كلمات
كلمة الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان بمناسبة الذكرى السادسة لثورة 11 فبراير - اسطنبول
ألقت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، اليوم الجمعة، كلمة خلال الاحتفال بمناسبة الذكرى السادسة لثورة فبراير الشبابية الشعبية السلمية الذي نظمه مجلس شبابِ الثورة في مدينة اسطنبول التركية، فيما يلي نصها:
الحضور الكريم:
نحتفي اليوم بالذكرى السادسة لثورة الحادي عشر من فبراير المجيدة، ونحن أكثر اصرارا على بناء يمن جديد قائم على أسس المواطنة والديمقراطية وحكم القانون.
لقد مثلث ثوره الحادي عشر من فبراير حدثا فارقا في تاريخ شعبنا المجيد، ووضعت شعبنا على الطريق الصحيح، فعجلة التغيير العميق لن تتوقف حتى تنجز كل شيء عظيم لشعبنا الصابر والمصابر، وحتى تحقق الهدف وتنجز كامل الحلم.
التحية في هذا اليوم العظيم، لكل اولئك الذين حافظوا على حلمهم الكبير، المعزز بيقينهم الثوري، بضرورة الثورة التي فجروها، وحتمية النصر الذي ينتظرهم، ولم يبدلوا تبديلا.
أيها الأعزاء:
اليوم وبعد مرور ست سنوات من ثورتنا الشبابية الشعبية السلمية، هناك من يتساءل، ما الذي حققته الثورة، وما الذي لم يتحقق؟
الحقيقة أننا عندما نعود للوراء ونتذكر ما قمنا به، ندرك كم كنا عظماء.
يالعظمة ماصنعناه ..
ونحن نواجه نظاماً عصبوياً اعتاد على الإجرام، والسرقة، والإساءة إلى صورة اليمن في كل مكان في العالم.
يالعظمة ما صنعناه، آن لنا أن نفخر بما قمنا به ..
فقد قمنا بإسقاط مشروع التوريث الذي كان سيضرب النظام الجمهوري في العمق، ويقضي على أهداف وروح ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين.
إن دور شباب ثورة فبراير في ايقاف هذه المهزلة التاريخية، لا يمكن انكاره، فقد تصدوا بكل شجاعة ووعي لعملية تغيير ملامح النظام الجمهوري الذي قدم اجدادنا واباءنا تضحيات كبيرة لترسيخه في وجه جحافل الأئمة والمرتزقة.
يالعظمة ماصنعناه ، آن لنا ان نفخر بما قمنا به ...
فلقد كان لثورة فبراير الفضل الكبير في التصدي للعدوان الذي قام به المخلوع ضد الجمهورية والدولة اليمنية، لقد كشفته، وأظهرته كما هو، رجل عصابات، وليس رجل دولة كما كان يدعي، رجال الدولة لا يحرقون أوطانهم من أجل شهوة السلطة أو شهوة الانتقام.
يالعظمة ماصنعناه، آن لنا ان نفخر بما قمنا به ...
فقد منعت ثورتنا الشبابية الشعبية السلمية انهيار النظام الجمهوري، وكسرت معادلة احتكار الثروة والسلطة والنفوذ إلى الأبد.
هذا انجاز عظيم ما كان لغير ثورة الحادي عشر من فبراير أن تنجزه بهذه الكفاءة والاقتدار .
وعندما نتحدث عن الجهة التي تحتكر السلطة والثروة والنفوذ فلا يجب أن يتجه حديثنا إلى أناس يعيشون في منطقة معينة، فأولئك في الأغلب ضحايا يتشاركون مع اخوانهم الذين يتوزعون على كامل الجغرافيا.
أصابع الاتهام تتجه إلى أولئك الذين يحتكرون كل شيء عبر التاريخ، يحجبون عن اناس هذه المناطق مغانم الاحتكار، ويسخرونهم بيادق وخداما لهم، بعدما نصبوا أنفسهم زعماء مؤبدين، وسادة سلاليين سرمديين ،وشيوخا للأبد.
أيها الأحبة ياأبناء شعبنا اليمني العظيم...
اليوم ونحن نواصل معركتنا المقدسة نحو الحرية والعدالة والديمقراطية والمساواة، ونواجه ثورة مضادة وانقلابا دمويا يقوده المخلوع صالح المتحالف مع ميليشيات الحوثي والمعززة بدعم ايراني لا محدود، يقول بعض المشككين وبعض من ينقصهم اليقين الثوري، هل تعد هذه النتيجة نجاحا أم فشلا للثورة ولمن قام وشارك فيها؟
الحسبة بهذه الطريقة لا يجريها على هذا النحو إلا مملوك لنظام المخلوع أو مخبر من مخبريه وبعض من أدواته، يريد من وراء ذلك القول: إن سيده لا يستحق الثورة، وإن نظامه العبوس كان غاية ما يتمناه ويستحقه شعبنا العظيم.
هناك من يجهل حقائق التغيير، وأن الثورة تنجز أهدافها عبر مراحل، الثورة التي في كل حالاتها تمضي لا يضيرها قول من قال، ولا عجز من عجز.
فقد دعونا إلى التغيير لا الحرب، وإلى السلم لا القتال، وإلى الشراكة والتوافق لا الاقصاء والتفجير والتهجير، من اختار سبيل الحرب والقتال هو من جلب كل هذا الدمار!!
من أطاح بالتوافق والشراكة وغزا المدن، واستولى على مؤسساتها العامة بالقوة والقهر، ظنا منه أن بإمكانه استعادة وإطالة معادلة احتكاره وعائلته وعشيرته وطائفته للثروة والنفوذ هو المسؤول عن كل هذا الدمار.
لم يقم شباب فبراير ولم تقم ثورتهم السلمية العظيمة باحتكار السلطة وسرقة ثروات البلاد واقتحام المدن ومؤسسات الدولة، لذلك من العار محاولة البعض رمي المسؤولية على الجميع كما يفعل مخبرو المخلوع.
أيها الرفاق..
يا رفاق الكفاح الثوري العنيد...
ما حققته الثورة أشياء كثيرة، وأمامها اشياء أكثر سوف تحققها في السنوات المقبلة:
• ستواصل ثورتنا المجيدة الثورة الشبابية الشعبية السلمية كسر معادلة الاستحواذ الظالمة على السلطة والثروه حتى يكون هناك توزيع عادل للسلطة والثروة يشمل أقاليم البلاد، ومحافظاتها، ومناطقها المختلفة، وفق معادلة جديده لم يعد يستأثر بها أحد، وتبعا لحتمية ثورية، قدرها فقط أن تنتصر أو تنتصر، قدرها فقط أن تجلب الحرية والرفاه لجميع اليمنيين، كل اليمنيين، فلا مكان للسقوط في مهاوي العجز أو الردة إلى الخلف.
• ستمضي الثورة بخطى واثقة ومهما كانت العوائق والصعاب ستمضي الثوره كقدر على قدر ، لتحقيق دولة العدالة والقانون والرشد واحترام الحقوق والحريات والفرص المتساوية.
يرونه بعيدا، ونراه قريبا..
• وماذا عن الحرب التي فرضتها الفاشية السلالية المتحالفة مع المخلوع علي صالح وبقايا نظامه، وبدعم ايراني لا محدود مسكون بهوس السيطرة والاستحواذ على المنطقة؟
ما هو دور شباب الثورة تجاه ذلك؟
أقول بكل ثقة إننا سنعمل من أجل السلام لا الانتقام، وسنمضي بالتزام اخلاقي ووطني عظيم، لوضع خاتمة للحرب نرضى عنها جميعا، دعوني أوكد هنا، إن أي حرب بلا هدف نبيل تصبح مجرد قتل وقتل مضاد، وانتقام وانتقام مضاد.
نعم، سنكافح من أجل سلام مستدام، يحفظ للدولة اليمنية ممثلة بسلطتها الانتقالية حقها الحصري في امتلاك السلاح، وبسط النفوذ على جميع التراب الوطني .
وحق المواطنين والجماعات في تنظيم أنفسهم في أحزاب وتنظيمات سياسية بعيدا عن العنف والقوة، بعد أن يتم حل الميليشيات والتنظيمات المسلحة.
وإصدار عفو عام عن الأفراد مشروط بعدم التكرار ويستثني المخلوع وقادة الميليشيا المتورطين في ارتكاب المجازر، ويكفل جبر ضرر وتعويض الضحايا.
ثم نمضي في الاستفتاء على مسودة الدستور التي سبق التوافق عليه، ثم القيام بإجراء الانتخابات المختلفة محلية واقاليم ونيابية ورئاسية وفق الدستور المستفتى عليه.
يترافق ذلك مع إجراءات اقتصادية تكفل تحسين معيشة المواطنين، وإعادة إعمار البلاد، وبناء جيش وطني موحد ولاءه للوطن لا للفرد ولا العائلة ولا القبيلة، أو الطائفة والجهة.
ذلك طريقنا لتحقيق غايتنا النبيلة، الجمهورية اليمنية الاتحادية متعددة الاقاليم، هذا عهد الثورة ووعدها، وإنها لثوره متجددة حتى النصر..
إلى ميليشيات الحوثي الفاشية ، وتحالفها الانقلابي مع المخلوع صالح الذي يريد أن يعاود حكمنا بالقوة والقهر:
تقول حتميه ثورة فبراير .. إن من يحاول إيقاف عجلتها بالحرب والقهر، يجد من يتصدى له، ويجد من يقاومه، هكذا تمضي سنة التغيير، وهكذا يمضي مكر التاريخ، لا استسلام للظلم ولا خضوع للجبابرة.
تقول حتمية ثورة فبراية إن:
ثوارنا لا ينسون الثورة
شهداءنا لا يموتون
حلمنا لا ينكسر
تقول حتمية فبراير ،وتاريخنا الحميري العظيم:
هذا شعب لا يقهر، هذا شعب لا يقهر، نحن أصحاب ايمان وحكمة بالغة، ونحن أولو قوه وأولو باس شديد.
ايها الرفاق .. يارفاق الربيع العربي .. ومالكي الحلم الكبير:
إن ثورات الربيع العربي لم تأتِ لتنشر الخراب كما تقول دعاية الأنظمة المستبدة، بل لوقف الفشل والطغيان اللذين ظلا يتحكما في بلداننا خلال العقود الماضية، لذلك مهما حصل، فإن العاقبة هي للربيع.
لقد دارت عجلة التغيير في بلداننا ولن تقف قبل أن تطوي عالما كاملا من الطغيان والقمع والسجون والقهر والاضطهاد والاستعلاء والتمييز والفساد.
لقد نجحت ثورات الربيع العربي في اعادة تشكيل الوعي بالحرية والكرامة والمساواة، وهو ما كان غائبا أو باهتا في الماضي، لقد بدأنا مسيرة الانعتاق من وصاية الاستبداد، وسوف نصل إلى حلم الدولة التي تحترم مواطنيها، حتما سوف نصل.
إن المقاومة المناهضة للثورات المضادة، ليست سوى جولة في مسار الثورة الشعبية التي انطلقت بعفوية وتلقائية كأنها واحدة من حركات الوجود الطبيعية التي لا تستأذن أحدا ولا تنتظر تخطيطا مسبقا، ولا ترجع للوراء خوفا من الصعوبات والعوائق والأثمان الباهظة.
إنها معركتنا الكبرى من أجل الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية والمساواة تجتمع كلها في كلمة واحدة : الربيع العربي
وهي بهذا لا خريف لها بل ربيع دائم في نفوس الشباب التي توقدت بها قبل ست سنوات مع أول شعلة توهجت في تونس الحبيبة.
هذا هو قانون الحياة التي نريد وهدف وحلم الكفاح الإنساني العظيم منذ الزمن الأول وحتى الزمن الأخير.
المجد لكم ايها الثائرون من أجل الحريه والكرامه في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا أحياءا وشهداءا وجرحى ومعتقلين، على درب الحكماء والعظماء والفلاسفة والأنبياء أنتم ، سيسجلكم التاريخ كأبطال استثنائيين كنتم في اللحظة الفارقة في الجانب الصحيح من التاريخ.
المجد لفبراير، المجد لسبتمبر واكتوبر ونوفمبر، النصر لشعب تنتمون إليه، ولأمة تنتمون إليها، وطوبى لكم