الأنشطة
توكل كرمان تلقي كلمة بمؤتمر العمل الاجتماعي 2024 في الفلبين
قالت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، إن مئات الملايين من البشر يتعرضون للتهميش بسبب القوانين المحلية والعالمية التي تهمل المسؤولية الاجتماعية، مما يؤدي إلى تفاقم الفقر والجوع والتفاوت في الدخل.
جاء ذلك في كلمة لها خلال مؤتمر "النسخة الرابعة عشرة من مؤتمر "يوم العمل الاجتماعي 2024" الذي عقد خلال الفترة 27 إلى 28 يونيو 2024، في مانيلا بالفلبين.
وأضافت توكل كرمان: إن عالمنا اليوم أسير لقيم أنانية مرتكزها المنافسة التجارية والسعي لتعظيم الربح والثروة، دونما أي اعتبار لما للسياسات الاقتصادية والتجارة العالمية من انعكاس على المجتمع.
وتابعت كرمان قائلة: كيف لنا ونحن نشاهد مثل هذه الفوارق الشاسعة ولا ندق ناقوس الخطر للتحذير من الظلم والقمع الذي يقذف بأعداد متزايدة من الناس إلى أعماق الفقر والجوع، وإلى الحرمان من فرص العمل والحياة؟
وشددت كرمان على أنه آن الأوان لدق ناقوس الخطر، فالتقدم المادي، الذي هو تجسيد للأنانية والربح وعدم الاكتراث بالعدالة والحياة الكريمة للجميع، هو مصدر أزماتنا المعاصرة اليوم، وهو الذي يقود عالمنا الى حتفه.
وقالت كرمان: لم يأت البشر الى هذا العالم ليضحوا بإنسانيتهم لأجل الثروة. إن ما يُزعم اليوم أنه تنمية ليتناقض مع التفاوت الاجتماعي الذي نراه بين القلة الغنية والأكثرية الفقيرة التي تجد نفسها على هامش الحياة. هل بلغ عالمنا ذروة تقدمه؟
وأضافت كرمان: للأسف، علينا أن نعترف بأن عالمنا يمضي بأقصى ما يمكن نحو إهدار حياة الأغلبية، وإدامة الحروب والأنظمة القمعية، والاحتكار الاقتصادي للتجارة والمال، دون أي اكتراث لآثار ذلك اجتماعياً.
وأردفت كرمان: إن نضالنا من أجل حياة أفضل للإنسانية جمعاء يمضي في مسارين اثنين: مسار قانوني وسياسي، يركز على العدالة وحقوق الإنسان ومكافحة الانتهاكات والقمع والتمييز؛ وآخر اجتماعي، ويهتم بتشجيع مبادرات العون الاجتماعي بكافة صوره وأشكاله، بما في ذلك العمل الإنساني الخيري وإنشاء المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية التي تهدف إلى مساعدة الفقراء وذوي الدخل المحدود.
واعتبرت كرمان أن استخدام السلطة لحصار الناشطين في مجال المساعدة الاجتماعية والتضييق عليهم، واستغلال القضاء لرفع قضايا كيدية ضدهم، يمثلان نهجاً قمعياً، ويندرجان في إطار سياسات ظالمة ترى في المبادرات الاجتماعية كافة تهديداً لنظام لا يبالي بالعدالة، ولا بالمساواة ولا بحقوق الإنسان.
ولفتت كرمان إلى أن إعطاء المال والأشياء المادية الأولوية على البشر والحياة هو السبب الأساسي للعديد من المشاكل التي تواجهها البشرية اليوم. ولا يمكن أن يكون هناك تقدم حقيقي للإنسانية دون ربطه بحياة كريمة للجميع، مشددة على أن العون الاجتماعي وإعادة بناء المؤسسات ذات البعد الإنساني هو نهجنا، وسنؤكد عليه من خلال كافة الوسائل والمنصات المتاحة وفي نشاطاتنا العامة على مستوى مجتمعاتنا أو على مستوى العالم من حولنا.
وأكدت كرمان أن تقدم الحضارة والسياسة والاقتصاد والتكنولوجيا لا قيمة له بدون العدالة وحقوق الإنسان وحق جميع الناس في الحياة والكرامة والحرية.
في سياق آخر، أعربت توكل كرمان عن تعاطفها والتزامها إزاء الشعب الفلسطيني في غزة، والذين يتعرضون الآن لحرب إبادة جماعية وتطهير عرقي على نحو غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية.
وقالت كرمان: أدين هذه الحرب الظالمة، وأضم صوتي إلى أصوات كافة أحرار العالم في الدعوة إلى وقف فوري لها.
وفيما يلي نص الكلمة:
أود في بداية كلمتي إبداء إعجابي الكبير بالبروفيسور محمد يونس، ذلك الرائد الذي أحدث ثورة في العمل المصرفي بجعل المسؤولية الاجتماعية هدفه الأساسي. لقد ذهب البروفيسور يونس مذهباً مختلفاً بمنحه المسؤولية الاجتماعية والحياة الكريمة للجميع الأولوية القصوى، والتعبير عن دعمنا له يعكس ما يجمعنا من قيم والتزام بالمبادرات الرائدة التي تؤسس لنظم المساعدة الاجتماعية وتعمل على تطويرها. إن مبادرات كهذه تعيد بناء المؤسسات العامة والخاصة على أساس فلسفة تؤكد مجدداً على الإنسانية وعلى قيم التعاون والتكامل والمساعدة الاجتماعية، وما اجتماعنا هنا إلا لتأكيد هذه القيم وتعبير منا عن مساندتنا لطلائع المبدعين الذين اتخذوا منها مرشداً وموجهاً لأنشطتهم العامة. يقدم محمد يونس نموذجاً للعمل العام الذي يصل إلى الناس، وفي القلب من ذلك المساعدة الاجتماعية.
إن عالمنا اليوم أسير لقيم أنانية مرتكزها المنافسة التجارية والسعي لتعظيم الربح والثروة، دونما أي اعتبار لما للسياسات الاقتصادية والتجارة العالمية من انعكاس على المجتمع، فمئات الملايين من البشر على الهامش بسبب القوانين المحلية والعالمية التي تهمل المسؤولية الاجتماعية، مما يؤدي الى تفاقم الفقر والجوع والتفاوت في الدخل. كيف لنا ونحن نشاهد مثل هذه الفوارق الشاسعة ولا ندق ناقوس الخطر للتحذير من الظلم والقمع الذي يقذف بأعداد متزايدة من الناس إلى أعماق الفقر والجوع، وإلى الحرمان من فرص العمل والحياة؟
آن الأوان لدق ناقوس الخطر، فالتقدم المادي، الذي هو تجسيد للأنانية والربح وعدم الاكتراث بالعدالة والحياة الكريمة للجميع، هو مصدر أزماتنا المعاصرة اليوم، وهو الذي يقود عالمنا الى حتفه. لم يأتي البشر الى هذا العالم ليضحوا بإنسانيتهم لأجل الثروة. إن ما يُزعم اليوم أنه تنمية ليتناقض مع التفاوت الاجتماعي الذي نراه بين القلة الغنية والأكثرية الفقيرة التي تجد نفسها على هامش الحياة. هل بلغ عالمنا ذروة تقدمه؟ للأسف، علينا أن نعترف بأن عالمنا يمضي بأقصى ما يمكن نحو إهدار حياة الأغلبية، وإدامة الحروب والأنظمة القمعية، والاحتكارات الاقتصادية للتجارة والمال، دون أي اكتراث لآثار ذلك اجتماعياً.
إن نضالنا من أجل حياة أفضل للإنسانية جمعاء يمضي في مسارين اثنين: مسار قانوني وسياسي، يركز على العدالة وحقوق الإنسان ومكافحة الانتهاكات والقمع والتمييز؛ وآخر اجتماعي، ويهتم بتشجيع مبادرات العون الاجتماعي بكافة صوره وأشكاله، بما في ذلك العمل الإنساني الخيري وإنشاء المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية التي تهدف إلى مساعدة الفقراء وذوي الدخل المحدود.
إن استخدام السلطة لحصار الناشطين في مجال المساعدة الاجتماعية والتضييق عليهم، واستغلال القضاء لرفع قضايا كيدية ضدهم، يمثلان نهجاً قمعياً، ويندرجان في إطار سياسات ظالمة ترى في المبادرات الاجتماعية كافة تهديداً لنظام لا يبالي بالعدالة، ولا بالمساواة ولا بحقوق الإنسان. إنهم يسعون إلى قمع وتشويه سمعة كل من يدعو لتقاسم المنافع الاقتصادية مع الجميع. غالبًا ما يتم استهداف أولئك الذين يتبنون التعاون والعون الاجتماعي في أنشطتهم المتعلقة بالاقتصاد والمصارف وغيرها. لقد أصبحنا عميانًا عما يهم حقًا بشأن الإنسانية: القيمة التي لا تقاس بالمال.
إن إعطاء المال والأشياء المادية الأولوية على البشر والحياة هو السبب الأساسي للعديد من المشاكل التي تواجهها البشرية اليوم. ولا يمكن أن يكون هناك تقدم حقيقي للإنسانية دون ربطه بحياة كريمة للجميع. إن العون الاجتماعي وإعادة بناء المؤسسات ذات البعد الإنساني هو نهجنا، وسنؤكد عليه من خلال كافة الوسائل والمنصات المتاحة وفي نشاطاتنا العامة على مستوى مجتمعاتنا أو على مستوى العالم من حولنا.
إن قيمة لتقدم الحضارة والسياسة والاقتصاد والتكنولوجيا مع غياب العدالة وحقوق الإنسان وحق الجميع في الحياة والكرامة والحرية. أخيرًا وليس آخرًا، ونحن نناقش أهمية المسؤولية الاجتماعية، يتعين علي أيضاً الإعراب عن تعاطفي والتزامي إزاء الشعب الفلسطيني في غزة، والذين يتعرضون الآن لحرب إبادة جماعية وتطهير عرقي على نحو غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية. أدين هذه الحرب الظالمة، وأضم صوتي إلى أصوات كافة أحرار العالم في الدعوة إلى وقف فوري لها.
تفضلوا بقبول تحياتي وأمنياتي القلبية لنجاح هذا المؤتمر.
لمشاهدة الكلمة اضغط هنـــا