الأخبار
توكل كرمان في كلمة أمام مؤتمر المجلس الوطني لحقوق الانسان في المغرب: أية ثورة لن تكون أخلاقية إلا إذا أشاعت قيم التسامح
أكدت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان أن أية ثورة لن تكون أخلاقية إلا إذا أشاعت قيم التسامح وبثت في المجتمع مبادئ العفو وأعلت من قيمة التصالح، وخلقت في المجتمع ثقافة رافضة للثأر أو الانتقام.
وقالت توكل كرمان في كلمة لها خلال مؤتمر المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب: نحن ضد أن يفلت الجناة من العقاب في الوقت الذي يبقى فيه الطريق أمامهم مفتوحا لممارسة المزيد من الانتهاكات وتكرار العدوان مستقبلا، كما أننا نرفض أن يبقوا في مناصبهم المدنية والأمنية والعسكرية وكأن شيئا لم يحدث، مثلما نرفض أن يتم فرض المسامحة والعفو بقرار أو قانون رسمي يحصن المجرمين ويسلب الضحايا وأهاليهم حقهم في أن يكونوا هم من يمنح العفو ومن يجود بالمسامحة.
وأشارت كرمان إلى أن هناك فرقا بين العفو الصادر من قبل الضحايا وأهاليهم، والعفو المفروض عليهم بقانون وتشريعات لم تتح للضحايا أي قرار أو قدرة على الاختيار، وأن من شأن ذلك أن يبقي الطريق مفتوحا إلى الثأر خارج القانون، والجنوح إلى القبيلة والعشيرة والأصدقاء والأصحاب لأخذ الحق الذي لم تحقه الدولة ولم تكلف نفسها عناء أن يطلب الجاني العفو والمسامحة عليه من قبل من ظلمهم واعتدى عليهم ،واكتفى بأن الدولة تحميه عن جرائمه وتعفيه حتى من مجرد الاعتراف وطلب المسامحة والعفو.
وقالت كرمان: لقد آمنت دائما أن عملية بناء السلام تحتاج إلى مقادير هائلة من العدالة والإنصاف، مثلما تحتاج إلى كميات وافية من التسامح والعفو، وأنه لا سلام دون عدالة، ولا عدالة إنسانية خلاقة لا يعقبها ويتزامن معها تصالح وتسامح ويتمازج معها.
وأوضحت كرمان أن من شأن المزاوجة ين تجربة جنوب أفريقيا في العدالة الانتقالية القائمة على الاعتراف وطلب المسامحة وتجربة المغرب القائمة على التعويض وجبر الضرر مع الإبقاء على العدالة الجنائية وحق الضحايا في اللجوء القضاء والمؤسسات العدلية أن من شأن هذه المزاوجة تحقيق تصالح وتسامح وسلام دائم في اليمن وكل دول الربيع العربي وكل تجربة مماثلة تبحث عن العدالة الانتقالية.
وأضافت كرمان، نحن في اليمن على بعد ايام من عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي سنعالج فيه كل قضايا الوطن، وسنكتب فيه دستور دولتنا المدنية القادمة التي أشعلنا من أجلها الثورة وضحى لأجلها الشباب، كما سنبحث موضوع العدالة الانتقالية، وبالتأكيد سوف نستفيد كثيرا من تجربة المغرب ونزاوجها بتجربة جنوب أفريقيا، ونضيف إليها ما تحتاجه خصوصيات تجربتنا من إجراءات إضافية تكفل للضحايا مزيدا من العدالة الجنائية لكفالة حقهم في المساءلة واللجوء إلى القضاء.
وقالت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان: إن فلسفة العدالة الانتقالية يجب أن تقوم وفق المعايير العالمية والتجارب الناجحة المعروفة.
وأكدت توكل كرمان أن أي قانون أو إجراءات للعدالة الانتقالية يجب أن تحقق عددا من الأهداف والأغراض وأن تقوم على عدد من المبادئ، وتضع الحلول والمقترحات والآليات الكفيلة ليعرف الناس الحقيقة.
وشددت كرمان على ضرورة أن يتم الاطلاع على تفاصيل ما حدث من جرائم وانتهاكات وعدوان بحق المواطنين، بما يعني ذلك من تحقيق وبحث واستقبال للشكاوى ورصد وحصر للانتهاكات، وبما يعنيه من الاستماع لشهادات الضحايا والتقصي والتحقيق مع كل من وردت أسماؤهم في الشهادة وفق آليات قضائية وإدارية، وبما يعنيه كذلك من اعتراف المتورطين في ارتكاب الجرائم وكشفهم عن كافة الاعتداءات والانتهاكات التي مارسوها أو شاركوا في ارتكابها.
وأضافت كرمان أن كل ذلك يجب أن يتم استنادا إلى نصوص قانونية صريحة تتضمن الآليات والإجراءات اللازمة والكافية لتحقيق معرفة الحقيقة كاملة والاطلاع عليها من قبل أهالي الضحايا والجمهور وكافة المهتمين في الداخل والخارج.
وأوضحت كرمان أن من شأن معرفة الحقيقة كاملة واطلاع الجمهور على تفاصيل ما حدث أن يكون رأيا شعبيا رافضا لمثل تلك الانتهاكات، وبالتالي ضامنا لعدم تكرارها، وضامنا لمناهضتها مجتمعيا مستقبلا.
وأضافت كرمان، من شأن الاعتراف بما حدث من قبل المجرمين والمتورطين في الجرائم أن يمهد للتسامح، وسوف يساهم في تحقيق الاستجابة للمناشدات والمطالبات بالعفو، والعفو من قبل الأهالي والضحايا حين يكون مشفوعا بطلب المسامحة وإبداء الأسف والندم من قبل المتورطين، وحين يكون أمرا طوعيا وليس إلزاميا بقانون يحصن المتورطين ويعفيهم من تبعات المسؤولية عن ارتكابها.