أجرى راديو "اورينت" لقاء مع الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان على هامش زيارتها إلى مخيم الزعتري للاجئين السوريين، ضمن مبادرة "الحائزات على نوبل للسلام"، تحدث خلاله عن أوضاع اللاجئين السوريين، وكذلك الأوضاع في اليمن والسبيل إلى صناعة سلام مستدام فيها، فيما يلي نصه:

 نرحب بالناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، أهلاً وسهلا بك أستاذة توكل.

- أهلا هاني..شكراً لك.

 

 أستاذة توكل، اليوم حلب تعيش وضعاً صعباً كيف تصفين الوضع الانساني في حلب وما يحدث اليوم في حلب؟

- ما يحدث اليوم في حلب هو كارثة انسانية، يجب أن تؤرق الضمير العالمي، امام صمت مخزي وعار يتحمله كل العالم أنظمته ومنظماته التي تصمت يوماً بعد آخر أمام هذه الجرائم الكبيرة، جرائم ضد الانسانية التي يرتكبها نظام بشار الاسد تجاه الشعب السوري. طبعاً بشار الاسد تتحالف معه ايران وكذلك يتحالف مع صمت العالم الذي يقتل الشعب السوري يوماً بعد يوم. يجب على هذه المهزلة أن تنتهي الآن، يجب على هذه الكارثة أن تتوقف الآن، يجب على هذه الحرب ان تنتهي الآن، يجب على نظام بشار الأسد أن ينتهي الآن.

 

 برأيك ماهي الحلول المطروحة اليوم امام السوريين التي يجب ان يقوم به السوريين هل يذهبون برأيك إلى حل سياسي سلمي، هل باعتقادك ان حكومة وحدة وطنية او حكومة ناتجة عن اتفاقات جنيف سوف تنجح في سوريا، أم تستمر برأيك الثورة إلى من سوف ينتصر هو الذي سيحكم في سوريا؟

- بالطبع انا من موقعي كأحد رواد الثورات السلمية ومن موقعي كحائزة على جائزة نوبل للسلام أدعو إلى حل سلمي في سوريا لكن حلاً سلمياً منصفاً قائم على العدالة، حل سلمي لا يجب الا يكون نظام بشار الاسد جزءاً منه، وبالطبع أيضاً لا يجب ان تكون المنظمات الارهابية كداعش وأخواتها جزءاً منه، وبالتالي بالتأكيد الحل السلمي هو دائماً نتيجة مهمة لحصيلة ثورة متكاملة ويجب ألا يبتعد هذا الحل السلمي عن العدالة، لانه لا سلام دون عدالة.

 

 استاذة توكل، الميليشيا المدعومة من إيران التي باتت منتشرة اليوم في سوريا، اليمن، العراق، برأيك هل بالامكان اشراك ايران في الحلول السياسية في المنطقة أو التحاور مع إيران؟

- قبل الحديث عن اشراك ايران، يجب أولاً ادانة ايران في تدخلاتها في المنطقة. إيران الآن تعبث بالمنطقة، إيران الآن تبث الفوضى والحروب في المنطقة، تخلق ميليشيا طائفية في كل مكان، تغذي الطائفية والصراع كلها من أجل توسيع نفوذها ومن أجل تحقيق حلمها بامبراطورية فارسية تسيطر على البحار. فما قامت به إيران في سوريا امر كارثي، وماقامت به إيران في العراق أمر كارثي، وما تقوم به ايران اليوم في اليمن أمر كارثي من دعمها لميليشيا الحوثي وتحالفها مع المخلوع صالح، انقلبت على الجمهورية اليمنية والحوار الوطني والآلية السلمية كلها والثورة السلمية، وعلى مخرجاتها السلمية المتمثلة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي لم يقصي أحد، كان الحوثيون أحد أركانه وأطرافه، وكان حتى حزب المخلوع علي صالح أحد أطرافه، كذلك انقلبت على مسودة الدستور اليمني الذي كتبته القوى اليمنية بمن فيهم الحوثيون وحزب المخلوع صالح، وبالتالي إيران تعيث فسادا في المنطقة لتلبية طموحاتها الجشعة في السيطرة على المنطقة.

نعم يجب علينا ان نقول لإيران أن تتوقف، يجب علينا ان نسلك كل السبل وفي مقدمتها طبعاً الحوار، وأتمنى أن يكون الحوار معها مفيداً ويؤدي إلى طريق. نحن في الأخير أبناء دين واحد وهذه المنطقة متعددة الاعراق والقوميات والاديان فيجب علينا ان تحترم ذلك، وانا فعلاً ادعوها أن تتوقف عن تخريبها للمنطقة وأن نعيش مع بعض بسلام وان يكون لنا جهداً واحداً من أجل خير الانسانية كلها، نحن قادرون على توحيد جهودنا معها، هي للاسف الشديد الشخص الذي تود مصادقته لكنه لا ينفك في معاداتك والسعي لقتلك وإبادتك.

 

 بما أنك تحدثت عن الشأن اليمني، ماهو موقفك من حكومة وحدة وطنية في اليمن يشارك فيها علي صالح؟

- طبعاً طالما قلت يشارك فيها علي صالح، فهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا بدون أي شروط، ليس هناك أي ضمانات. لكن إذا تحدثت عن الحوثيين ممكن يكون شيء آخر. لكن المخلوع صالح يجب أن يكون مكانه السجن وليس غيره.

 

 ألا ترين أن الحوثيين وعلي صالح هم نفس الجهة؟

- علي صالح هو رأس الأفعى وجذر الموبقات في اليمن، وهو سبب ما يحصل والتي تقاطعت رغبته بالانتقام مع رغبة ايران في التوسع والنفوذ ومع رغبة الحوثيين كذلك في السيطرة على اليمن، لأنهم أداة إيران في اليمن، وبالتالي علي صالح هو من مكن إيران وأصبح حليف إيران داخل البلد، لكن حينما نتحدث عن حكومة وطنية يكون فيها الحوثيون كمكون اجتماعي شريك لا مانع من ذلك لكن بشرط، هذا الشرط يجب ان يسبقه وليس بعده وليس بالتوازي يجب ان يسبقه سحب الأسلحة منهم وتسليمها للسلطة الشرعية المتمثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة والشرعية، ويجب عليهم الانسحاب من المدن، ثم عليهم بعد ذلك أن يتحولوا إلى حزب سياسي يستطيعوا بعد ذلك ان يشتركوا في حكومة وحدة وطنية تعمل على تنفيذ ما تبقى من مخرجات الحوار الوطني وعلى رأسها طرح مسودة الدستور التي وقع عليها اليمنيون في 2014 للاستفتاء وكذلك تنظيم انتخابات وفق مشروع الدستور الجديد الذي تم الاستفتاء عليه وذلك ابتداء باصغر نقطة المراكز والمحافظات والاقاليم ثم الانتخابات البرلمانية والرئاسية، هذا كله يجب أن يتزامن مع ثلاثة أشياء مهمة؛ الأولى يجب ان يكون هناك عدالة انتقالية تنصف الضحايا وتجبر ضررهم، تسائل مرتكبي الجرائم ضد الانسانية وتمنعهم من تقلد المناصب السياسية وكذلك تكفل الاجراءات والقوانين المختلفة التي تضمن عدم تكرار الجرم.

الشيء الثاني؛ يجب ان يتوازى ذلك مع عمل اقتصادي كبير يعمل على تحسين الحالة المعيشية للمواطنين ومع اعادة الاعمار.

الشيء الثالث؛ بناء جيش وطني موزع على كل الاقاليم اليمنية ولاء الجيش للدولة اليمنية ليس لحزب ولا لقبيلة ولا لعرق ولا لشيخ ولا لفرد.

 

 تحدثت عن برنامج سياسي - الآن قدمتيه - فيما يخص هذا الموضوع وهذه الشروط، ولكن هل ترين فعلاً ان الحوثيين جادين في الاتجاه نحو هكذا برنامج سياسي وهكذا شروط؟

- نحن نتحدث عن خارطة صناعة سلام مستدام.

 

 هل هم جديين برأيك؟

- نحن جادين في ذلك.

 

 هم (الحوثيون)؟

- نتمنى ويجب عليهم ان ينصاعوا لمثل هذه المطالب أو لمثل هذه الخارطة، غيرها ستستمر الحرب. للأسف الشديد هناك خيار آخر. طبعاً هذا صوت السلام صوتنا نحن صوت الثورة السلمية، صوت صناع السلام، صوت المؤمنين بالحل السلمي. لكن هناك من هم مؤمنين بحلول أخرى، هناك المقاومة الشعبية، هناك الرئيس هادي مع التحالف العربي، هناك من يحاصرون صنعاء الآن. نحن لانتمنى أن يتم حسم صنعاء عسكرياً لانه نتمنى ان يكون هناك حل سياسي. لكن هناك حلول أخرى إذا لم ينصاعوا لهذا الحل الأطراف الأخرى - المقاومة الشعبية والرئيس هادي مع التحالف العربي - ماضية فيه. إذا لم يكن هناك سلام مستدام وإذا لم يعمل المجتمع الدولي على صنع خارطة سلام مستدام في اليمن فهو سيعمل على وضع خارطة مجتزأة، حلول مؤقتة، هدنة مؤقتة، تؤسس لحروب أخرى لا تبقي ولا تذر وستقوض المنطقة باكملها وليس كما حدث الآن في اليمن.

 

 سؤالي الأخير لك..قمت بزيارة لمخيم الزعتري للاجئين السوريين، حدثينا عن هذه الزيارة؟

- هذه الزيارة هي جزء من برنامج طويل تقوم به مبادرة نساء نوبل، وهي عبارة عن مبادرة مكونة من ست نساء حاملات لجائزة نوبل، تجمّعنا لتكون اصواتنا أكثر قوة في صناعة السلام العالمي، والانحياز لمطالب الشعوب الساعية للحرية والكرامة والديمقراطية والتنمية، لدينا برنامج طويل في عدة اتجاهات، لكن لدينا برنامج مهم جداً له علاقة باللاجئين السوريين وبمعاناة الشعب السوري بشكل عام، ونحن من هنا نطلق ونعلن تضامننا الكامل مع الشعب السوري العظيم ومطالبه بالحرية والحياة الكريمة والعدالة والديمقراطية، ونعلن تضامننا وتنديدنا بالارهاب المزدوج الذي يتعرض له الشعب السوري؛ إرهاب نظام بشار الاسد، وارهاب داعش واخواتها، وأيضاً نعلن تضامننا تجاه الصمت العالمي الذي يواجه هذا الشعب السوري في محنته وأزمته بل وأزمة العالم بأكمله، كذلك نسلط الضوء على اوضاع اللاجئين السوريين، وبالمناسبة هذه مرحلة ثانية من زيارات قمنا بها، في المرحلة الاولى زيارات في اوروبا، زرنا صربيا، كرواتيا، بلغاريا، المانيا، هذه المرحلة الثانية ونحن نقول اللاجئ ليس مجرماً هو ضحية ارهاب مزدودج، ارهاب نظام بشار الاسد وارهاب داعش واخواتها، هذا ليس مجرماً هو ضحية يجب على المجتمع الدولي ان يقوم بالتزاماته تجاه اللاجئين السوريين، وعلى المجتمع الدولي ان يفي بالتزاماته ومسوؤلياته وأن يعطي هذا اللاجئ حقه في الحياة الحرية والكريمة، والتعليم، والصحة، والدواء، والعمل، وكذلك في العودة إلى وطنه آمناً مستقراً والاسهام في اعادة اعمار بلاده واستقرارها.

 

الاستاذة توكل كرمان الناشطة اليمنية والحائزة على جائزة نوبل للسلام، شكراً جزيلاً لك ولوجودك معنا عبر أورينت؟

- شكراً جزيلاً لكم والحرية لسوريا وشعبها العظيم، منكم نستمد التضحية والنضال والنصر.