما كان قبل الوحدة، فإذا نجحوا في فصله فسيتجزأ إلى دويلات وسيكون شظايا في وجه الخليج كله وسيؤدي إلى انقسامات في السعودية وما جاورها.

 

* يفهم من كلامك أن السعودية والإمارات اتفقتا على تقسيم اليمن؟

- نعم، هما متفقتان على تفتيت اليمن، لكن ربما لا يوجد توافق بينهما حول عدد الأجزاء التي يتم تفتيت البلاد عليها، هل فصل الجنوب إلى دولة واحدة كما تريد الإمارات؟ أم إلى دولتين فقط كما تريد السعودية؟ إحداهما تهيمن عليها الإمارات وتضم عدن وأبين ولحج والضالع وأخرى تهيمن عليها السعودية وتضم شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرة، ولذلك ساعدت الإمارات في استيلاء الميليشيات على عدن وأبين.

 

هزيمة ساحقة

* هذا يفسر ما جرى في شبوة مؤخراً من دحر الشرعية لقوات المجلس الانتقالي؟

- بكل تأكيد، فحين ذهبت مليشيات الإمارات إلى ما بعد أبين للانقلاب في شبوة قالت السعودية ان شبوة خط أحمر، وفعلا منيت مليشيات الامارات بهزيمة ساحقة هناك وتساقطت كل معسكراتها خلال ساعات، صحيح ان السعودية لم تقدم سلاح للجيش الوطني في شبوة لكنها لم تتدخل ولم تطلب منهم التسليم والاستسلام على غرار ما فعلت في عدن وأبين.

وهنا نذكر أن كفة القتال بين قوات الشرعية والانقلابيين في عدن رجحت لصالح الشرعية في اليومين الأول والثاني، وكادت ان تسقط أهم معسكرات مليشيات الإمارات قبل ان تتدخل السعودية لترجيح كفتهم.

 

تغيير هادي

* أخيراً، ما تقييمكم لدور الرئيس هادي؟

- هادي عاجز وفاشل ومتواطئ، إذا لم نقل انه متآمر ضد بلده اليمن.

فلقد فوت فرصة المرحلة الانتقالية وألقى بنفسه وسلطته فوق رعاة المبادرة الخليجية وسفراء الدول الكبرى ومبعوثي الأمم المتحدة، وفي نهاية المطاف خضع للحلف السعودي الإماراتي المضاد للثورات وتواطأ مع الحوثيين وسلم لهم العاصمة صنعاء بدون حرب، مراهنا عليهم وخاضعا لحسابات الدولتين اللتين أسقطتا الدولة اليمنية تحت ذريعة إقصاء حزب الاصلاح.

وفي رأيي أن على اليمنيين أن يتوافقوا على عزل هادي، واختيار بديل له يكمل المهمة بعيدا عن التحالف الغادر، إلى جانب المهمة الأساسية في مواجهة الانقلابين الحوثي والانفصالي.

وقد تبدو المهمة صعبة والتركة ثقيلة، لكنها ليست أصعب من وهم التحالف باحتلال اليمن، وليست أصعب من وهم الحوثي بحكم اليمن بوهم الولاية، وليست أصعب من ترهات الانفصاليين بتقسيم اليمن واستعادة الفردوس المتوهم.

فقضيتنا عادلة: اليمن. وقضاياهم ظالمة وخاسرة: الاحتلال، والإمامة، والانفصال.

 

* بعد التطورات التي جرت في شبوة ودحر الانقلابيين.. هل تتوقعين اعلان فشل انقلاب عدن قريبا؟

- انقلاب عدن فاشل من أول يوم.. والانقلابيون يقولون انهم يريدون فصل الجنوب عن الشمال، ويريدون ابقاء الشرعية حتى يحكموا باسمها ويجمعوا الأموال ويحصلوا على دعم السعودية والإمارات باسمها.. هؤلاء لا قضية لهم ولا انتماء، فهم ينتمون لمن يدفع لهم ويمولهم، ولديهم الاستعداد لبيع الجنوب وسقطرى والجزر لمن يدفع أكثر، وهم لا يمثلون الجنوب، لأن أغلبية السكان يرفضونهم في حضرموت وشبوة والمهرة وأبين وسقطرى، وفي عدن كذلك، لذلك سعوا لفرض سلطتهم بالإرهاب والاغتيالات والأموال الاماراتية والأسلحة التي تدفقت عليهم، في الوقت الذي حُجبت عن الشرعية التي تدخّل التحالف باسمها، لكن من المؤكد أن مصير هؤلاء إلى زوال.

 

الدور الإماراتي

* كيف ترون الدور الإماراتي في اليمن وفي البلدان العربية أيضا؟

- الإمارات هي اختراق خبيث في الجسم العربي لأنها تدار من العواصم الدولية وتستخدم لتمويل الجماعات الإرهابية ورعايتها وتغذية الحروب الأهلية والانقسامات في أكثر من بلد عربي منذ ثورات الربيع العربي في 2011، وحتى اليوم وهي تفعل ذلك في شراكة وتحالف واتفاق وتوافق مع السعودية.

 

* البعض يرى أن انقلاب عدن هو البديل لانسحاب القوات الإماراتية من اليمن ؟

- انقلاب عدن جرى التخطيط له في الإمارات، واعلانها الانسحاب كان مقدمة للانقلاب.. فأبوظبي انسحبت من المعارك ضد الحوثيين فقط، لكنها لم تنسحب من اليمن، بل قامت بإعادة تموضع لقواتها الإماراتية، حتى لا تظهر بمظهر المتآمر.

 

* برأيك، هل استباحة الحوثيين للأجواء السعودية نتيجة لتفريط الرياض في الشرعية؟

- هي نتيجة لحالة التيه والضلال التي تمر بها السعودية ونتيجة لغدرها باليمن وشعبه، ولجنونها في محاربة الربيع العربي والثورات العربية الذي أعماها عن رؤية مصالحها وما يضرها وما ينفعها.. فالمملكة جاءت إلى اليمن لنصرة الشرعية، وفي الوقت ذاته تمنعها من إقامة سلطتها في المحافظات المفترض ان تكون خاضعة لسيطرتها، وتدخلت بنوايا سيئة لتدمير اليمن وتمكين المليشيات الطائفية والانفصالية في صنعاء وعدن، وتتستر وتتخذ الشرعية غطاء لها ومبررا.

 

* بوجهة نظرك، من المستفيد مما جرى في اليمن على مدار الخمس سنوات الماضية؟

- لا احد.. لا اليمن ولا السعودية ولا العرب، وقد يكون المستفيد أعداء العرب، ومنافسيهم من الأمم المجاورة، والمسيطرين العالميين.

 

موقف المجتمع الدولي

* لكن لماذا يصمت المجتمع الدولي عن انقلاب عدن؟

- المجتمع الدولي قال كلمته حول دعمه للدولة اليمنية ووحدة اليمن واستقراره من خلال قرارات دولية، فليس مطلوبا منه ان يتكلم اليوم بينما الشرعية صامتة، لكنه لا يدعم الانفصال ولن يباركه، ولم يدعم الانقلاب الحوثي ولم يباركه. المهمة مهمة اليمنيين في مواجهة الانقلابات ومواجهة انحراف التحالف وتصحيح مسار الشرعية الفاشلة، عندها سيكون العالم معهم. فالمجتمع لا يدعم الانقلابات ولن تنجح، لأنها مؤامرة للاستنزاف ليس إلا.

اليمن بلد كبير وتاريخي ولن يهزم بسهولة، وسيخرج من كل هذه المؤامرات وينتصر عليها، فلم تستطع الإمامة هزيمته خلال مئات السنين ولم يستطع الاستعمار البريطاني الخبيث تثبيت تجزئته، فقد هزمت السلطنات الـ 26 في اليوم التالي لرحيل المستعمر، وأعاد الشعب اليمني الاعتبار لتاريخه ولليمن العظيم بوحدة الثاني والعشرين من مايو 1990.

 

خطة التقسيم

* هل التحالف يخطط بالفعل لتقسيم اليمن ؟

- نعم، ومن الغريب ان السعودية والإمارات وهما دولتان عربيتان تسعيان لتقسيم اليمن، وقد فعلتا هذا عام 94 وفشلتا، لكنهما تعيدان الكرة ولكن هذه المرة لن تفشلا فقط ولكنهما، وتحديدا السعودية الدولة المجاورة، ستدفع ثمن هذه الخيانة لأمتها ولجارها الكبير اليمن.

 

* هل يتحمل الرئيس عبد ربه منصور هادي مسؤولية ما جرى في اليمن ؟

- كما قلت سابقاً، هادي رئيس عاجز وفاشل ومتواطئ، هذا إن لم نقل انه متآمر ضد بلده اليمن، وقد تواطأ من قبل مع الحوثيين وسلم لهم العاصمة صنعاء بدون حرب مراهنا عليهم وخاضعا لحسابات السعودية والإمارات التي أسقطت الدولة تحت ذريعة إقصاء الإخوان المسلمين.

وهادي هو الذي استدعى السعودية والإمارات لتعيد له الدولة في صنعاء، إلا أنهم دمروا اليمن بقصف البنية التحتية والأحياء المدنية وصالات المآتم والأعراس، وكان هدفهم تدمير اليمن وترك معظم الشمال فريسة للحوثي والاكتفاء بالسيطرة على الموانئ والسواحل والجزر والمطارات ومنشآت النفط والغاز بالتزامن مع ابقاء هادي وحكومته أسرى في الفنادق وخارج الواقع والفعل.

 

دعوات الحوار

* أخيراً، هل تثمر دعوات الحوار التي أطلقتها السعودية عن اتفاق ينهي الصراع اليمني والانقلاب ؟

- هم يحاولون اكتساب مزيد من الوقت لشن حروب اخضاع لحضرموت وشبوة والمهرة، وترتيب دويلة انفصالية. هؤلاء حالمون. الزمن لا يعود إلى الوراء. التحالف ومن ورائه بعض القوى الدولية يريدون تقسيم اليمن إلى دويلات متحاربة. لن يعود اليمن كما كان قبل الوحدة إذا نجحوا في فصله سيتجزأ إلى دويلات وسيكون شظايا في وجه الخليج كله ويؤدي إلى متوالية من الانقسامات في السعودية وما جاورها.

 

للاطلاع على الجزء الأول من الحوار في موقع "الشرق" القطرية اضغط (هنــــــــا)

للاطلاع على الجزء الثاني من الحوار في موقع "الشرق" القطرية اضغط(هنــــــــا)

Subscribe now to get my updates regularly in your inbox.

Copyright © Tawakkol Karman Office

Search