كلمات
كلمة توكل كرمان حول اليمن في جامعة شيكاغو
ألقت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، اليوم الاربعاء، كلمة رئيسية عن اليمن في منتدى بيرسون العالمي السنوي الرابع 2021 الذي ينظمه معهد بيرسون التابع لجامعة شيكاغو الأمريكية..فيما يلي نصها:
في البداية أود أن أشكر جامعة شيكاغو ومعهد بيرسون لدراسة وحل النزاعات العالمية على دعوتي للحديث حول اليمن.
لم أفاجأ عندما طُلب مني أن اتحدث حول حقيقة الصراع في اليمن، فأحد الوجوه السيئة لهذا الصراع، هو تزييف الحقائق، وفي أحسن الأحوال، تقديمها بصورة مبتورة. لقد تم تشويه كل شيء، وهذا الأمر أسهم في أن يبدو الصراع في اليمن غير مفهوم بالنسبة للكثيرين.
لهذا أتمنى ان اوفق في كلمتي هذه للحديث عن القضية اليمنية بكل أبعادها، وخصوصا أسباب الحرب و مآلاتها، والسبيل إلى وقف الحرب وإحلال السلام الحقيقي.
من المهم ونحن نتحدث عن الحرب في اليمن وسبل السلام أن نتطرق لطبيعة النظام الذي استهدفته ثورة اليمنيين السلمية عام ألفين وأحد عشر، وسألخص الحديث عنه بالقول: كان نظاما فاشلا وفاسدا أوصل اليمن خلال ثلاثة عقود من حكمه العبوس إلى حالة مريعة من التدهور والفشل، وبالإمكان الرجوع الى مؤشر الدول الفاشلة لتكتشفوا أن اليمن احتل المرتبة السابعة من بين الدول الفاشلة منذ العام ألفين وخمسة والمفخخة بكل عوامل الصراع والنزاع والانقسام والاحتراب الداخلي والفساد المؤسساتي.
لذلك، لا يمكن النظر إلى الثورة السلمية باعتبارها ترفا، أو نزوة طائشة أو فعلا متهورا فائضا عن الحاجة أو مؤامرة خارجية، بل كانت كسائر ثورات الربيع العربي حاجة ملحة وضرورة حتمية، جاءت استجابة لشباب يمني ضاق ذرعا بدولة الفساد والفشل والإقصاء والتهميش والمحسوبية والرشاوى، كما كانت تعبيرا عن حلمه بدولة العدل والرفاه والحرية وسيادة القانون، فلا غرابة إذن، إذا قلنا إن الثورة كانت رد فعل طبيعيا لكل ذلك العبث والفساد المنظم الذي استمر واستحكم لثلاثة عقود.
الأصدقاء الأعزاء:
سرعان ما تعرضت ثورتنا السلمية وما أنتجته من عملية انتقالية ومخرجات حوار وطني حددت شكل وتفاصيل الدولة اليمنية الديمقراطية الجديدة التي نريد، إلى تآمر إقليمي وخذلان دولي خلف ثورة مضادة وحربا واقتتالا داخليا وتدخلا خارجيا منذ سبع سنوات ولا يزال يدمر كل شيء في اليمن، الأرض والإنسان، ويذهب بعيدا لينال من الحلم الذي أشعل من أجله شباب اليمن ثورتهم الربيعية
يمكننا القول إن السبب الرئيسي لكل ما حدث ويحدث في اليمن من كوارث هو الرغبة بمعاقبتها على ثورتها السلمية ضد الاستبداد والفساد، ليكونوا عبرة لغيرهم من الشعوب في المنطقة التي ممكن ان تتجرأ على الحلم وتحدث نفسه بالتغيير. هناك من يريد أن يعطي شعبه درسا في عدم السعي الى التغيير، بل وعدم الحلم به.
وهنا أشير إلى الدور المركزي لعواصم الثورات المضادة في المنطقة أعني الرياض وأبو ظبي وطهران، حيث قاموا بحشد امكاناتهم ونفوذهم لتقويض ثورات الربيع العربي، حتى لا تنتقل إليها عدوى الربيع الحالم بالتغيير والمطالب بدولة الحقوق والحريات والعدالة والمواطنة.
وكما هو معلوم، فالتنافس المحموم والصراع بين السعودية وإيران، يمثل اليوم خلفية مهمة لفهم الحرب المدمرة في اليمن واسباب استمراريتها. النظامين السعودي-الإيراني لديهما نفس النظرة المعادية تجاه ثورات الربيع العربي. تتناقض مصالح الرياض وطهران في نقاط كثيرة، لكنهما يتفقان في العداء للديمقراطية والثورات الشعبية، وقد حاربت الدولتان الثورة اليمنية، من موقعين مختلفين، لكنهما يتفقا على العداء للربيع العربي لا الثورة اليمنية فحسب.
يمكن القول إن المأساة اليمنية بدأت قبل سبع سنوات وتحديدا في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤، عندما اجتاحت ميليشيا الحوثي العاصمة اليمنية صنعاء. كان المتمردون قد تآمروا مع الدكتاتور المخلوع علي عبد الله صالح لتعطيل الاستفتاء على الدستور الجديد والتحول الديمقراطي في اليمن.
ان ميليشيا الحوثي نفذت انقلابها الدموي بدعم واضح من إيران، والمفارقة أن الانقلاب الحوثي بقدر ماحظى بدعم واضح ومن ايران هو كان أيضا بمباركة سعودية إماراتية، عبر دعمهم علي عبدالله صالح وأذرعهم الأخرى في اليمن.
لدى ميليشيا الحوثي أيديولوجية فاشية ومعتقدات تعود للقرون الوسطى، ورغبة في إخضاع الناس لإرادتهم بالقوة. هي جماعة سلالية لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالمشروعية الحديثة للدولة، هي جماعة عنصريه تؤمن بالولاية الالهية وأنها مخصوصة بها دون عن كل اليمنيين، وهدفها امتلاك السلطة بالعنف والسيطرة على المجتمع وفرض ثقافتها عليه .
اعتقد السعوديون أن مليشيا الحوثي الجهة التي يمكن الاعتماد عليها في اجهاض التغيير الذي بدا يلوح في اليمن عام 2011. لقد استخدموا ميليشات الحوثي مرتين، في الأولى للانقلاب واسقاط الدولة، وفِي الثانية استخدموها كذريعة للتدخل العسكري والحرب التي شنوها على اليمن في 26 مارس 2015 تحت غطاء " دعم الشرعية اليمنية "، والذي من الواضح اليوم بعد سبع سنوات من الحرب ان لديه اجندة أخرى تهدف فقط لتقسيم اليمن وتدميره ، ومن باب اطماعهم في السيطرة على جزره المهمة وسواحله وثرواته النفطية والغازية.
السعودية دولة عربية جارة لنا، ونحن لا نحبذ العلاقة العدائية معها، لكنهم "الأسرة الحاكمة" أكدوا بأسوء مما قبل، عداءهم لليمن، وحقدهم عليها، وانهم لا يريدون أن تكون اليمن دولة مستقلة ومستقرة.
في الجانب الاخر كانت ايران تحصد نتائج دعمها وتحالفها مع الميليشيا الحوثية الموالية لطهران والمدعومة منها منذ نشأتها في بداية الألفية الجديدة .
ما يزيد من عمق المأساة اليمنية هو الانكشاف السياسي غير المحدود، اولئك الساسة الطامعين الانتهازيين المرتهنين لأجندة خارجية، الأمر لا يبدو أن له علاقة بالتخاذل الذي يتميز به الساسة الضعفاء، كما أن الأمر على ما يبدو ليس له علاقة بقلة الكفاءة، أو قلة الضمير حتى، يبدو أن هناك من باع اليمن بثمن بخس.
نتيجة لانقلاب الحوثي، والحرب السعوديه الاماراتية على اليمن، والفشل والخيانة لساسة اليمن، هاهي اليمن اليوم يشهد كارثة قال عنها العالم بأنها من صنع الإنسان، لكن الصواب أنها كارثة من صنع المستبدين وأعداء الحرية.
اليمن ذات التاريخ المجيد والشعب العريق والموقع الاستراتيجي الهام الذي يتموضع على البحرين الاحمر والعربي وبينهما أحد أهم مضايق العالم مضيق باب المندب، رهن كل هذا العبث السعودي الاماراتي الحوثي وفي ظل صمت عالمي مخجل ومخز ومؤلم.
يعيش اليمن أسوأ كارثة إنسانية شهدها العالم منذ عقود، هناك دمار واسع للبنى التحتية للقطاعات الخدمية، خصوصا الصحة والتعليم والمياه والكهرباء، أكثر من اثنين وعشرين مليون يمني بحاجة إلى شكل ما من أشكال المساعدة الإنسانية، وفقا للأمم المتحدة، وأكثر من ثمانية ملايين يعانون جراء الانعدام الحاد للأمن الغذائي، بينهم قرابة مليوني طفل وأكثر من مليوني امرأة حامل ومرضعة، فيما تتوالى التحذيرات من احتمالية أن يرتفع عدد الجوعى المعدمين إلى أربعة عشر مليون إنسان، أي ما يقارب نصف سكان البلد، بحسب تحذيرات الوكالات التابعة للأمم المتحدة.
على مدى سبع سنوات، شهدت معظم مناطق البلاد تفشيا مخيفا للأوبئة، بدءا بحمى الضنك مرورا بالكوليرا والدفتيريا وكورونا وغيرها، حصدت هذه الأوبئة أرواح الآلاف، جنبا إلى جنب مع أدوات الحرب.
صادرت المليشيا الانقلابية الموازنات الخاصة بالخدمات الأساسية منذ الوهلة الأولى، ثم تضاعفت فاتورة الكلفة الإنسانية بسبب غارات التحالف السعودي الإماراتي على المدنيين وقطاعات البنى التحتية والحصار الجائر، وصار اليمنيون يئنون تحت وطأة الحرب والجوع والأوبئة المتفشية.
اليوم يمر أكثر من عشرين يوم على قيام الحوثيين على حصار منطقة صغيرة في محافظة مارب هي العبدية، إذ تمنع عنهم كل شيء، بالإضافة إلى قصفها بالصواريخ في استهتار بكل القيم الإنسانية. مارب التي لم تمنع إلى حد هذه اللحظة تدفق الغاز للمناطق التي يسيطر عليها الحوثي، حيث يقوم ببيعها بأسعار مرتفعة، وهي ربما من الحالات النادرة التي تقوم حكومة ما بتشريع السوق السوداء. ينتهج الحوثيون أساليب القتل والخطف والتعذيب، ومؤخرا قاموا بتنفيذ اعدامات جائرة ضد مواطنين عاديين أدينوا بواسطة محاكمات هزلية بقتل أحد زعمائهم الذي تم استهدافه بطائرات التحالف السعودي الاماراتي.
ولا يقتصر تردي الاوضاع على مناطق بعينها، فحتى في المناطق المحررة من الانقلابيين، لا يزال الناس دون خدمات الكهرباء والمياه والتعليم والصحة، وكل الخدمات التي يفترض بالحكومة أي حكومة أن تقدمها لتنال الشرعية الشعبية معدومة ومقطوعة، وبدا أن التحالف يفعل ذلك لهدف ممنهج مقصود، وليس جهلا بأهميتها، وليس قلة حيلة ونقصا في الامكانات، التحالف السعودي الاماراتي الذي ينام على بحيرات من النفط وثروة ضاقت بها بنوك العالم يعجز أن يؤمن الإغاثة والطعام والغذاء لعشرين مليون، وهو العدد الذي بات تحت خط الفقر في اليمن حسب آخر تقرير للأمم المتحدة.
لا يوجد رواتب أو أجور، وإذا حصل شخص على راتبه فهو عادة لا يكفي لتغطية النفقات الأساسية والضرورية لعدة أيام، نتيجة الانهيار المروع الذي تعرضت له العملة اليمنية، وهو انهيار مقصود أطلق له العنان، ولم يفعل التحالف شيئا لإيقافه، بل إنه فعل كل شيء ليزيد من تفاقم المشكلة واتبع أسلوب التجويع والحصار كأداة حرب، من خلال إعادة مئات الآلاف من المغتربين اليمنيين في السعودية إلى اليمن، ومن خلال السيطرة على مصادر النفط والغاز وحرمان الحكومة من عائداتها، إلى الاستحواذ على المطارات والموانئ والجزر والموا ئ والمنافذ المختلفة التي تربط اليمن بالعالم، والتي من شأن سيطرة السلطة الشرعية عليها أن تتلقى بها وعبرها كافة المنح والمساعدات الدولية، وأن تعقد بها وعبرها أيضا كافة الشراكات والتحالفات مع دول العالم بما يحقق عائدات كافية لليمن، الذي يخطب الجميع وده لما يتمتع به من موقع جيوسياسي هام و مغر للجميع لأن يعقد معه شراكات ندية تدر على البلاد ما يكفي من المصالح.
المجلس الانتقالي الذي يحظى بدعم وتمويل اماراتي يقوم هو الآخر بانتهاكات متعددة، منها الاغتيالات السياسية والقتل خارج القانون وانتهاج سياسات عنصرية، وعرقلة أداء الحكومة لعملها. خلال الاعوام الماضية قامت تشكيلات عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي بالعشرات من الانتهاكات في مدينة عدن، كما قامت بقتل مواطنين مدنيين في طريقهم لمطار عدن.
أيها الأعزاء:
بالحديث عن محاولات وفرص السلام اليوم، الحوثيون يرفضون كل فرص تعرض عليهم للسلام وايقاف الحرب. تدين هذه الميليشات بالولاء الكامل لإيران، كما ان تكوينها المذهبي المتطرف يجعل من الحرب واخضاع الاخر توجها بنيويا لديها لا عودة عنه. لا تنتهي الحرب بالنسبة لهذه الميليشات الا باقامة دولتها الدينية المذهبية. لقد غيرت المناهج التعليمية واستبدلتها بملازمها المتطرفة، وتعمل على السيطرة التامة على كل فضاءات المجتمع وفرض طقوسها ومذهبها عليه، لا مؤسسات الدولة فحسب. المجلس الانتقالي المدعوم من الامارات في عدن يثبت يوما بعد الاخر انه الوجه الاخر للميليشات الحوثية. وقع هذا التشكيل الميليشيوي اتفاقا مع السلطة الشرعية قبل عامين سمي " اتفاق الرياض " ، يمنحه مقاعد في الحكومة وشراكة كاملة في السلطة الشرعية، لكنه رفض تطبيقه واستمر في فرض سيطرته على عدن مما تسبب في مزيد من الفوضى وانهيار العملة واعمال العنف.
السلطة الشرعية برغم ضعفها وعجزها وفسادها الذي لم يعد خافيا على أحد، فهي لا تنفك الإعلان عن موافقتها على أي حلول يمكن أن تنتشل اليمن من هذا الوضع البائس والخطير. غير أن هذا الموقف الإيجابي الذي تعبر عنه السلطة الشرعية، لا يمنع من القول أن هذه السلطة لا تقوم بواجباتها تجاه المواطنين وحمايتهم من المليشيات باختلاف مسمياتهم، فضلا عن قيامها بتوفير المستلزمات الضرورية للعيش ولو في المستويات الدنيا.
أيها الأعزاء :
هذا عرض مختصر للواقع اليمني الآن والأطراف المختلفة للحرب، المؤسف أن أمريكا ومعها المجتمع الدولي يتفرجون على حرب ابادة يتعرض لها شعبنا. لم يتبقى من المجتمع الدولي سوى مبعوثين يملأون مقاعد وظيفية شاغرة بروتينية اعتيادية، ولا يفعلون شيئا يذكر لمنع الجرائم ضد الانسانية ووقف الحرب
لكن الشعب اليمن لن يستسلم، نحن أصحاب قضية عادلة، ولن نقبل بالعبودية للمليشيا الحوثية العنصرية السلالية، ولن نقبل بتمزيق بلدنا ولن نقبل بالوصاية سواء كانت سعودية أو اماراتية أو ايرانية.
ومثلما سيسقط شعبنا العدوان الداخلي فإنه سيقاوم ويسقط العدوان الخارجي الذي تقوده المملكة السعودية ضد شعبنا وبلدنا، اليمن ليست دويلة طارئة ليتم اجتثاثها والغاء وجودها بمؤامرة عابرة من أعداء الداخل والخارج، هذه حقائق التاريخ وسنعيدها بإرادتنا وتمسكنا بقضيتنا العادلة وإنتماءنا لليمن وتضحياتنا من أجلها.
اليمن بلد المفاجآت بامتياز، ولطالما اعتقد الطغاة والخونة على حد سواء، أن اليمن سوف تستكين، لكن التاريخ يقول لنا أن هذه الأرض ما استكانت ولا رضيت بالهوان، وأن غدا لناظره قريب
ومع ايماني بقدرة شعبنا العظيم على اسقاط العدوان الداخلي والخارجي معا، والوصول باليمن إلى الدولة الحديثة دولة العدل والقانون والديمقراطيه إلا أنه من المهم أيضا ان اشير إلى أن:
إن أي متابع لجهود المجتمع الدولي والدول الكبرى خلال سنوات الحرب لن يجد أي صعوبة في إدراك أن جوهر هذه التوجهات صب في اتجاه ترك اليمن كليا للتحالف السعودي الإماراتي ليرتكب جرائم الحرب من جهة، وممارسة الابتزاز ضده من الجهة الأخرى.
من المهم جدا أن أشير هنا أيضا إلى أن هناك حوالي ثمانية قرارات صادرة عن مجلس الأمن حول اليمن ورعاية العملية الانتقالية فيها، وأن المجتمع الدولي قد تعهد لليمنيين برعاية العملية الانتقالية ودعمه الكامل لها، ومن هنا يجب على المجتمع الدولي الوفاء بتعهداته والقيام بدوره تجاه اليمن.
اليمن يحتاج إلى قرار حاسم من المجتمع الدولي بإنهاء هذه الحرب، إذا استمرت هذه الحرب واذا تشظت اليمن وتقسمت فإن وهذا لا يؤثر على اليمن فقط، بل إنه يعد خطرا بالغا على الأمن والسلم الإقليميين والعالميين.
إن نجاح الجهود الدولية لإنهاء الحرب وإحلال السلام مرهون بإيقاف بيع الأسلحة الى السعودية والامارات، واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بعدم وصول أسلحة من إيران للحوثي.
إن نجاح الجهود الدولية لإنهاء الحرب مرهون بعودة الدولة، دولة الجمهورية اليمنية على كامل التراب الوطني لليمن كبلد موحد ومستقل وآمن ومستقر.
كما أن نجاح الجهود الدولية في بناء عملية السلام يجب أن تفضي إلى احتكار الدولة للسلاح، ومزاولة السيادة، وأن مؤسسات الدولة هي المنوط بها بصورة حصرية إصدار الأوامر الحكومية، وأن الانتخابات هي الطريق الوحيد للوصول إلى السلطة، وليس العنف والقوة المسلحة. كما يجب أن تفضي إلى إنهاء جميع أشكال الهيمنة والوصاية والاحتلال.
الحرب تنتهي بعودة اليمن لا بتمزيقها. الحرب تنتهي بعودة دولة الجمهورية اليمنية صاحبة سلطة كاملة وشاملة على كل الأرض اليمنية، لا باضفاء المشروعية على الدويلات المليشياوية وتقسيم اليمن.
الحرب لا تنتهي بصفقات بين أمراء ميليشيات الحرب الداخليين ودول الوصاية الخارجية الحريصة على مصالحها والتي لا يهمها خروج اليمن من الحرب دولة واحدة مستقلة وموحدة وتتوفر لها مقومات الأمن والإستقرار.
بعد كل حرب سيحل السلام، ليس هناك حرب للأبد، فليكن السلام الآن،
اليمنيون مستعدون للسلام ويتوقون له، اليمنيون على مر التاريخ يدخلون في صراعات ثم يتصالحون، لم يسجل التاريخ أنهم ذهبوا إلى مرحلة اللاعودة.
بغض النظر عن تجار الحروب والمستفيدين منها، اليمنيون الآن مستعدون للسلام والمصالحة الوطنية، ويرون أنهم قادرون على تحقيق السلام المستدام الذي يفضي إلى دولة يعيش فيها جميع اليمنيين أحرارا على قدم المساواة.
لو تم إيقاف التدخل الخارجي وأعني به التدخل السعودي الإماراتي والإيراني، فسوف نصنع السلام، ليس ذلك فقط، بل وسوف نقيم الدولة الديمقراطية الحرة، دولة العدالة وحكم القانون، وسنكون الشريك الاستراتيجي في حفظ أمن واستقرار العالم.
سنعمل بكل جد من أجل بناء سلام مستدام في اليمن وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، والتي نرى انها تتكون من الخطوات الآتية:
إيقاف الحرب ورفع الحصار والانسحاب السعودي الإماراتي من البلاد، وكف يد طهران عن الاستمرار في تزويد المليشيات بالسلاح.
العودة لاستئناف العملية السياسية من حيث توقفت بالانقلاب والحرب.
تشكيل لجنة عسكرية برعاية أممية تعمل على سحب الأسلحة من جميع الميليشيات، بحيث تكون الدولة صاحبة الحق الحصري في استخدام السلاح، وبناء الجيش والأمن وفق أسس وطنية بما يضمن حماية البلاد وسيادتها وسلامة أراضيها، ويكفل الأمن والاستقرار في البلاد.
تشكيل حكومة وطنية من جميع المكونات أو حكومة تكنوقراط برعاية أممية تعمل على: تنظيم الاستفتاء على مسودة الدستور، وإجراء الانتخابات المختلفة محلية وأقاليم ونيابية ورئاسية، بناء على الدستور الجديد.
تشكيل هيئة مصالحة وطنية تعمل على جبر الضرر وتعويض الضحايا وكفالة عدم تكرار الجرائم
إعادة الإعمار، والتزام السعودية والامارات لليمن بالتعويض عن ما أحدثته من دمار خلال الحرب.
وفي الاخير ايها الاعزاء:
يرتكب أيا كان خطأ بالغا حين يظن أن اليمن سهلة البلع، وأن شعبها سهل الترويض، غير أن الأمر معقد للغاية، يحوي هذا الشعب تركيبة معقدة وإرثا طويلا من العزة والكرامة والمقاومة والعصيان ما يجعله عصيا على أي توجه لحكمه بالقوة والقهر، وعلى أي غزو أو احتلال أو وصاية أو هيمنة.
شكرا لكم..