اخبار المنظمة

اليمن - قالت منظمة “صحفيات بلا قيود” إن مليشيا الحوثي ارتكبت سلسلة انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في محافظة ريمة، مستهدفة بشكل ممنهج أسرة الشيخ صالح حنتوس والمقربين منها،
من خلال حملات مداهمة واختطاف طالت رجالاً وأطفالاً من العائلة، وامتدت لتشمل ناشطين ووجهاء قبليين في محافظات اخرى لمجرد تعبيرهم عن التضامن أو المطالبة بتحقيق مستقل في الجريمة التي طالت الشيخ حنتوس.
وأضافت المنظمة أن هذه الانتهاكات جاءت في اعقاب جريمة الاغتيال المروعة التي ارتكبتها مليشيا الحوثي مطلع يوليو الجاري في قرية المعذب بمديرية السلفية، حيث استهدفت الشيخ صالح حنتوس داخل منزله، بعملية عسكرية واسعة، ما أدى إلى مقتله وإصابة زوجته ووالدتها بجروح خطيرة.
وأكدت المنظمة أن هذه الانتهاكات تشكل امتداداً ممنهجاً للجريمة الأصلية، وتعكس نمطاً انتقامياً منظماً، مشددة على ان مجمل الانتهاكات التي تعرض لها الشيخ صالح حنتوس، وما اعقبها من ممارسات قمعية بحق اسرته والمتضامنين معهم، تعد خرقاً جسيماً وفاضحاً لأحكام القانون الدولي وترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لمحاسبة المسؤولين عنها.
تصعيد ممنهج بعد الجريمة: مداهمات واختطاف لأطفال ومدنيين
قالت المنظمة انها رصدت خلال الأيام التي أعقبت جريمة اغتيال الشيخ صالح حنتوس، حملة تصعيد قمعية نفذتها مليشيا الحوثي في قرية المعذب بمديرية السلفية، تمثلت في اقتحام منازل الأسرة واختطاف ما لا يقل عن 12 شخصا من أقارب الضحية، بينهم خمسة أطفال.
وأوضحت المنظمة، استناداً إلى شهادات ميدانية موثوقة، أن عشرات المسلحين التابعين لمليشيا الحوثي نفذوا مداهمات عنيفة طالت منازل الضحايا، حيث قاموا بنهب ممتلكاتها والعبث بمحتوياتها، قبل أن يقتادوا المختطفين إلى أماكن احتجاز سرية. وأكدت المعلومات أن المختطفين تعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي، والإهانة وسوء المعاملة، في محاولة لانتزاع اعترافات قسرية ومفبركة تتعلق بتشكيل خلايا مرتبطة بجهات خارجية، في مسعى من المليشيا لتبرير جريمة اغتيال الشيخ صالح حنتوس وتعزيز روايتها الرسمية بشأنها.
وأوردت المنظمة قائمة بأسماء المختطفين الذين تم توثيقهم، وذلك على النحو الآتي:
1. أنس عبدالرحمن سعد أحمد عبدالله حنتوس (10 أعوام)
2. عبدالمجيد يحيى عبده حنتوس (10 أعوام)
3. غمدان علي محمد حنتوس (10 أعوام)
4. أسد عبدالرحمن سعد أحمد عبدالله حنتوس (14 عام)
5. بسام عبدالرحمن سعد أحمد عبدالله حنتوس (16 عام)
6. عبدالرحمن سعد أحمد حنتوس (48 عام)
7. أسامة عبدالرحمن سعد حنتوس (28 عام)
8. سليمان عبدالرحمن سعد حنتوس (27 عام)
9. حمزة سعد أحمد عبدالله حنتوس (25 عام)
10. عبده صالح الحاج سعدون (60 عام)
11. ملاطف محمد غالب المسوري (27 عام)
12. حميد منصور باقش (48 عام)
في السياق، أوضحت المنظمة أنها اطلعت على شهادة فاطمة غالب المسوري، زوجة الشيخ صالح حنتوس، التي أدلت بها في تصريح تلفزيوني عقب وصولها إلى مدينة تعز لتلقي العلاج، بعد إصابتها خلال عملية اقتحام منزلهم. وأكدت المسوري انها رفضت تلقي العلاج في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي خشية تعرضها للتصفية، قائلة: “لا أمان مع من قتلوا زوجي واعتدوا علينا داخل منزلنا”.
كما افادت أن نحو 2000 عنصر حوثي و150 آلية عسكرية شاركوا في حصار القرية و اقتحام المنزل الذي لم يكن يضم سوى عجوز وامرأتين، ووصفت المشهد بأنه “عنف غير مبرر” يعكس حجم البطش والانتهاك الذي تعرضوا له دون أي مسوغ قانوني.
استهداف الناشطين: اختطاف المحامي ميثاق جابر الحيدري
أكدت منظمة “صحفيات بلا قيود” أن مليشيا الحوثي نفذت في 8 يوليو 2025، عملية مداهمة لمنزل المحامي و الناشط الحقوقي ميثاق جابر الحيدري في صنعاء واقتادته إلى جهة مجهولة، وذلك على خلفية نشره مقطع فيديو دعا فيه إلى إطلاق حملة اعلامية للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق محايدة في جريمة اغتيال الشيخ صالح حنتوس ورفضه للرواية الرسمية التي أعلنتها المليشيا بشأن الحادثة.
وأوضحت المنظمة أن الحيدري والذي يعد أحد وجهاء محافظة ريمة، كان قد كشف في منشور على حسابه في منصة “فيسبوك” قبيل اختطافه، عن تعرضه للتهديد بالتصفية على خلفية مطالبه، كما كشف في منشور لاحق عن تلقيه دعوة من مدير أمن منطقة آزال بصنعاء، مشيراً الى انها قد تكون بغرض إسكاته عن المطالبة بالتحقيق في جريمة حنتوس.
وبينت “صحفيات بلا قيود” أن الحيدري اقتيد إلى جهة مجهولة دون أي مسوغ قانوني، ومنع من التواصل مع محام أو أسرته، وهو ما اعتبرته المنظمة جريمة إخفاء قسري مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، فضلاً عن كونه انتهاكاً صارخاً صارخا للحق في حرية الرأي والتعبير والضمانات القانونية للمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
حملة قمع إعلامي وحقوقي موسعة
قالت منظمة صحفيات بلا قيود إن مليشيا الحوثي وسعت من حملاتها القمعية في محافظات ريمة، عمران، وإب، مستهدفة ناشطين وصحفيين وحقوقيين ومواطنين ممن نشروا منشورات أو مقاطع مصورة على وسائل التواصل الإجتماعي تعبر عن التضامن مع أسرة الشيخ صالح حنتوس وتدين جريمة اغتياله.
وأوضحت المنظمة، استناداً إلى ما رصدته وتقارير إعلامية، أن هذه الحملات شملت اعتقالات تعسفية، وتهديدات متكررة، حيث تعرض عدد من النشطاء للضغط والترهيب وأجبر بعضهم على توقيع تعهدات بعدم التحدث عن الجريمة أو حذف منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة واضحة لترهيب المجتمع وكبت الأصوات المطالبة بالعدالة والمحاسبة.
وأكدت المنظمة أن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، لا سيما الحق في حرية التعبير والرأي المكفولين بموجب المواثيق الدولية، وتعكس نهجاً متعمداً ومتواصلاً لتكميم الأفواه وتوسيع حالة الخوف داخل المجتمع المدني.
أسرة حنتوس: الحوثيون ارتكبوا جريمة اغتيال ميدانية مكتملة ويمارسون عقاباً جماعياً بحق العائلة
أشارت المنظمة إلى اطلاعها على بيان صادر عن أسرة الشيخ صالح حنتوس، عبر عن استنكار واسع لانتهاكات مليشيا الحوثي بحق الأسرة وذوي الضحية، وأعرب عن قلق بالغ من استمرار حملات الملاحقة والاختطاف التي تطالهم.
وأكد البيان أن ما تتعرض له الأسرة يمثل “عقاباً جماعياً همجياً” يهدف إلى طمس معالم الجريمة وترويع المجتمع المحلي، محملاً المليشيا المسؤولية الكاملة عن سلامة المختطفين من أفراد الأسرة.
وتضمن البيان سرداً موسعاً لخلفيات الجريمة، مشيراً إلى أن الشيخ صالح حنتوس كان عرضة للاستهداف الممنهج من قبل مليشيا الحوثي منذ سنوات، نتيجة تمسكه بتدريس القرآن الكريم واللغة العربية ورفضه فرض “ملازم الجماعة” ذات الطابع الطائفي على طلابه.
وبحسب البيان، بدأت المضايقات منذ عام 2022، حين أقدمت المليشيا على اقتحام دار القرآن الكريم التابعة له وإحراق محتوياتها، ثم حولتها لاحقاً إلى مركز للتعبئة العقائدية. وعلى الرغم من استمرار التضييق، واصل الشيخ نشاطه التعليمي في المسجد حتى عام 2024، قبل أن تطلق المليشيا حملات متكررة لمنعه، ما اضطره إلى مواصلة التعليم بشكل محدود.
وفي مطلع يوليو 2025، شنت المليشيا هجوماً واسعاً على قريته مستخدمة أكثر من 100 طقم عسكري، واستهدفته أثناء خروجه من المسجد بعد صلاة الفجر، ثم قصفت منزله بمختلف أنواع الأسلحة، ما أسفر عن مقتله على سطح منزله، وإصابة زوجته ووالدتها بجروح خطيرة، وفرض حصار خانق على الأسرة حرمهم من الماء والطعام لساعات طويلة.
وذكر البيان أن المليشيا منعت إقامة مراسم التشييع وأجبرت الأهالي على دفنه سراً، قبل أن تقتحم منزله وتنهب محتوياته، وتنفذ عقب الجريمة حملة اختطافات طالت أكثر من 12 فرداً من أقاربه، بينهم خمسة أطفال، أخفوا قسراً دون الكشف عن مصيرهم حتى الآن.
وأكدت الأسرة في بيانها احتفاظها بحقها القانوني في ملاحقة جميع المتورطين والمحرضين والمشاركين في الجريمة أمام الجهات القضائية المحلية والدولية.
جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
شددت منظمة “صحفيات بلاقيود” على أن جريمة الاغتيال الممنهجة التي أودت بحياة الشيخ حنتوس، وما أعقبها من اختطافات تعسفية طالت أطفالاً ومداهمات للمنازل واحتجازات في أماكن سرية وتعذيب بدني ونفسي، إضافة إلى الإخفاء القسري للمحامي والناشط الحقوقي ميثاق جابر الحيدري بسبب مواقفه العلنية وتضامنه مع الضحية، تمثل سلسلة من الأفعال التي تندرج تحت المادة (3) المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وكذلك المواد (7) و(8) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وأشارت المنظمة إلى أن هذه الانتهاكات تمثل كذلك خرقاً واضحاً للمواد (9) و(19) و(37) من اتفاقية حقوق الطفل، والمادتين (7) و(9) و(19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إلى جانب المادة (5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وجميعها تحظر بشدة الاعتقال التعسفي، التعذيب، والمعاملة القاسية أو المهينة، وتكفل الحق في حرية التعبير وحرية الفرد وأمنه.
وجددت المنظمة تأكيدها أن تلك الانتهاكات الجسيمة ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ما يستدعي تحقيقاً دولياً ومساءلة عاجلة للمسؤولين عنها أمام العدالة الدولية.
نداء المنظمة لانهاء الإفلات من العقاب
أعربت منظمة “صحفيات بلا قيود” عن إدانتها الشديدة لهذه الانتهاكات الخطيرة، محملة مليشيا الحوثي المسؤولية القانونية الكاملة عن سلامة جميع المختطفين، وخصوصاً الأطفال والناشطين.
وطالبت المنظمة آليات حقوق الإنسان الأممية، ومجلس حقوق الإنسان، والمقررين الخاصين المعنيين، بفتح تحقيق دولي مستقل في جريمة اغتيال الشيخ صالح حنتوس وكافة الانتهاكات المرافقة لها وتحميل المسؤولين عنها المسؤولية القانونية الكاملة.
كما طالبت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالتدخل العاجل للكشف عن مصير المختطفين من أبناء وأسرة حنتوس والمتضامنين معهم وضمان سلامتهم والإفراج الفوري عنهم دون شروط ووقف كافة أشكال القمع والتنكيل بالمدنيين.
وحثت المنظمة مجلس الأمن الدولي ولجنة العقوبات الدولية على توسيع نطاق العقوبات على القيادات المتورطة في هذه الجرائم، ومساءلتها وفق القانون الدولي واعتبار هذه الأفعال جرائم حرب تستوجب المساءلة القانونية.
وفي ختام بيانها، أكدت “صحفيات بلا قيود” أن استمرار الإفلات من العقاب على هذه الجرائم يهدد قواعد الإنسانية ويغذي دوامة العنف، مجددة التزامها بدعم حقوق الضحايا، ومواصلة رصد و توثيق الانتهاكات وإيصالها إلى المجتمع الدولي، حتى تتحقق العدالة ويرتفع الظلم عن المدنيين الأبرياء.