كلمات
كلمة توكل كرمان في المؤتمر الدولي الاستثمار في السلام العالمي - أرمينيا
أصحاب السعادة، الضيوف الكرام، الأصدقاء الأعزاء،
تحية طيبة،
يشرفني الانضمام إليكم في يريفان للاحتفال بحدثٍ تاريخيٍّ بارز، ألا وهو: "الذكرى الخامسة والعشرون لأجندة المرأة والسلام والأمن، وإطلاق خطة العمل الوطنية الثالثة لأرمينيا".
مرّت خمسة وعشرون عامًا منذ أن أكّد العالم بالإجماع حقيقةً لطالما أدركتها النساء وعايشتها: "أن السلام لا يمكن تحقيقه ولا استدامة له من دون الإدماج الكامل للمرأة”.
لم يكن قرار مجلس الأمن رقم 1325 مجرد اعتماد وثيقةٍ أممية، بل كان إعلانًا لضميرٍ عالميٍّ جديد، ضميرٍ يعترف بالنساء ليس كضحايا للصراع، بل كقائداتٍ ووسيطاتٍ وحامياتٍ ومفاوضاتٍ وصانعاتٍ للسلام.
إننا اليوم نجتمع في وقتٍ تتناسل فيه الحروب، وتتوسع فيه الأنظمة الاستبدادية، وتواجه حقوق الإنسان اعتداءاتٍ غير مسبوقة؛ والصراعات على أوجها في غزة وفي أوكرانيا والسودان وميانمار واليمن ولبنان، وغيرها.
اليوم، ملايين النساء والأطفال يدفعون الثمن الباهظ لفشل النظام الدولي، فيما في ظل تنامي النزعات القومية والتطرف، واتساع نطاق والقمع الرقمي، واستخدام الكراهية كسلاح.
إن أجندة السلام العالمية تواجه تهديدًا لا بسبب قصورها، بل نتيجة غياب الالتزام الدولي بها.
وفي هكذا ظرف، لا يكفي الاحتفال بأجندة المرأة والسلام والأمن.
يجب علينا تجديدها وتوسيع نطاقها وحمايتها.
رحلة أرمينيا في هذا المضمار هي رحلة بقاء وعزيمة وتطلع ديمقراطي.
خطة العمل الوطنية الثالثة ليست مجرد وثيقة سياسية – بل هي التزام ببناء أرمينيا أكثر أمانًا وشمولًا وديمقراطية.
إنها تقر بثلاث حقائق أساسية:
• المرأة عنصر لا غنى عنه للأمن الوطني.؛ فهن لا ينتظرن السلام بل يبنيه.
• الديمقراطية والسلام لا ينفصلان. لا يمكن لأمة أن تكون آمنة ما لم تُسمع جميع الأصوات — خاصة أصوات النساء.
• السلام يتطلب العدالة والمساواة؛ فبدون الحقوق والمساءلة والإشراك يصبح السلام مجرد وقف إطلاق نار هش.
وأرمينيا، بدفعها قدماً بهذه الخطة، ترسل رسالة للعالم بأنها اختارت طريق القيادة المسؤولة والتعاون الإقليمي، حتى بعد سنوات من عدم الاستقرار والصراع.
في جميع أنحاء العالم، كانت النساء القوة المعنوية التي واجهت الحرب والتطرف والاستبداد:
• في ليبيريا، قادت النساء حركة تاريخية سلمية أنهت 14 عامًا من الحرب الأهلية.
• في كولومبيا، صاغت النساء اتفاقية السلام مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) من خلال ترسيخ العدالة والتعويضات وحقوق الناجين.
• في اليمن، قادت النساء لجان الحوار الوطني ووضعن خارطة الطريق الشاملة الوحيدة للانتقال الديمقراطي قبل أن تأتي عليها الحرب.
• في جميع أنحاء أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا وأوروبا، تواصل النساء مساعي حماية المجتمعات والمطالبة بالمساءلة.
تُذكرنا هذه التجارب بحقيقة بسيطة:
عندما تقود النساء، يدوم السلام. عندما تمتلك النساء السلطة، تتعافى الأمم.
ونحن نحيي هذه الذكرى، يجب أن نسأل: أي عالم نريد بناءه للجيل القادم من النساء والفتيات؟
نحن بحاجة إلى أجندة متجددة للمرأة والسلام والأمن، تطالب بما يلي:
• المساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
• الحماية من الرقابة الرقمية، والعنف الإلكتروني، والحرب السيبرانية.
• التمكين الاقتصادي، والمساواة في الوصول إلى الموارد.
• قيادة المرأة على جميع مستويات مفاوضات السلام والحوكمة.
• إنهاء سباق التسلح، وتحويل الأولويات العالمية من العسكرة إلى التنمية.
• إيجاد حلول لأزمة المناخ، التي أصبحت الآن محركًا للصراع والنزوح.
هذه ليست مثالية، بل ضرورة.
تقف أرمينيا اليوم عند مفترق طرق بين جراح الماضي وإمكانيات المستقبل.
خطة العمل الوطنية الثالثة الخاصة بكم هي فرصة - ليس فقط لحماية النساء، بل لإطلاق العنان لطاقاتهن الكامنة كركائز للديمقراطية، وحارسات للاستقرار، وصانعات للسلام.
أيها الأصدقاء،
السلام ليس مجرد غياب الحرب؛
السلام هو العدالة؛
السلام هو المساواة؛
السلام هو الكرامة الإنسانية؛
السلام هو الشجاعة في مجابهة الظلم.
السلام هو أن يعلو صوت على نحو لا يُقهر ولا يقبل المساومة.
ونحن نحتفي بمرور ٢٥ عامًا على أجندة المرأة والسلام والأمن، فلنلتزم بالـ 25 عاماً القادمة بلا مواربة وبشجاعة وأمل.
شعبنا يستحق السلا؛
ونساؤنا يستحقن القيا؛
وعالمنا يستحق ما هو أفضل من الحرب.
شكرًا لكم..

