كلمات
أود أن أعبر عن شكري وامتناني لهذه الجهود التي تسعى لوقف احكام الاعدام..
كما تعلمون لقد شهد العالم عبر عصوره المختلفة سياسات ظالمة اتسمت بالبطش والتنكيل بالمعارضين السياسيين والذين لديهم آراء مختلفة. لقد تورط الجميع في هذه اللعبة، لعبة الدم، وحتى اولئك الذين يقدمون أنفسهم متحدثين عن الدين، تورطوا. لقد كانت الاعدامات السلاح الأكثر فتكا الذي يملكه المتسلطون، لكن هذا السلاح لم يكن بإمكانه تأمين الأمن أو الاستقرار، ذلك أن دورة الدم سرعان ما تصل للجميع بما في ذلك من يستفيد من تلك الاحكام. يقال في الأمثال الشعبية من قتل ينبغي أن يُقتل.
إن واجبنا اليوم هو العمل بكل قوة واخلاص لوقف حكم الاعدام في العالم. الحقيقة هناك العديد من العوامل التي سوف تساعدنا في هذا الاختيار، العامل الأول أن أحكام الاعدام باتت سلاح في يد أنظمة سلطوية ولم تعد جزءًا من عدالة يراد تطبيقها في معظم الحالات. أما العامل الثاني فهناك ضعف واختلالات في منطومة القضاء والأمن، وهذا الامر يجعل من العدالة وقف احكام الاعدام وليس تنفيذها. في العالم العربي وفي كثير من دول العالم لا يوجد قضاء مستقل كامل الاستقلال، بل قضاء يعمل وفق توجهات سياسية غير مكترث للاضرار التي سوف تعود على المجتمع وعلى مسار العدالة.
الاصدقاء الاعزاء..
لا شك ان هذه الجهود ستواجه بكثير من العوائق سواء لاسباب سياسية أو دينية أو حتى لأسباب شخصية. كل الحجج الممكنة سوف نسمعها، ودعوني أقول بكل صراحة، أن بعض تلك الحجج مقنعة، لكن الظرف الذي نعيشه اليوم، هو تحول أحكام الاعدام لجزء من السياسة، وبالتالي بات من المهم وقف هذا الوحش من التوغل أكثر في حياتنا. لا استطيع أن اتفهم ازهاق حياة شخص في ظل منظومة قضاء غير نزيهة وفي أجواء سياسية تتسم بالعدوانية.
الاصدقاء الاعزاء..
قبل عدة اسابيع، اقدمت مليشيا الحوثي على إعدام عشرة أشخاص قالت أنهم ضالعين في قتل أحد قاداتهم، رغم علم الجميع انه قتل بواسطة التحالف السعودي الاماراتي. لقد أجرت مليشيات الحوثي محاكمة سرية افتقدت لأبسط قواعد التقاضي، وتم تنفيذ هذه الاعدامات وسط حضور جماهيري وبحضور بعض قاداتهم، وبعد تنفيذ احكام الاعدام قاموا باداء رقصات شعبية، كل ذلك تم تصويره وبثه للناس. هل يعتقد أحد ان هذه الاعدامات كان هدفها تحقيق العدالة أم بث الرعب في قلوب الناس، ما حدث كان استعراض للقوة الهمجية، وللبطش وجنون السلطة. والمؤسف أن مليشيا الحوثي تنوي القيام باعدامات جديدة. تركيع الشعب ما تريده مليشيا فاشية مثل مليشيا الحوثي وترى ان الاعدامات وسيلة لتحقيق ذلك.
الاصدقاء الاعزاء..
اقدمت الحكومة المصرية على تنفيذ اعدامات باشخاص ابرياء لاغراض سياسية، فالمحاكمات التي جرت لهم كانت صورية واتسمت بعدم النزاهة وبعضها جرى بصورة كوميدية. وبالمثل تقوم السعودية وايران بتبني احكام اعدامات بحق المعارضين وبحق اشخاص اخرين لم تثبت عليهم أي تهم، وانما لتحقيق ما يسمونه مبدأ الردع. من المؤسف أن يحدث هذا، إذ لا تكون العدالة في الحسبان.
الاصدقاء الاعزاء..
الجهود الدولية لوقف احكام الاعدام يجب أن تتطور بشكل أكبر، وأن يكون هناك تحالف دولي يتبنى هذا الموقف، وأن تضطلع الامم المتحدة بدور أكبر لتحقيق هذه الغاية. ختاما أود أن أقول إن وقف الاعدامات ليس فيه محاباة للقتلة أو تعاطف مع المجرمين، ولكن هو سلب الطاغية في اي مكان في العالم احد اسلحته الفتاكة الذي يؤذي به الناس، ويزهق ارواحهم. ليتوقف هذا الان!
الأصدقاء الأعزاء..
لقد وافقت دون تردد في المشاركة في حملة أوقفوا الإعدامات في مصر، ومستعدة أن أشارك في أي حملة لوقف الإعدامات في أي بلد وفي أي مكان، ذلك أن وقف الاستخدام السيء للإعدامات من قبل الأنظمة الديكتاتورية من أشرف ما يقوم به المرء في حياته. إن الحياة هبة من الله لا يجب أن يتصور إنسان ما بأنه قادر على سلبها. أعرف أن هذا الموضوع شائك ويحتاج نقاشا مستفيضا، لكن على الأقل يجب أن تكون الإعدامات بشكل عام محل مراجعة ومراقبة دائمة بحيث لا يتم الانحراف في هذا الموضوع، أما موضوع (الاعدامات السياسية) فيجب أن تحظى برفض دولي، بل يجب أن يكون هذا الأمر محل اهتمام من قبل الأمم المتحدة، بوصف ذلك اعتداء على قيمة الحياة، وسلوك يهدف لإخضاع المجتمع بالبطش والإرهاب.
في حياتنا أشياء كثيرة لا يجب أن نتخلى عنها، وفي مقدمة هذه الأشياء هو رفض الظلم ومناهضة الاستبداد. لقد عاش العالم مراحل منحطة عندما سمح بممارسات فاشية وغير عادلة. وكما تعلمون، فقد كانت الإعدامات السياسية إحدى الوسائل لبث الرعب في أوساط المجتمع، وتأسيس دول استبدادية تقوم بانتهاك حقوق الإنسان ومصادرة حرياته على نحو مبالغ فيه في أحيان كثيرة.
إن واجبنا اليوم هو بذل كل الجهود لوقف هذا العبث بالحياة الذي تمارسه أنظمة سلطوية مستهترة بقيم الحياة والحرية والعدالة. ندرك صعوبة هذه المهمة، خصوصا وأن هناك تواطؤ دولي مع المستبدين، خصوصا أولئك الذين يحكمون منطقتنا العربية، لكن هذا لا يجب أن يكون مبررا للانسحاب من هذه المعركة المهمة، بل على العكس، يجب أن نؤمن بأنه سيأتي وتثمر جهودنا ونوقف الإعدامات السياسية.
تدرك الأنظمة الديكتاتورية التأثير السلبي الذي تتركه أحكام الإعدام على سمعتها، خصوصا في وجود منظمات حقوقية عالمية لا تتوقف عن توجيه الانتقادات لمثل هذه التوجهات، ولذا أود أن أشير إلى النوع الجديد من (الاعدامات) الذي باتت تمارسه تلك السلطات الفاشية ضد معارضيها السياسيين أو حتى ضد من تعتقد أنهم معارضيها السياسيين، وهو الإهمال. إن ترك السجناء السياسيين بلا رعاية صحية وتركهم يعيشون في ظروف بالغة السوء، هو بمثابة قتل خارج القانون، ويمكن أن يندرج تحت بند (الاعدامات السياسية) التي نسعى اليوم لوقفها.