كلمات
كلمة الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان بمناسبة الذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس محمد مرسي
ألقت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان كلمة بمناسبة الذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس محمد مرسي خلال الندوة التي نظمتها صحيفة عربي21 الالكترونية، فيما يلي نصها:
ألقت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان كلمة بمناسبة الذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس محمد مرسي خلال الندوة التي نظمتها صحيفة عربي21 الالكترونية، فيما يلي نصها: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بداية أشكركم جميعا لحضور هذه الفعالية المهمة إحياءً للذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس محمد مرسي، وشكرا لـ"عربي21" على تنظيمها. الحديث عن الرئيس محمد مرسي حديث ذو شجون. نحن نتحدث عن أول رئيس مدني منتخب شهدته مصر منذ أكثر من سبعة آلاف عام. تم الانقلاب عليه وتم قتله، سواء كان ذلك القتل بصورة مباشرة أو من خلال الإهمال المتعمد لصحته، فضلا عن معاملته بصورة وحشية داخل السجن. شكّل وصول مرسي للحكم بارقة أمل للعرب وللمصريين بشكل خاص، ذلك لأن الرجل كان يمثل اختيار الناس، وحقهم في انتخابات حرة تنافسية. وهذا كان يعني بداية تحول العرب إلى عصر الديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام الحريات العامة. بالطبع كانت مصر والمنطقة العربية يحتاجان لمزيد من الوقت حتى تترسخ الديمقراطية وحتى يتم تأسيس نموذج حكم قائم على دولة القانون وعلى خضوع الحاكم للمساءلة. لكن، حدث الانقلاب العسكري، وأثبتت الأيام أن الموقف من الرئيس مرسي ليس إلا موقفا معاديا للديمقراطية، هو موقف من الديمقراطية نفسها ومن الحرية نفسها، حيث استعاد النظام الشمولي عبر الانقلاب العسكري سيطرته على مقاليد الأمور مُجددا، ولم يعد هنالك انتخابات بالمعنى الحقيقي. في العام الذي حكم فيه مرسي، أصاب في حالات كثيرة، وأخطأ وأساء في حالات أخرى، لكنه في كلا الحالتين لم يكن فاسدا أو خائنا أو محتالا، ورغم حملات التشويه التي طالت الرجل، والتي من المتوقع أن تستمر خلال السنوات القادمة، إلا أن هذه المحاولات ستبوء بالفشل بالتأكيد، فبمجرد سطوع شمس الحرية سيقول الناس غير ما كانوا مُجبرين على قوله. إن الديكتاتور يحب أن يرى التاريخ كما يريد، وفق نزواته وأكاذيبه، ولكن هذه الرغبة سرعان ما ستنتهي بعد موته أو اختفائه عن المشهد. وقريبا سيختفي الديكتاتور والانقلاب العسكري في مصر من المشهد. إن الناس دوما سينحازون للحق في نهاية المطاف. إن رواية الانقلابيين تقوم على مغالطات كبيرة، وتحركها الأحقاد من جهة، والخوف من الحقيقة ومن الناس من جهة أخرى، ومن رغبتهم وإرادتهم في الانعتاق نحو الحرية والعدالة والكرامة. لاحظوا كيف يتم وصم شخص لا يتوافق مع نهج هؤلاء الانقلابيين وأفكارهم يتم وصفه بكل النعوت السيئة. الرئيس مرسي يمثل إرادة الشعب التي تم الانقلاب عليها، ولذلك فإن نصيبه من التشويه أكبر من أي شخص آخر، لكن تجارب ودروس التاريخ تخبرنا بأن ادعاءات الانقلابيين وأكاذيبهم لا تدوم، بل تنال قسطا وافرا من التندر والنقد والمراجعة. أنا متأكدة وواثقة بأن ثورة يناير ستنتصر، وأن الربيع العربي سينتصر، وسيأتي يوم يُعاد فيه الاعتبار للرئيس مرسي ولعهده ولثورة يناير قبلهما، هذا اليوم حتما سيأتي. إلا أنه من المهم من الآن، ونحن نواجه الانقلاب العسكري ونواجه جميع الثورات المضادة في المنطقة وجميع دول الربيع العربي، يجب علينا مجابهة دعايات النظام الانقلابي العسكري في مصر وبقية الانقلابات والميليشيات في المنطقة من خلال كشف الحقيقة حتى يستفيد منها الناس وهم ينشدون انتقالا سلميا للسلطة يضع مصر وغيرها من دول الربيع العربي في مصاف الدول الديمقراطية، ويضع المنطقة العربية بأكملها في المكان المناسب حيث الحرية والعدالة والديمقراطية والتنمية. سيظل الرئيس الشهيد مرسي أحد أبرز وأهم أيقونات الربيع العربي لتمسكه بروح وجوهر ثورة يناير المجيدة، ولصموده الأسطوري في معتقله غير الإنساني. إن المكانة التي تليق برئيس مثل مرسي هي تلك المكانة التي نضع فيها عظماء التاريخ وقادة العالم الذين اختاروا المواجهة وعدم التنازل عن قيمهم ومبادئهم ومناهضة الباطل بكل صلابة لا تلين. لقد عبّرت عن موقفي بوضوح في مناسبات كثيرة إزاء استشهاد الرئيس مرسي، واليوم أكرر هذا الموقف: إن ما حدث له كان أمرا مدبرا، ويجب أن يُفتح تحقيق دولي لكشف الحقيقة، وحتى لا يفلت القاتل من العقاب، وهذا واجب المجتمع الدولي الآن ويجب أن تأخذ العدالة مجراها، وأن يكون هناك تحقيق دولي يكشف ما الذي حدث للرئيس الشهيد مرسي داخل معتقلات الانقلاب العسكري في مصر بقيادة الانقلابي عبد الفتاح السيسي. إن سيرة الرئيس محمد مرسي جديرة بالتأمل والإعجاب. الرجل الذي خاض معارك ضد الفساد والتسلط ودخل السجن مرات عديدة. هذا الرجل الذي آمن بالناس وبأنهم يستحقون العيش الكريم في دول ديمقراطية تنعم بالحقوق والحريات، لم يفقد إيمانه أبدا بأي من تلك القيم، حتى وهو في سجنه الانفرادي، بل ظل ثابتا على موقفه ضد القمع والانقلاب، ومنحازا للحرية والديمقراطية والربيع المصري والربيع العربي حتى آخر يوم في حياته. اليوم ونحن نحيّي الذكرى الأولى لوفاة مرسي، نتذكره رئيسا حكيما شجاعا ورمزا للربيع العربي لم يهن أو يخن أو يبدل تبديلا. إن الشعوب لا تتخلى عن أحلامها، والشهداء لا يموتون، والثوار لا ينسون الثورة، الربيع العربي مستمر والثورة المضادة تلفظ أنفاسها وستتهاوى عروش كثيرة للمستبدين ونحن على العهد والوعد باقون في كفاحنا العظيم في سبيل الحرية للعبور بشعوبنا إلى ضفاف الحرية والكرامة، ذلك قدرها وقدرنا، وإما أن ننتصر أو ننتصر. إما أن ننتصر أو ننتصر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...