كلمات
كلمة الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان في مهرجان تسلمها جائزة الحرية السنوية 2016
السيدات والسادة المحترمون...إنه لشرف كبير لي أن أكون بينكم اليوم، أثق أننا نتشارك ذات الايمان بالقيم الانسانية الاساسية في هذه الارض، وفي مقدمتها القيمتين العظيمتين الحرية والكرامة، فخورة بهذا التكريم..
ذلك يبعث لدي عزماً متزايداً للمضي قدما في كفاحنا العظيم في سبيل الحرية والكرامة ومعي شباب كثيرون نتشارك ذات الحلم وذات الجسارة في الكفاح في سبيله.
أقبل هذه الجائزة باسمي وباسم الشباب اليمني والعربي الذي امتلك الحلم بالحرية والكرامة ..الضائق من دولة الفرد والعائلة وحكومات الاستبداد والفساد والفشل، والمتطلع لدولة العدالة والمساواة والقانون.
أعزائي..
في الرابع من أبريل 1968 استقرت رصاصة غادرة في رقبة مارتن لوثر كنغ أودت هذه الرصاصه بواحد من اعظم الشخصيات الانسانية الاستثنائية الملهمة في التاريخ الانساني، كان كنغ يستعد لمخاطبة الجماهير عن أهمية ما يقومون به في مواجهة التعصب والعنصرية ، مات كنغ، لكن كلماته ظلت تلهم الملايين ليس في أمريكا وحسب، ولكن في العالم، بأهمية النضال السلمي من أجل نبذ العنصرية والكراهية.
بعد نحو خمسين عاما من رحيله الأليم، لاتزال روح كنج الحية تجوب كل بقاع العالم تستحثنا للتمسك بذات الحلم ومواصلة ذات الكفاح .. حيثما وجدت هناك عنصرية .. وحيثما حل هناك تعصب، تدعونا روح كنج الى ضرورة مواصلة الطريق، والى اهمية أن يصبح العنصريون منبوذين في هذا العالم، والعنصرية يجب أن تتحول لجريمة يعاقب عليها القانون في كل مكان.
عندما نقرأ الأسباب التي دعت مارتن كنغ لأن يختار طريق الحرية ومناهضة العنصرية، ندرك أنه في أحيان كثيرة لا تتغير الأمور بالصورة التي نتمناها، فما تزال العنصرية والعنصريون يمارسون إهانة الحياة كل يوم، وقتل الإنسانية كل لحظة في مناطق مختلفة من العالم، صحيح أن الأمور صارت أفضل مما كانت عليه قبل سبعين عاما مثلا، لكن العالم لا يزال فيه عنصريون ومستبدون، بالنسبة لي لا توجد حدود فواصل بين أن يكون الشخص عنصريا وبين أن يكون مستبدا، في نهاية الأمر، العنصرية والاستبداد يحتاجان لكليهما، وهذا ما يجعلنا أكثر انتباها، ونحن نحارب الاستبداد والعنصرية معا.
اعزائي..
قبل نحو ست سنوات، وتحديدا في مطلع 2011 كان هناك أمل بالتغيير، لقد قدم شباب وشابات الربيع العربي صورة مشرقة عن الكفاح السلمي في مناهضة دول بوليسية اعتادت الاجرام وادعاء الوطنية، لقد امتلأت الشوارع والساحات بالجماهير من كل الاعمار، لقد كان مشهد الجماهير التي تطالب بالحرية والقضاء على الاستبداد وما يمثله من قمع وفساد وعنصرية مهيبا ومؤثرا، لدرجة أن كثيرين من المهتمين في انحاء العالم عبروا عن اعجابهم بكفاحنا السلمي العظيم في سبيل الحرية. وغيري ممن شاركوا في هذا الحدث التاريخي الكبير ندرك أن هناك مسؤولية تقع على عاتقنا حتى ونحن نهدم هذه الفاشيات السلطوية في بلداننا.
في بلدي اليمن تم الغدر باعظم ثورة سلمية شهدتها المنطقة، غزت المدن ميليشيا الحوثي المتحالفة مع الرئيس المخلوع علي صالح والمسنودة بدعم كبير من النظام الايراني، وقوضت العملية الانتقالية التي انتجتها الثورة، وتسببت في حرب وكوارث لاحصر لها في البلاد..اليوم بعد عامين من الانقلاب والحرب اؤكد ان شعبنا سيتجاوز الانقلاب والحرب معا..وسيسقطهما معا وسيمضي لتحقيق الحلم النبيل الذي فجر من اجلها الثورة دولة الحرية والمواطنة المتساوية والديمقراطية وسيادة القانون.
في سوريا، مهما تعاظمت جرائم بشار الأسد فإن سوريا سترى النور والحرية في نهاية المطاف، لا يمكن لنظام متطرف أن يفلت من العقاب، سوف يحدث ذلك حتما. وفي مصر، لن يتمكن الانقلاب العسكري من وأد المدنية والديمقراطية مهما فعل، فكل التجارب تقول أن العسكر مهما بلغ درجة بشطهم لا يستطيعون مواجهة حركة النضال السلمية.
أعزائي..
الظلم في مكان ما يمثل تهديدا للعدل في كل مكان، هذا ما يقوله مارتن لوثر كنج، لذا يجب أن نتوحد جميعا ضد الاستبداد وضد الظلم وضد انتهاكات حقوق الإنسان، يجب أن نعمل جميعا من أجل قيمنا الإنسانية بكل اخلاص، فهذا يجعلنا أكثر أمنا وسلاما.
لم يعد الاستبداد شأنا خاصا بهذه الدولة أو تلك، لقد امتد خطر الاستبداد إلى الدول الديمقراطية من خلال تفريخ الإرهاب، نعم الإرهاب هو ابن الاستبداد الشرعي، لا ينتج المستبدون إلا الإرهاب والموت والجوع.
علينا أن ندرك أهمية أن نكون معا، عندما نتفرق يسهل على الأفكار الشريرة أن تنتصر علينا.
لديّ حلم مثل كنغ، وأظنكم مثلي لديكم هذا الحلم، أذن لنعمل من أجله بكل محبة واخلاص، هذا العالم يجب أن يكون حرا ليس فيه سادة أو عبيد، عالم يحترم الإنسان دون تمييز.
اخيرا ايها الاعزاء:
الجائزة مستحقة للشعب اليمني العظيم وكفاحه المستمر من اجل الحرية والكرامه هو من تسلمها اليوم ممثلا بأحد مواطنيه .. اهديها للشباب اليمني العظيم الذي امتلك الحلم وقدم لاجله اعظم ثورة سلميه في المنطقة ، ولايزال يمتلك هذا الحلم ، كما اتبرع بالمبلغ المادي من الجائزة والبالغ خمسين الف دولار لصالح جهود الاغاثة في تهامة، وعلى الرغم من ان المبلغ متواضع الا انه في جانبه الرمزي يمثل دعوة مهمة لكافة المهتمين من دول وقطاع خاص ومنظمات وافراد لتقديم كل مايستطيعون لاعمال الاغاثه في اليمن والتي باتت في امس الحاجة لها بفعل الانقلاب وماجلبه على البلاد من حرب وكوارث.