كلمات
كلمة الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان في الحلقة النقاشية التي نظمها مجلس شيكاغو للشؤون العالمية بعنوان: قضايا عالمية لا يمكن تجاهلها
بداية أنا سعيدة بالمشاركة في هذه الفعالية المهمة جدا والتي ينظمها مجلس شيكاغو للشؤون العالمية..وأنا سعيدة ايضاً أن أشارك اخوتي محمد يونس وعادل نجم هذه الجلسة النقاشية.
في الحقيقة ان عنوان الموضوع مؤشر على طبيعة القضايا التي نحن بصددها وذو دلالة لحال هذه القضايا في عالم اليوم، واعتقد ان من ضمن اهم القضايا العالمية الرئيسية، ان لم يكن أهمها على الاطلاق، هي مواضيع حقوق الانسان. والانسانية اليوم تعاني من تراجع الاهتمام بقضايا حقوق الانسان على مستوى العالم، فللأسف لم يعد هناك من يتحدث عن حقوق الانسان.
فبينما كانت التوقعات تبشرنا في بدايات هذا القرن الواحد والعشرين بنمو الديمقراطيات الناشئة والتزام الدول بإحترام حقوق الانسان وصيانتها، ذهب العالم في طريق آخر تراجعت فيه الديمقراطية كقيمة تحتذى في العالم أجمع.
من المؤلم تراجع الإهتمام بقضايا حقوق الإنسان على مستوى العالم وأنها لم تعد تحتل الصدارة، بمقابل صعود العنصرية وخطابها وقواها في السنوات الماضية، وفي عقر دار العالم الحر في أميركا والدول الأوربية، الى جانب عودة الحروب والصراعات الدولية التي تغلب المصالح والنفوذ ومساندة حلفاءها من الانطمة والميليشيات.
وفي مواجهة هذا الارتداد العالمي عن حقوق الانسان يتحتم علينا جميعا ان نكون جنبا الى جنب في التأكيد على كفاحنا من أجل حقوق الانسان كقضية عالمية..نتضامن جميعا كمجتمع مدني وكحراك عالمي وكناشطين ومدافعين عن حقوق الانسان في عالم يشهد نكوصا عن القيم العالمية كالحرية والمساواة والديمقراطية وحكم القانون والعدالة.. علينا ان نتحد. علينا ان نقف مع بعضنا. علينا ان نؤكد كفاحنا من أجل وقف هذا التراجع في حقوق الانسان.
إن الاحتجاجات التي شاهدتموها في مدن اميركا، دولة الديمقراطية الكبرى في العالم، ضد العنصرية، تذكرنا بحقيقة حذرنا منها في دول الربيع العربي التي شهدت حروبا شاملة ضد حقوق الانسان طالت مجتمعاتنا وشعوبنا عقابا لها على ثورات سلمية شعبية رفعت شعار التغيير من اجل العدالة وحكم القانون وحق الشعب في اختيار من يحكمه.
لقد عرفت اليمن وبعض بلدان الربيع العربي في السنوات التسع الماضية نوعا بشعا من الحروب ابتكرتها الديكتاتوريات المنتقمة من مجتمعاتها المنتفضة ضدها، وبمشاركة الدول الاقليمية المعادية للتحرر والديمقراطية. حروب في سبيل السلطة والسيطرة على حركة التغيير. حروب لم تتورع عن تدمير بلداننا وتحويلها الى ركام فوق النساء والرجال والأطفال، لقد حاولوا سد أفقنا بالدم والموت ولكن إرادة الحرية أقوى من الموت والدمار، والمستقبل لنا لا للطغاة والميليشيات.
إن ما تشهده الولايات المتحدة اليوم لن يكون بمقدور الادارة الاميركية تقييده او منع الناس من التظاهر، من الواضح ان الادارة الاميركية في ظل دونالد ترامب تخلت عن مهمتها في الدفاع عن الحقوق والحريات من المستبدين والطغاة، لكن تلك المظاهرات والاحتجاحات ترسل رسالة لنا جميعا ولشعوب العالم الثالث ان الشعب الاميركي حي وتلك الاحتجاجات ليست انتصارا لقيم حقوق الانسان داخل الولايات المتحدة فقط بل هو دفاع عن حقوق الانسان في كل مكان.
اليوم هناك الربيع الاميركي مع ولادة الحراك المدني. ان قمع الشعوب وظلم المستبدين لا يتوقف عند الشعوب والبلدان المقموعة، بل يمتد تأثيره الى كل مكان في العالم.
أميركا في ظل ترمب على وجه الخصوص تخلت عن مهمة الدفاع عن الحقوق والحريات ولم تعد تقدم دعما حقيقيا او تقوم بشيء ملموس حيال ضحايا الاستبداد، لكن هذا ليس مكان وموقع الولايات المتحدة الاميركية، مكانها الصحيح هو قيادة العالم الحر وحماية الحقوق.. هذا ما يفترض أن يكون وسوف يكون..انني حينما ارى تلك الجموع وتلك المظاهرات الكبيرة التي تنادي بالحرية والمساواة أثق بأنها هي من بيدها ان تقرر مصير الولايات المتحدة ومصير العالم والمستقبل، وان المستقبل سيكون افضل في ظل قيادتهم.
رسالتي للمحتجين في الولايات المتحدة الاميركية؛ أنتم على الجانب الصحيح من التاريخ. انتم روح اميركا وروح العالم. أنتم روح الانسانية ووجهها الحقيقي.