الأخبار
توكل كرمان أمام مؤتمر واشنطن: أي اتفاقية سلام يجب أن تحفظ وحدة اليمن وتنهي الانقسامات وتنزع سلاح الميليشيا
أكدت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، أن الحرب في اليمن ستنتهي باستعادة الدولة المختطفة وقرارها من أيادي إيران والسعودية والإمارات، وعودة الجمهورية اليمنية موحّدة، وتملك سيادتها على أراضيها.
جاء ذلك في كلمة لها خلال مؤتمر "نحو ديمقراطية وسلام مستدام في اليمن" الذي نظمه مركز الدراسات المعاصرة في جامعة جورج تاون ومؤسسة توكل كرمان ومنظمة الديمقراطية في الوطن العربي الآن بمشاركة أكثر من عشرين خبيرا يمنيا ودوليا.
وقالت توكل كرمان إن الحرب لن تنتهي وفق صفقات بين أدوات الحرب ومشغليهم من الخارج، مؤكدة أن أي اتفاقية سلام يجب أن تحفظ وحدة اليمن، وتنهي الانقسامات، ونزع سلاح الميليشيا، وإنهاء الانتهاكات ضد اليمنيين، ونزع الألغام، وإنهاء الحصار الداخلي والخارجي، وإطلاق سراح المعتقلين، وبناء حكومة يشارك فيها كل اليمنيين، واحترام اليمن كدولة مستقلة موحّدة، وتعويضها عن كل الدمار الذي أحدثته الحرب.
وأشارت كرمان إلى أن التعاطي من قبل المجتمع الدولي مع الملف اليمني بالصورة الراهنة يجعل السلام غير ممكن، داعية العالم إلى إنقاذ اليمنيين، الذين يعيشون بلا دولة منذ ثماني سنوات، ويعانون من تهديدات يومية لحياتهم.
ولفتت كرمان إلى أن الحرب كلفت عشرات الآلاف من الأرواح، وألقت الملايين في التهجير، ودفعت اليمن تجاه المجاعة، مشيرة إلى أن خطأ المقاربة الدولية تجاه اليمن واضح للعيان وكل المراقبين.
وتحدثت كرمان عن دعم القوى العظمى ممثلة بأمريكا وبريطانيا والحكومات الغربية والمجتمع الدولي، بشكل خفي أو علني، استمرار التحالف السعودي - الإماراتي في حربهم ضد اليمن.
وقالت كرمان إن ذلك قاد إلى دمار واحتلال للأراضي اليمنية والموانئ والمطارات، وتشظٍّ للمجتمع بهذا الشكل المريع.
وأشارت كرمان إلى أن جهود المجتمع الدولي تقود إلى أن هناك رغبة واضحة بترك اليمن لمليشيا الحوثي من جانب والتحالف من جانب آخر، والنتيجة أن القوى العظمى والحكومات الغربية قاموا بشكل خفي أو علني بدعم استمرار حرب التحالف ضد اليمن واحتلال اليمن، وهذا غير مقبول.
وتابعت كرمان قائلة: "الحرب القبيحة في اليمن يجب أن تتوقف، وإنهاء الجرائم التي تحدث، ونحن هنا اليوم للتعريف بشروط إنهاء هذه الحرب، لكي لا يتمكن من تلاعبوا بالبلاد من مفاجأتنا بالظهور وكأنهم رواد سلام ومتعاونون مع الأيادي الخارجية".
التزام أمريكي
إلى ذلك، قال المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر إن واشنطن ملتزمة بإيجاد حل للأزمة في اليمن، رغم عدم وضوح تصورات التوصل إلى السلام، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أن عام ٢٠٢٣ سيقدم فرصة لإنهاء الصراع بشكل نهائي.
وأكد تيموثي ليندركينغ أن الرئيس الأمريكي، بايدن، مهتم بالتوصل إلى سلام في اليمن، وإنهاء الصراع بعد أكثر من ٨ سنوات من الحرب، التي تسببت في انهيار الاقتصاد اليمني ومزقت المجتمع.
وأفاد ليندركينغ أنهم يعملون مع سلطنة عمان وينخرطون مع السعودية لإنهاء الحرب.
وذكر المبعوث الأمريكي أن الواقع معقد جدا، رغم انخفاض وتيرة المعارك، خلال عام 2022 انخفضت وتقلص أعداد الضحايا، ولكن هذا لا يكفي، وأمل اليمنيين إيجاد حل دائم للصراع.
وقال المبعوث الامريكي إن مطالبات الحوثيين هي من أدت إلى تفاقم الصراع وفشل جهود الهدنة، وخلال الفترات الأخيرة أدت هجمات الحوثيين على الموانئ تسبب بتفاقم الأزمة.
وأكد المبعوث الأمريكي أن عملية السلام يجب أن تشمل كل المطالبات من قبل اليمنيين حول اختراقات حقوق الإنسان، وهذه العملية تحتاج إلى جهود قوية لاستعادة تأهيل اليمن بدعم من المجتمع الدولي، والتعاون مع بقية الدول في المنطقة من خلال عملية شاملة.
مشاكل كارثية
من جانبها قالت رئيسة مركز الدراسات العربية المعاصرة، فيدا أديلي، إن اليمن تمر بعد 8 سنوات من الحرب بعملية تدمير كبيرة وقد كلفت ربع مليون شخصاً، مشيرة إلى أن الأزمة أنتجت مشاكل كارثية، وهناك الملايين يهددهم الجوع، واخرون تشردوا من منازلهم.
فرصة فريدة
بدورها أوضحت المديرة التنفيذية لـمنظمة DAWN، سارة ليي وايتسون، أن المؤتمر يمثل فرصة فريدة تتيح لقاء خبراء يمنيين ودوليين من خلفيات متنوعة وخبرات متخصصة، مضيفة أن "جميع المشاركين يتمتعون بمهن مميزة وخبرة واسعة في الشؤون اليمنية، وقد أظهروا تفانيهم الدائم والمستمر من أجل يمن ينعم بالديمقراطية والسلام."
صراع وجودي
إلى ذلك، قال نائب رئيس مجلس النواب، عبد العزيز جباري، إن على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إدراك بأن الصراع مع ميليشيا الحوثي ليس صراعا على السلطة وإنما صراعا وجوديا بدوافع عنصرية مع هذه الجماعة.
وأكد جباري في ورقة قدمها إلى المؤتمر أن القبول بالآثار المترتبة على استيلاء الحوثيين على السلطة لا تصنع سلاما، مشيرا إلى أن عدم مواجهة الأمم المتحدة مشاريع التفتيت والتمزيق، التي تغذيها دول إقليمية، يجعل السلام غير ممكن.
كما أكد جباري أيضا أنه لا يمكن الوصول إلى سلام دائم في اليمن في ظل التراخي الدولي بشأن وقف اطلاق النار.
ودعا جباري إلى بدء مفاوضات مع كافة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية الفاعلة للإصلاح السياسي، مشدداً على أن الوصول إلى السلام يتطلب من الإدارة الأمريكية الإيفاء بالتزاماتها تجاه عملية السلام، ولا تتوقف جهودها عند الحديث عن الهدنة.
وطالب جباري بوقف الحرب وإلزام جميع الأطراف بالخضوع إلى السلام والاحتكام إلى الإرادة الشعبية عبر صناديق الاقتراع، لافتا إلى أن هناك فرصة نادرة تلوح في الأفق لإنهاء الحرب الدائرة في اليمن.
وأكد جباري على أن الهدنة الحالية أعطت هدوءا غير مسبوق ينبغي ان يُستثمر لتحقيق سلام دائم في البلاد.
اختلال موازين القوى
في السياق، قال مندوب اليمن السابق لدى الامم المتحدة ووزير الخارجية الأسبق، خالد اليماني، إنه لا يمكن احداث اختراق في مفاوضات السام في ظل اختلال موازين القوى بين الاطراف اليمنية، مشيراً إلى أن الحوثي يعتبر نفسه بانه منتصر ويهيء نفسه للعودة إلى مارب في حين أن الشرعية تعمل على مراضاة الآخرين.
وأكد اليماني أنه من الافضل لليمنيين بدلا من الاستمرار في القتال القبول باستمرار الهدنة، لافتاً إلى أن الحوثي يرفض الهدنة لانه ينظر اليها كمجموعة من المساومات والتنازلات التي يقدمها التحالف له وليس ما يقدمه الشعب اليمني له في مجال التفاوض، وهذا ما يضع المفاوض اليمني في وضع غير متكافئ على طاولة المستقبل عندما نتحدث.
وقال اليماني إن القيادة الجماعية للدولة لم تنجح في أي مكان في العالم والمجلس الرئاسي لم يقم بأي اصلاحات سياسية أو اقتصادي منذ تعيينه.
واعتبر اليماني أن الخيار الافضل للتحالف العربي التحرك الاستباقي بدلا من الاستسلام للحوثي وطلباته الدائمة والمتغيرة بشكل دائم، بتنفذ مخرجات الحوار الوطني ومخرجات الرياض ودعم الاصلاحات العميقة في الشرعية ومواصلة تقوية الوضع الامني والعسكري للشرعية، ليس لاستمرار الحرب ولكن لردع أي توجهات للحوثي او اي افكار تهيء له انه سينتصر في الحرب.
وأشار اليماني إلى أن الحوثي يصفي وجود المؤتمر والاشتراكي وكل الطيف السياسي في مناطق سيطرته لأن فكرته تقوم على تصفية الاخر.
وقال اليماني: لست متفائلا بالعام التاسع واشعر ان هناك رغبة شديدة لدى اليمنيين لاستمرار حالة التنكيل، لافتاً إلى أن الحوثيين لا يريدون مطلقاً نزع سلاحهم والتحول الى حزب سياسي.
وتوقع اليماني الذهاب عميقاً في الازمة اليمنية، معتبراً أن هناك رغبة لتدمير ما تبقى من اليمن وتشظية المكونات السياسية وزيادة العزلة الدولية.
إعادة تعريف الصراع
إلى ذلك دعا وزير النقل اليمني الاسبق، صالح الجبواني، إلى إعادة تعريف الصراع في اليمن بشكل مختلف عن التصنيف او التحريف النمطي الذي تم التعاطي به في السابق وانتج آليات لم تستطع للوصول الى السلام المأمول في اليمن.
وقال الجبواني في ورقة قدمت خلال المؤتمر: عرفت الحرب في اليمن بين الحكومة الشرعية والحوثيين فقط وهذا يصح ان نطلقه في السنة الاولى للحرب، لكن باقي سنوات الحرب الاخرى تعددت اطراف الصراع واختلفت الاهداف عن الهدف الوحيد المعلن في بداية الحرب وهو اسقاط الحوثي واستعادة الدول اليمنية.
وأكد الجبواني أنه لم يعد هنالك حرب بين طرفين فقط في اليمن، وصار الصراع الان بين عدة اطراف.
وقال الجبواني إنه من أجل الوصول إلى سلام مستدام ي يجب اعادة صياغة الشرعية اليمنية بعقد مؤتمر وطني يمني يختار قيادة وطنية من كل ألوان الطيف السياسي التي تمثل اليمن ومصالحه بدل التشكيل الميليشياوي الحاصل اليوم في السلطة الذي يمثل مصالح دول التحالف.
وأضاف الجبواني: يجب اجبار المجلس الانتقالي الجنوبي على تنفيذ اتفاق الرياض وادماج كل الميليشيات في الجييش والامن وتصبح الشرعية موحدة، وبدء المفاوضات على مشروع الدستور المنجز وكيفية تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
ودعا الجبواني الولايات المتحدة الامريكية إلى إعادة تعريف الصراع وتقييمه على أرض اليمن.
وقال الجبواني: ان ارادت الولايات المتحدة السلام الشامل في اليمن فيجب بناء نظام اتحادي جديد يضمن العدالة والمساواة وتنظيم انتخابات حرة، لا ان تترك اليمن لمن لا يقيم للحرية والعدالة والقانون وزناً.
معاناة لأول مرة
محافظ محافظة أرخبيل سقطرى السابق، رمزي محروس، من جانبه قال الأرخبيل عانى ولأول مرة في تاريخه بسبب تصدير الازمات والمشاكل من خارج الارخبيل من قبل ميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي، التي تعمل خارج اطار الدولة واستولت على مقدراتها في سقطرى ومع الاسف الشديد انه تم شرعنتها من قبل القيادة الرئاسية واعطائها قرارات وهي من قامت بالانقلاب على الدولة.
واضاف رمزي محروس: تم بيع السلاح ولاول مرة في تاريخ ارخبيل سقطرى.
وتابع محروس: نحن مجتمع مسالم في سقطرى لم يحمل السلاح ولكن تم خلق صراعات وايجاد ميليشيا قامت برفع السلاح على الدولة وتوزيعه وبيعه في المحافظة المسالمة.
وأكد محروس أنه لا بد للعالم من التدخل لإنهاء الصراع في أرخبيل سقطرى والحفاظ على المحمية البيئية العالمية والمدرجة ضمن التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو.
يشار إلى أن المؤتمر تضمن أربع جلسات نقاش لتقييم مواضيع متفرقة عن الوضع الحالي في اليمن، وعن تحقيق السلام الدائم والديمقراطية، والعدالة الانتقالية، ودور المجتمع الدولي، وذلك من خلال استضافته 5 متحدثين رئيسيين؛ نائب رئيس مجلس النواب اليمني عبد العزيز جباري، وخالد اليماني وزير الخارجية الاسبق، ووزير النقل اليمني الأسبق صالح الجبواني، ومحافظ سقطرى السابق رمزي محروس، وعصام شريم عضو مجلس الشورى اليمني.
لقراءة كلمة توكل كرمان اضغط (هنــــا)
لمزيد من التفاصيل اضغط (هنــــــــــا)