اخبار المنظمة
اليمن: إفلات من العقاب في جريمة قتل اليعقوبي واستمرار حماية المتهم
قالت منظمة “صحفيات بلا قيود” إنها تلقت بلاغاً من أسرة مالك محمد عبدالله اسماعيل اليعقوبي، الذي اختطف وقتل في نوفمبر 2017 بمدينة التربة بمحافظة تعز على يد مسلحين تابعين لكتائب أبو العباس بقيادة عادل العزي،
الذي يشغل حالياً منصباً قيادياً في أحد الألوية التابعة لقوات المقاومة الوطنية بالمخا، ما يعكس استمرار الإفلات من العقاب رغم وضوح الجريمة وتعدد القرارات القضائية بضرورة مثوله أمام العدالة.
ووفق البلاغ، فقد تعرض مالك اليعقوبي للاختطاف أمام منزله في مدينة التربة بتاريخ 25 نوفمبر 2017 على يد ثلاثة أطقم عسكرية تابعة للكتائب بقيادة عادل محمد هزاع العزي، قبل أن يُعثر على جثمانه في مدينة تعز بعد ساعات وعليه آثار تعذيب مروعة وطلقة نارية في الرقبة.
وأوضح البلاغ أن أسرة مالك اليعقوبي تابعت خلال الثماني سنوات الماضية مجريات القضية لدى جهات الاختصاص، كما نفذت عشرات الوقفات الاحتجاجية وأطلقت نداءات متكررة لضمان ضبط الجناة وتحقيق العدالة، وصولاً إلى إحالة القضية مؤخراً إلى المحكمة الجزائية المتخصصة. ومع ذلك، لا يزال الجناة، وعلى رأسهم عادل العزي، طلقاء دون أي مساءلة، ما يعكس استمرار حالة الإفلات من العقاب.
وأضافت الأسرة أنها وجهت عدة نداءات لعضو مجلس القيادة الرئاسي، قائد قوات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، طارق صالح، مطالبة إياه بتسليم العزي وتنفيذ أوامر القضاء، غير أن تلك النداءات لم تلق أي تجاوب حتى اليوم.
وفي السياق، أكدت منظمة “صحفيات بلا قيود” أنها اطلعت على حزمة من الوثائق الرسمية المتعلقة بالقضية، تشمل قرار اتهام صادر عن النيابة الجزائية المتخصصة بحق عادل العزي، إلى جانب أوامر قبض قهرية ومذكرات متعددة. من بينها مذكرة صادرة عام 2024 من النيابة الجزائية المتخصصة موجهة إلى قائد قطاع أمن الساحل الغربي، نصت على: تنفيذ أمر قبض قهري بحق المتهم في القضية رقم (13) لسنة 2022 م ج، المتعلقة باختطاف وقتل المجني عليه مالك محمد عبدالله إسماعيل اليعقوبي، وإرساله إلى النيابة مع موافاتها بالنتائج أولاً بأول. كما تضمنت الوثائق مذكرات أخرى صادرة عن النائب العام ورئيس نيابة المنطقة العسكرية الرابعة موجهة للشؤون القانونية في ألوية المقاومة الوطنية، إضافة إلى مذكرة حديثة صادرة عن النيابة الجزائية المتخصصة في مايو 2025 تطالب قائد قطاع أمن الساحل الغربي بتنفيذ قرار المحكمة الجزائية المتخصصة بإحضار المتهم وتسليمه.
ورغم وضوح هذه التوجيهات وتعددها، لم يتم تنفيذ أي منها حتى اليوم، ما يعكس استمرار تعطيل العدالة وحماية المتهم من المثول أمام القضاء.
وشددت المنظمة على أن تعطيل تنفيذ أوامر القضاء وحماية المتهمين من المثول أمام العدالة بشكل انتهاكاً صارخاً للدستور اليمني وقانون الإجراءات الجزائية، الذي يلزم الجهات الأمنية بتنفيذ أوامر الضبط القهري دون تأخير، ويعد الامتناع عن تسليم المتهم أو عرقلة إجراءات التقاضي صورة من صور التستر على الجريمة، ويستوجب المساءلة القانونية لكل من يشارك في تعطيل العدالة أو يحول دون تطبيق القانون.
وأضافت المنظمة أن جريمة اختطاف وتعذيب وقتل مالك اليعقوبي تدخل ضمن جرائم القتل العمد المشددة وفق القانون اليمني، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم، كما يشكل التعذيب المسبق للقتل انتهاكاً لاتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها اليمن. ويعد الامتناع عن تنفيذ أوامر القضاء من قبل القيادات الأمنية والعسكرية صورة من صور المسؤولية القيادية الجنائية، ويقوض الحق في الانتصاف الفعال للأسرة، وهو واجب على الدولة تنفيذه دون أي تأجيل.
كما أوضحت المنظمة أن هذا السلوك لا يخرق التشريعات الوطنية فحسب، بل يتعارض أيضاً مع التزامات اليمن الدولية، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يضمن الحق في الحياة ويلزم الدولة بتوفير سبل انتصاف فعالة ومنع أي تدخل أو تعطيل لسير القضاء، ويسهم هذا النمط من السلوك في ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب التي تعتبرها الأمم المتحدة أحد أخطر التهديدات لسيادة القانون.
وشددت المنظمة على أن امتناع الجهات الأمنية والعسكرية عن تنفيذ قرارات النيابة والمحكمة الجزائية المتخصصة يمثل تدخلاً خطيراً في عمل السلطة القضائية، ويقوض ثقة المجتمع في العدالة، ويفتح الباب أمام تكرار الانتهاكات، ما يجعل مساءلة المتورطين في حماية الجناة وتنفيذ أوامر القضاء واجباً قانونياً وأخلاقياً لا يقبل التأجيل.
وطالبت منظمة “صحفيات بلا قيود” السلطات القضائية، ممثلة بالنيابة الجزائية المتخصصة والمحكمة المختصة، بالاضطلاع بمسؤولياتها الدستورية والقانونية في استكمال إجراءات التقاضي، وتسريع تنفيذ أوامر الضبط القهرية، وضمان مثول المتهمين أمام العدالة دون إبطاء، باعتبار ذلك حقاً أصيلاً لأسرة الضحية وواجباً لا يجوز التراخي فيه.
كما حملت المنظمة الجهات الأمنية والعسكرية في الساحل الغربي، وفي مقدمتها قيادة قوات المقاومة الوطنية، المسؤولية الكاملة عن استمرار حالة الإفلات من العقاب الناتجة عن عدم تنفيذ توجيهات النيابة وقرارات المحكمة، مطالبة بسرعة تسليم المتهم عادل العزي للجهات القضائية المختصة، وتمكين العدالة من أخذ مجراها دون تدخل أو حماية أو تعطيل.
ودعت المنظمة الأمم المتحدة، والهيئات الحقوقية الدولية، إلى ممارسة دور أكثر فاعلية في الضغط على الجهات المعنية لضمان تنفيذ قرارات القضاء، ووضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب، ومساندة جهود أسرة الضحية في الحصول على الانتصاف وجبر الضرر.
وفي ختام بيانها، جددت “صحفيات بلا قيود” تأكيدها على ان جريمة اختطاف وتعذيب و قتل مالك اليعقوبي لن تطوى بالتقادم أو الصمت، وأن العدالة حق غير قابل للتفاوض، وحماية المتهمين يشكل اعتداء مباشراً على سيادة القانون وحقوق الضحايا.

