كلمات
خطاب توكل كرمان بمناسبة الذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر 1962
سلام على ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة
سلام على أهلها الطيبين، وأبناءها المخلصين
سلام على فتية مؤمنة عقدت العزم على تحطيم الصنم،
وأوفت بوعودها في يوم لا يُنسى، ولحظةٍ لا تبلى
السلام على أبطال وشهداء ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر
والرابع عشر من أكتوبر المجيدتين،
وكل أبطال وشهداء الحركة الوطنية اليمنية
لا نفرق بين أحد منهم ولا نبدل تبديلا
سلام عليهم في الأولين والأخرين.
السلام عليكم إخواني واخواتي أينما كنتم في ربوع يمننا الحبيب وفي كل مكان..
تحل علينا الذكرى الثانية والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة وبلادنا لا تزال رهن الفوضى الشاملة، فالمليشيات لا تزال تهمين على كل شيء، وتهين كل شيء.
منذ عدة أعوام والمشهد اليمني شديد الوضوح برغم سعي البعض لترويج سرديات مزيفة، وأكاذيب ملفقة. كما تعلمون ليس هناك انقلاب واحد ضد الدولة اليمنية، بل عدة انقلابات، وجميعها حظيت بتدبير ودعم من الخارج.
إنه من المؤسف حقا، أن نرى بلادنا مسلوبة القرار الوطني، لا تملك من أمرها شيء. هذه الخلاصة التي بات يعرفها كل يمني ويمنية، ولم يعد بمقدور أحد القفز على هذه الحقيقة.
لدى رعاة الفوضى في اليمن فائض من الأيديولوجيا والمال، وهذا ما جعل التوصل إلى حلول عادلة ليس مهمة سهلة.
الأخوة والأخوات..
لن أقول جديدا عندما اعتبر أن نظام الإمامة يمثل انموذجا فريدا في الانحطاط والظلم، حيث كانت الناس تعيش ظروفا غير إنسانية، واستبدادا كهنوتيا جعل حياتها تتراوح ما بين الجهل والفقر والمرض والخرافة.
لقد عانى شعبنا معاناة لا مثيل لها، فالنظام الذي قام على الجبايات والتجهيل والعزلة لم يكن ليهتم بشؤون الناس ومصالحهم.
يتذكر شعبنا اليوم تلك الحقبة السوداء بمزيد من الإصرار على تخطي هذا الإرث المظلم؛ لأن اليمن شعب يستحق حياة كريمة وهذا الأمر ليس منةً من أحد.
يتصور الطغاة في كل زمان ومكان أن الناس قد خلقوا عبيدا لهم، أو جنودا في معاركهم العبثية، لكنهم يكتشفون فيما بعد أنهم أغبياء عندما صدقوا تخيلاتهم المريضة، فتشوا عن مصائرهم كيف كانت مؤلمة وقاسية في كثير من الأحيان.
اليوم، يقف اليمنيون في كل هذه الأرض موقفا واحدا من شأنه تعظيم ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وأبطالها، متذكرين معاناة أباءهم وأجدادهم في ظل حكم الأئمة البائد. وكم أسعدني إصرار شعبنا والشباب اليمني العظيم على احياء هذه الذكرى العظيمة. وحده الحوثي يقف في الجهة المضاده والأكثر خطيئة في التاريخ محاولا طمس حقيقة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، لأنه يدرك تماما أنه ليس إلا نسخة أكثر بؤسا من نسخة الإمامة.
بعيدا عن ايديولوجيا الحوثي ومعتقداته التي تجاوزها العصر، بعيدا عن هذه النقطة، لقد أثبت الحوثي خلال السنوات السابقة أنه سلطة قهر وجبايات وفساد، وأن مشروعه البائس لا يمت بصلة للمشروع الوطني اليمني الخالص.
ينطلق المشروع الحوثي من فكرة مجنونة مفادها أن اليمن غنيمة لأسرة بعينها، وفق تفسير ديني متعسف وهو أمر لا يمكن القبول به مطلقا.
كثيرة هي الخرافات من حولنا، لكن الخرافات التي يتبناها الحوثي تقود للموت والخراب، فهي تحتقر أفكار المواطنة والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والأحزاب، والصحافة الحرة.
سياسات وخرافات الحوثي هدفها إعادة اليمن لمنطق العصور الوسطى، ولدي مايكفي من اليقين والمعرفة والايمان بشعبنا لأجزم أنه لن يفلح في مسعاه، وأن مشروعه التدميري إلى زوال.
الأخوة والأخوات..
في هذه الظروف الصعبة نحتاج إلى تمثل قيم ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر المجيدتين؛ لأن هذا هو الطريق للخروج من هذه الدوامة الجهنمية.
إن الحرية والعدالة المواطنة المتساوية والاستقلال الوطني قيم أساسية ينبغي عدم التفريط بها، أو المساومة بشأنها. هذا ما يجب أن يكون واضحا للجميع، لأن هناك من يرفض انقلاب الحوثي على هذه القيم، لكنه يقبلها من غيره.
الجمهورية ليست أهواء، والجمهوري الحقيقي هو الذي يرفض كل ما يمس حقيقتها وطبيعتها.
في هذا السياق، بات من الضروري القول وبلغة حاسمة أن سلطة مايسمى بمجلس القيادة الرئاسي لا تقوم بواجباتها في حماية الناس وبناء المؤسسات على أسس وطنية، ومما يؤسف له، أن تلك السلطة لا تملك خطة جدية لمواجهة وإسقاط الانقلاب واستعادة الدولة والقرار السياسي، ورفض الوصاية الخارجية.
إن من الأخطاء الفادحة التي يقع فيها البعض من المحسوبين على معسكر الشرعية هو محاولة تقليد الحوثي في رؤيته للحكم وفي نظرته للمال العام، وفي استهتاره بحقوق الناس ومصالحهم. لا أظن أنهم سوف يراجعون أنفسهم ويعلنون التوبة، ويسهموا في وضع نهاية لهذه الحرب وهذا الانقسام، فالذي يبيع شرفه الوطني، ويقبل أن يكون اداة بيد الخارج لن يكون بمقدوره اتخاذ قرار شجاع مثل هذا.
مثل هذه التوجه لا يستحقه شعبنا الذي ينتظر مسؤولين حقيقيين ورجال دولة يقودونه من اجل الخلاص ويحاربون من أجل إخراجه من دوامة الحرب والفوضى، واستعادة دولته وبسط سيادته على كامل التراب الوطني.
الإخوة والأخوات..
مؤسف اننا نفتقر اليوم لقيادة وطنية شجاعة، صحيح أننا نفتقد لرجالات سبتمبر وأكتوبر في هذه اللحظة الحاسمة، نفتقد شجاعتهم وحبهم وإخلاصهم لليمن. لكن هذا الأمر ينبغي الا يكون سببا في إحباطنا مطلقا. ايماننا بأنفسنا وبتاريخنا وبإرثنا الوطني وبقدرتنا على تغيير الواقع الأليم هو أهم شيء نتمسك به اليوم. أنا على ثقة تامة من أن شعبنا قادر على قلب المعادلة، فعلها سابقا، وسيفعلها في الوقت المناسب. لا يوجد من هو أقوى من الشعوب، كل الذين ظنوا أنهم أقوى سقطوا سقوطا مدويا، وانهارت هيبتهم، وتناثروا كهشيم تذروه الرياح.
المتجبرون في اليمن والمتطاولون على سيادته ووحدته وجمهوريته بلا شك سينالون هذا المصير. الحرب سوف تنتهي، واللصوص الذين يتحكمون في البلاد لن يجدوا وقتا للهرب.
عاشت اليمن جمهورية ديمقراطية مستقلة، وعاش شعبها حرا كريما لا يقبل الوصاية..