كلمات
كلمة الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان بمناسبة الذكرى السابعة لثورة 11 فبراير
ألقت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان كلمة بمناسبة الذكرى السابعة لثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية السلمية فيما يلي نصها:
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم الصابر والمصابر والمرابط..
الصامد أمام كل الآلام والمحن والحرب وتبعاتها وأهوالها ومآسيها..
أيها اليمنيون الأحرار .. يا من تجسدون أديم هذه الأرض الطاهرة وأصالة إنسانها وقوته وجلده، وتحمله وإيمانه بالحرية والكرامة والانتماء للوطن والأرض والقيم الإنسانية..
أحييكم بتحية الحرية والكرامة والثورة والمواطنة والعدالة
تأتي الذكرى السابعة لثورة الحادي عشر من فبراير المجيدة، واليمن ما يزال يكافح من أجل بقائه بلدا حرا سيدا كريما في وجه الأعداء الظاهرين، والأعداء المتخفين.
لقد فتحت ثورة فبراير أبواب الأمل أمام اليمنيين ليغيروا واقعهم البائس الذي صنعه المخلوع حتى يتم السيطرة عليهم وسرقة ثرواتهم ومستقبلهم.
جسدت ثورة ال 11 من فبراير تطلعات الإنسان اليمني للانعتاق والتحرر من الهيمنة التاريخية على السلطة والثروة والدولة والمجتمع والتي تجسدت في استئثار سلطوي عائلي وجهوي سلب الشعب موارده وقواه وثرواته وقوته ، مثله حكم علي عبدالله صالح بهوسه للسيطرة والانفراد بالسلطة واحتكاره لها في عصبيته وعائلته.
لقد عمد علي عبدالله صالح إلى تخريب وإضعاف مؤسسات الدولة، فلم يبقِ لنا ادارة واعية تدير موارد البلد بنزاهة وتخطط للمستقبل ، ولا قضاء نحتكم إليه في الخلافات، ولا جيشا يدافع عن البلاد في الشدائد!!
وعندما هبت رياح الحرية في ال 11 من فبراير 2011 كسر شباب الثورة السلمية الحاجز العتيق وأسقطوا رأس الفساد والاستبداد والفشل المخلوع علي صالح ، ومضوا واثقين نحو إقامة دولة العدل والخق والديمقراطية والقانون، غير أن الانقلاب الذي قاده صالح وميليشيا الحوثي المدعومة من إيران أدخل البلاد في صراعات وحرب مدمرة، وفتح الباب أمام التدخلات الأجنبية.
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم..
اليوم تزداد الأخطار التي تحيط ببلدنا نتيجة الجرائم والمؤامرات التي يرتكبها ما يسمى بالتحالف العربي، بقيادة السعودية والامارات في اليمن .
كثير من اليمنيين لم يكن لديهم مشكلة في البداية مع التحالف العربي الذي أعلن أنه سوف يساعد السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي في إسقاط الانقلاب ومساعدته في إنجاز ما تبقى من استحقاقات العملية الانتقالية على ضوء المرجعيات الثلاث، مخرجات الحوار الوطني، قرارات مجلس الأمن، واتفاقية نقل السلطة.
لكن مع مرور الأيام، اتضح أن التحالف يكذب ويمارس الخداع ويعمل على تنفيذ أجندة خاصة به لا علاقة لها بمساعدة اليمنيين، ولا دعم الشرعية، ولا بقرارات مجلس الأمن، بل تتعارض معها!!
أجندة غير مشروعة، تتمثل في إضعاف السلطة الشرعية وابتزازها، وفي منع الرئيس الشرعي وكبار مسؤوليه وقادة الأحزاب السياسية للبلاد من العودة إلى العاصمة المؤقتة وغيرها من المحافظات المحررة، ورفض تسليم الموانئ والمطارات والجزر في الأراضي المحررة والتي تشمل حوالي 70 % من الأراضي اليمنية، ودعم وإنشاء وتسليح الميليشيات المناوئة للرئيس في اليمن، وبناء سجون خاصة خارج سلطة القوانين اليمنية، هذا فضلا عن القصف العشوائي وتدمير البنية التحتية وحصارهم وتجويعهم للشعب.
إلى تحالف الإمارات والسعودية..
استغليتم انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على الشرعية في صنعاء، لتمارسوا احتلالا بشعا ونفوذا أبشع على اليمن العظيم.
إنكم ومنذ 3 سنوات تعملون على تدمير اليمن الأرض والإنسان ومحاولة تقسيمه إلى دويلات وتقويض كيانه ، والعمل على إبقاء جنوبه محتلا وشماله غارقاً في الفوضى والصراعات ، وجعل اليمن بكامله شمالا وجنوبا في مرحلة اللا دولة حتى يسهل عليكم الاستمرار في احتلاله والسيطرة عليه !!
لقد انحرف تحالفكم بأجندته من مساند للشرعية إلى مقوض لها ومنقلب عليها.. ومحتل للبلاد، ومدمر لوحدته الوطنية وخطرا بالغاً على سلامة أراضيه !!
إن الأمور واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار: كل منطقة يتم تحريرها ولا يتم تسليمها للسلطة الشرعية هي منطقة محتلة، يتعين على كل يمني ويمنية أن يعمل من أجل تحريرها كواجب وطني مقدس لا يعلو عليه شيء ولا يسبقه شيء. اليمن العظيم يرفض القهر والظلم ويرفض كل مظاهر الهيمنة والاحتلال، هذا هو تاريخنا ولن تجد له تبديلا.
إلى الرئيس هادي وحكومته وقادة الأحزاب السياسية..
إنه من العار أن يناشد المسؤولون اليمنيون دولة الإمارات للسماح لهم بتصدير الغاز، أو بإدخال بضائع عبر الموانئ اليمنية على سبيل المثال.
إن على السلطة الشرعية أن تتصرف باحترام مع قضايا شعبها الذي يعاني الأمرين من الحصار المفروض على البلاد وانقطاع الرواتب وانعدام الخدمات.
عودوا إلى الوطن، اعملوا من هناك، قودوا معركة دحر الانقلاب واستعادة الشرعية من عدن ومأرب. كونوا زعماء حقيقيين، من أخبركم بأنكم مجرد عمال بالقطعة هنا أو هناك.
إني أدعو الرئيس هادي وجميع أعضاء حكومته إلى العودة لأرض الوطن، ومواجهة التحديات وجها لوجه، الرئيس عليه أن يدرك أن وجوده بين شعبه يعطي الأمل ويشير إلى أن هناك جدية في التعامل مع الأحداث والأخطار التي تحدق بالبلاد.
إن إنهاء الانقلاب والاحتلال معا وبسط سلطة الدولة على جميع التراب الوطني من سقطرى حتى صعدة، ثم الاستفتاء على مسودة الدستور التي والتوافق عليها وصياغتها وفق مخرجات الحوار الوطني، ثم الذهاب الى الانتخابات المختلفة لإقامة اليمن الديمقراطي الاتحادي متعدد الأقاليم، هو الطريق الأوحد لبناء السلام المستدام في اليمن.
أيها اليمنيون الأحرار في كل قرى اليمن ومدنها وسهولها وجبالها ووديانها وسواحلها..
أيها اليمنيون الأحرار في جميع بقاع الأرض..
لقد كانت تطلعاتنا وأهدافنا واضحة وجلية. إنها أهداف كل إنسان حر على هذه الأرض،أن نحيا أحرارا ونتمتع بالكرامة التي يستحقها كل إنسان وبالمساواة والعدالة في وطننا وأرضنا وبلدنا. نحن شركاء في وطننا، لم نتجنَ على أحد ولم نطلب شيئا ليس لنا.
هذه الأرض أرضنا، وهذا اليمن يمننا، وليس من حق أحد الإدعاء بملكيته واحتكاره واستعباد بنيه.
لقد خرجنا رجالا ونساء وشبابا وكهولا وساسة وعمالا وموظفين وعاطلين وحزبيين وقبائل ومدنيين ومن كل فئات الشعب اليمني في كل جهاته ومن كل مذاهبه ومحافظاته، وفي كل شبر في اليمن يوحدنا نداء الحرية والكرامة والتطلع لدولة القانون والديمقراطية والمساواة والفرص المتساوية وأشواق الالتحاق بالمجتمعات الحديثة والحرة التي تختار حكامها وتغيرهم بإرادتها الحرة سلميا عبر الديمقراطية والانتخابات والتنافس السلمي على نيل رضاها وتأييدها دون عنف أو إرهاب أو فساد واستبداد.
لم نخطئ
ولم نجرم
ولم نعتدِ
لقد واجهوا تطلعاتنا السلمية المشروعة بالقتل والعنف والغدر والخيانة
وواجهوا نداءاتنا للحرية والعدالة بالغطرسة والإرهاب والاحتلال والهيمنة.
لكنهم لن يتمكنوا من كسر إرادتنا وعزمنا، سيرحلون وتبقى اليمن، سنحرر بلدنا منهم جميعا.
من الاحتلال والهيمنة السعودية الإماراتية ومن انقلاب ميليشيا الحوثي المدعوم إيرانيا معا .. وسنقيم دولة الحرية والعدالة والديمقراطية والقانون .. هذا قدرنا ووعدنا وميعادنا .. ويسألونك متى قل عسى أن يكون قريبا.
أيها الشعب اليمني العظيم..
على مر التاريخ كنتم أقوى من المحن والشدائد، ولا شك أنكم قادرون اليوم على تجاوز كل الصعوبات التي تعترض طريقكم.
حافظوا على إيمانكم بأنفسكم، بوطنكم، بقدرتكم على التحدي، حافظوا على روح سبتمبر وأكتوبر وفبراير، حافظوا على أسمائكم اليمنية، وروحكم اليمنية، وسيكون النصر حليفكم.
إلى شباب الربيع العربي في مصر وتونس وسوريا واليمن وليبيا..
المعركة لم تنته بعد، صحيح أن الثورات المضادة ومحاورها الإقليمية حولت بلداننا إلى بحيرات من الدم، وسجون كثيرة، لكن هذا الجنون ليس قدرا محتوما، سوف تنتصر شعوبنا في النهاية، فالحرية أقوى من الاستبداد في نهاية المطاف.
إن ما يجمع قوى الأنظمة المنهارة مع حلفائها الإقليميين على اختلاف محاورهم هو الخوف من التغيير الذي بشر به الربيع العربي. هذه الأنظمة الديكتاتورية فيما سمي الجمهوريات الوراثية كانت مرتبطة بنظام إقليمي وعالمي يقوم على دعمها ورعايتها. والآن تواجه الشعوب التي ثارت من أجل الحرية والكرامة ودولة القانون والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ، تواجه بالحرب.
كل دعاوى الديكتاتوريات والأنظمة الطغيانية والطائفية حول التنمية والاستقرار والاقتصاد والبناء وتوفير فرص العمل والتي تحاول أن تقدم كل ذلك كبديل للإرادة الحرة للمجتمع هي دعاوى كاذبة واثبتت العقود الماضية أنها زائفة ومضللة.
لم يقوموا بتنمية ولا ببناء اقتصاد، بل راكموا كل عوامل الانفجار ومسبباته وفشلوا في التنمية والديمقراطية معا.
إن البديل عن مسار الربيع العربي هو الميليشيات الطائفية والدينية والانفصالية وجماعات العنف والإرهاب.
في سمائنا اليوم غيوم سوداء داكنة لقوى غاشمة تتشبث بالماضي والتسلط والهيمنة على الشعب، لكن انتماءنا لقيم الإنسانية وعصرنا وعالمنا وتطلعاتنا وإيماننا بقيم العدالة والكرامة والحرية ودولة القانون التي تختزلها الربيع العربي أكبر من أن تبددها غيوم عابرة محكوم عليها بالأفول والزوال.
المجد والعزة لشباب الربيع العربي في كل مكان ..
المجد للشهداء
الشفاء للجرحى
الحرية للمعتقلين والمخفيين
والنصر للربيع العربي وقيم الربيع العربي