كلمات
كلمة توكل كرمان في القمة العالمية للشباب - ميونخ (2025)
أصدقائي الأعزاء،
يا صناع التغيير الأعزاء،
أنتم لستم قادة الغد فحسب، بل أنتم قادة الحاضر.
لعصور، حكمت البشرية من اعتقدوا أن السلطة ميراثهم.
لكن الآن، في هذا الجيل، لم تعد السلطة موروثة، بل تُصنع. يصنعها الضمير والشجاعة والمعرفة والرحمة.
هذا هو العصر الذي لا تُقاس فيه القيادة بالجيوش أو الثروة أو الألقاب،
بل بالقدرة على التئام الجروح والبناء والتوحيد وإحداث التغيير.
لقد اجتمعتم هنا ليس للاحتفال بالعالم كما هو، بل لقيادة العالم كما يجب أن يكون. اليوم، نقف عند نقطة تحول لم نشهدها من قبل. الأرض تحترق، والديمقراطية تنزف، والحقيقة تغرق في محيطات من الأكاذيب، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية تتلاشى أمام جشع الدول والشركات الكبرى التي نسيت واجباتها ورحمتها."
لكن اليوم أيضًا، في خضم هذه العاصفة، تقفون أنتم - الجيل الذي يرفض الاستسلام.
أنتم أول جيل في التاريخ يرث الأدوات والحكمة لإنقاذ العالم.
السؤال ليس ما الذي تستطيع الأدوات التي تمتلكونها فعله - بل ما الذي ستفعلونه بها. وستفعلون الكثير!
لقد رأيتُ ما يمكن للشباب فعله.
رأيتُ ثورات تولد من قاعات الدراسة والجامعات والمقاهي.
رأيتُ طغاة يسقطون لأن الشباب والشابات رفضوا الرضوخ للخوف.
يا قادة الأعمال:
ابنوا اقتصاداتٍ بالتسامح، فالأعمال بلا أخلاق تُصبح دمارًا.
الربح مهم، لكن العظمة والنبل أهم.
لم نعد نعيش في زمنٍ يُقاس فيه النجاح بالثروة فقط.
النجاح الحقيقي يُقاس بالتأثير:
• كم وظيفةً خلقتم؟ كم مجتمعًا نهضتم؟ كم كرامةً حميتم؟ كم أملًا أشعلتم؟
• لا ينبغي لنا أن نبني اقتصادًا مزدهرًا على كرامةٍ مهزوزة أو حقوقٍ مسروقة.
• لا ينبغي لأي أمة أن تغتني باستنزاف دماء أخرى.
لا ينبغي لأي اقتصاد أن يزدهر في ظل عدم المساواة.
لا ينبغي لأي مستقبل أن يُبنى على أرض مسروقة وأحلام مسروقة.
• لا مزيد من الثروة التي تُبنى على معاناة الآخرين.
• دعونا نبني عالمًا لا تنبع فيه القوة الاقتصادية من الاستغلال، بل من الابتكار والإنصاف واحترام كل إنسان -
من الأمازون إلى أفريقيا، ومن اليمن إلى السودان، ومن فلسطين إلى كل أرض أصلية لا تزال تحمل ندوب الاستعمار.
• يجب أن نقف ضد استغلال الدول الفقيرة، وضد سرقة الموارد الطبيعية، وضد الشركات والحكومات القوية التي تستولي على المعادن والطاقة والأراضي والعمالة من المجتمعات الضعيفة -
ولا تُعيد إليها سوى التلوث والفقر والوعود.
• إن العدالة للشعوب الأصلية هي عدالة للبشرية.
وإذا أردنا حقًا حماية هذا الكوكب، فعلينا أن نتعلم ممن حموه لأطول فترة.
كونوا الجيل الذي يُنهي الفساد بدلًا من التذمر منه.
ابنوا شركاتٍ لا تُعامل العمال واللاجئين والنساء والشباب كأرقام، بل كشركاء في الإنسانية.
أصدقائي الأعزاء
لا يُمكننا الحديث عن القيادة المُستقبلية دون الحديث عن الواجب الأخلاقي.
الصمت أمام الإبادة الجماعية خيانةٌ للإنسانية.
تجاهل الاحتلال والفصل العنصري والعنصرية والفاشية هو تسليم العالم للظلام.
قفوا مع غزة.
قفوا مع السودان.
قفوا مع كل نفسٍ مُضطهدة في اليمن وسوريا ولبنان وأوكرانيا، في كل مكان.
قفوا ليس لأنهم عرب أو أفارقة أو مسلمين أو مسيحيين -
قفوا لأنهم بشر.
النضال من أجل الحرية نضالٌ واحد.
عبر الأمم، عبر الثقافات، عبر الأديان -
لكرامة الإنسان لغةٌ واحدة.
السلام ليس غياب الحرب.
السلام هو وجود العدالة.
ولن تأتي العدالة من الحكومات وحدها، بل ستأتي من أناسٍ مثلكم يرفضون قبول القمع كأمرٍ طبيعي.
وهنا، في ألمانيا، أمةٌ أعادت بناء نفسها من أنقاض الحرب، أمةٌ فتحت أبوابها لملايين الباحثين عن الأمان، أتحدث باحترامٍ عميقٍ وصراحةٍ صادقة:
قالت ألمانيا ذات مرة "Nie wieder" - لن يتكرر ذلك أبدًا.
قالتها أمام أنقاض النازية، أمام دماء الأبرياء - وعدًا بأن الكراهية والعنصرية والإبادة الجماعية لن تعود أبدًا.
لكن اليوم، يجب تجديد هذا الوعد - ليس فقط في أوروبا، بل في غزة، وفي فلسطين، وفي كل مكان يعاني فيه الناس من الطغيان والظلم.
الهجرة ليست أزمة.
إنها قصة إنسانية.
إنها شجاعة، لا جريمة.
إنها صمود، لا تهديد.
وعندما نتحدث عن الهجرة واللاجئين،
فلنقل الحقيقة كاملةً - ليس الرواية السياسية، بل الرواية الأخلاقية. لا يغادر الناس ديارهم راغبين في التخلي عن أرضهم، ذكرياتهم، لغتهم، شوارع طفولتهم.
يغادرون لأن قوىً أكبر منهم دفعت بهم للرحيل.
يغادرون لأن:
• الاستعمار رسم حدودًا بالدم وترك الدول في حالة من الفوضى،
• الشركات استخرجت الثروات من أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا والشرق الأوسط وتركت الفقر وراءها،
• القوى العظمى شنت الحروب، ودعمت الديكتاتوريين، وأججت الانقلابات، وحوّلت الدول المسالمة إلى ساحات معارك،
• القوى العالمية استغلت المعادن والنفط والذهب والفضة الأرض، والأرض - ولم يعد سوى الصراع والفساد والنزوح.
لنكن صريحين:
العالم الذي يشتكي من اللاجئين هو غالبًا نفس العالم الذي خلق الظروف التي أجبرتهم على الفرار.
إذا كنا نهتم بوقف الهجرة،
علينا أن نوقف أسبابها.
علينا أن نوقف الحروب، ونوقف الاستغلال، ونوقف الديكتاتورية، ونوقف سرقة الموارد، ونوقف النفاق العالمي.
اللاجئون ليسوا سبب الفشل -
الفشل هو العالم الذي جعلهم لاجئين.
لنرفض الأصوات التي تستغل الخوف،
وتصف اللاجئين بالأعباء،
وتستخدم المهاجرين كأدوات سياسية،
وتؤجج كراهية الإسلام وكراهية الأجانب والعنصرية لكسب الأصوات وتقسيم المجتمعات.
أيها الشباب الأعزاء:
• ابتكروا بجرأة
• ابنوا بأخلاق
• قولوا الحقيقة بلا خوف
• احموا الحرية بلا هوادة

