كلمات
كلمة الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان في الذكرى الرابعة لمجزرة جمعة الكرامة
ألقت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان في الذكرى الرابعة لمجزرة جمعة الكرامة فيما يلي نصها:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أيها الأحبة ..يا أبناء شعبنا العظيم، الحر والكريم .
أربعة أعوام مضت على ذكرى جمعة الكرامة ١٨مارس٢٠١١، تلك المجزرة والملحمة التي ستبقى في وجدان التاريخ.. وفي ضميرِ الشعب اليمني مصدراً لا ينضب من الإلهام في الانتصار للمبادئ والقيم والتضحية في سبيلهما .
أربعة أعوام من اندلاع ثورة فبراير العظيمة، الثورة الشبابية الشعبية السلمية، وخوضها معركة غير متكافئة مع آلة قتل عمياء، كان القتلة قد استعدوا فيها بما يكفي من الرصاص الحي ومختلف آلات القمع والكراهية، فيما الذين قرروا النضال السلمي من أجل الحرية والكرامة كانوا مستعدين للتضحية في درب كفاحهم السلمي للخلاص بشعبهم نحو ضِفاف الحياة الحرة والكريمة في ظل دولة مدنية ديمقراطية ووطن عظيم يتسع للجميع.
فجر الشباب من أجلِ تلك الغاية ثورتهم، ومَضوا مع أبناء شعبهم كافة يقدمونَ التضحياتِ بالتزام أخلاقي ووطني عظيم ، من أجل مبادئهم ومستقبلهم الذي لم يكن على ما يرام.
كانت لحظات صعبة للغاية، لكنها أكدت عظمة الثورة ونبل أبطالها وشهدائها، فقد اقتحم العشرات من الشباب بصدور عارية، وإيمان أسطوري، وشجاعة نادرة تحصينات القناصة، فهدموا الجدار ،وأسقطوا شرعية المخلوع للأبد.
في تلك الأثناء، بدا النظام الذي ثاروا عليه عاريا وخائفا.
نعم، القتلة يخافون يا أنور الماعطي، ويا عيسى الشامي، ويا عوض السريحي ، ويا محمد ، ويا جمال، ويا خالد، ويا أسامة، ويا صلاح، ويا ناظم، ويا نشوان، ويا تفاحة، ويا زينب ، ويا ياسمين ، ويا عزيزة، ويا سليم الحرازي ويا جميع شهداء وجرحى جمعة الكرامة، وشهداء وجرحى الثورة الشبابية الشعبية السلمية في كل أيامِها العظيمة .
أيها الأحبة:
على مدى تاريخ اليمن المعاصر، كان هناك قتلى وضحايا وأبرياء يسقطون نتيجةَ الصراعِ على السلطة، أو نتيجة حروب عبثية، ولم يكن ذلك في الأغلب الأعم يشكل حدثا مهما أو يثير غضبا من أيِ نوع.
لسنين طويلة كان القتلة يتمتعون دائما بكل أنواع الحصانات.. بعد مجزرة جمعة الكرامة ، أشار الجميع إلى القاتل الذي بدا مصدوما وغير مصدق أنه يمكن في لحظة مثل تلك أن يخسر كل شيء.
أحد دروس جمعة الكرامة أنه ما من حدودٍ للحق، وأنه مهما بدا الباطل قويا وثقيلا، فإنه سرعانَ ما يبين عن هشاشة وعن ضعف وهوان.
علينا دائما أن نكون مستعدين لدفع الثمن ذاته الذي دفعه أبطال جمعة الكرامة، الذين لم يقدموا أرواحهم رخيصة كي تظل اليمن رهينة نزوة شخص مريض بالانتقام، أو فئة تعتقد ظلما أنها وحدَها من يحق لها أن تحكم ، وما دونها ملزم بالرضوخ لمشيئتها وحسب .
علينا جميعا أن نستلهم روح جمعة الكرامةِ في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخنا، فهناك من يقاتل اليوم لجعلنا بلا كرامة وبلا حرية وبلا وطن.
علينا حين نمضي في هذه الطريق أن نستمر في نضالاتنا بروح الشجاعة والمسالمة نفسها .
أعرف أن هناك من يتساءل هل يجب أن نظل مؤمنين بالنضال السلمي تجاه هذا القبح المدجج بالسلاح والقوة والاستعلاء؟ !.
كثيرون لديهم إجابات متعددة، بالنسبة لي، هناك إجابة وحيدة، نعم، يجب أن نسعى بكل قوتنا لعدم استسهال العنف والحرب، أؤكد لكم أن هذا الأمر وإن بدا صعبا إلا أنه دائما ما يأتي بنتائجَ مثمرة .
لنتذكر سويا، حين واجه الشعب اليمني العظيم العنف باللاعنف، واستقبل رصاص بلاطجة علي صالح بصدوره العارية الخالية من الأحقاد، والعامرة بالحب والسلام، استشهد المئات، وجرح الآلاف، كان الشعب اليمني في هذه اللحظة يصنع ملحمة أسطورية تاريخية، قد لا يكون لها نظيرا في التاريخ الإنساني.
لقد فر البلاطجة بعد أن شبعوا من القتل واندفع الحالمون اليمنيون العظماء يجوبون شوارع العاصمة والمحافظات الأخرى ،ويشهدون سقوط مشروعية نظام علي صالح، فاستقال جل السفراء وانضم للثورة الأخلاقية الوزراء وكثير من قيادات الدولة ، وكسبت الثورة تعاطفا وانحيازا عالميا غير مسبوق.
قلنا للعالم بوضوح: إن من يقتل شعبَه يفقد مشروعيته، قلنا للعالمِ أيضا: إن من ينهب خيراتِ شعبه، لصالح العائلة والعصبة يفقد شرعيته ويستحق ألف ثورة وثورة.
أيها الشعب اليمني العظيم .. أيها الحالمون المناضلون الصابرين الصامدين:
لقد كانت ثورة فبراير حاجة وضرورة وطنية ملحة لا مفر أمام أبناء شعبنا من خوضها إذا ما أرادوا حياة حرة وكريمة وإذا ما أرادوا وطنا ديمقراطيا للجميع يعيشون فيه مواطنون متساوون أحرار.
عشية الثورة كان المخلوع قد أكمل مشروعه التقويضي للدولة اليمنية، قوض كل فرصة في النموِ خلال ثلاثة عقود، وخلفها دولة متخمة بالمشكلات والمعضلات وأسباب وعوامل الفشل التي تحتاج إلى جهود عظيمة لمعالجة أثارها المدمرة.
تقول تقارير الخبراء الدوليين المكلفين بحصر وملاحقة ثروة المخلوع إن ما استولى عليه فقط من عائدات النفط والغاز، ومن صفقات مشبوهة ألحقت أضرارا فادحة بالاقتصاد الوطني بلغت مابين ثلاثين إلى ستين مليار دولار حسب لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة.
الآن، بهذه الأموال.. يقوض علي عبد الله صالح حلمكم مجددا، يمول التمرد على الدولة، ويدعم كل عمليات هدمها، ويمضي مدفوعا برغبة مريضة في الانتقام من الشعب الذي أسقطه ، ونسف حلمه بالمستقبل الحر و الكريم ، وبالدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، دولة الحرية والكرامة، دولة العدالة والمواطنة المتساوية ، دولة السلام والتنمية ، دولة المساءلة وحكم القانون .
إن شعبا يعيش جله دون حدود الكفافِ، يمتلك رئيسه المخلوع كل هذه الثروة، ويمتلك أقاربه ومساعدوه ما يربو عليها بحسب التقرير الرسمي الموثق للأمم المتحدة، هو شعب مظلوم يتعين عليه المضي في الثورة لنيل الكرامة والحياة الحرة.
نعم صنع الشعب اليمني العظيم برجاله ونسائه .. بشبابه وشيوخه وأطفاله، بشرقه وغربه .. بشماله وجنوبه ..بالناس في الأرياف.. بالناسِ في المدنِ، في الصحاري في الوديان والسهول والجبال.. صنعوا جميعا الثورة السلمية الأخلاقية العظيمة.
نعم لقد أسقط هذا الشعب العظيم شرعية ومشروعية علي صالح، هذه الحقيقة لا يغير منها أن المخلوع تمكن خلال الفترة الانتقالية، مستفيدا من الحصانة، ومن الثروة التي نهبها على مدار حكمه العبوس.
ومن الأخطاء التي وقعت بها السلطة والأحزاب السياسية، بالسماح له بالعودة قائدا عاما للخراب، ومهندسا لاحتلال صنعاءَ من قِبَل مليشيات قادمة من الكهوف !!
سيذكر التاريخ، أن المخلوع علي صالح هو من فتح أسوار العاصمة، ومخازن سلاحه وعتاده، أمام تلك الميليشيات لتأخذ ما تشاء، وتدوس على كرامة الجيش، وكرامة الوطن كيف تشاء ..
قاد المخلوع كلَ هذا الخراب حتى يقال أن من جاء بعده فرّ من العاصمة المفخخة بالقتلة والمؤامرات ..
أيها الأحبة ... يا أبناء الشعبِ اليمني العظيم:
تأتي الذكرى الرابعة لمجزرة الكرامة ووطننا يعيش صراعا مريرا بين ثورة فبراير الشبابيةِ الشعبيةِ السلمية، وقوى الثورة المضادة التي احتلت العاصمة ومحافظاتٍ أخرى ، واستولتْ على المؤسسات المدنية والعسكرية بالقوةِ، وهي مصرة على المضي في مشروعها لإسقاط اليمن لصالحِ مشروعها العصبوي الطائفي ، الذي يصادر حلم اليمنيين في دولة الحرية والكرامة، دولة العدالة والمساواة، دولةِ الديمقراطية والحكم الرشيد المؤسس على حكم القانون .
يسود شعور خادع أن الثورة قد انكسرت وفشلت، وأن مشروعها العظيم قد لفظ أنفاسه، يأتي هذا القول إما نتيجة عن الإحباط والألمِ من الخذلان، أو أن مصدره الثورة المضادة التي أحدثت كل هذا الخراب وصنعت كل هذا الفشل .
أيها الأحبة:
يمكن القول إن الثورة المضادة قد أفلحت في إعاقة الانجاز ونجحت في تقويض أسس العملية الانتقالية، لكن ذلك نجاح مؤقت وزائف ومضلل، ستطويه نضالات شعبنا المناضل والمكافحِ والمقاوم في كل سهل ومدينة وجبل ..في أرجاءِ وطننِا الغالي، وحتما سوف ينتصر الشعب اليمنيُ العظيمُ على الثورةِ المضادةِ بشقيها المخلوعِ علي صالح وميليشياتِ الحوثي المسلحة ، لأن هذا الشعب يملك حبا حقيقيا لليمن، ومشروعا وطنيا جامعا، وليس لديه الرغبة في الانتقام والاستحواذ والهيمنة .
ولأن ثورة فبراير الشبابية الشعبية السلمية تملك ضميرا أخلاقيا , وروحا تواقة للحرية والكرامة , والتزاما أخلاقيا في النضال والتضحية من أجل هدف نبيل متمثل في بناء دولة مدنية حديثة وعادلة، في حين تسعى الثورة المضادة من خلال استخدام العنف والحرب والتفجير، مدفوعة بأوهام العودة لحكم اليمن والسيطرة عليها إلى بناء نموذج دولة منبوذة قائمة على التمييز الطبقي والطائفي والمناطقي.
يا أبناءَ شعبِنا اليمني العظيم:
نجحت ايران في إسقاط صنعاءَ عاصمة اليمنيين التاريخية، بواسطةِ أدواتها، بواسطة المخلوع وميليشيات الحوثي كما يقول ملاليها وساستها وقادتها العسكريون، في غمرة الانتصار الخادع، أعلن ساسة طهران أنهم غدوا سلاطين البحر الأحمر، مؤكدين أن صنعاء رابع عاصمة عربية تحتلُها طهران.
تؤكد المواقف الإيرانية أن الصراع على هذا النحو ، صراعَ وجود بين الهوية الوطنية وبين التبعية لمشروع غازٍ استكباري بين الدولة الوطنية المستقلة والمستقرة وصاحبة السيادةِ، وبين التبعية والعمالة والارتهان لمشروع فارسي يتم بناؤه على أنقاض هويتنا الوطنية والقومية.
بغداد ودمشق وصنعاء ..ليست مجرد مسميات لأمكنة عادية معزولة عن مخزون حضاريٍ هائل، وعن ميراث عظيم من السيادة والريادة والمجد، بل هي قلاع للحضارة والكرامة على أسوارها تقبر الامبراطوريات، وتتهاوى مشاريع الغزو والسيطرة والاستكبار العابر للقوميات والحدود.
إن ساحة النضال واحدة وممتدة، لذلك ليست مصادفة أن يصطف مرتكبو مجزرة جمعة الكرامة مع أقرانهم في عواصم الربيع العربي، تحت الراية الإيرانية المسكونة بتكوين امبراطوريةٍ فارسية في المنطقة العربية.
هذا التدخل الإيراني، يجب أن يستنهض كلَ ما لدينا من مخزون أخلاقي وانتماء وطني ويستدعي كل ما نملك من موروث حضاري موغل في العراقة والقدم، ويستحث كل ما يسكننا من انتماء قومي عربي، يقول لنا ليل نهار: إن اليمن مهد العروبة وإنها أصل الحكاية، وإنها بيت العرب وعزهم وشرفِهم ..
يجتمع كلُ ذلك لدينا اليوم ليمدنا بإصرار عظيم للمضيِ في كفاح سلمي أخلاقيٍ عظيمٍ ومثابر، لإسقاط مشروع المخلوعِ والحوثي، ومِن خلفهم أطماع إيران التوسعية الغازية لسيادة الشعوب المقوضة لاستقرارها، نمضي متسلحين بالحلم، وتوقنا العظيم للحرية والكرامة للذود عن هويتنا الوطنيةِ لحماية سلمِنا الاجتماعي، وللدفاع عن روابط العيش المشتركِ والانتماء الوطني الجامع .
أيها الأحبة، أيها الشعبُ القوي .. الصابر والمرابط والمناضل:
إنها معركةُ وجود بكلِ تفاصيلها وأبعادِها، إما أن يكون اليمن الديمقراطي، وإما يمن السيدِ ومراكز النفوذ فالجميع يعدهم عبيداً ورعايا .
إما اليمن الموحد، أو اليمن المنفصل المنقسم إلى شمال وجنوب في أحسن الأحوال، وإلى "كنتونات" ودويلاتٍ عديدة يأكل بعضُها بعَضا ويقوض بعضها بعضاً آخر.
إما اليمن المستقل والمستقر وصاحب السيادة أو يمن ملالي قُم وسياسيِّ طهران، يمارسون فيه وعبره ما طاب لهم من التبعيةِ والهيمنة.
إما دولة لكلِ اليمنيين أو دولة العصبة والطائفة والمركز.
إما الشراكة العادلة في السلطة والثروة، وإما فيد السيد وغنائم المتنفذين ..
لسنا نقول هذا مدفوعين بنزوة مناطقية أو تعصب طائفي أو كراهيةٍ جهوية أو عصبوية، أو متأثرينَ بمشاعرِ الكراهية وبالرغبةِ في الانتقامِ من المخلوعِ ونظامِه ، الذي استهدفت إسقاطه ثورة فبراير العظيم، نحن نقول ذلك إنصافا للحقيقة، ولكي نضعَ النقاط على الحروف والأمور في نصابِها، فهذا أفضل من رسائل الاستعطافِ التي لن تجدي نفعا ..
في الحقيقة، نحن لا نتحدث عن الماضي الذي استحوذوا فيه على كل أحلامِ اليمنيين وفرصِهم وحقوقهم في الحياةِ الحرةِ والكريمة، بل نتحدث عن الحاضر الذي مضوا في تدميره، مستغلينَ كل ما جنوه وراكموه من مال ونفوذ، ومن ضعف وهشاشة في السلطة الانتقالية، نحن نتحدث عن المستقبل الذي يريدون ويعملون على أن يكون مفتوحا على الجحيم فحسب .
إخوتي وأخواتي ... أيُّها الأحبة ... يا أبناءَ الشعبِ اليمني العظيم
في هذه اللحظة الدقيقة التي تمرُ بها بلادُنا، نجد من المهم توجيه مجموعة من الرسائل الهامة :
إلى الرئيسِ عبد ربه منصور هادي:
نحييك على الرغمِ من كلِّ مشاعرِ الرفضِ والخيبةِ التي أبديناها تجاهك وتجاه سياسِاتك في الفترةِ الماضية.
نحيي فيكَ روح المقاومة والالتزام الوطني وأنت تغادر منزلك المحاصر في العاصمةِ المحتلة برغم كل ما ينطوي على ذلك من مخاطرَ تهددُك في كلِ متر قطعته صوب عدن، ولا تزال .
لقد وفر خروجك إلى عدن فرصة حقيقية لمواجهة مشروع المخلوعِ وميليشيا الحوثي، في السيطرةِ على الدولةِ والسلطةِ بالقوة .
لقد استقبل شعبنا هذه المغامرة البطوليةَ في فرحٍ وأملٍ كبيرين، مانحا إياك فرصة جديدة لتنجز مع أبناءِ شعبِنا ما فشلت عن انجازه، أو ما عجزت عن انجازه، أو عن ما حيل بينك وبين انجازه .
انحيازنا لك اليوم ودعوتنا للوقوف معك مدفوع بفهم عميق لطبيعة الصراعِ الذي لا نريده أن يكون أهليا طائفيا بين ميليشياتِ ومناطق، بل بين الدولةِ ومتمردين عليها، ينازعونها السيادةَ والسيطرة.
يجب عليك أخي الرئيس أن تتخذ سريعا ودونَ تأخير أو تقطير أو تأجيل ،ما تراه من الأساليب الضرورية واللازمة لبسطِ نفوذ الدولة وحماية مؤسساتِها ومواطنيها من تنكيل الميليشيات وعدوانِها .
إلى اشقائنِا في دولِ الخليج العربي:
نقول مجددا ..إذ تضعُ طهران قدمها في صنعاء، فإنها تضع عينيها صوب الرياض وما جاورها من عواصمَ لم تسقطْ بيدِها بعد، وهي إذ تحتل صنعاءَ وتسعى لاستكمال احتلال اليمن تجعل من ذلك وسيلة لاحتلالِكم، وهي لا تخفي ذلك .
نقولُ ما تعلمون هنا، دونَ أيِ تضخيم ودون أدنى مبالغة أو أوهام !!!
هذا ليس تحديا داخليا من غير اللائق استدعاء الخارج لمواجهتِه، إن شعبَنا يتعرضُ للتقويضِ من قِبَلَ مشروعٍ إقليمي يستهدفُكم بالقدْرِ ذاته، نحن هنا ندعوكم لمساندةِ الشعبِ اليمني لتقدموا معروفا لشعوبِكم ودولِكم .
يهمنا التأكيد هنا ،أننا لا نستبدل مشروع الغزو والهيمنة الإيراني بمشروع هيمنة وغزو آخر، نطالب فحسب بالشراكةِ للدفاعِ عن المصالحِ المشتركةِ، والتصدي للمخاطر المشتركة؛ شراكة يقدم فيها كلُ الأطرافِ كل ما لديهم دون إخلالٍ باستقلال الآخر، ودون أن ينتهك سيادتَه، شراكة: الهدفُ منها توفير الاستقرار لليمن والمنطقة.
إلى المبعوث الأمميِ ورعاة العملية الانتقالية التي قوضتها الميليشيات:
نحتفظ لكم بالاحترام والتقدير لأنكم عملتم جاهدين على إنجاح العملية الانتقالية وتمنيتم لو أنكم تنجحون، وأن لا يتمكن المعرقلون ومقوضوا العمليةَ الانتقالية من نسف جهودكم وإفشالِها، نتفهمُ رغبتَكم النبيلة، لكن لا يمكننا أن نفهم تهربكم من الاعتراف بأنكم أُفشلتم، وأن جهودكم قُوضت، وداست عليها جحافل ميليشيا الحوثي والمخلوع علي صالح .
ندعوكم أن لا تسعوا لترتيب تقاسم السلطة واستبدال صيغة جديدةٍ لها!!! قبل أن تتخلى تلك المليشيات عن احتلالها للمدنية واستيلائها على أسلحة الجيشِ والمؤسساتِ العامة، وإلا سيكون إقراراً منكم لانقلابها ومباركة له ... بل ومنحه المشروعية والشرعية .
نحن لا ندعوكم لاستخدام البارجات، أو استقدام القاذفات لقتال الميليشيات، نطالبكم فحسب باتخاذ عقوبات واضحة وأكثر صرامة ضد معرقلي العمليةِ الانتقاليةِ ومقوضيها، نطالبكم باتخاذِ الخطواتِ اللازمةِ لمنعِ إيران من تحويلِ اليمن لمخزن سلاح طائفي وساحةِ حرب مدمرة.
إلى المخلوعِ علي صالح:
اليمن ليس شيئا من متعلقاتِك الشخصية، اليمن بلد كبير وتاريخ عريق، وكان بإمكانك برغم كلِّ شيءٍ أن تكونَ مساعدا في إنجاحِ العمليةِ الانتقالية!!
رغمَ كلِّ شيءٍ، كان بإمكانِك أن تغسلَ فشلَك في بناءِ دولة حقيقية على مدارِ حكمِك العبوس الممتدِ لثلاثة وثلاثين عاما، من خلالِ الاستفادةِ من الحصانة والعملِ على إنجاحِ العمليةِ الانتقالية، لكن اصرارك على الانتقام، جعلك بيدقا صغيراً في احتلال عاصمة بلادك من قبل مشروع غريب قادم من خلفِ الحدود، يا لها من نهاية مأساوية، والقادم أكثر سوءاً .
إلى عبد الملك الحوثي وميليشياته:
ندعوك مجددا إلى العيشِ المشتركِ، والى دولةِ جميعِ اليمنيين الذين يعيشون حياتَهم المشتركةَ متساوون دون غلبة أو إكراه، أعد ما لديك من أسلحة للدولة، وتخلى عن احتلالك للعاصمةِ والمحافظاتِ اليمنية، وتحولْ مع ميليشياتك إلى جماعةٍ سياسية، في اليمن متسع للجميع وفيها من الوفرة ما يكفي الجميع.
لعل أن من اعتاد على العنف والغلبةِ لتحقيقِ أهدافِه يصعب عليه أن يتخلى عن أدواتِ البطشِ والقوةِ، وأن من يمتلك النفوذَ والسيطرةَ بالقوة ليس من السهل عليه أن يقبل طوعا مختارا التخلي عنها.
نعلم أن هناك من إغراءاتِ الدعمِ الإقليميةِ ما تجعل من سلطةِ ونفوذِ واستحواذِ ميليشياتِك على الدولةِ اليمنية، مصدراً دائمَا لتقديمِ الدعم غيِر المشروطِ، وجلبِ المزيدِ من المصالحِ لك ولجماعتِك،
نعلم كلَ ذلك، لكن كل ذلك مصالحُ غير مشروعةٍ، وسيطرة غير طبيعية، فمن استحوذتَ على حقوقهم بالغلبة سيظل لديهم قضية يلاحقونَك عليها.
سيلاحقونَك ويكافحونَ من أجلِها !!
ومن أقصيتهم بالقهرِ سيعاودون الكرة، ومن قوضت دولتَهم سيستعيدونها ، وستجد نفسَك أمامَ غضبِ واستحقاقاتِ شعبِ يمنيٍ عظيم .
إلى إيران:
ننتمي إلى أمة إسلاميةٍ واحدة متعددةِ القوميات متنوعةِ المذاهب، ندعوكم إلى احترامِ هذا التعددِ والتنوعِ والشراكةِ لتحقيقِ مصالح أمتنا الواحدة دون استحواذ وسيطرة.
كل ما تقومون به من تقويضٍ لسلمِ الدولة اليمنيةِ واستيلاءٍ عليها مهما كانت شعاراته وعناوينُه، ومهما كانت نتائجُه كارثية علينا، إلا أن الخرابَ سيمتد إلى دياركم سواءً بسواء .
إلى الشعبِ اليمني العظيم .. إلى الشعب اليمني الحر الأبي الكريم .. إلى أمتنا اليمنيةِ الواحدة .
سنرفض الحربَ والاقتتال الأهلي على الدوام، هذا هو التزامنا الثوري والأخلاقي والوطني، أردناها ثورةً سلمية خالصة من أجلِ وطنٍ ديمقراطي مدني حديث . صحيح أن مشاريع العنف والميليشيا المسلحةِ التي تحتلُ عاصمتَنا هي الأعلى صوتا الآن، لكن سنستمر في مقاومتنِا السلميةِ من أجلِ وطن ديمقراطيِ للجميع ،،هذا قدرُنا .
إن شعبا تعرض لكل هذا التدميرِ الشاملِ وما يزال على صموده وتماسكِه، مصر على النضالِ من أجلِ تحقيقِ حلمِه وطموحاتِه، لهو شعب عظيم لن ينكسر ولن يُقهرَ، وسننتصر.
لكم التحية أيها الأحبة حيثما كنتم في وطننِا الكبير وأينما حللتم في أرضِ اللهِ الواسعة.
ستظل أسماؤكم وضمائركم وقلوبكم وهتافاتكم ضدَ الظلمِ، مصدر إلهامٍ وفخرٍ واعتزاز من قبلِ جميعِ اليمنيين، وسيذكرُكم التاريخُ كأبطالٍ مختلفين، واستثنائيين ..
وعهدا على دربكم أنّا سائرون .. حتى نحقق الحلم الذي مضيتم ومضينا معكم لأجلِه .
دولةَ كلِ اليمنيين
دولةَ العدالة
دولةَ الحرية
دولةَ الكرامة
دولةَ المواطنة المتساوية
دولةَ السلام
دولةَ الحبِ والعيشِ المشترك
دولةَ التنميةِ والرفاه
دولةَ العلمِ والمعرفة
دولةَ الديمقراطيةِ والمساءلةِ وحكمِ القانون .
عهداً بأننا لن نتراجعَ عن حلمِكم وحلمِنا قيدَ أُنملة، وعهدا بأننا سنحققه.
الخلود للشهداءِ، الشفاء للجرحى، النصر للشعبِ اليمني العظيم .
وإنها لثورة سلمية حتى النصر ... حتى النصر ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركات