كلمات
الاصدقاء والصديقات الحضور الكرام..ان عودة الفاشية لتهديد أوروبا ليس منقطع الصلة عما سبقه من احداث في الشرق الأوسط.
عندما يصمت العالم على الحروب الفاشية في مناطق بعيدة لا ترى الدول الكبرى انها تهدد أمنها، فإن عليه ان يتوقع انتشارها ووصولها إلى البلدان البعيدة التي اعتبرت في مأمن من حروب الشرق الاوسط والعالم الثالث.
لقد وجدت الانظمة المستبدة ومجرمي الحروب والجماعات المتطرفة من يعترف بها ويتصالحون مع جرائمها؛ في الوقت نفسه أعلنت الحروب على الثورات الشعبية السلمية والمجتمعات التي رفعت شعارات التغيير والحرية والديمقراطية، تجرأت على الخروج في وجه الانظمة القمعية الفاشلة.
هذا بالضبط ماقامت به دول الثورات المضادة السعودية والامارات وايران وهم يواجهون احلام الربيع العربي ويعاقبون الشعب العربي على تطلعاته نحو الحرية والعدالة والديمقراطية، وهذا حدث مع بوتين، فبوتين ديكتاتور فاشي، عندما غزا ودمر سوريا، ظل الغرب يراقب بصمت وكأنه يبارك جرائمه ومذابحه ضد السوريين. من خلال القيام بذلك، منحه الغرب في الواقع الضوء الأخضر لغزو اوكرانيا وما هو أبعد من ذلك بكثير!!!
واسمحوا لي هنا أن أعبر عن تضامني الكامل مع نضال الشعب الأوكراني ضد الديكتاتور بوتين وجيشه النازي. صحيح أن الغرب تآمر ضد ربيعنا العربي وتطلعاتنا إلى الحرية. ولكن من الصحيح أيضًا أن محبي العبودية ودمى الطغاة هم فقط من يصفقون لبوتين وحربه!
ان عالم اليوم، واقصد النطام العالمي والدول الغربية الكبرى، لديه الإستعداد للاعتراف بميليشيات متطرفة تستخدم العنف، وتعلن الحرب على مجتمعاتها، وتحكم بالحديد والنار، وترى وجود المرأة عورة وتستعبد الناس، وتجرم الفن وتعادي الحريات وتصادر الحقوق، بينما هذا العالم ونظامه العالمي ودوله الكبرى تعادي الربيع العربي وتطلعات شعوب ثارت من أجل الحرية والكرامة وحقوق الانسان والديمقراطية.
عالم اليوم لديه الاستعداد للتفاوض مع؛ حركة طالبان، مع دولة كهنوتية ارهابية مثل ايران، وإعادة العمل بإتفاق يمكنها من صنع القنبلة النووية، واغماص عينيه عن ميليشيات طائفية مذهبية مدعومة منها دمرت العراق واليمن وسوريا ولبنان، بينما رأى قبلها في التحولات الديمقراطية التي بشر بها الربيع العربي خطراً كبيراً على المصالح الدولية المرتبطة بأنظمة الاستبداد.
لقد تعايش الغرب الديمقراطي مع انقلاب، عبدالفتاح السيسي، وتواطأ مع حروب، محمد بن زايد ومحمد بن سلمان، ضد ثورات الربيع العربي ومجتمعاتها، فيما بقيت مجتمعاتنا الثائرة تواجه حروب الانظمة الساقطة وحلفاءها الإقليميين والدوليين، وحيدة وعزلاء إلا من إيمانها بقيم الحرية والديمقراطية والعدالة والسلام.
ان قضايا السلام والديمقراطية تؤخذ حزمة واحدة ولا تجزأ بين عالم متحضر وآخر ينظر اليه خارج الحضارة والإنسانية.
لقد التقى نظام الملالي في ايران في موقفه المؤيد للغزو الروسي لأوكرانيا مع مواقف أعداء آخرين للديمقراطية هم؛ عبدالفتاح السيسي ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد. يختلفون في أساليب مواجهتهم للديمقراطية وحركات التغيير وثورات الربيع العربي، ويلتقون في الاستبداد والطغيان وابادة من يقف امام ارهابهم وظلمهم، ويلتقون في تأييدهم غزو بوتين لأوكرانيا. ذلك يطمئنهم انهم ليسوا وحدهم.
وفي مواجهة هذا الوجه القبيح للحرب والغزو الذي يهدد العالم كله وينذر باحتمالات تطور الحرب الى حروب واسعة، وفي مواجهة الانقلابات وحروب الثورات المضادة للربيع العربي والمستبدين والجماعات الطائفية والمتطرفة، نجتمع اليوم لنؤكد تمسكنا بقيم الحرية والديمقراطية والسلام والمساواة، ولنؤكد على دور النساء في منطقتنا والعالم بالعمل من اجل انتصار القيم الانسانية والسلام وقضايا المجتمع المدني، ولنعيد التأكيد على تطلعاتنا لبناء عالم جديد تسود فيه القيم المدنية وحقوق الانسان والمساواة، ويعمه السلام والأمن وروح المسؤلية والحرية. عالم تتوفر فيه فرص الحياة لكل إنسان وتزال فيه الحواجز وتبنى جسور التواصل مع الآخر.
أعزائي عزيزاتي..
العناوين التي نلتقي للحديث حولها اليوم والتي تتعلق بالدور القيادي للنساء في صنع السلام في الشرق الأوسط ، تضعنا أمام تحديات كبيرة تواجه مجتمعاتنا وشعوبنا في عالم تتسع فيه مساحة الحروب والأنظمة المعادية للديمقراطية والسلام وحقوق الانسان.
نلتقي هنا لنجدد إلتزامنا بالكفاح من أجل الارتقاء بدور النساء في صنع الديمقراطية والسلام في عالم يعمه الذهول والصدمة من الغزو الروسي لأوكرانيا وما ينتج عنه من جرائم حرب وقصف للمدن وتشريد للسكان.
نلتقي اليوم لاعادة استشراف المستقبل في ظل ما يشهده العالم من إرتداد عن الديمقراطية وانتكاسة في التوجهات العالمية المساندة لمنظومة القيم الحديثة التي سادت في التوجهات الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية الحرب الباردة بداية التسعينات من القرن الماضي.
نلتقي اليوم للحديث عن السلام ومشاركة المرأة في قيادة مجتمعاتها في الشرق الاوسط، بينما تشهد أوروبا حرب غزو لم تكن تخطر على بال احد هناك، وهو حدث يكمل قوس الارتداد الذي بدأ بتواطؤ دول الغرب مع الحروب المضادة لربيعنا العربي، وعودة حركة طالبان في أفغانستان من جديد، والميليشيات الحوثية في اليمن، وهما حركتان عادتا من القرون الوسطى لتأخذ مكانا في عالم الرقميات والإنترنت، عالم القرن الواحد والعشرين.
ان المرأة والرجل جناحي النوع الإنساني، مثلما هما جناحي المجتمع. وان اقصاء المرأة، أو الانتقاص من حقوقها، لهو انتقاص من المجتمع.
من هنا احب ان أؤكد على فكرة اساسية، لطالما طرقتها في كثير من محاضراتي وكلماتي. ما أعنيه هنا هو أن الكفاح من أجل مشاركة النساء والارتقاء بالدور القيادي للمرأة في صنع السلام والتغيير الديمقراطي لا يتحقق بطريقة مثلى إلا عندما يكون جزءا من كفاح المجتمع للتحرر من الإستبداد والظلم.
ان تجارب المجتمعات تقول ذلك. ان المرأة أخذت مكانها كقائدة عندما وضعت نفسها في قلب قضايا مجتمعها. ان المرأة أخذت دورها الريادي عندما أصبحت جزءا من الحركات السياسية والمجتمعية والثقافية، التي تتبنى رؤية شاملة للتغيير والحرية والنهوض بالمجتمع ككل ، وضمن ذلك وضع المرأة وحقوقها.
ان الإستبداد، انظمة التمييز واللامساواة، عندما تتحكم بالمجتمع، فإن آثارها تطال الجميع، الرجال والنساء ولا تستثني أحدا. وعندما يتحرر المجتمع من الاستبداد والقمع والنظام الشمولي، فإن جميع أفراده تصلهم نسمات الحرية.
عندما ننظر الى تاريخ المجتمعات نجد ان النساء اللاتي برزن كقائدات لمجتمعاتهن كن نتاج لحركات سياسية واجتماعية شاركت فيها النساء بفاعلية. لقد اتين تحت رايات قضايا عامة تهم كل فئات المجتمع، وبضمنها قضية المرأة ودورها، وقضية المساواة بين الرجال والنساء.
ان سياسة التمييز الايجابي لصالح النساء، التي يتم تشجيعها عالميا، بهدف اتاحة الفرصة امام المرأة للمشاركة في المجال العام، هي اجراءات مهمة، ولكنها تبقى محدودة، ولا تؤدي الى تغيير جوهري في اوضاع المرأة والدور القيادي للنساء في صنع السلام والتغيير الديمقراطي ونسبة مشاركتهن في المجال العام.
التغيير يحدث بصعود حركات سياسية واجتماعية تقيم نظاما جديدا على انقاض النظام القديم. التغيير يحدث بكفاح متلاحم لكل فئات المجتمع لارساء سلطة القانون والدولة التي تمثل كل مواطنيها وتعمل لتحقيق طموحاتهم وامالهم.
عندما تضع القيادات النسوية قضايا المساواة وحقوق المرأة ضمن أولويات الحراك السياسي والمجتمعي، تكون فرص التغيير ومشاركة المرأة كبيرة وواسعة في صنع السلام والتغيير الديمقراطي.
ان التمييز الايجابي وصعود قيادات نسوية وفق آلية التمييز الإيجابي في دول تحكمها انظمة مستبدة قد يحدث تغييرات شكلية، ولكنه يبقي على حالة التمييز ضد النساء. لقد حدث ان أبرزت نماذج نسوية عملت في خدمة الاستبداد وحروبه ضد معارضيه والمجتمع عموما ، وضمن اهدافه التي تبقي على سياسات التمييز ضد المرأة ، ولا تقترب من البنى العميقة في التعليم وقوانين الأسرة والانظمة الاجتماعية التمييزية.
***
أنتمي لليمن ، البلد الذي شهد ثورة شعبية في 2011 من أجل التغيير وإسقاط النظام المستبد ، والذي يعيش منذ ثمان سنوات حربا دامية لا أراها إلا نتيجة للثورة المضادة التي واجهت الربيع العربي كله وليس ثورة اليمن وحدها.
لهذا لا أستطيع أن أتحدث أمامكم عن الدور القيادي للمرأة من دون أن أتطرق لدور المرأة اليمنية والعربية في النضال من أجل التغيير ونيل الحقوق ، وهي التجربة التي مثلت فرصة تاريخية للمرأة العربية لممارسة دور فاعل من أجل نيل حقوقها ومن أجل أن يكون لها صوت وحضور ووجود يعلن عن تطلعاتها ، ومن خلاله تنطلق نماذج نسوية مكافحة من أوساطها ليكون لها دور عالمي في قضايا السلام وحقوق المرأة ومناهضة العنف والحروب.
كان التغيير السلمي منهج ثورة 11 فبراير في اليمن وثورات الربيع العربي عموما ، وكانت سلمية الثورة بابا واسعا اجتذب كتلة سكانية نسوية واسعة من كافة ارجاء اليمن للإسهام في صناعة التغيير وللمشاركة في اهم حدث في تاريخ مجتمعها.
إن تجربتنا تلهمنا القول ان لا تحرر للمرأة من دون تحرر المجتمع بكامله. هذا ما تثبته الأحداث والتاريخ بكل ما يحفل به من ثورات وتغيرات ومحطات. من هنا يمثل دور المرأة في التغيير طليعة جهودها للانعتاق من الضيم والإلغاء والقهر والتمييز الذي تعاني منه.
إرتفاع صوت المرأة في الداخل هو بوابة وصولها إلى العالم لتشارك مع الحركة النسوية العالمية في كفاحها من أجل حقوق المرأة ومن أجل تعزيز السلام في العالم ومناهضة العنف والحروب والظلم.
كانت الآمال كبيرة بإحداث تحول جذري في قضايا المرأة ودورها ومشاركتها ونضالها الطويل من أجل دولة مواطنة يتساوى تحت قانونها ودستورها الجميع رجالا ونساء، مواطنة لا تمييز فيها بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو العرق والمذهب والدين والمستوى الاجتماعي والنفوذ. غير أن الحرب أعاقت كل هذه الطموحات مثلما ألقت بظلالها القاتمة على المجتمع كله ، وأجلت بذلك هذه التحولات التي لاحت في متناولنا لاحداث فارق في وضع المرأة، لكنها لن تضع حدا لها.
ونضالنا ضد الحرب والمتسببين فيها هو نضال من أجل هذه القيم التي نكافح لترسيخها في مجتمعاتنا ودولنا.
السنوات العشر الماضية شهدت نوعا بشعا من الحروب ابتكرتها الديكتاتوريات المنتقمة من مجتمعاتها المنتفضة ضدها.
حروب في سبيل السلطة المطلقة لم تتورع عن تدمير بلداننا وتحويلها الى ركام فوق النساء والرجال والأطفال.
لقد حاولوا سد أفقنا بالدم والموت ولكن ارادة الحرية اقوى من الموت والدمار والمستقبل لنا لا للطغاة والقتلة.
التغيير الذي بدأناه لن يتوقف. الحرب كانت وماتزال مشروع قوى الثورة المضادة والاستبداد والظلم والتسلط على المجتمع برجاله ونساءه ، وهي قوى من مصلحتها ابقاء وضع المرأة اكثر تخلُّفا ومنع اي تحولات تحقق للمرأة حضورا اكبر في سعيها وكفاحها من أجل حقوق المواطنة الكاملة والحرية والكرامة اللتان تليقان بها كبشر لها كامل الحقوق.
ان كفاحنا من أجل السلام والارتقاء بالدور القيادي للمرأة ومشاركتها في المجال العام لمجتمعها ، وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة ، سيكون مثمرا عندما يوضع ضمن كفاح المجتمع كله للتحرر من الظلم والاستبداد والانظمة الشمولية.
لذلك ، فإن تشجيع الحراك السياسي والمجتمعي على اجتذاب اعداد اوسع من النساء للمشاركة في تغيير واقع الظلم والتسلط والاستعباد ، سيضع قضية مشاركة المرأة وكفاحها من اجل صنع السلام والمساواة سيضع دور المرأة ومكانتها في اعلى سلم اولويات المجتمع والدولة المنشودة ، دولة القانون والمساواة والعدالة ، التي تضمن صون كرامة جميع افراد المجتمع ، نساءه ورجاله.
***
اذا أردنا ان نكون صادقين مع انفسنا ومع شركاءنا في العالم ، فان كل عنوان يطرح اليوم عالميا حول قضايا القيادات النسوية ودور المرأة والسلام والديمقراطية والمجتمع المدني ، يعيدنا الى قضية الربيع العربي.
القفز فوق الربيع العربي هو تطبيع مع الايادي الملطخة بدماء شباب وشابات مثلوا رموزا للتطلعات نحو المجتمع المدني والمساواة وحقوق الانسان.
سنفقد ثقتنا بانفسنا وايماننا بقضيتنا لو مضينا في افراغ مفاهيم المجتمع المدني ومشاركة المرأة من مضامينها وقبلنا باعادتها الى طقس احتفالي في صالات فندقية معزولة عما شهدته مجتمعاتنا من ثورات وحراك مجتمعي ، وما تلى ذلك من صراعات وحروب ومواجهات بين قوى التغيير وقوى الاستبداد وحلفاءها من الميليشات المتطرفة والمحاور الإقليمية المعادية للحرية والديمقراطية.
ان العمل من أجل تعزيز الدور القيادي للنساء ، ومشاركة المرأة في صنع السلام والتغيير والإسهام في دفع مجتمعاتنا لمغادرة دوائر التخلف والاستبداد يتحقق في مستويين ؛ الأول مناهضة حروب الثورات المضادة والانقلابات التي واجهت موجة التغيير في العقد الماضي.
والمستوى الاخر هو العمل من أجل نشر القيم المدنية ومساندة الحركات والمنظمات المدافعة عن قضايا المرأة وحقوقها ومناهضة الانتهاكات التي تطال النساء في مناطق الحروب وداخل الدول الاستبدادية.
تمر بلداننا بحالة ارتداد مع عودة الانقلابات وصعود ميليشات متطرفة في بؤر الحروب، وكلاهما، السلطات الانقلابية والميليشيا ، يتبنون مواقفاً معادية للديمقراطية وللحقوق والحريات ومشاركة المرأة في المجال العام.
ان مساندة التحولات الديمقراطية هو الطريق الآمن لإرساء استقرار حقيقي يجسد مضامين السلم الاجتماعي داخل الدول.
أيها الاعزاء:
أعيد التاكيد على مأساة الحرب في بلدي اليمن ومسؤولية العالم نحو ثلاثين مليون انسان وضعت حياتهم رهينة في جحيم الحرب والحصار والمأساة الانسانية التي توصف بأنها الأسوء في العالم.
اليمن جزء من هذا العالم الذي نعيش فيه ولكنها تواجه مآسي الحرب الفاشية وأزمة إنسانية هي الأسوء في العالم، وحيدة وعزلاء من أي مساندة حقيقية.
فشلت الامم المتحدة والدول الكبرى في مساعدة اليمن لوقف الحرب واستعادة دولته. لم يفعل العالم شيئا لوقف ابادة اليمنيين.
الدول الكبرى تغمض عيونها عن إيران ودعمها للميليشات الحوثية، وفي الجهة المقابلة تغلب مصالحها مع السعودية والإمارات، وتتغاضى عن عبثها وجرائمها في اليمن.
هذا الخذلان الأممي والدولي في اليمن يقدم مساندة ضمنية لأمراء الحرب في الداخل والعابثون بالدم اليمني في ايران والرياض وابوظبي.
ان إخفاق وعجز النظام الدولي عن تفعيل آلياته الجماعية لإيقاف الحرب والانهيار الاقتصادي ومساعدة اليمنيين في استعادت دولتهم الوطنية ساهم في توطين الحرب والفوضى وفاقم الأزمة الانسانية. وهذا لا أراه عجزا من قبل الدول الكبرى بل احجام عن استخدام آليات تأثير في اليمن لان المصالح هي ما يحرك الدول الكبرى وليس التزاماتها الانسانية. وقد رأينا كيف تحركت في اوكرانيا وفعلت كل آلياتها العقابية الفتاكة خلال ايام وعزلت دولة كبرى بحجم روسيا، وهذا يثبت ان بامكانها فعل الكثير لاجبار ايران والسعودية والامارات على ايقاف حروبها ضد اليمن ووضع حد لاكبر جريمة يتعرض لها شعب وبلد في عالم اليوم.
لقد تخلى عنا العالم وترك الأحلاف الإقليمية للمحاور المعادية للديمقراطية في ايران والسعودية تعلن الحرب الانتقامية على مجتمعاتنا لا لشيء الا لأننا أردنا ان نكون بشرا مثل بقية البشر ، وثرنا سلميا من اجل الكرامة ودولة القانون والمجتمع المدني والمساواة وحقوق الانسان.
للعام الثامن وشعبنا يواجه حربا انتقامية شاملة. حرب شرسة تمثل نمطا جديدا من تقويض اسس الحياة لكل السكان.
نطالب العالم بإحترام حق شعبنا في الحياة ووضع حد لحرب فاشية اجتمعت فيها إيران والسعودية والإمارات وميليشيات مدعومة منها وشريكة لها في حربها ضد شعبنا وبلدنا.
وأطالب العالم والدول العربية الكبرى على وجه التحديد باتخاذ خطوات جادة وملموسة لمساعدة اليمنيين على تجاوز الحرب واحلال السلام ، وتحديدا اطالب بما يلي:
-ان اي مفاوضات لانهاء الحرب واحلال السلام يجب ان تكون تحت اشراف ورعاية الأمم المتحدة ومجلس الامن والدول الكبرى، وعدم ترك ملف اليمن بيد اطراف الحرب الاقليمية المشاركين في ادارة الحرب والفوضى في اليمن واعني السعودية والامارات وايران. لقد بدأت تظهر دعوات من السعودية، وأصداء لها في ايران، ظاهرها الرحمة والسلام وباطنها الشر والخراب. وبكلمات واضحة نحذر من ان اي صفقة بين السعودية وايران لتقسيم اليمن وتقاسم النفوذ داخله عبر الميليشات التابعة للدولتين، وبرعاية من روسيا، لن يؤدي الى السلام الذي يتطلع اليه شعبنا وسوف ينقل الحرب ضد شعبنا وبلدنا الى مستوى اكثر توحشاً وإجراما من قبل هذه الاطراف الخارجية المتورطة بجرائم الحرب التي يتعرض لها شعبنا منذ ثمان سنوات؛
-التاكيد على وحدة اليمن وكيانه الوطني الجمهورية اليمنية وأمنه واستقراره وسيادته وسلامة اراضيه في اي حوار او مفاوضات لاحلال السلام في اليمن. لقد عملت دولتي التحالف السعودية والامارات من جهة، وايران والميليشيات الحوثية المدعوم منها، من الجهة الاخرى، على تهيئة اسباب تقسيم اليمن بين الاطراف الخارجية المذكورة. ان ايقاف الحرب يتطلب ايقاف هذا العبث بمصير اليمن. ان تقسيم اليمن يعني ادامة الحرب ولن يقبله شعبنا وسوف يكون ذلك بداية لحرب طويلة وليس نهاية للحرب المأساوية القائمة الان؛
-التأكيد على المرجعيات الثلاث؛ قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية، المبادرة الخليجية المنظمة للعملية الانتقالية، ومخرجات الحوار الوطني، كمحددات لأي حوار لانهاء الحرب واحلال السلام في اليمن؛
-العمل من اجل رفع الحصار الداخلي والخارجي الذي يتعرض له شعبنا من قبل الميليشات الحوثية في الداخل ومن السعودية والامارات من الخارج؛
-التحرك الدولي العاجل لمضاعفة العون الانساني للشعب اليمني الذي يمر بأسوء ازمة انسانية في العالم اليوم.
ختاما..
هذه هي المرة الثانية التي أشارك فيها بخطاب في حلف الناتو في بروكسل لدعم مشاركة المرأة في صنع السلام، وأنا هنا لاغتنام هذه الفرصة لأجدد دعوتي إلى حلف الناتو.. لشعوبه ودوله لتحمل مسؤولياته، في تبني سياسة تدافع عن حقوق الشعوب وتنتصر على حقوق الإنسان وفق معايير ومبادئ حقوق الإنسان وليس بما يتماشى مع المصالح الدولية ومصالح الدول الكبرى الجشعة في الناتو فقط.
أحيي كل المكافحين من أجل السلام والديمقراطية، وقيم العدالة والمساواة والحرية وحقوق الإنسان.