مقابلات صحفية
تي آر تي الدولية- ما هي التحديات التي تواجه أجندة السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الاميركي جو بايدن؟ بعد عقد من بدء الحرب التي تقودها السعودية على اليمن، بدعم استخباراتي نشط ولوجستي من إدارة أوباما-بايدن وبيع أسلحة أميركية بمليارات الدولارات للسعودية والإمارات في ظل الإدارتين السابقتين، ما هي آفاق التغيير الحقيقي في عهد الرئيس بايدن؟
لمناقشة هذا الأمر، تنضم الينا توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2011 والناشطة الرائدة في مجال حقوق الإنسان التي نظمت وقادت الاحتجاجات في اليمن ولعبت دورًا مهمًا في قيادة انتفاضة البلاد قبل 10 سنوات.
توكل كرمان، سعداء بمشاركتك في هذا البرنامج. يصعب تصديق أنه قد مرت بالفعل 10 سنوات على بدء الثورة في اليمن التي كان لك إسهام في انطلاق شرارتها. ذكرتي مؤخرًا أن المزيد من القنابل في اليمن لن يساعد الملايين من الناس الذين يعانون من الجوع والفقر والمرض. ما الذي يجب أن يحدث الآن؟ ما هو الموقف الذي تودين أن تتخذه الولايات المتحدة والدول الأخرى لإنهاء هذه الحرب؟
شكرا غيدا. أنا سعيدة جدًا لوجودي معك في هذا البرنامج. اليمن بحاجة إلى الكثير من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. عليهما وقف الحرب في اليمن. عليهما وقف التدمير الذي يقوم به التحالف السعودي الإماراتي من جهة وميليشيا الحوثي المدعومة من إيران من جهة أخرى. لن تتوقف هذه الحرب أبدًا إذا استمر الدعم وبيع الأسلحة لأي من أطراف هذه الحرب، سواء من خلال استمرار بيع الأسلحة للسعودية والإمارات أو من خلال أي شكل من أشكال الدعم لإيران والسماح لها ببسط نفوذها في اليمن وشبه الجزيرة العربية نتيجة الرغبة بإبرام اتفاق نووي مع إيران. وبالتالي، فإن ما تحتاجه اليمن هو أن تمارس إدارة بايدن ضغطاً حقيقياً باتجاه وقف هذه الحرب.
هل تعتقدين أن هذا سيحدث؟ في الواقع، أكد وزير الخارجية الأميركي الجديد خلال جلسات الاستماع بأن بايدن قد أوضح "أننا سننهي دعمنا للحملة العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن، وأعتقد أننا سنفعل ذلك في أقرب وقت ممكن". إلى أي مدى يحدوك الأمل في أن إدارة بايدن ستمضي قدماً في هذا الأمر؟ وما هي الخطوات الملموسة التي تودين رؤية بايدن يتخذها للضغط على جميع البلدان لوقف تأجيج هذا الصراع؟
سعدت كثيراً بالأمس حينما سمعت أن هناك قرارا بوقف مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. لكن هذا ليس كل شيء، فهذه ليست الا الخطوة الأولى مما يحتاجه اليمن، ولا ينبغي أن تكون مؤقتة أو يعاد النظر فيها. يجب أن تكون بمثابة قرار نهائي ودائم.
يتم استخدام الأسلحة التي تبيعها الولايات المتحدة لهاتين الدولتين لقتل الآلاف المؤلفة من اليمنيين ولتأجيج الحرب داخل اليمن، وتأجيج الحرب بالوكالة بين السعودية وإيران. والخطوة الأخرى التي يتعين على إدارة بايدن اتخاذها هي أن توقف تعاملها مع أي ديكتاتور في المنطقة أو في أي مكان في العالم. لقد اتخذت إدارة ترامب من التعامل مع الديكتاتوريين وتمجيدهم استراتيجية لها، لذا على إدارة بايدن أن لا تفعل الشيء ذاته، بل تنحو منحاً جديداً يعزز من احترام القيم الأميركية والديمقراطية والحرية والمساواة بين الناس ومطالبهم بالحرية. وبالتالي، يتعين عليهم وقف كل أنواع الدعم لمحمد بن سلمان ومحمد بن زيد والسيسي وحفتر وجميع الديكتاتوريين الذين أضروا ببلداننا ويسعون إلى وقف عجلة التغيير ومنع الشعوب من نيل حريتها.
لكننا نعلم كيف أن الطريقة التي عملت بها السياسة الخارجية الأميركية لعقود في المنطقة، وكيف تم دعم القادة والأنظمة الاستبدادية باسم الاستقرار. ما هي احتمالات أن يغير بايدن مساره بحيث يضع حقوق الإنسان في قلب سياسته الخارجية حتى لا يستمر في هذا الدعم التقليدي واسترضاء القادة الذين أتيتِ على ذكرهم؟
لدينا الآن وعود من بايدن بعدم دعم الديكتاتوريين، وبدعم حقوق الإنسان ووقف الحرب في اليمن، وبالتالي نحن الآن ننتظر منه الوفاء بالتزامه.
عودة الى الأيام الأخيرة لإدارة ترامب وقرارها بتصنيف المتمردين الحوثيين كمنظمة إرهابية، وهو قرار انتقده أعضاء من كلا الحزبين في الكونغرس الأميركي قائلين إن من شأن ذلك أن يزيد الوضع الإنساني في اليمن سوءاً. ما مدى تأثير مثل هذا القرار على الأرض وهل ينبغي التراجع عنه؟
لقد ارتكبت ميليشيا الحوثي بحق اليمنيين جرائم وانتهاكات واعتداءات إرهابية، حيث مارست الاختطافات واستخدمت العنف والقوة للسيطرة على العاصمة وقتلت المواطنين وزرعت الألغام وارتكبت كل الفظائع ضد اليمنيين ومارست الإرهاب ضدهم. لكن في الوقت نفسه، تسببت السعودية ودولة الإمارات بدمار كبير وارتكاب أعمال إرهابية ضد اليمنيين. لقد قتلوا مئات الآلاف بشكل مباشر وغير مباشر من خلال حربهم البشعة، فدمروا اليمن واحتلوا جزره وموانئه ومطاراته، ومنعوا الرئيس الشرعي من العودة إلى اليمن. لا يختلفان عن مليشيا الحوثي فكلاهما يمارس الإرهاب ضد اليمنيين.
وفقًا لمشروع بيانات اليمن، جرى تنفيذ أكثر من 22000 غارة للتحالف بقيادة السعودية والإمارات وحلفاؤهم وما يقرب من 9000 قتيل من المدنيين، إن لم يكن أكثر. ما حجم اللوم الذي يقع على جانب دون الآخر؟
الإرهاب هو الإرهاب، والدمار هو الدمار. كلاهما ارتكب جرائم حرب بحق اليمنيين. لكنني ألوم السعودية أكثر من أي جهة أخرى لأنها هي من شن الحرب وشجعت قبل ذلك الحوثيين على إسقاط الحكومة اليمنية. إنها قصة طويلة. هناك من يوجه اللوم لإيران لأنها تدعم الحوثيين، لكن السعودية أيضاً قدمت لهم الدعم حتى تتمكن من احتلال اليمن. لقد فعلت ذلك فقط لإيجاد سبب لتبرير شن حرب على اليمن. لكن بشكل عام، طالما أننا نتحدث عن الإرهاب، فهما (أي الحوثيون والسعودية) يمارسان الإرهاب، وكلاهما يجب ان يخضع للمحاسبة. إن تصنيف الحوثيين إرهابيين دون تصنيف محمد بن سلمان ومحمد بن زايد ليس إلا مكافأة للسعودية والإمارات.
انتقد وزير الخارجية الأميركية الجديد الحوثيين قبل أيام لانتهاكاتهم حقوق الإنسان لكنه وجه أيضا بعض الانتقادات للسعودية قائلا إن الحملة ساهمت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم اليوم. لكن هل سيكون هذا كافياً، ما الذي يتطلبه الأمر لكي توقف السعودية حربها على اليمن؟ إلى أي مدى يجب أن تكون الولايات المتحدة أكثر حزماً؟
بإمكان الولايات المتحدة مساعدة اليمنيين والعمل من أجل القضايا الإنسانية في اليمن من خلال ممارسة مزيد من الضغط على كل من السعودية والإمارات وكذلك على إيران التي يجب أن توقف دعمها لميليشيا الحوثي. ويمكن تحقيق ذلك بوقف بيع السلاح لهم، بالضغط عليهم لرفع الحصار عن اليمن وإنهاء هيمنتهم على اليمن. من المهم جدًا أن يعلم الجميع بان السعودية تتصرف في اليمن كمحتل، وقد احتلت بالفعل اليمن ومنعت السلطة الشرعية من التصدير، وحالت دون عودة الرئيس الشرعي الى البلد، وشكلت ميليشيات تسيطر على الأرض، فما تزيد مساحته عن 85% من اليمن خارج سيطرة الحوثيين. أشياء كثيرة تنتظر إدارة بايدن لتقوم بها من أجل اليمن.
لمشاهد الحوار على قناة تي آر تي الدولية اضغط (هنــــــــــــــا)