كلمات
أحييكم اليوم في ذكرى ثورة فبراير الشعبية المجيدة في عيدها العاشر. أحييكم جميعا إخواني وأخواتي في كل ربوع الأرض اليمنية.
السلام عليكم، السلام على شعبنا اليمني الأبي المكافح العظيم. أحييكم وأشد على أياديكم واحداً واحدا ونجدد العهد والوعد في ذكرى ثورة 11 فبراير.. ثورة الكرامة والحرية والإرادة الشعبية.. أحييكم وأجدد لكم العهد والوعد أن نواصل المشوار حتى النصر وحتى إعلاء راية اليمن حرة خفاقة في ظل الدولة اليمنية المنشودة التي خرجنا من أجلها، دولة المواطنة والعدالة والديمقراطية، دولة الشعب لا دولة الغلبة والاستبداد.
لقد واجهنا نظام الغلبة والاستبداد العائلي عندما كان متخفيا باسم الدولة والجمهورية، واجهناه عندما كان عائلة تحاول توريث النظام الجمهوري، وسنواجه تركته وقنابله التي انفجرت فوق كل البلاد، سواء أكانت الانقلاب الحوثي السلالي الآتي من كهوف الظلام أو الاحتلال والوصاية والهيمنة السعودية الإماراتية التي تستخدم وتسخّر ميليشيات عميلة ومطواعة وتتمرغ في أوحال التطبيع والخزي من أجل أن تمكّن المحتل من الهيمنة على اليمن ومقدراته وموانئه وجزره وثرواته.
نعم، سنواجه الاحتلال والوصاية الخارجية التي تقود ضد حلمنا وثورتنا وبلادنا وتستهدف كل شيء في اليمن، ثورته وجمهوريته ودولته ووحدته وثرواته وسيادته واستقلاله.
لقد تعاملت الثورة بتسامح مع المخلوع واعطته الحصانة ونصف الحكومة، لكنه أختار الانتقام من شعبه وبلده وجلب الميليشيات الحوثية الطائفية وشاركها الانقلاب على الدولة وغزو المدن واحتلال المؤسسات. لقد اثبتت الاحداث أن من كان يحكمنا عصابة إجرامية طائفية كان من الخطأ السكوت على بقائها ثلاثة سنوات فما الحال بتركها تعبث باليمن ثلاثة عقود ونيف. نعم، ما نواجهه اليوم بعد سقوط نظام المخلوع هو حصاده وتركته التي أورثها لشعبنا وبلدنا.
إننا اليوم بنفس روح فبراير المتقدة في فاتحة توهجها قبل عشر سنوات، وكما أسقطنا المخلوع ونظامه سنواجه إرثه، ومهما كانت التضحيات والمعاناة إلا أن شعبنا لن يرضخ للميلشيات الطائفية والمدججة بالفاشية والهمجية والوصاية الخارجية، وسينتصر عليها.
إن ثورة فبراير هي مشروعنا الكبير لمستقبل اليمن، ولسوف نصل مهما كانت الصعاب في طريق العزة والكرامة لشعبنا وبلدنا. أما لماذا، فلأنها ثورة تعلي من القيم الديمقراطية، وتعظم من إرادة الشعب، فهو من يختار حكامه ومن يحاسبهم ويعزلهم.
لم نرتكب جرماً عندما خرجنا نلبي نداء الكرامة والتوق لحياة كريمة. لم نكسر نواميس الحياة عندما تطلعنا لدولة تنطق باسم الشعب وتعمل من أجل الشعب.
لقد آمنا بحقنا في الحياة بكرامة، بحقنا في العدالة والديمقراطية ودولة القانون. خرجنا معززين بسلمتينا وانتمائنا لليمن وانتمائنا للإنسانية.
لكن وحشية الثورة المضادة التي أعلنت الحرب على بلادنا من الداخل والخارج ليست القانون الذي ينبغي أن نرضخ له. سيبقى الكفاح من أجل العيش بكرامة، من أجل العدالة، من أجل وطن آمن يحكم بالقانون ودولة المواطنة والديمقراطية هو هدفنا الأسمى.
بعد ست سنوات من الحرب العدوانية ضد شعبنا تريد قوى الثورة المضادة أن تحمل ثوار فبراير، بوزر حروبها الإجرامية ضد شعبنا وبلدنا. هذا هو هدفهم من هذه الحرب الإنتقامية، أن يجعلوا من كلمات الحرية والكرامة والثورة والعدالة ودولة القانون والمواطنة والديمقراطية وحكم الشعب، جريمة؛ جريمة نحاسب عليها، وتدان ثورتنا وشعبنا لأنهم طالبوا بها وهتفوا من أجلها ورفعوها أهدافا لثورتهم.. ثورة الكرامة والحرية.. ثورة 11 فبراير المجيدة.
ست سنوات وشعبنا وبلدنا يتعرضون لحرب داخلية وخارجية لم يعرف العالم مثيلاً لفظاعتها ووحشيتها بقصد تركيع اليمنيين وإجبارهم على الكفر بحقهم في دولة تحترم حقوقهم وحرياتهم، وتسعى لتحقيق طموحاتهم. إنها حرب بقصد إيذاء اليمنيين، لا شك في ذلك، لكنها في الوقت نفسه، محاولة لحمل الناس على الكفر بأبهى يوم عرفه في تاريخنا المعاصر بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر وتحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو، يوم عبر الشعب اليمني عن وجوده وحلمه الكبير وهويته الحضارية التي جسدتها ثورة فبراير وأهدافها والقيم الوطنية والأخلاقية التي عبرت عنها.
ورغم ما خلفته الحرب من مآسي، إلا أن حربهم قد فشلت. نعم، لقد فشلت حربهم ضد شعبنا وثورتنا. فما تقدمه الميليشيات الحوثية في صنعاء، والمليشيات في عدن للناس بدعم إيراني سعودي اماراتي، بعضه في العلن وبعضه سرا، يثبت أنهم يعادون اليمن الديمقراطي، اليمن الحر، اليمن الجمهوري، اليمن المستقر، اليمن المنفتح على العالم. ما الذي أنجزته مليشيا الحوثي، وما الذي مليشيات الامارات والسعودية، سوى الجوع والقتل والتشريد، وتحويل المدن إلى ساحات للصراع، وإلى سجون للإذلال والقمع والنهب.
لكن علينا أن نتذكر أن تلك المليشيات تحظى بدعم السعودية والامارات وإيران، لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك. أحد الحقائق في هذه الحرب، هي أن السعودية وإيران معاديتان لليمن، من موقعين مختلفين، ولكنهما يلتقيا في تحقيق نفوذهما فوق خارطة ممزقة تسيطر عليها الميليشيات، وشعب محاصر تعرض للتجويع والتمزيق والتشريد والحرب الشاملة.
الثورة المضادة لا تعد شعبنا بشيء سوى بالخراب والتقسيم والميليشيات والوصاية الخارجية.
وإنهاء الحرب يعني بالنسبة لنا عودة اليمن والدولة اليمنية ومسار الانتقال السياسي كما رسمته ثورة 11 فبراير، وتوافقت عليه كل القوى والأحزاب السياسية في مؤتمر الحوار الوطني. ما رفضنا قبوله بالحرب لن نقبله بسلام زائف يضفي الشرعية على الوصاية السعودية الإماراتية، وعلى الانقلاب الحوثي، ويمزق اليمن إلى دويلات وسلطنات تحكمها الميلشيات.
الحرب هي حرب أشعلتها الثورة المضادة، ولم يكن الشعب اليمني يسعى إليها أو يريدها.
لقد قامت الحرب لأن الانقلاب الحوثي أسقط الدولة واستولى على مؤسساتها واجتاح العاصمة صنعاء والمدن اليمنية واحدة تلو الأخرى. وكانت الحرب السعودية الاماراتية على اليمن هي الضلع الاخر لأمراء الحرب وقادتها.
اليوم يشاهد العالم همجية مليشيا الحوثي على أسوار مارب، ماذا تريد جماعة انقلابية فاشية من مدينة مكتظة بالسكان واللاجئين، مدينة لطالما كانت فخر اليمنيين في كل الأزمنة. ينبغي على العالم أن يفتح عينيه على جشع تلك المليشيا وانتهاكاتها وطريقتها في ضرب قواعد الاستقرار في اليمن. لقد اعترض الحوثي على وصفه بالجماعة الإرهابية، لكنه يثبت أنه اعتراض غير مبرر. ها هي صواريخه تستهدف الأحياء السكنية في مارب وتعز والحديدة، وسابقا كانت انتهاكاته تطال عدن وشبوة والضالع. اليوم يشاهد العالم كيف تعمل المليشيات المدعومة من قبل السعودية والامارات على تهديد الاستقرار من خلال اقتحام المؤسسات الحكومية ونهب أموال البنك المركزي.
أدعو لنقل ملف الحرب في اليمن لمحكمة الجنايات الدولية، أو إنشاء محكمة خاصة جرائم الحرب في اليمن. أدعو العالم لاتخاذ هذه الخطوة، تمهيدا لمعاقبة القتلة وأمراء الحرب في اليمن، حتى يمكن الحديث عن فرصة جيدة للسلام.
اليوم، وفي ضوء تحرك الإدارة الأمريكية والأوروبيين لوقف الحرب والتوصل لسلام في اليمن ينبغي أن يكون هذا التحرك واعيا وحقيقيا ولا يكون سطحيا، يقود لإنهاء الحرب خارجيا، ويبقيها داخليا.
إن خيار وقف الحرب يجب إلا يقود للرضوخ لمنطق الميلشيات ليس لأنها مرتهنة للخارج وحسب، ولكن لأنها مليشيات عصبوية وطائفية وفاشية ومعادية للحريات وحقوق الإنسان، وتمارس أقصى درجات الكراهية والعنف.
لذا يجب على إدارة بايدن، والأمم المتحدة أن يضمنوا بشكل كامل وواضح تخلي الميليشيات المحلية عن سلاحها وأطماعها، وبحيث يكون السلاح بيد الدولة، في النهاية لن يقوم سلام وهناك جماعات خارج الدولة تمتلك السلاح والدعم الخارجي لفرض سيطرتها على الشعب.
إن من الضروري إنهاء الحرب العدوانية التي تشنها الميليشيات وفي مقدمتها مليشيا الحوثي ضد شعبهم وبلدهم ويتخلوا عن لغة العنف والإرهاب، ويقروا بعودة الدولة الشرعية، دولة الجمهورية اليمنية، والذهاب مع بقية القوى والأحزاب الى حوار وطني شامل، يقود لسلام حقيقي وليس هدنة تمهد لعودة الحرب من جديد.
يوجد لدينا الأساس القانوني والسياسي لبدء مرحلة جديدة، وهو اتفاقية نقل السلطة ممثلة ب "المبادرة الخليجية"، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، التي أكدت على انهاء الانقلاب واحترام أمن اليمن واستقراره ووحدته.
جميعنا يعرف كم أن الانقسامات شديدة وحادة، وكم أن هذه الحرب الفاشية ضد شعبنا قد جلبت كوارث لا حصر لها، إلا أن استكمال عملية نقل السلطة والاستفتاء على الدستور الجديد واجراء الانتخابات هو خارطة الطريق التي يجب عدم التحايل عليها، إذا أردنا الخروج من هذا النفق المظلم. وبكل أسف، لن يكون ذلك متاحا، عبر شرعية مرتهنة داخل الرياض.
إنني اوجه رسالتي بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة فبراير إلى الرئيس هادي وأقول له ما يلي:
لقد أرادك المخلوع نائباً صورياً لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم.. وجاءت ثورة فبراير وأعادت لك كرامتك وكرمتك بأن تكون الرجل الأول الذي يجلس على كرسي الرئاسة بكامل إرادته وقراره بيده، لكنك خنتها وتواطأت لإسقاط دولتك وجمهوريتك التي ترأسها.
لقد ارادك شعبك رئيساً قراره بيده وصوت لك ملايين اليمنيين ووثقوا بك ... لكنك تخونهم اليوم بقبولك البقاء رهينة في قصر سعودي تستخدمه الرياض عنوانا كاذبا وخادعا لتغطي به على حربها ضد اليمن المستمرة منذ ست سنوات، حرب لا علاقة لها بالشرعية ولا بالدولة اليمنية، حرب هدفها إهانة اليمنيين واستباحة اليمن وتقسيمه واحتلال جزره ونهب ثرواته. لم تقم الامارات بقصف جيشك ووصفه بالإرهاب إلا بموافقة ودعم السعودية.
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم..
ان الشرعية هي شرعيتكم أنتم. شرعية الجمهورية اليمنية ودولتها العضو في الأمم المتحدة التي لم يستطع المحتلون والانقلابيون والانفصاليون تجاوزها بعد ست سنوات من الحرب القذرة ضد اليمن. شرعية الجمهورية اليمنية التي لم يكن كافيا للمحتل استخدام رئيسها وحكومتها وأحزابها حتى يحقق هدفه بعد سنوات من الحرب الشاملة عبر التدمير والحصار والتجويع وتمويل الميليشيات وسياسة فرق تسد.
الجمهورية اليمنية حقيقة عصية على الإلغاء. واليمن بلد عريق أقترن وجوده ببداية التاريخ.
لقد أنتصر إخواننا الليبيون على الثورة المضادة وتوحدت كلمتهم واستعادوا زمام أمورهم، وانكسر أمراء الثورة المضادة، وها هم يجرون وراءهم أذيال الخيبة والخزي والعار مما فعلوه بأمتهم، وإنني لا أرى اليمن إلا سائرا نحو النصر وكسر جبروت الثورة المضادة الأكثر عتواً ًونفورا في بلادنا عنها في بقية عواصم الربيع العربي.
شعبنا العظيم..
هذه الحرب بكل ما فيها من قسوة وجراح عميقة يجب أن تكون درسا لنا جميعا، بلدنا مهم ويمكن أن نكون دولة قوية إذا حافظنا على شعورنا القومي اليمني الخالص، ورفضنا كل اشكال الديكتاتورية، وكل الأيديولوجيات الدينية وغير الدينية، وقمنا بتحصين أنفسنا ضد أفكار لصوص السلطة والمال بدعاوى مضللة. اليمن هو سيد نفسه، واليمنيون هم سادة أنفسهم، هكذا يقول المنطق والعلم وكل تجارب التاريخ.
المجد لثورة فبراير
والخلود لشهدائها الأبرار
والعزة والكرامة لشعبنا اليمني الأبي العظيم والنصر لليمن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.