مقابلات صحفية
أجرت صحيفة "عربي 21" الالكترونية حوارا مع الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان..فيما يلي نصها:
* كيف تنظرون لانقلاب عدن وتداعياته على الأوضاع في اليمن؟
انقلاب عدن هو الثاني بعد انقلاب الحوثي في 21 أيلول/ سبتمبر 2014، وبسببه ستدخل البلاد طورا آخر من الفوضى. إن أبرز نتائج هذا الانقلاب هو توجيه ضربة قاتلة للشرعية اليمنية، والتي تعاني من ضعف واختلالات كبيرة.
وفي رأيي تكمن خطورة هذا الانقلاب في كونه لا يؤسس لهدم الدولة اليمنية وحسب، بل يؤجج الصراعات الجهوية والمناطقية بين اليمنيين، خدمة لمصالح دول أجنبية يغضبها رؤية اليمن دولة موحدة أو قوية، وهذا أخطر ما في الموضوع.
ويقدم انقلاب عدن برعاية التحالف السعودي الإماراتي دليلا قطعيا على أن هذا التحالف تدخل في اليمن من أجل تفتيته وتقويض كيانه الوطني وليس إعادة الشرعية كما زعم عشية إعلان الحرب على اليمن، وظل يزعم خلال خمس سنوات من الحرب.
* وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري اتهم الإمارات بذبح الشرعية من الوريد إلى الوريد، وكذلك اتهم نائب رئيس مجلس النواب اليمني، عبد العزيز جباري، السعودية والإمارات بذبح الشرعية من الوريد إلى الوريد.. كيف ترون ذلك؟
الحقيقة أن التحالف السعودي الإماراتي يقوم بذبح الشرعية من الوريد للوريد منذ زمن بعيد. يدرك كثير من اليمنيين أنه تم ذبح الشرعية، عندما لم يتم السماح لرئيس الجمهورية بالعودة للبلاد، وعندما تم إجباره على تغيير قادة المقاومة من مناصبهم مثل نايف البكري الذي كان محافظا لعدن وقائدا للمقاومة ضد الحوثيين، ومنع مؤسسات الدولة من العمل من داخل الأراضي اليمنية، وعندما تم تسليح مليشيات مسلحة في الجنوب وفي تعز والحديدة التي تتبع الإمارات، وعندما تم فتح سجون ومعتقلات تحت إشراف الإماراتيين.
منذ أكثر من ثلاث سنوات، ومعظم اليمنيين قد توصلوا إلى قناعة بأن التحالف السعودي الإماراتي يعمل من أجل مصالحه الخاصة، ولن تمر هذه المصالح، إلا بتقسيم اليمن، ومنح عملائه القوة والسلطة في الجنوب والشمال.
* لماذا صمتت السعودية على انقلاب عدن ولم تأخذ إجراءات حاسمة ورادعة تجاه ما جرى؟
يرى البعض بأن السعودية تفاجأت تجاه انقلاب عدن، وأنها لم تستطع إيقاف ما حصل نتيجة تسارع الأحداث، ولكونها شريكتها في التحالف كانت ضالعة في هذا المخطط، لكني أعتقد، ولحسن الحظ هذا ما بات يؤمن به كثير من اليمنيين، أن السعودية ضالعة في هذا الانقلاب، وهي من أدارت التفاصيل، وكانت على وئام واتفاق وانسجام تام مع الإمارات في اليمن؛ فحكام آل سعود لديهم حلم قديم بتفكيك اليمن، ويعتقدون أن الوضع الراهن في اليمن يمثل فرصة ذهبية لتحقيق هذا الحلم.
إن ما تخشاه السعودية اليوم هو أن يفقد التحالف مشروعية تدخله العسكري، لذا فقد مارست ضغوطا على الرئيس هادي الضعيف وحكومته الهشة للقبول بحلول شكلية، لتكريس الانقلاب وتقسيم اليمن.
وبالتالي كيف تقيمون موقف الرئيس هادي من انقلاب عدن؟ وهل هو موجود في الرياض منذ نحو 4 سنوات بإرادته أم على غير إرادته لأنه قيد الإقامة الجبرية؟
الرئيس هادي موقفه يتسم بالضعف وعدم المسؤولية، فمنذ أربع سنوات والرجل لا يفعل أي شيء له قيمة، يبدو أنه استسلم بشكل كامل للنظام السعودي وبات أداة بيده.
كنت أقول إن الرئيس تحت الإقامة الجبرية، وكان البعض يسخر من هذا القول، اليوم لست مستعدة لإعادة التأكيد على هذا الأمر، فلم يعد مهما أن يكون تحت الإقامة الجبرية أو أنه ارتضى أن يؤدي هذا الدور. المهم أن اليمن في انكشاف كبير، بسبب الفراغ الكبير في السلطة، فلم يعد هناك سلطة وطنية تدافع عن مصالح اليمنيين، وتحمي سيادتهم.
دعني أقول لك إن الرئيس هادي وحكومته ونائبه مرتهنون تماما للسعودية، وهم رهن الإقامة الجبرية في الرياض، ولا يستطيعون قول كلمة واحدة لا ترضى عنها السعودية، وهم بصمتهم هذا وضعفهم وعجزهم يرتكبون خيانة مصلحة وطنهم العليا، إذ أن الصمت في مثل هذه الحالة خيانة لقد حولت السعودية السلطة الشرعية إلى أداة لشرعنة تفتيتها واحتلالها للبلاد بدلا من إعادتها وبسط سلطتها كما يفترض.
* وهل هذا يفسر عدم اتخاذ الرئيس هادي قرارا بإعفاء الإمارات من المشاركة في التحالف العربي وأنه لم يتواصل مع مجلس الأمن بشأن التطورات الأخيرة بعدن وأبعاد الدور الإماراتي فيها؟
الرئيس وحكومته كما قلت لك مرتهنون إلى أبعد مدى للسعودية، ولا يقوون على قول كلمة واحدة تغضبها، وهي لا تريد منهم أن يتخذوا قرارا بإعفاء الإمارات، ولذا لن يفعلوا.
دعني أقول لك أيضا أن رأس الأفعى الحقيقية هي السعودية، والإمارات ليست سوى أداة من أدواتها القذرة لتدمير اليمن وتفتيته. سيكون على الرئيس أن يعفي السعودية والإمارات، وأن يطالبهما بإيقاف الحرب والكف عن التدخل هذا إذا كان لا يزال لديه أي كلمة أو يتمتع بالشجاعة لاتخاذ القرار المناسب.
أما لماذا لم يتخذ الرئيس هادي قرارا بإعفاء الإمارات من المشاركة في التحالف العربي فكما قلت لك يعود الأمر إلى رفض السعودية إعفاء الإمارات من المشاركة في التحالف العربي، وكما تعلم فإن هادي لا يستطيع رد أو حتى مناقشة الأوامر السعودية.
لقد طلبت السعودية منه عدم ذكر الإمارات في أي شكوى لمجلس الأمن، وهذا ما حصل، فرسالة الحكومة اليمنية لمجلس الأمن خلت من الإشارة إلى الدور الإماراتي المشبوه الذي بات يعلمه الجميع.
* هل سحب مُعظم القوات الإماراتيّة من اليمن كان تمهيدا للانقلاب في عدن خاصة في ضوء تشكل قوّة محلية تابعة لأبو ظبي تكفل الإبقاء على النفوذ الإماراتي؟
حتى الآن هناك إعادة تموضع للقوات الإماراتية ولا يوجد انسحاب، فالإمارات انسحبت من المعارك ضد الحوثيين، لكنها لم تنسحب من اليمن كما تزعم.
نعم، من الواضح أن الإعلان الإماراتي بالانسحاب كان مقدمة للانقلاب، فهي لا تريد أن تظهر بمظهر المتآمر، في النهاية القاتل يفضل مغادرة مسرح الجريمة، والإمارات حاولت ذلك، لكن الجميع يشير إليها باعتبارها راعي الانقلابات في اليمن بالشراكة والاتفاق مع السعودية.
* الخارجية اليمنية حملت، في بيان لها هو الأول من نوعه، الإمارات مسؤولية الانقلاب على الشرعية في عدن، مطالبة إياها بسحب ووقف دعمها العسكري لتلك "المجموعات المتمردة بشكل كامل وفوري".. فكيف تنظرون لمستقبل العلاقة بين الحكومة اليمنية والإمارات؟
أي بيان أو تصريح من الخارجية اليمنية أو غيرها لا يُحمل السعودية والإمارات المسؤولية فهو بيان مخادع وتزييف للوعي يهدف إلى تبرئة السعودية بإلقاء المسؤولية على الإمارات فقط، بينما السعودية هي قائدة التحالف العربي، وهي المسؤولة أمام شعبنا عن كافة الأخطاء والجرائم التي يرتكبها التحالف في اليمن وضد اليمن، ومنها جرائم الإمارات.
والعلاقات بين الرئيس هادي ودولة الإمارات العربية المتحدة ساءت منذ وقت مبكر، بسبب عدم تلبية كل الطلبات الإماراتية. لقد لبى هادي كثيرا من طلبات أبو ظبي، لكن ليس هذا كافيا بالنسبة لحكام الإمارات الذين يتصفون بالعنجهية.
ولن يتغير شيء على صعيد العلاقات بين الإمارات والحكومة اليمنية، هناك جزء من الحكومة اليمنية والرئيس هادي لديهم تحفظات تجاه الدور الإماراتي، لكن هناك جهات داخل الحكومة اليمنية يرون خلاف ذلك.
ومستقبل العلاقة بين الحكومة والإمارات يتوقف على طبيعة الموقف السعودي، لا يجب أن ننسى أن رئيس الحكومة معين عبد الملك هو بمثابة سكرتير السفير السعودي في اليمن، وهذا الأمر لم يعد خافيا على أحد.
* البعض يقول إن التطورات الأخيرة في عدن ستنجح في إزاحة حزب الإصلاح من مفاوضات السلام المُقبلة وسيحل محله المجلس الانتقالي الجنوبي.. ما تعقيبكم؟
قيادات الإصلاح في الرياض، وهي معتقلة هناك، مثلها مثل الرئيس هادي وحكومته؛ فهي صامتة إزاء ما تتعرض له اليمن من تفتيت وتدمير لكيانه من قبل التحالف فهي بذلك ترتكب خيانة بحق البلاد مثلها مثل الرئيس هادي وحكومته. حزب الإصلاح متذمر وغير راض عن التحالف، لكن قراره مُختطف من قبل قياداته المرتهنة في الرياض، لو كان الأمر ينحصر في إزاحة حزب الإصلاح على الرغم من عدم مشروعيته لهان الأمر، لكن الموضوع هو إزاحة اليمن.
أعتقد أن الإصلاح هو الشماعة التي يتم من خلالها تفكيك اليمن وإدخاله في فوضى عارمة، تمنعه من النهوض. والمجلس الانتقالي الجنوبي هو أداة سياسية وأمنية إماراتية، وبالتالي فالإمارات تريد أن تقرر مصير اليمن من خلال أدواتها وبمباركة ورضى وتوافق سعودي.
* البعض يقول إن هناك نقطة التقاء مشتركة بين الانفصاليين الجنوبيين وبين الإماراتيين تتمثل في العداء مع الإسلاميين وخاصة حزب "التجمع اليمني للإصلاح" المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.. فما هو سر التحالف بين الانفصاليين الجنوبيين وبين الإماراتيين؟
العداء للتجمع اليمني للإصلاح ليس بسبب كونه حزبا إسلاميا، ولكن لكونه حجر عثرة أمام مخططات الإمارات والانفصاليين في اليمن، فالحزب له موقف مبدئي من الشرعية اليمنية والوحدة والعملية الديمقراطية، ويمتد تأثيره على كامل الجغرافيا اليمنية، وهذا الأمر يزعج المسؤولين الإماراتيين والانفصاليين الجنوبيين على حد سواء.
* هل انقلاب عدن كان يهدف بالأساس إلى محاولة التخلص من حزب الإصلاح اليمني أم من شرعية هادي وحكومته ككل؟
أعتقد أن انقلاب عدن يهدف إلى تمزيق اليمن وتقسيمه في المقام الأول تحت ذريعة محاربة التجمع اليمني للإصلاح. تصريحاتهم المعلنة واضحة في هذا الاتجاه. أما التخلص من شرعية هادي، فهذا سوف يكلفهم كثيرا في الوقت الحالي، ولماذا يتخلصون من رجل يمنحهم الغطاء السياسي والقانوني الذي يحتاجونه؟
* هل النظام السعودي ينظر لحكومة عبد ربه منصور هادي اليمينة كحليف أم كتابع؟ وكيف تقارنون بين دعم السعودية للحكومة الشرعية مقارنة بدعم إيران للحوثيين؟
النظام السعودي لا ينظر إلى حكومة عبدربه منصور هادي إلا بوصفها تابعا ذليلا. صغار الضباط السعوديين هم من يتعامل مع المسؤولين اليمنيين. عندما استقال نائب رئيس الوزراء اليمني السابق عبد العزيز جباري من منصبه، طلب من التحالف العربي معاملة الرئيس اليمني باحترام.
أما بالنسبة للمقارنة بين دعم السعودية للشرعية ودعم إيران للحوثيين، فأنا لا أحبذ مثل هذه المقارنات، السعودية مثل إيران في النظرة لليمن، لكن ربما إيران أكثر دعما لحلفائها بعكس السعودية التي تعمل على إضعافهم.
لقراءة الحوار كاملا في موقع "عربي 21" اضغط (هنــــــــــــا)