اخبار المنظمة

أدانت منظمة “صحفيات بلا قيود” بأشد العبارات الجريمة المروعة التي أودت بحياة السيدة أفتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين بمحافظة تعز، يوم الخميس 18 سبتمبر 2025، واصفة إياها باغتيال متعمد وجريمة نكراء وانتهاك صارخ للحق في الحياة.
وأكدت المنظمة أن هذه الجريمة تمثل تهديداً خطيراً للسلم المجتمعي وسيادة القانون وتكشف هشاشة حماية المدنيين أمام انتشار السلاح والفوضى في المدينة.
وأوضحت المنظمة، استناداً إلى المعلومات والتقارير الميدانية التي تلقتها ، أن الضحية كانت تقود سيارتها في طريقها إلى مقر عملها صباح الخميس، عندما اعترضها مسلح في جولة سنان بمدينة تعز وأطلق وابلاً من الرصاص على الزجاج الأمامي لسيارتها من مسافة قريبة، مستهدفاً رأسها وجسدها، ما أدى إلى مقتلها على الفور.
وفي أعقاب الجريمة، كشف محافظ محافظة تعز أن الجناة ينتمون إلى أحد الألوية العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، مشدداً على ضرورة تحرك الأجهزة الأمنية بسرعة لضبطهم وتقديمهم للعدالة دون تأخير.
وأكدت المنظمة أن الجريمة لم تكن حادثاً عارضاً، بل سبقته تهديدات مستمرة وموثقة، حيث كان الجاني قد هدد الضحية بالتصفية الجسدية، وسبق أن نفذ اعتداءات على مقر إدارة الصندوق، وقد أبلغت الضحية السلطات المختصة بتاريخ 17 أغسطس 2025 عن التهديدات، وصدرت مذكرة من محافظ محافظة تعز إلى مدير عام الشرطة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحمايتها، إلا أن الأجهزة الأمنية تقاعست عن القيام بواجبها، وهو ما يشكل إخلالاً جسيماً بالتزامات الدولة في حماية المدنيين وصون الحق في الحياة.
كما اطلعت المنظمة على تسجيل صوتي للضحية يكشف خلفيات التهديدات والدوافع وراء الجريمة، مشيرة إلى تعرضها للابتزاز والضغط من نافذين مسيطرين على مقر إدارة الصندوق، وتوثيق تعرض أحد الموظفين لإطلاق نار ومحاولة قتله وإغلاق المبنى بالقوة، وسط تهاون واضح من السلطات المحلية والأمنية، مما ساهم في استفحال الإفلات من العقاب ومهد لارتكاب الجريمة.
تصاعد الانتهاكات واستخدام السلاح المنفلت لقمع المدنيين
وفي سياق مرتبط بتصاعد الانتهاكات، وثقت المنظمة حادثة اعتداء مسلح خطيرة استهدفت الدكتورة عزيزة شرف وابنتها مساء الاثنين 1 سبتمبر 2025، في نقطة عسكرية بمنطقة زيد الموشكي على يد جنديين من الكتيبة الثالثة في اللواء 170، حيث أطلق المعتدون النار على السيارة التي كانت تقل الضحيتين، مستهدفين الإطارات والمقدمة، ثم صوبوا الرصاص إلى الداخل وحطموا الزجاج وهددوا الضحيتين بالقتل.
ورغم تقديم الضحيتين شكاوى رسمية لدى السلطات ابمختصة، لم يتم ضبط الجناة أو إحالتهم للعدالة، واكتفت قيادة اللواء بحجز شكلي مؤقت قبل إرجاعهم لمواقعهم، في ظل مماطلة وتواطؤ واضح يعزز سياسة الإفلات من العقاب.
وفي أعقاب الحادثة، استخدمت القوة العسكرية بشكل ممنهج لقمع الأصوات المدنية، حيث اختطف المواطن رأفت صادق الشميري أمام منزله على يد نفس الجناة وقائد الكتيبة، بسبب منشوراته التضامنية مع الدكتورة عزيزة ومطالبته العلنية بمحاسبة المعتدين. وأُفرج عنه لاحقاً تحت ضغط الحملات الإعلامية والمجتمعية، إلا أن الحادثة تكشف نمطاً متعمداً من استخدام القوة العسكرية لترهيب المدنيين وإسكات أي دعوات للعدالة، مع استمرار ملاحقة آخرين لأسباب مماثلة، ما يشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الأساسية ويعكس إفلاتاً من المسؤولية القانونية.
أكدت منظمة “صحفيات بلاقيود” أن هذه الحوادث تجسد خطورة انتشار السلاح المنفلت وانتهاكات بعض منتسبي القوات العسكرية والأمنية الذين يستخدمون القوة خارج إطار القانون، ما يعرض المدنيين للقتل والاعتداء ويقوض سيادة القانون والنظام العام.
وأشارت إلى أن غياب الرقابة الفعلية على استخدام القوة والتهوين في محاسبة الجناة يكرس بيئة مسلحة خارجة عن القانون، تهدد الحق في الحياة والأمن الشخصي، وتضعف الثقة بالمؤسسات الرسمية، وترسل رسالة مخيفة للمجتمع المدني بأن الإفلات من العقاب يشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات، بما في ذلك التهديد المباشر والاعتداء المسلح والابتزاز.
مطالبة بالتحقيق العاجل ومحاسبة المتورطين وانتشار السلاح المنفلت
طالبت منظمة “صحفيات بلا قيود” السلطات المختصة بالتحرك الفوري لضبط جميع المتورطين في جريمة مقتل السيدة افتهان المشهري ومحاسبتهم دون تأخير، وفتح تحقيق مستقل وشفاف يحدد المسؤوليات المباشرة والمقصرين في حماية الضحية، مع الكشف للرأي العام عن نتائج التحقيق دون تأخير.
وشددت المنظمة على ضرورة مساءلة كل من تقاعس أو تهاون في أداء واجبه، بما في ذلك المسؤولين الأمنيين والعسكريين، وملاحقة أي متورط في استخدام القوة خارج إطار القانون أو السلاح المنفلت، لضمان حماية المدنيين وصون الحق في الحياة والأمن الشخصي.
وأكدت المنظمة أن تحرك السلطات بشكل عاجل وفعّال في هذا الملف يمثل اختباراً حقيقياً لسيادة القانون وقدرة الدولة على فرض الأمن، محذرة من أن استمرار الإفلات من العقاب وتواطؤ الجهات الرسمية سيحول محافظة تعز إلى ساحة مفتوحة لانتهاكات ممنهجة تهدد أمن المجتمع المدني وسلامة المدنيين.