كلمات
كلمة الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان خلال تسلمها الدكتوراه الفخرية في القانون الدولي من جامعة ألبرتا - كندا
في البدء دعوني أعبر عن فخري بجامعة البرتا الجامعة الشهيرة ذات التاريخ المجيد والصرح العلمي الشامخ، وأهنئ جميع الطلبة الذين تخرجوا اليوم وأتمنى لهم مستقبلا واعدا، وأرجو لهم مشاركة فاعلة في خدمة وطنهم وأمتهم والإنسانية جمعاء.
كما أشكر إدارة الجامعة على منحي شهادة الدكتوراه في القانون الدولي، أقبل هذه الشهادة وأعلن اعتزازي بها ويزداد فخري بها كونها تأتي في مجال اهتمامي، وطبيعة عملي كناشطة حقوقية أدافع عن الحقوق وأساند الحريات المدنية والسياسية للمواطنين، أكافح الفساد وادعو إلى الحكم الرشيد، وهي كلها مبادئ وقيم تقوم على أساس من العهود والمواثيق والقوانين والاتفاقات الدولية.
أيها الأعزاء..
إن العولمة المتسارعة التي يغذيها ويصنعها الانفجار المتسارع والمتعاظم لوسائل الاتصالات وتقنيات والمعلومات، تجعل من القوانين والمواثيق والاتفاقات الدولية الاكثر حضورا وأهمية، ربما من القوانين والتشريعات الوطنية في العصر الحديث. إننا في عالم اليوم لا نحتاج إلى إعمال هذه التشريعات وتنفيذها تنفيذا كاملا في مختلف المجالات والابعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية فحسب، بل إلى تطويرها وتحديثها بما يمكنها من التعامل مع كل صغيرة وكبيرة مع كل دقائق وتفاصيل الحياة العالمية في عالم اليوم وفي قريتنا الكونية الصغيرة .
أيها الأعزاء ..
يخيل إلي أننا يوما بعد يوم في هذا العالم الصغير وبفعل تعاظم وسائل الاتصالات وتقنيات تكنولوجيا المعلومات نزداد تقاربا وتشاركا واندماجا وتوحدا، نؤثر ونتأثر بطريقة تجعل منا دويلة صغيرة ذات مركز واحد وتشريعات وقوانين واحدة.
ومع هذا التقارب يكون الأثر بالغ الخطورة والتدمير للجرائم عبر الوطنية وجرائم القرصنة وغسل الأموال وجرائم التهريب والمخدرات والجرائم الالكترونية وجرائم الإرهاب وجرائم التلوث البيئي، ما من شأنه أن يحطم بيئتنا المشتركة وحياتنا الاجتماعية العالمية وأن يقوض سلمنا العالمي، ويهدد استقرارنا العام، كل ذلك إن لم تتصدى لها منظومة من التشريعات الدولية المحكمة والمرنة والتي عليها أن تتنبأ بها وتكافح تلك الجرائم بطريقة منظمة وشاملة .
أيها الأعزاء ..
إن العالم الواحد والقرية الصغيرة ليس كلمة عابرة نقولها دون أن يترتب عليها شيء، إنها حقيقة واحدة تنتظرها التشريعات المؤسساتية والقانونية التي تجعل منها عالما متكاملا يؤثر بعضه على بعض، يخدم بعضه بعضا بطريقة ايجابية وعلى نحو نافع.
نحن بنو الإنسان، الأرض أمنا ووطننا والانسانية أمتنا وهويتنا، هذه هي أحق الحقائق في عالم اليوم، والتي علينا أن نوليها اهتماما بالغا. إن الإضرار بسلامة الأرض ومستقبلها جريمة جسيمة علينا جميعا أن نكافحها.
إنني أدعو اليوم من جامعة ألبرتا إلى تجديد اتفاقية كيوتو لحماية المناخ وإلى توقيع كافة الدول عليها، وأؤكد أن حماية الأرض أمر بالغ الأهمية، لا يمكن أن ينظر إليه باعتباره أمرا ترفيا أو كماليا زائدا عن الحاجة.
إن الكوارث غير المتوقعة وغير المقدور عليها التي تحدث هنا أو هناك بصورة متسارعة، تبين لنا مدى أهمية التوقيع على هذه الاتفاقيات والعمل بها.
أيها الشباب:
انتم من يصنع التاريخ، من يغير الحاضر، من يصنع المستقبل، من يضع الحلول الناجعة لمشكلاتنا المستعصية في عالم اليوم، من يبتكر الاساليب والوسائل والانماط الناجعة لتحقيق مزيدا من الرفاهية لعالم اليوم والغد، وأنتم وحدكم من لديكم القدرة المستمدة من قدرة الله الحي على تحقيق الإعجاز في الانجاز تلو الانجاز.
أثق أيها الأعزاء .. إن أمتكم ستفخر بكم واحدا واحدا، وواحدة واحدة، وسنلتقي ذات يوم قريب وقد أصبحتم في مراكز بالغة الأهمية تبثون منها الخير والعطاء والحب والسلام لأمتكم وللإنسانية جمعاء.