كلمات
كلمة توكل كرمان في مؤتمر نحو ديمقراطية وسلام مستدام في اليمن - واشنطن
تحياتي لكم جميعاً زملائي واصدقائي الاعزاء واخواني وأخواتي..نحن نشارك اليوم في مؤتمر واشنطن دي.سي، للمضي نحو الديمقراطية والسلام المستدام في اليمن واسمحوا لي ان ارحب بكم جميعاً..أود أن أشكر جامعة جورج تاون وبالأخص مركز الدراسات العربية المعاصرة ومؤسسة "داون" على شراكتهما معنا في تنظيم هذا الحدث الهام.
نلتقي هنا اليوم لرفع اصواتنا لاجل السلام والديمقراطية في اليمن، ولكي نعبر ونستعرض معاناة الناس الذين يدخلون عامهم التاسع من الانقلاب والحرب المدمرة المعلنة عليهم داخلياً وخارجياً. نلتقي اليوم لنرفع اصواتنا نطلب من العالم ان ينقذ اليمنيون الذين يعيشون بلا دولة لمدة ثمان سنوات ويعانون من تهديدات يومية لحياتهم في ظروف شديدة السوء.
الحرب كلفت عشرات الآلاف من الارواح وهجرّت الملايين ودفعت اليمن باتجاه المجاعة لتصبح اسوأ ازمة انسانية عالمية اليوم.
في الوقت الذي يعاني فيه الشعب اليمني باكمله يعاني من انقلاب الميليشيا والحرب معاً، يعيشون تحت اهانات يومية من ميليشيا الحوثي المدعومة ايرانياً والجرائم المرتكبة من طرف الدولة والارهاب الناتج عن الحرب والاحتلال المعلن من السعودية والامارات على اليمن تحت الواجهة الخطيرة إعادة الشرعية، الأمر الذي كلف دماراً هائلاً وأنتج المزيد من الميليشيا للميليشيات القائمة بالفعل ومضت بعيداً في تقسيم البلاد والشعب، هذه هي أجندة التحالف السعودي الاماراتي في اليمن.
يؤسفني ان اقول إن استمرار الاسلوب القائم في التعامل مع الملف اليمني من طرف الامم المتحدة والقوى العظمى يجعل السلام غير ممكنا. ان خطأ المقاربة الدولية تجاه اليمن واضح للعيان ولكل المراقبين وبالتالي فان المجتمع الدولي والبلدان العظمى والامم المتحدة وجهودهم خلال سنوات الحرب تقودنا إلى محصلة بسيطة هي أن هذا التوجه يصب في اتجاه ترك اليمن للميليشيا الحوثية في جانب والتحالف السعودي الاماراتي في الجانب الآخر.
ان القوى العظمى؛ الولايات المتحدة وبريطانيا بالأخص والحكومات الغربية والمجتمع الدولي، قاموا بشكل خفي أو علني بدعم استمرار التحالف السعودي والاماراتي في حربهم ضد اليمن الذي قاد إلى الدمار واحتلال الأراضي والموانئ والمطارات وتشظي المجتمع بهذا الشكل المريع، وكذلك فان استمرار الميليشيا الحوثية المدعومة ايرانيا يمضي في ذات الوقت، وهذا غير مقبول. والدعم القائم لإبقاء الشعب اليمني تحت نير الاحتلال والقتل والتدمير والولاية وانهيار الخدمات وايقاف الرواتب وانتشار المجاعة والقهر والاهانة كلها أمور تعيش تحتها المدن اليمنية ويعانى منها من صنعاء إلى عدن، وأغلب المدن والمراكز السكانية في المناطق الحضرية.
إن الحرب في اليمن يجب أن تتوقف ويجب علينا أن ننهي هذه الحرب القبيحة، هذه المأساة، هذا الانقلاب الميليشياوي، هذه الحرب الكارثية، ومجرمي الحرب جميعهم يجب أن يتوقفوا. والسؤال هو كيف تتوقف هذه الحرب، كيف سنعيد بناء السلام والديمقراطية المستدامين في اليمن.
من المهم حين نجيب على تلك الاسئلة أن نعرف مفهوم انهاء الحرب وهذا أمر شديد الاهمية. إن مفهوم انهاء الحرب وشروطه حين نقول إن الحرب قد انتهت في اليمن واننا يجب أن نبدأ بالنظر في الخطوات القادمة والايام التالية. تعريف مصطلح انهاء الحرب شديد الاهمية لكي لا يتمكن من تلاعبوا باليمن واخترقوه وانتهكوه خلال ثمان سنوات من الحرب بالظهور كرواد سلام ومتعاونين مع الايدي الخارجية وادوات لها في اليمن إنما هم صنائع لهذه الجهات، يجب ألا ينجحوا في تحقيق أهداف الحرب وأن ننزع الشرعية عن هذه الميليشيات.
إن الميليشيا الحوثية المدعومة ايرانياً التي بدأت الحرب ضد الدولة لن تنهي الحرب إلا بعد أن تفرض سيطرتها وهيمنتها الكاملة بالقوة على موارد البلاد وثروتها التعليمية والمنظومة القضائية، وان تفرض آرائها العنصرية والايديولوجية على المنطقة. الميليشيا الحوثية ليس لديها أي مرونة لقبول مصالحة سياسية مع المجموعات السياسية الاخرى التي تعترف بالدولة كمرجع لكل القوى في المجتمع.
بالنسبة للسعودية والامارات وحربهما فانهما تعرّفان انهاء الحرب على أنه يعكس رغبتهما الخبيثة تجاه اليمن، يعرّفونها بانها اتفاق يفرض أو يقبل احتلالهما ووصايتهما على اليمن واهدار الثروات اليمنية والسيطرة على الموقع الجيواستراتيجي لليمن، هم يودون تقسيم اليمن لتحقيق أهدافهم.
وعليه فان كل المبادرات التي سمعناها لا تنهي الحرب بل تقدم لها مزيداً من الوقود وتطيل في استراتيجيها، والحرب لن تنتهي وفق صفقات بين أدوات الحرب ومشغليهم من الخارج.
ماذا لو تحولت اليمن إلى دول متعددة تديرها ميليشيات من ايران والسعودية والامارات؟ وماذا لو وصلنا الى اتفاقية تمنح الشرعية لهؤلاء اللاعبين، وتنهي الجمهورية ومخرجات المؤتمر الوطني ومسودة الدستور؟ كل هذه الاسئلة ليست رفاهية ولا التزاماً بالحرب، نحن أول من يرفض هذه الحرب وهذه الميليشيات في ذات الوقت.
ان استمرار الوصاية على اليمن هو اعلان مستمر باستمرار الحرب. ابقاء الميليشيات كدول مصغرة داخل الدولة هي حرب في ذاتها، لا يمكن لاي شخص ان ينكر ذلك. نؤمن ان الحرب في اليمن ستنتهي باستعادة الدولة اليمنية المختطفة وقرارها من الرياض وابوظبي وطهران. ستنتهي الحرب بضمان وحدة اليمن وسلامة اراضيها، وليس بتقسيمها. ستنتهي الحرب باستعادة جمهورية اليمن ودولتها التي لها السيادة والسلطة الكاملة على كل الاراضي اليمنية من صعدة إلى المهرة ومن صنعاء إلى سيئون من سقطرى إلى عدن ومن باب المندب إلى كل نقطة في أرض اليمن.
أي اتفاقية سلام لا يجب أن تمس وحدة الدولة اليمنية أو تسلمها للانقسام. أي اتفاقية سلام يجب أن تقود إلى إنهاء دور امراء الحرب، ونزع سلاح الميليشيات وان تنهي الانقسامات وتعدد السلطات المفروضة بأمر الواقع، وأن تنهي الممارسات اليومية تجاه المدنيين، وأن يتم نزع الالغام واطلاق سراح المعتقلين وانهاء الحصارات وكل صور الاحتلال والوصاية السعودية والاماراتية على اليمن، ومن المهم أيضاً أن تبنى حكومة يمنية يشارك فيها كل اليمنيين وتكون مسؤولة عن انسحاب الميليشيات وان يكون هناك استفتاء على مسودة الدستور وان تكون هناك عدالة انتقالية تمنح التعويضات للضحايا، واحترام اليمن كدولة مستقلة واحدة ذات سيادة وتعويضها عن كل الدمار الذي حدث واعادة بنائها. هذا هو المسار الوحيد الذي سيقودنا إلى السلام والديمقراطية المستدامين في اليمن وإلا فلن يكن هناك شيء إلا استمرار الحرب وزيادة في معاناة الشعب.
أخيراً.. ندرك مدى عظمة وحجم معاناتنا وندرك أن أحد أهم النقاط والاسباب لاستمرار هذه الحرب هو انعدام السلطة الوطنية والتي تأخذ بعين الاعتبار مصالح اليمنيين. ندرك أن هناك تجاهل من طرف البعض وجشع من طرف الآخرين ولكن كما نعرف ويعرف الجميع في اليمن أن اليمن معتادة على تقديم المفاجآت الكبيرة نحن واثقون في شعبنا اليمني.
نحن نطالب بان تقفوا مع الشعب اليمني ومع إيمانهم بالديمقراطية والسلام والحرية، نحن سنغلق صفحة الحرب ونبدأ تاريخاً جديداً يقضي فيه على هؤلاء الاجانب والذين قاموا بالثورة المضادة ونقضي على أعمالهم، أسمع هذا الصوت يأتيني من كل يمني الشعب اليمني لن ينكسر واليمن يصعب ابتلاعها..شكراً جزيلاً.
ودعوني أشكر وزارة الخارجية الامريكية على دعمها لنا لتنظيم هذا المؤتمر، وأود أن أشكر ايضاً المبعوث الامريكي الخاص إلى اليمن الموجود معنا، تيموثي ليندركينغ.