الأنشطة
أدانت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان السياسات الاستعمارية الفرنسية المستمرة في أفريقيا والتي كانت سبباً أساسياً ورئيسياً في الانقلابات العسكرية التي تجتاح الدول الأفريقية هذه الايام.
وقالت توكل كرمان في كلمتها أمام مهرجان الجاليات الاسلامية في نيو انجلاند بالولايات المتحدة الامريكية إن تلك السياسات التي ذهبت عوضا عن إصلاح ما أحدثته من خراب ومظالم تاريخية بحق هذه الشعوب إلى استنزاف ثرواتها وجعلها فريسة الفقر والفساد.
وأضافت كرمان: هذا يعني بالضرورة أننا ندين هذه الانقلابات العسكرية أيضا وننحاز دوما إلى خيارات الشعوب واحلامها في الحرية والديمقراطية، نحن أكثر من عانى من الانقلابات والمؤامرات الخارجية ولذا فمن الطبيعي أن ندين السياسات الاستغلالية الفرنسية والانقلابات العسكرية في آن.
من جهة أخرى، دعت توكل كرمان إلى تحويل الحاجة للحوار والتعايش، إلى تشابك مجتمعي من أجل الإنسان، من أجل تعزيز الإندماج، من أجل السلام وفرص الحياة للجميع.
وأكدت كرمان أن العالم لا يحتاج إلى حرب عالمية أخرى، وخمسين مليون قتيل لكي يستعيد إيمانه بالسلام والأخوة الإنسانية والتعايش بين البشر وضرورة نبذ العنف، مشيرة إلى أن هذه الحروب الدامية وهذا العنف الوحشي الذي يتسع كل يوم كاف ليستعيد العالم وعيه الإنساني.
وقالت توكل كرمان: يحتاج ذلك إلى نظم تعليمية ونظام عالمي جديد لا يقوم على السلاح والإخضاع، ويحتاج إلى العودة إلى منابع الثقافة الإنسانية الخلاقة وتاريخ عظمائها الذين نبذوا العنف والحروب، وضربوا لها نماذج في الرقي والمحبة، وطريق البناء والتقدم والسلام.
واعتبرت كرمان أن ما تشهده البشرية وما شهدته في فترات تاريخية مختلفة من صراع دام على خلفيات دينية مرده الى انحراف كبير حدث ويحدث في فهم مقاصد الدين والعلم بكلياته الكبرى، هذا الانحراف تسببت فيه المصالح السياسية وقاده سياسيون متطرفون، وبعض رجال الدين المتطرفين للأسف، وهو انحراف عن مقاصد الاديان وقيمها كونها مصدر خير للانسانية، وأدى الى استغلال سيء للأديان بغرض زيادة النفوذ والسيطرة للدول ومصالحها في هذا العالم.
وأكدت كرمان أن هناك حاجة بشرية ماسة لفض النزاعات وصناعة سلام مستدام في هذا العالم يقوم على القبول والتعايش الاثني والديني في كل ارجاء المعمورة تختفي معه كل اسباب الصراع والاقتتال وكل أنواع الكراهية والتعصب. ان كل ذلك مرهون بحوار مستدام وتقبل الإختلافات الثقافية والدينية والتعايش مع التنوع والإختلاف في الإراء والتوجهات.
وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم ، القائل في كتابه المجيد: [ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين]. أحيي مهرجان مسلمي نيو انغلاند، وأشارككم هذا التوجه لإعادة اكتشاف ما يجمعنا ببعض في مجتمعنا المسلم، وما يجمعنا بالمجتمع الكبير وثقافاته المتنوعة حولنا.
مهرجانكم مناسبة مهمة للتعارف واكتشاف تنوع فنوننا وثقافتنا وثراءها المعزز لقيم الحوار والتعايش والقبول بالآخر وتوسيع المساحة المشتركة مع بعضنا البعض ومع عالم البشر الذي نعيش فيه وننتمي إليه.
هذا الاهتمام بابراز التنوع والثراء الثقافي داخل المجتمع المسلم في نيو انغلاند، سوف يسهم في إبراز الصورة الحقيفية للإسلام، وتنمية مساحات الحوار والتفاعل الثقافي وتعزيز الإندماج الإجتماعي بين مسلمي نيو انغلاند والمجتمعات المتنوعة التي يجمعهم بها العيش المشترك في مجتمع كبير ومتنوع في ثقافاته وفنونه وتعليمه ومعتقداته.
المهرجان الثقافي والفني فرصة للمجموعات المتعددة لمعرفة تنوع الثقافة الإسلامية وفرصة للآخرين للتعرف عليها واكتشاف جمالها وتنوعها وثراءها الإنساني، وهذا يعزز اندماج كل الناس هنا وعلاقاتهم ببعضهم وبالآخرين.
يساهم هذا المهرجان في نشر الوعي بأهمية الحوار في مواجهة التعصب. ويمثل التنوع داخل مجتمعكم الإسلامي مصدرا لثراء الحياة الفكرية والثقافية في أوساطكم، والقبول بمبدأ التنوع الثقافى في المجتمع الواسع حولكم. ان التنوع في تراثكم الفني والثقافى يبرز في هذا المهرجان الذي يرعى هذه المساحة المشتركة للحوار المتبادل والمنفتح.
ان المجتمع الاسلامي في نيو انغلاند يتشكل من لغات مختلفة وموروثات أدبية وفنية وثقافية ومعرفية مختلفة. ومن حق هذا المجتمع ان يحظى بالمساواة في الفرص والمشاركة في تشكيل الحياة المجتمعية بشكل أوسع.
التنوع الثقافي في مجتمعكم وإبرازه في مهرجاناتكم الثقافية والفنية يمثل عمل ايجابيا بإتجاه إعادة الإعتبار للثقافة الإسلامية التي يتم تجاهلها، كما تساهم هذه المهرجانات في تحقيق الإندماج للمجموعات الثقافية والعرقية المختلفة داخل المجتمع الإسلامي في نيو انغلاند.
أنا لديَّ أمل وثقة بإن التواصل والحوار الثقافي والفعاليات الثقافية التي تمكن الآخر من معرفتنا يمكن أن تحدث تغييراً استثنائياً، نوع من تخطي العزلة بين الثقافات، ومعه فرصة لتعزيز الإندماج والمساحة المشتركة مع الآخر.
يبدو ذلك ممكنًا، في مواجهة الانقسام الموجود في كل مكان، والافتقار المروع إلى الرحمة والمغفرة، الذي يتسع كظاهرة عالمية مع عودة الصراعات الجذرية، وشبح الحروب الكبرى الذي يلوح مهددا العالم، وما تشي به ظلال هذا الشبح من انتشار ثقافات اقصائية تسعى لرفض الاخر واقتلاعه.
يبدو أن الكثير من الناس يتأثرون بسلبية من تعبئة حملات الكراهية التي تقودها سياسات عنصرية وإقصائية، ومن شأن توجها ثقافيا واسعا أن يذوب عداءات يراد لها أحيانا ان تتسع، وتذوب كراهية تخلقها صراعات مصالح تستخدم التحريض ضد المختلفين دينيا وتشيطنهم، حتى يظهر التنوع الثقافي في هذه الخطابات وكأنه عداء لا يمكن إصلاحه.
ان مسلمي نيو انغلاند لهم دور مهم في تعزيز التنوع الخلاق في تركيبة المجتمع هنا وفي أمريكا عموما، وإثرائه بالبعد الثقافي للمسلمين وإرثهم الحضاري. ان المسلمين في نيو انغلاند بامكانهم أن يساهموا بهذه المهرجانات في تغيير الصورة الزائفة عن الاسلام التي تقدمه باعتباره ديناً يتناقض مع قيم العصر. لقد ساهم في بناء هذه الصورة الجماعات المتطرفة، والسياسات الدولية العنصرية إزاء الاسلام، على حد سواء. الاولى بتطرفها ونزوعها نحو العنف، والدول الكبرى التي حولت الحرب على الارهاب الى عقيدة جديدة تصم المسلمين بنظرة عنصرية وتستخدم الجماعات الارهابية ستارا لنظرتها العنصرية ازاء الاسلام.
إن الإسلام يُقرِّر أن الناس، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم وألوانهم وألسنتهم، ينتمون إلى أصلٍ واحدٍ، فهم إخوة في الإنسانية، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكم لآدمَ، وآدم من ترابٍ، لا فضلَ لعربيٍّ على أَعْجَمِيٍّ إلّا بالتقوى).
كما أكد الدين الإسلامي أن الخالق سبحانه وتعالى لم يخلق البشر ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضاً، وإنّما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضاً قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إن أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إن اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
إن الحوار والتعايش والإندماج الثقافي حاجة إنسانية في مجتمعكم وفي كل مجتمع يعيش أفراده معاً وتجمعهم روابط الإنتماء الإنساني كبشر على إختلاف معتقداتهم وثقافاتهم وإنتماءاتهم.
هذه مهمتنا الآن في مجتمعاتنا الصغيرة وفي العالم: تحويل الحاجة للحوار والتعايش، إلى تشابك مجتمعي من أجل الإنسان، من أجل تعزيز الإندماج، من أجل السلام وفرص الحياة للجميع.
لا يحتاج العالم إلى حرب عالمية أخرى، وخمسين مليون قتيل لكي يستعيد إيمانه بالسلام والأخوة الإنسانية والتعايش بين البشر وضرورة نبذ العنف. هذه الحروب الدامية وهذا العنف الوحشي الذي يتسع كل يوم كاف ليستعيد العالم وعيه الإنساني.
يحتاج ذلك إلى نظم تعليمية ونظام عالمي جديد لا يقوم على السلاح والإخضاع، ويحتاج إلى العودة إلى منابع الثقافة الإنسانية الخلاقة وتاريخ عظمائها الذين نبذوا العنف والحروب، وضربوا لها نماذج في الرقي والمحبة، وطريق البناء والتقدم والسلام.
ان ما تشهده البشرية وما شهدته في فترات تاريخية مختلفة من صراع دام على خلفيات دينية مرده الى انحراف كبير حدث ويحدث في فهم مقاصد الدين والعلم بكلياته الكبرى، هذا الانحراف تسببت فيه المصالح السياسية وقاده سياسيون متطرفون، وبعض رجال الدين المتطرفين للأسف، وهو انحراف عن مقاصد الاديان وقيمها كونها مصدر خير للانسانية، وأدى الى استغلال سيء للأديان بغرض زيادة النفوذ والسيطرة للدول ومصالحها في هذا العالم، حدث ذلك ويحدث ضدا على ما اراده الله في ان تكون الاديان مصدر للقيم الأنسانية ولجعل العالم افضل واكثر خيرية.
هناك حاجة بشرية ماسة لفض النزاعات وصناعة سلام مستدام في هذا العالم يقوم على القبول والتعايش الاثني والديني في كل ارجاء المعمورة تختفي معه كل اسباب الصراع والاقتتال وكل أنواع الكراهية والتعصب. ان كل ذلك مرهون بحوار مستدام وتقبل الإختلافات الثقافية والدينية والتعايش مع التنوع والإختلاف في الإراء والتوجهات.
نحن اليوم في أشد الحاجة ، أكثر من أي وقت مضى ، إلى إبتكار مساحات محفزة للحوار وبناء الجسور لتعميق التفاعل الذى أساسه التعرف على عمق ثقافتنا الإسلامية وتنوعها وثراءها الإبداعي، وتقديمها للآخر ليتعرف علينا من خلالها.
إن بناء جسور التواصل والحوار مع الآخر وتحقيق التماسك في مواجهة التعصب العنصري يتم بإبراز التنوع الثقافى والفني في تراثنا والإستناد إليه في إثراء الحياة الثقافية والفنية داخل المجتمع الإسلامي وحوله في المجتمع الكبير المتنوع والمتعدد في ثقافاته وفنونه ومعتقداته. الفن يهيء بيئة ملائمة للتغيير الثقافي، ويفسح مجالاً أوسع للحوار مع الآخر. ومن خلال الفنون والفعاليات الثقافية سوف يصبح ممكناً تعزيز المشاركة، بتبادل وجهات النظر حول الموروث الثقافي والفني المتنوع وتنمية ثقافة التعايش والحوار والقبول بالآخر.
عليكم ان تخوضوا حوار متعددا من اجل خير مجتمعكم والمجتمع الكبير حولكم. خوضوا حواراً كبيرا بغرض التقارب والتعاون والتعايش، وكلها معاني كبيرة لها مدلولات كبرى ذات علاقة بالاعتراف الكامل بالآخر وبالاستعداد الكامل للتعايش معه والقبول به والدفاع عنه ان اقتضى الأمر.
اجعلوا من التسامح والتعايش طريقكم ومنهجا لكم. هذه هي رسالة ديننا الإسلامي الحنيف، وهي رسالة واضحة في نصوصه وإرثه الثقافي المتنوع ، وواضحة وجلية في تاريخ مجتمعاتنا التي تعايشت فيها الثقافات المتنوعة داخل الإسلام ، وشكلت أهم فترات إزدهاره وإنتشاره في العالم.
لقد جاءت الأديان من أجل السلام والأخوة الإنسانية وخير البشرية. وعلينا أن نعيد الإعتبار لهذه الرسالة، من خلال فعالياتنا، وثقافاتنا وفنوننا التي تؤكد على هذا الموروث الإنساني وما يتضمنه من قيم ترسخ التعايش والتسامح والقبول بالآخر..
أخيرا أيها الأعزاء..
دعوني باسم ثوار الربيع العربي وثوراتهم الأخلاقية وكفاحهم العظيم المستمر في سبيل الحرية أدين السياسات الاستعمارية الفرنسية المستمرة في أفريقيا والتي كانت سبباً أساسياً ورئيسياً في الانقلابات العسكرية التي تجتاح الدول الأفريقية هذه الايام، تلك السياسات التي ذهبت عوضا عن إصلاح ما أحدثته من خراب ومظالم تاريخية بحق هذه الشعوب إلى استنزاف ثرواتها وجعلها فريسة الفقر والفساد، هذا يعني بالضرورة أننا ندين هذه الانقلابات العسكرية أيضا وننحاز دوما إلى خيارات الشعوب واحلامها في الحرية والديمقراطية، نحن أكثر من عانى من الانقلابات والمؤامرات الخارجية ولذا فمن الطبيعي أن ندين السياسات الاستغلالية الفرنسية والانقلابات العسكرية في آن.