كلمات
ألقت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، اليوم الاربعاء، كلمة خلال افتتاح مؤتمر التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في تركيا والعالم الذي نظمته جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين التركية (الموصياد) في مدينة اسطنبول تحت شعار "اصنع فارقاً"، فيما يلي نصها:
أولا أود أن أشكركم على دعوتي في هذه المدينة الجميلة والرائعة اسطنبول جسر التواصل بين الشرق والغرب وبين تركيا والدول العربية وبين الثقافات والأعراق والمصالح والاعمال المتعددة.
الاصدقاء الاعزاء..
لا يمكن لاي مجتمع ان ينهض وان يتطور دون تضامن شعبه ودون رأس المال الوطني الواعي لدوره في التنمية. تعد التنمية الاقتصادية بالغة الاهمية وأساسية لاستدامة ونجاح العملية الديمقراطية، وقدرتها على ضمان استقرارها واستدامتها، سيما أن الديمقراطية ودولة القانون هي أساس الانجازات الاقتصادية وتهيئة البيئة المواتية لجذب الاستثمارات وخلق فرص العمل ونمو الاعمال والصناعة والتجارة والمشاريع الصغيرة.
كما تعلمون احدى أسس الحكم الرشيد وفقاً للأمم المتحدة بالاضافة إلى الشفافية والمسؤولية والمحاسبة هي المشاركة والاستجابة لاحتياجات الناس، وهنا تجدر الاشارة إلى أن المشاركة لا تقتصر على المشاركة في العملية السياسية وصناعة مختلف السياسات، بل تتجاوز ذلك إلى القدرة على المشاركة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً للظروف والفرص العادلة والمتكافئة.
على العكس من ذلك تقوم الأنظمة الاستبدادية التي تفتقر الى الحكم الرشيد والنزاهة باحتكار الموارد والفرص واحتكار الاعمال السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والانظمة الاستبدادية عموماً تعمل على منع تطوير أي رأس مال خارج سلطتها ونطاق سيطرتها، وتعمل هذه الانظمة على افقار شعوبها لتكون دوماً بحاجتهم. إنها سياسة التجويع وسياسة الأزمات.
الاصدقاء الاعزاء..
برأيي أن الوظيفة الاساسية للمال هي التنمية لا أن تكون اداة هيمنة او احتكار لأن هذا يؤدي إلى المزيد من النزاعات والصراعات ويمكن ان يفضي إلى أزمات أو حروب مدمرة يجب أن يكون للمال وظائف اجتماعية يولي الأولوية لفكرة اعطاء المجتمع القدرة على القيام بعملياته الحيوية والترفيهية على حساب الربح والمكاسب ببساطة.
إذا ما راجعنا تاريخنا الاسلامي يمكننا ان نحدد ببساطة كيف أسهم الوقف في الحفاظ على قوة المجتمع وتماسكه، وكيف أسهم في تقليل الفقر بل وفي العديد من دولنا الاسلامية كانت الأوقاف ترعى شؤون الحيوانات والطيور إلى جانب الانسان.
لقد ساهمت الاوقاف الاسلامية في الاستجابة لاحتياجات الناس والاهم أنها قدمت للمجتمع فرصا مهمة لتكون مستقلة ومبدعة بعيداً عن الدولة.
اليوم يجد ملايين الناس انفسهم دون عمل ودون فرص للحياة.
إن انتشار الفرق وانعدام الامن الغذائي بين ملايين الناس يحدث في زمن التقدم التقني والصناعي وعصر المعلومات والانترنت والتطور التكنولوجي. هذه الحقيقة المؤلمة ما هي إلا إدانة للنظام العالمي القائم في عالمنا وادانة لتضارب المصالح الدولية الخاصة بالدول الكبرى التي لا تراعي حقوق الانسان وعوامل الاستقرار والسلم العالمي.
كما ان هذا إدانة للقطاع المالي وقطاع الاعمال لأن الكثير من هؤلاء في هذا القطاع يتعاملون مع مجتمعاتهم واحتياجات مجتمعاتهم بجشع وانانية وضمير مفرغ من المسؤولية الاجتماعية.
آليات المسؤولية الاجتماعية هي حاجة للمجتمعات التي تمر بمرحلة تحول اقتصادي ومجتمعي وتتضاعف الحاجة إليها في البلاد التي عانت من الحروب وانهيار الدولة.
بصرف النظر عن مدى قوة الدولة أو ضعفها ثروتها او فقرها لابد من وجود مسؤولية اجتماعية ودور ايجابي لرجال وسيدات الاعمال في المعركة ضد الفقر، يمكنهم ان يفعلوا الكثير مثل؛ تبني مشاريع ذات طبيعة تنموية خيرية، أو دعم المشاريع الصغيرة للشباب والنساء والمجموعات الهشة، وكذلك من خلال دعم البحث العلمي والتطوير في الجامعات، لأن هذا هو السبيل للمزيد من التقدم ولايوجد أي شك ان هذه التنمية ستفيد الجميع في المجتمع.
يعد رجال وسيدات الاعمال جزءا هاما من النخب التي يمكنها أن تقود المجتمعات والدول نحو التقدم والتنمية والرفاه الاقتصادي، وكما تعلمون ازدياد عدد الاشخاص الذين يملكون مشاريعهم الخاصة واموالهم الخاصة سيساعد المجتمع بأكمله، كما يساعد على تعزيز الديمقراطية إذ لا يمكن للديمقراطية أن تتطور في مجتمع يعاني من الاحتكار.
الاخوة والاخوات الاعزاء..
إن اضافة التغير المناخي على جدول اعمال مؤتمركم لهي خطوة مهمة بغية دعم وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تضع المنظور البيئي بناء على التكامل بين الانشطة الحياتية والطبيعة واحدا من أولوياتها.
الحقيقة ان أمنا الارض تموت وتنوعها الحيوي والبيئي والايكولوجي يتعرض للتدمير بطريقة مقصودة وقاسية، وعلمية التدمير هذه تتسارع بسبب الغازات الدفيئة، والتصحر الناجم عن ذلك واختفاء الغابات وذوبان الثلوج بدوره ينعكس في مزيد من التدهور للمناخ في دورة متوحشة.
مالم نقم بعمل حاسم لوقف هذه الدورة المتوحشة فان مستقبلنا ومستقبل أولادنا على هذا الكوكب سيكون محاطاً بمخاطر لاتحتمل وكوارث لايمكن تصورها، وهي وشيكة للغاية.
مع الاسف مع هذا التدمير العبثي والممنهج لاتوجد جهود جادة او فعالة على المستوى العالمي لوقف هذا التدهور، ولا توجد مثل هذه الجهود على المستويات الوطنية في معظم الدول المهمة في العالم، والآن أنتم الموجودون في هذا الاجتماع كرجال وسيدات أعمال واصحاب مشاريع إحدى المسؤوليات الاجتماعية التي تقع على عاتقكم في القطاع الخاص بصفتكم رجال وسيدات أعمال هي حماية البيئة، وإيجاد طرق فعالة لحل المعالجات المشاكل الملحة المرتبطة بالنظام البيئي والتغير المناخي والزيادة المرعبة في معدلات الاحتباس الحراري وغيرها من المشاكل البيئية.
أخيرا وليس آخرا..
فانني اؤمن برأس المال النظيف والمسؤول اجتماعيا في تحقيق تحولات ايجابية وفي دعم الانشطة الايجابية في المجتمع، آمل أن يكون لدى الحضور في هذا الاجتماع دوافع حقيقية لخدمة مجتمعاتهم وخدمة البشرية من خلال أنشطتهم المختلفة.
المجتمعات المحظوظة او الثرية هي تلك التي تتمتع بحكم رشيد ورأسمال وطني رشيد وبناء وقطاع خاص بناء أيضا.
شكرا جزيلا لكم والسلام عليكم..