اخبار المنظمة
بعد مضي أكثر من أسبوعين على مقتل الصحافيين السودانيين "معاوية عبد الرزاق" و "مكاوي محمد أحمد" -بهجومين منفصلين- لم يفتح أي تحقيق في هذه الجرائم الشنيعة.
تشعر منظمة "صحفيات بلاقيود" بالفزع من اغتيال الصحافيين السودانيين، إذ بمقتلهما يرتفع عدد القتلى الصحفيين إلى ثمانية –بينهم صحفيتان- منذ بداية الحرب الأهلية.
منذ اندلاع الصراع في أبريل/نيسان 2023، بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، محمد حمدان دقلو (المعروف باسم "حميدتي") الذي يقود قوات الدعم السريع- واجه الصحفيون في السودان ظروفًا مروعة، مع ازدياد وتيرة الانتهاكات ضدهم لتصل إلى أعلى مستوى لها خلال العقد الماضي، على الأقل، إذ وصلت إلى درجة مواجهة خطر فقدان الحياة حيث قُتل ثمانية من الصحفيين أثناء تغطية الصراع، أو بسببه.
في الرابع من يونيو/حزيران قُتل الصحفي الاستقصائي المستقل معاوية عبد الرزاق، وثلاثة من أفراد أسرته في منزلهم، بمنطقة الدروشاب شمال "الخرطوم بحري". واُتهمت قوات الدعم السريع بالوقوف وراء الهجوم.
في الخامس من يونيو/ حزيران قُتل الصحفي في وكالة الأنباء السودانية (سانا) مكاوي محمد أحمد، الذي كان من ضحايا قرية ود النورة بولاية الجزيرة، وهي المجزر الدموية التي اتهمت قوات الدعم السريع بارتكابها، وأدت إلى مقتل أكثر من 150 من أبناء هذه القرية.
بينما لا يزال من غير الواضح إذا كان فعل قوات الدعم السريع مقصوداً باستهداف الصحفيين، إلا أن زملاء "معاوية" و"مكاوي" يقولون إن تقاريرهم وتغطياتهم للتوترات الدائرة في البلاد أزعجت بعض الأطراف والشخصيات في البلاد. يرفض طرفا الصراع التحقيق في مقتل الصحفيين الثمانية منذ بدء الحرب، بينهما الصحفيتان "سماهر عبدالشافع" من إذاعة زالنجي التي قتلت في يونيو/حزيران 2023 بقذيفة في مخيم نزوح بعد أن فرّت وعائلتها إلى المنطقة مع انطلاق الحرب، و"حليمة إدريس سليم" الصحفية في "سودان بُكرة"، التي قُتلت في أكتوبر/تشرين الأول بدهسها عبر سيارة تابعة لقوات الدعم السريع في "بلدة أم درمان" أثناء قيامها بعملها المهني.
وقالت توكل كرمان رئيسة منظمة "صحفيات بلا قيود" والحائزة على جائزة نوبل للسلام "إن مقتل الصحفيين خسارة فادحة للسودان، ولن نرتاح حتى تتم محاسبة الجناة على جريمتهم، حتى يتمكن جميع الصحفيين من العمل بحرية وأمان في السودان".
تصاعد الانتهاكات
وعلى الرغم من تصاعد الانتهاكات بحق الصحفيين والصحفيات السودانيين خلال الأسابيع الماضية إلا أن السلطات السودانية -بما في ذلك سلطات الأمر الواقع- لا تبذل أي جهد للتحقيق في الانتهاكات المروعة التي تطال الصحفييين، الأمر الذي يساعد المجرمين على الإفلات من العقاب.
مع توقف 90% من وسائل الإعلام السودانية عن العمل، وانتقال عشرات الصحفيين إلى دول الجوار لممارسة عملهم الصحفي، بسبب مخاوف الانتقام من طرفي الصراع، أو أستحالة العيش بسبب اشتداد المعارك في مناطقهم؛ فإن وجود الصحفيين المستقلين في الأراضي السودانية مصدر رئيسي للحصول على الحقائق وتزويد الجمهور بها.
تحمل منظمة "صحفيات بلاقيود" طرفي الصراع المسؤولية الكاملة عن أمن وسلامة الصحفييين والصحفيات، وتعتبر تجاهل قادة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التحقيق في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين ضلوعا مباشرا في هذه الانتهاكات.
إلى جانب القتل، واجه الصحفيون والصحفيات في السودان، ضغوطًا هائلة من أطراف الصراع، تُعيق عملهم وتُهدد سلامتهم، حيث تعرض عشرات منهم للسجن والتعذيب في سجون طرفي الصراع بينهم خمس صحفيات على الأقل، حيث يظلون لأسابيع وربما أشهر تحت التحقيق قبل أن يفرج على بعضهم في ظروف مزرية وشديدة القسوة.
يسعى طرفا الصراع -وبنسبة أكبر قوات الدعم السريع- إلى استخدام إخفاء وقتل الصحفيين كوسيلة لإخفاء الحقائق والانتهاكات عن الجمهور.
سجلت منظمة "صحفيات بلا قيود" تعرض 28 صحافي على الأقل للإصابة، بينها 10 حالات إطلاق نار استهدفت صحفيات سودانيات، معظم هؤلاء الصحفيين كانوا يفرون من مناطقهم إلى مناطق أخرى، وبعضهم على رأس أعمالهم، بعد أن تأكد الجنود والمقاتلون من هويتهم الصحافية. كما تعرضت صحفيات أخريات لمحاولات دهس من طرفي الصراع، وسجلت صحفيات بلاقيود واقعة اعتداء جنسي على صحفية سودانية.
تعرض عشرات الصحفيين السودانيين لتهديدات، حيث يسعى طرفا الصراع إلى استخدام الصحفيين كأدوات لنشر روايتها الرسمية والترويج لأجندتها، ويتعرض الصحفيون في مناطق سيطرة الطرفين إما لفلترة الحقائق، أو يُمنعون من الوصول إلى المعلومات المحايدة والموثوقة، كما يتم منعهم من نشرها في حال تمكنوا من الوصول إليها. ما يدفع الصحفيين لفرض رقابة ذاتية على أنفسهم خشية الانتقام.
تدعو منظمة صحفيات بلاقيود طرفي الصراع في السودان إلى:
فتح تحقيق فوري وشامل في مقتل الصحفيين "معاوية عبدالرزاق" و "مكاوي محمد أحمد" وكل الصحفيين الستة الآخرين؛ ومحاسبة المسؤولين المجرمين وتقديمهم للعدالة.
الإفراج الفوري دون شروط عن كل الصحفيين المختطفين، والتحقيق الفوري في كل الانتهاكات التي يتعرضون لها.
ضمان أمن وسلامة جميع الصحفيين العاملين في السودان.
يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته لحماية الصحفيين الذي يمارسون مهنتهم لإيصال الحقيقة للناس. في ظروف مهددة للحياة. ومحاسبة الجهات المسؤولة عن الانتهاكات.
يجب على السلطات السودانية، بما في ذلك سلطات الأمر الواقع، اتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز حرية التعبير وحماية حق الحصول على المعلومات،
يجب على الصحفيين مقاومة الرقابة الذاتية، والسعي إلى نشر المعلومات المُحايدة والموثوقة بقدر الإمكان، مع ضرورة الالتزام بقواعد السلامة المهنية.
صادر عن منظمة صحفيات بلاقيود
السبت 22 يونيو 2024