كلمات
كلمة الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان بعنوان: الله عدو الارهاب. في المؤتمر الدولي حوار الأديان طريق للسلام - ايطاليا
الله يرفض الإرهاب..- هناك رغبة متنامية في تحميل الأديان الإبراهيمية مسئولية الإرهاب وصراع الطوائف. في حين أن الطوائف عناوين سياسية أكثر منها عناوين دينية.
وفي حين أن بعض فلاسفة حقوق الإنسان يقولون إن حقوق الإنسان وحرياته ليس لها أصل مادي، وإن أصلها الوحيد هو الدين. لأن مبدأ المساواة الذي تقوم عليه ليس مبدءا طبيعياً، فالطبيعة تقوم على التفاوت وعدم المساواة، والدين وحده هو الذي يؤكد هذا المبدأ. مما يعني إنه لا يمكن تبرير حقوق الإنسان بلا مبدأ المساواة، ولا يمكن تبرير مبدأ المساواة بلا دين. فكيف يقال إذن إن الدين هو سبب العنف والإرهاب؟!.
- الله قبل أن يكون مقولة دينية هو فكرة في العقل الإنساني، فكرة الكائن المثالي الكامل المحب لمخلوقاته. صحيح أنه خالق الخير والشر لحكمة قد تدركها فلسفة اللاهوت، لكنه يريدنا أن نمضي في طريق الخير لا في طريق الشر، لأنه طريق البناء والنمو الذي يليق بالإنسان.
- الله - وفقا للمنظور الإسلامي - لا يسمح باستخدام العنف إلا للضرورة الاستثنائية، هي ضرورة رد العدوان أو ضرورة حماية حقوق الإنسان، التي قد تأخذ شكل الحرب على الأنظمة المستبدة.
- كل حروب النبي محمد – عند تحقيقها بصورة جيدة – كانت حروباً من أجل التحرير ورد العدوان ولم تكن حروبا توسعية أو بدوافع دينية. ولقد أساء كثير من المسلمين وغير المسلمين فهم هذه النقطة لأنهم قرأوا نصوص الحرب في القرآن خارج سياقاتها التاريخية، ودون وضعها في سياق "نظرية العنف في الإسلام".
- كل الرسالات السماوية حثت على السلام. فقد حملت التوراة رسالةَ: "لا تقتل"، وبشرالانجيل "طوبى لصانعي السلام"، ودعى القرآنُ : "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة". ويحذر " أن من قتل نفساً فكأنما قتل الناسَ جميعاً ". ). و"يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين" و"إن جنحو للسلم فاجنح لها وتوكل على الله"
أيها الأعزاء:
لم يشرع الإسلام العنف خارج هذين الحدين: رد العدوان، وضمان حماية حقوق الإنسان. وحتى تلك الحالات التي تبدو وكأنها مخالفة لهذه الحقيقة هي في الحقيقة متسقة معها. فما يسمى بالفتوحات الإسلامية – أثناء وبعد وفاة النبي محمد بقليل – كانت تأخذ منحى تحريري للشعوب الواقعة تحت نير احتلال الدول الكبرى آنذاك. (مصر والشام آنذاك)
- مثلما أن المسيحية قد اتهمت بالتحريض على الحروب الصليبية وهي بريئة منها، كذلك الإسلام اليوم يتهم بالتحريض على العنف مع أنه بريء منه. فالذين حرضوا على الحروب الصليبية لم يكن لديهم نصوصا صريحة من الكتاب المقدس تأمرهم بذلك. والذين يمارسون الإرهاب والعنف باسم الإسلام لم يحسنوا فهم الخطاب القرآني. لافتقارهم إلى نظرية العنف في القرآن. مما جعلهم يضربون نصوص القرآن بعضها ببعض.
أيها الأعزاء ..
كما أن العدل والسلام وجهان لعملة واحدة . فالاستبداد والارهاب كذلك وجهان لعملة واحدة ، و اريد ان انبهكم إلى ان السلام داخل الدول لا يقل اهمية عن السلام بين الدول، وأن أسوأ انواع الحروب هي تلك التي يشنها المستبدون ضد شعوبهم،
قتل نظام بشار الاسد مئات الآلاف وشرد ونكل بالملايين خلال اربع سنوات من الثورة .. الشعب السوري يعاني من إرهاب الدولة وارهاب المنظمات الارهابية .. داعش هي الوجه الآخر لأنظمة الاستبداد ، صُنِعت وفُرِّخت واستنسخت من قبل أنظمة استخبارات لضرب خصومهم السياسيين ، لقطع الطريق امام حركات التغيير.
يؤسفني القول ان الخذلان الكبير والتآمر الأكبر الذي تعرض له حلم شباب الربيع وثوراتهم السلمية، ادى الى استبدال الربيع العربي السلمي بربيع داعش العنيف.
واليوم يتم تخيير الشعوب بين خيارين ظالمين اما الاستبداد واما الارهاب ، من يفعلون ذلك متحالفون بعلم ودون علم مع بقايا الانظمة المستبدة والفاشلة والفاسدة التي استهدفتها ثورات الشباب العربي.
امام هذين الخيارين الظالمين هناك خيار ثالث نحن من يختاره انه خيار الكفاح السلمي المدني المستمر لبناء الديمقراطية وتحقيق الحرية والكرامة والاصلاح الديني على انقاض الاستبداد والارهاب وسوف نمضي في هذا الطريق الشاق حتى يتحقق الحلم ويعم العدل والسلام.