كلمات
السلام عليكم أشكر وزارة المرأة وسعادة الوزيرة ومنظمة التعاون الاسلامي على تنظيم هذا المؤتمر الهام ، مؤتمر " دور المرأة في منظمة التعاون الاسلامي "، سعيدة للغاية انني اتحدث اليكم اليوم في اليوم كقيادات نسائية ينتظركم دورا رياديا لقيادة مسيرة هذه الأمة لتأخذ مقعدها في مقدمة الأمم التي حققت الريادة والمجد.
السيدات والسادة:
عادةً ما تثير الفعاليات التي تناقش حالة المرأة ودورها المستقبلي الشكوك لدى ذلك القطاع المتحفظ على أي دور للمرأة في الحياة العامة، يحدث ذلك تحت حجج كثيرة، أبرزها أن هناك أجندة مشبوهة ومؤامرة دولية تريد تدمير قيم المرأة المسلمة وتفكيك أواصر المجتمع المسلم، ومما يساعد في رواج مثل هذه الاتهامات انحراف بعض المنظمات والجمعيات التي تعمل في حقل حقوق المرأة من خلال تبني أفكار ومشاريع صدامية، ترتكز على فهم خاطئ تماما. على الصعيد الشخصي، لم أكن مهووسة بالطريقة التي يدافع بها معظم المنظمات النسوية عن المرأة، فهي طريقة تؤسس لحرب أهلية باستمرار، فغالبا ما يمتلئ خطاب هذه المنظمات بعبارات تخوين واقصاء الرجل، كأن تحصيل المرأة لحقوقها مرتبطة بفقدان الرجل لحقوقه!.
إزاء هذه الطريقة المتشنجة، التي تحدث ضجيجا أكثر من أي شيء آخر، تبنيت وجهة نظر بسيطة للغاية، تتمثل في أنه يجب الدفاع عن حقوق الرجل وحقوق المرأة بذات القدر والحماسة، وأنه ليس صحيحا أن الرجل يتمتع بجميع حقوقه، أو أن ما حصل عليه من حقوق ومزايا يجعله غير محتاج للمزيد.
إن مسألة حقوق الإنسان تخص المرأة مثلما تخص الرجل، وتخص الأطفال أيضا، ولذا يجب الاهتمام بقضية أساسية وهي: ضمان وجود دول ديمقراطية، ومجتمعات متسامحة، ففي هذه الحالة يمكن أن نصل لحقوقنا رجالاً ونساءً دون تمييز، أما الرهان على حكمة الأنظمة الاستبدادية في هذا الشأن، فمسألة غير مفهومة.
السيدات والسادة:
لقد اثبتت التجارب المختلفة أن خيارات المرأة هي ذاتها خيارات الرجال، وهي بناء دولة مدنية تعلي من مبادئ المواطنة وحكم القانون، لقد امتلأت الشوارع والساحات بالرجال والنساء في سبيل هذا الحلم، هناك حكمة تختصر ما أود قوله في هذا الشأن: يبدأ تاريخ الدول في قلب رجل أو قلب امرأة.
إن مساعدة المرأة على التخلص من إرث يتسم بالظلم والتهميش هو في حقيقة الأمر مساعدة للرجل ومساعدة للمجتمع، هذا ما يجب أن يستقر في اذهاننا ونحن نتعاطى مع هذه المسألة، إذ لا يجدر بنا أن نناقش قضية الحقوق والحريات والتنمية بطريقة التجزئة، فمن المتعذر أن يكون لدينا مجتمع نصفه يحصل على حقوقه كاملة، والنصف الآخر لا يحصل على شيء.
في هذا الإطار، أود التأكيد على ضرورة إرساء مبادئ المواطنة وسيادة القانون والعدالة في دولنا، لأن هذا هو الطريق الوحيد الذي يضمن حقوق الرجال والنساء على حد سواء، لا طريق آخر.
السيدات والسادة:
في كل دول العالم تواجه النساء تحديات متعددة، وتزيد هذه التحديات أو تنقص حسب قدرة هذه الدولة أو تلك في إلغاء التمييز بكل أشكاله وأنواعه ضد المرأة وتشجيعها على التواجد البناء في المجال العام.
في معظم دول العالم الإسلامي هناك جملة تحديات تواجه النساء المسلمات، وينبغي مواجهتها الآن وتجاوزها لما فيه مصلحة مجتمعاتنا وعافيتها، ويحتل موضوع "التمييز ضد النساء" صدارة هذه التحديات، وأعني بالتمييز كل ما من شأنه التعامل مع المرأة كمواطن من الدرجة الثانية والثالثة، ابتداءا من القوانين والتشريعات التي تتعامل مع المرأة باعتبارها كائن تابع وغير موثوق فيه، ومرورا بالموروث الثقافي والاجتماعي اللذين يحتويان على قدر كبير من المشاعر السلبية والمجحفة تجاه المرأة، وليس انتهاءا باستبعاد المرأة من مؤسسات صنع القرار السياسي.
ويعد تسرب الفتيات من التعليم والحرمان منه، أحد أبرز التحديات التي تواجه مجتمعاتنا اليوم، إذ سيكون متعذرا المضي قدما نحو المستقبل، فيما أكثر من نصف المجتمع متخلف عن الركب، إن تعليم المرأة ليس ترفا كما قد يخيل للبعض، وليس انحلالا كما قد يتصور البعض الآخر، تعليم المرأة مثل تعليم الرجل، أمر لا غنى عنه، فالمرأة المتعلمة تكون أكثر قدرة على مواجهة ظروف الحياة الصعبة، وأكثر استيعابا للفرص من غيرها.
لا يجب حرمان النساء من التعليم تحت أي ظرف، وأني أدعو حكومات الدول الإسلامية لإعطاء أولوية خاصة لتعليم المرأة في الإرياف والمناطق البعيدة، لا يوجد أعظم من هذا الاستثمار، صدقوني لست ابالغ عندما أقول أن بناء مدرسة أهم من بناء معسكر وتأثيث مدرسة أهم من شراء سلاح.
إن استيعاب المرأة ضمن برامج التنمية مسألة يجب الالتفات إليها، فالتجارب والسوابق التاريخية تشير إلى أن المجتمعات التي حققت قدرا هائلا من الرفاه الاجتماعي تميزت بمشاركة أعلى للمرأة في مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية، بعكس المجتمعات التي لم تحقق أي نجاح على هذا الصعيد فقد تبين أنها قامت بتهميش وتعطيل قدرات النساء لاعتبارات خاطئة.
في هذا السياق، أود الإشارة إلى معضلة تتعلق بالنظرة الدونية إلى المرأة ودورها في المجتمع، وهي تلك الآراء المتشددة من بعض رجال الدين الذين يمارسون احتقارا للمرأة باسم الاسلام، في حين الإسلام يعظم من المرأة ويتعامل معها باعتبارها انسانا كاملا ومسؤولا مثل الرجل تماما، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: النساء شقائق الرجال.
لا أريد الخوض في سرد الأحاديث المكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا يزال كثير من رجال الدين وخطباء المساجد يرددها من دون علم، وهذا ما يوجب الوقوف عنده وتصحيحه، فاتخاذ الدين مطية لعادات جاهلية ومصالح ضيقة أمر غير مقبول.
إلى المرأة في جميع انحاء العالم بشكل عام ، والى المرأة المسلمة بشكل خاص ، الى الحاضرات هنا بشكل أخص:
الغاية واضحة والدرب سالك الكفاح من اجل الوطن والامة والانسانية الواحدة، لتجلبن الرفاه والسلام للمجتمعات برجالها ونسائها
النضال من اجل القضايا العادلة التي ينعم بخيرها الجميع ذكور ونساء
ليس هناك كفاح يخص المرأة دون الرجل وليس هناك ميدان يخص الرجل ولا شأن للمرأة به الشأن العام هو شأن المرأة كما هو شأن الرجل.
سيكون عليكن وعلى نحو مستمر رفض حشركن في زاوية ضيقة لا تتسع لغير قضايا المرأة وادوارها التي تم توصيفها وفق مفهوم تقليدي يحصر المرأة في ادوار هامشية لا ترقى الى قيادة المجتمع والدولة بمستوياتها القيادية المؤثرة والحاسمة.
ايتها العزيزات:
الفرص أمامكن مفتوحة دون حد للتأثير وقيادة التغيير على المستوى الوطني والاقليمي والدولي.
سيكون عليكن فحسب أن تمتلكن ادوات التغيير ووسائل التأثير وهي مجالات متعددة وميادين هامة، تبدأ بقيادة العمل التطوعي الاهلي بكافة مجالاته وموضوعاته واهدافه وغاياته، أسسن الجمعيات والمؤسسات الوقفية وغير الربحية الخيرية والتنموية والسياسية والفكرية والثقافية، ستوفر هذه المؤسسات نافذة كبيرة لخدمة المجتمع وقيادته على السواء ، حين تطل المرأة من هذا الموقع فإنها تكون قد امتلكت زمام أحد أهم وسائل التأثير الاجتماعي العابر للحدود والقارات والأوطان.
يمكن القول في هذا السياق إنه يمكن للمرأة أن تحقق الريادة والسبق في قيادة وادارة مؤسسات العمل الأهلي بكفاءة الرشد والفاعلية وثقة الناس، نحن في عصر التغيير بالمؤسسات، فليكن لكل واحدة منكن مؤسستها الأهلية الخاصة لحشد الجهود، وإعادة توظيفها لخدمة المجتمع.
ايتها العزيزات:
من أجل أوطان معافاة وانسانية رشيدة ومن أجل سلام عالمي تختفي معه كل أنواع الصراعات والحروب، تغدو مشاركتكن الواسعة في قيادة الشأن السياسي والعام ضرورة غير قابلة للتأجيل أو التهاون.
الخوض في الشأن السياسي وقيادة الشأن الحكومي العام والاطلال على المجتمع والعالم من تلك المقاعد يمنحكن قوة وقدرة هائلة للتأثير والتغيير الايجابي، واجبكن من أجل المرأة والرجل على السواء أن تفعلن ذلك ، لن تحلق الاوطان بجناح واحد لن تبلغ مجدها بالرجل دون المرأة، وحين تحاول عبثا ان تفعل ذلك لا تجني غير الفشل والتخلف عن الركب.
من أجل تأثير واسع انخرطن في قيادة الاحزاب والتنظيمات السياسية وأسسنها وامتلكن الحلم في شغل أعلى المناصب.
المجتمع يرى فيكن الخلاص، وأنكن جديرات بالاحترام والثقة، فكن عند مراهنات الناس عليكن ، هناك كذبة كبيرة وجدت لها فرصة للانتشار في بلدان كثيرة وهي أن هناك تمنع مجتمعي يحول دون مشاركة المرأة ويحرمها من فرص الريادة والقيادة ،
ربما يكون الامر صحيحا من قبل النخب التي تحتكر وتتوارث المراكز والمناصب ، المجتمع لا، الشعب سرعان ما يمنح المرأة الثقة حين تثق بنفسها وتقدم نفسها كقائدة ورائدة، أفعلن ذلك من أجل الناس، من أجل أوطانكن وأمتكن العظيمة.
ايتها العزيزات:
امامكن كفاح عظيم ونضال بالغ الأهمية من أجل القضايا المشترك والتحديات الاستراتيجية التي تهدد حاضر ومستقبل أمتنا وشعوبنا، مناهضة الصراع الطائفي المتزايد الذي يبدد طاقات الأمة ويوظف امكانات بلدانها للهدم والهدم المتبادل عوضا عن التعاون والمساندة والبناء والتنمية ومناهضة الارهاب والتصدي له فكرا وممارسة وتنظيمات شاذة تهدم استقرار البلدان وتقوض أمنها.
مناهضة ظاهرة "الإسلام فوبيا" التي تنال من الإسلام كدين سلام ومن أمته كأمة خير وحضارة، وتظهره كدين للإرهاب، وأمة تشكل خطر على أمم وشعوب العالم.
وجهن جهودكن لمناهضة القطيعة بين بلداننا وشعوبنا، واستبدالها بالتعايش والشراكة والتعاون، لتحقيق المصالح والغايات المشتركة.
وحدن جهودكن لمناهضة الاستبداد والفساد. إن تقدم المرأة مسيرة الكفاح ضد الاستبداد والطغيان يشير أن كل التحديات التي تواجهها لن تتمكن من قمع روحها النبيلة، ففي ثورات الربيع العربي كانت النساء في تونس ومصر واليمن وسوريا وليبيا في مقدمة الصفوف غير مباليات بالأخطار المحدقة بهن، ليشاركن في صنع المستقبل. لا تزال النساء تقدم التضحيات الأكبر في سبيل الحرية والانعتاق من الاستبداد في هذه الدول، وفي غيرها من البلدان. هنا في تركيا، شاركت المرأة التركية في معركة اسقاط الانقلاب بفاعلية وشجاعة نادرة، لأنها تدرك أن الانقلابات العسكرية تجلب الظلم والفساد، وتصادر حرية الشعوب.
في هذا السياق، أود أن اتوجه بتحية خالصة للمرأة في العالم الإسلامي على صبرها وشجاعتها وقوة ارادتها، ونضالها لتغيير واقعها نحو الأفضل.
لا يفوتني أن أتقدم بتحية خاصة للمرأة الفلسطينية التي تناضل وتكافح بطريقة مثيرة للإعجاب دون ملل أو كلل لتحقيق الاستقلال ضد الاحتلال.
صديقاتي الغاليات:
قدر هذه الأمة أن تصطف بين الأمم رائدة وقائدة، وقدركن أن تسهمن في تحقيق هذا الحلم، نعم نحن نستطيع، لدينا أحلام عظيمة، والاحلام لا تموت.
دعوني باسمكن أدين وبأشد عبارات الادانة والاستنكار المحاولة الانقلابية التي استهدفت الديمقراطية التركية وما حققته من تنمية مستدامة في هذا البلد العظيم، نبدي أسفنا على كل حالات الصمت والرضا والمباركة للانقلاب من قبل بعض الحكومات الغربية التي تنكرت لمبادئها وتخلت عن التزاماتها تجاه الديمقراطية وحقوق الانسان، فباركت انقلاب العسكر وتمنت تقويض أهم ديمقراطية رائدة في المنطقة والعالم، فألحقت بنفسها وصمة خزي ستظل عالقة في جبينها، فلا اسوأ أن تكون في الجانب الخطأ من التاريخ في لحظات فارقة مثل هذه.
في الختام:
لن تقوم لأوطاننا قائمة إذا لم تقم النساء، فلنعمل بكل قوة من أجل مجتمع متماسك وصحي، لا يوجد تمييز فيه بين الرجال والنساء، لا يوجد استبعاد أو تهميش.
دعونا نمشي جنبا إلى جنب، رجالا ونساءا، نكافح معا، في سبيل أوطان حرة، ومواطنة متساوية، فبغير ذلك، لن نحصل على شيء، وسنظل نتحدث في ذات الموضوعات كل عام، وهذا ما لا يجب أن نقبل بأن يحدث.
ايتها العزيزات أحي مبادرتكن من أجل تحالف نساء منظمة العالم الاسلامي وأتمنى لها النجاح، وأن يكن رافدا لتعزيز دور هذه المنظمة المهمة.