موّلت مؤسسة توكل كرمان وعبر برنامج "حيث الإنسان" في موسمه السابع، مشروع مياه متكامل في قرية "المحواسة" في مديرية خنفر بمحافظة أبين (جنوب اليمن) وأنهت معاناة أبناء القرية الذين استوطنت الأمراض منطقتهم وأصيب جميع أطفالهم بـ"التسمم" جراء المياه المالحة غير الصالحة للشرب.
كان أطفال المحواسة مضطرين يوميًا إلى قطع مسافات طويلة لجلب المياه، إما على ظهورهم أو على ظهور الحيوانات التي في بعض الأحيان لا تستطيع حمل الماء. وكانت المياه المالحة التي يجلبونها سر سفرهم المتكرر نحو مستشفى الرازي البعيد عنهم للعلاج من أمراض استوطنت قريتهم، وسر بعدهم عن الفصول المدرسية.
تقول عافية راجح، إحدى سكان القرية: "نعاني من نقص المياه، حيث نضطر لجلبها من مناطق بعيدة جدًا إما على ظهورنا أو على ظهور الحمير، وأحيانًا لا تستطيع الحمير حملها. المياه التي لدينا ملوثة، مما يجعل أطفالنا يصابون بالإسهال. نحن نعيش على الأجر اليومي، ووضعنا الاقتصادي سيئ جدًا ولا نستطيع حتى توفير صهاريج مياه نظيفة. بالكاد نستطيع شراء الدقيق".
وتضيف عافية: "ابنتي ذكية في دراستها، لكنني اضطررت لإخراجها من المدرسة لمساعدتي في جلب الماء. قدمي تؤلمني ولا أستطيع الذهاب بمفردي. لو كان لدينا مياه نقية في المنزل، لما اضطرت ابنتي للذهاب لجلب المياه وكان بإمكانها متابعة دراستها".
كانت منازل قرية المحواسة تبقى خالية طوال اليوم، حيث كان الجميع إما يبحثون عن المياه أو يقودون ماشيتهم نحو أماكن تواجدها، مما جعل الحياة في القرية تتوقف عند هذا الهدف الوحيد.
يقول علي هاشم، شيخ قرية المحواسة: "قرانا محرومة من كل الخدمات، وبعض القرى تبعد أكثر من ثلاثة كيلومترات عن آبار المياه المكشوفة، التي تسببت لنا بأمراض عديدة مثل مشاكل الكلى والمسالك البولية وأمراض الإسهال، وهي أمراض مستوطنة في القرية طوال السنة. منذ فترة طويلة رفعنا مناشدات للسلطات المحلية والمنظمات، ولكن لم يتم الاستجابة".
فريق برنامج "حيث الإنسان" قرر أن يسلك طريقًا مختلفًا عن المعتاد. بدلاً من الذهاب إلى المستشفيات، وضع خطة مبتكرة لمعالجة السبب الجذري للمشكلة، ليقوم بتنفيذ أول مشروع من نوعه في هذه القرى النائية. حيث تم إنشاء بئر مياه ارتوازية مزودة بمنظومة طاقة شمسية متكاملة، داخل مساحة محاطة بسور، تحتوي على غرفة لضخ المياه والتحكم بها. كما تم تركيب خزان برجي خرساني بسعة 25 ألف لتر وارتفاع 12 مترًا، إضافة إلى مد خطوط توزيع مياه بطول 400 متر، وبناء أربع مناهل مياه تحتوي كل منها على 6 حنفيات تم توزيعها في نقاط مختلفة لتغطية جميع أنحاء القرية.
مشروع البئر الارتوازية لم يغير نوعية المياه وطرق جلبها، بل أسلوب الحياة في منطقة المحواسة حيث شعر سكانها أن هناك من فكر فيهم أخيرا وزودهم بما يحتاجون لجعل بلدتهم صالحة للعيش والحياة.



