كلمات
كلمة الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان خلال مؤتمر الناتو عن تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1235 حول المرأة والأمن والسلام - بروكسل
أخشى أيها الأعزاء أن الكلام حول المرأة وحقوقها من قبل المنظمات الأممية، اصبح كلاما مكررا ومستهلكاً لا تجني المرأة منه الا المؤتمرات والتوصيات والقرارات التي سرعان ماتذهب أدراج الرياح ولا تجد طريقها للتنفيذ ، والتي لا تجني منها المرأة سوى الوعود فقط،
المشكلة أيتها السيدات والسادة أن تلك القرارات ومنها قرار مجلس الأمن رقم 1325حول المرأة والأمن والسلام ، وقبله اتفاقية مناهضة جميع أشكال العنف والتمييز ضد المرأة ، واتفاقيات منهج عمل بجين ، والالتزامات الواردة في الوثيقة الختامية للدورة الاستثنائية للجميعة العامة المعنونة المراة عام 2000 المساواة بين الجنسين والتنمية والسلام في القرن الواحد والعشرين ، أنها جميعها وعلى عظم نصوصها وأهمية موادها إلا أن هناك اشكالية رئيسية لا تزال مشتركة بين كل تلك القرارات والمواثيق والعهود حيث انها تفوض عملية التنفيذ والإشراف والمتابعة للأنظمة وللدول وللحكام المستبدين.
وإلى أن تحظى تلك القرارات والمواثيق والعهود الدولية ، بآلية أممية تكفل التنفيذ والمتابعة والإشراف الأممي على تنفيذها وتكفل العقاب والردع والزجر على من انتهكها وأخل بالتزاماته من الأنظمة والحكام فستظل حبرا على ورق لا تجني منها المرأة سوى الوعود المعسولة على الورق وسوى الحرمان والإقصاء والإلغاء والتهميش على أرض الواقع ، وإن بنسب متفاوته بين كل دول وشعوب العالم .
أيها الأعزاء ..
أتساءل ما الذي سيقوله تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون هذا العام حول تطبيق القرار رقم 1325 ، وهل سيتضمن تقريره حول الربيع العربي لهذا العام أن منظمته الأممية لم تفعل شيئا لمعاقبة قتلة الآلاف من المتظاهرين في كل ثورات الربيع العربي ، على الرغم من أن القرار يتضمن بنداً صريحاً يشدد فيه على مسؤولية جميع الدول عن وضع نهايه للإفلات من العقاب ومقاضاة المسؤولين عن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، بما في ذلك تلك المتعلقة بما تتعرض له النساء والفتيات من عنف جنسي وغيره من أشكال العنف، ويؤكد، في هذا الصدد، ضرورة استثناء تلك الجرائم من أحكام العفو والتشريعات ذات الصلة، حيثما أمكن؛
هل سيتضمن تقريره أنه تم وباشراف مباشر منه إنجاز مبادرة تمنح المخلوع علي عبدالله صالح ومساعديه في النظام اليمني السابق حصانة من الملاحقة والمساءلة عن اي من جرائمهم التي تعد جرائم ضد الإنسانية التي ارتكبوها خلال ثلاثة وثلاثين عاما من حكمه.
وهل سيتضمن تقريره إلى أن مبعوثه إلى سوريا كوفي عنان ربما يسعى لمنح ذات الضمانات لبشار الأسد الفاسد والظالم والمستبد !!!
أيها السادة مرة أخرى، لا سلام دون عدالة، وماتقوله العدالة الانسانية أن قتلة المتظاهرين ومرتكبي المجازر بحق شعوبهم من الأنظمة المستبدة التي أسقطتهم ثورات الربيع العربي يتعين أن تطالهم المساءلة الجنائية والملاحقة الدولية جراء ما ارتكبوه من جرائم بحق شعوبهم ، ويتعين الحجز على أرصدتهم وأموالهم التي استولوا عليها جراء اساءتهم استغلال السلطة.
إننا ندعو شعوب ودول الناتو ومعهم كافة شعوب ودول العالم المحبة للسلام والراعية للحقوق والحريات الديمقراطية إلى لعب دور فاعل في نصرة الشعب السوري المناضل الذي يقارع استبداد نظام بشارة الأسد الإجرامي بصبر وتضحية اسطورية تتوق للحرية والكرامة وتقدم عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى في معركة الحرية والكرامة ، أدعوهم للعمل مع الجمهورية التركيا على إقامة منطقة عازلة تمتد لعشرات ومئات الكيلومترات داخل الحدود السورية تكفل توفير الملاذ الآمن للأسر وللأفراد الفارين من جحيم وبطش بشار الأسد وقمع أجهزته الأمنية والعسكرية ، ادعوهم إلى تقديم كافة أنواع الدعم المادي واللوجستي للمجلس الوطني السوري ، ولكافة المجالس والائتلافات الشبابية التي تقود معركة الحرية والكرامة في سوريا
أدعوهم إلى حصار اقتصادي كامل لنظام بشار الأسد يحول دون تدفق الأموال والأسلحة إليه والتي بات واضحاً أنه فقط يقتل بها شعبه ويغذي بها آلة القتل والتدمير ، انتم مدعوون اليوم للقيام بواجبكم الانساني لتوفير كافة أشكال الدعم والحماية لشباب سوريا وأطفال سوريا ونساء سوريا الذي يقتلهم نظام بشار الأسد بشكل يومي في كل أنحاء سوريا العظيمة .
دعوني أيها الأعزاء ألفت نظركم كذلك ونحن نناقش في هذا المؤتمر قرار 1325 والذي يحث في أول بنوده على ضمان زيادة تمثيل المرأة على جميع مستوياتصنع القرار في المؤسسات والآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمنع الصراعات وحلها ، ا
إلى أنني كنت قبل أشهر في زيارة لمقر الأمم المتحدة ، لاحظت وأنا أشاهد صور أمناء العموم الذين تعاقبوا على رئاسة هذه المنظمة الأممية منذ عام 1945 وحتى يومنا هذا لم أجد بينهم امرأة واحدة !! ، لكم أيها الأعزاء أن تتعجبوا كم المفاجأة قاسية ومؤلمة ومحزنة في آن.
طبعا ليس مقبولاً القول أن ماهنالك امرأة في هذا العالم لديها الكفاءة والقدرة على إدارة المنظمة الأممية ، إنني أدعوا إلى أن تتاح للمرأة نفس الفرص لرئاسة الأمم المتحدة وجميع المنظمات الدولية لنقدم دليلاً عملياً على أن هناك من يهتم لأمر المرأة بالفعل في أروقة المنظمات الدولية وأجندتها.
نعم يمكن القول كذلك أن الدول الأعضاء في منظومة الأمم المتحدة لم تفعل شيئا مهماً لتحقيق زيادة مشاركة المرأة في جميع مستويات صنع القرار في عمليات حل الصراعات وإحلال السلام، وها قد مضى اكثر من عشرة أعوام على صدور قرار مجلس الامن 1325 ولا تزال كل قرارات السلم والحرب مؤسسة خالصة ومحتكرة على الذكور تقريبا لدى معظم الدول الأعضاء.
أخيرا أيها الأعزاء ..
قد يبدو غريبا مشاركتي في فعالية يقيمها حلف الناتو العسكري ، لكن أنا هنا اليوم ليس إقرارا مني لسياسات الناتو العسكرية ، بل لدعم مشاركة المرأة في صنع السلام ، وأنا هنا انتهز هذه الفرصة لأجدد دعوتي لحلف الناتو .. لشعوبه ودوله ، إلى أن يقوم بمسؤولياته في تبني سياسة تدافع عن حقوق الشعوب وتنتصر لحقوق الإنسان وفق معايير ومبادئ حقوق الإنسان وليس طبقاً للمصالح الدولية ومصالح الدول الكبار في حلف الناتو فقط.
تقبلوا خالص تحياتي .. ولنعمل معاً من أجل عالم يسوده السلام واحترام حقوق الإنسان؟