كلمات
كلمة الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان خلال الاحتفالية التكريمية للفنان أيوب طارش عبسي - اسطنبول
ألقت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، اليوم، كلمة خلال الاحتفالية التكريمية التي نظمتها قناة بلقيس الفضائية ومؤسسة توكل كرمان الدولية في مدينة اسطنبول التركية، للفنان الكبير أيوب طارش عبسي؛ عرفانًا بدوره الاستثنائي في العمل الوطني والابداعي..فيما يلي نصها:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
السلام عليكم آبانا فنان اليمن الكبير ايوب طارش عبسي..
الاعزاء والعزيزات الحاضرون جميعا..
شاركت في فعاليات كثيرة وألقيت كلمات في جهات العالم الاربع لكنني اليوم أشعر بالرهبة وأنا اقف أمام ايوب طارش عبسي. أيوب أيقونة جيلنا ونغمة انعتقانا وفاتحة الجمهورية ونشيد الوحدة اليمنية.
أيوب الحب ولوعة المشتاقين وحنين المغتربين ونداء البعيد ومهاجل الزراعة وترنيمة يمنية تتردد على كل لسان.
أيوب تاريخ من الفن ووعد لمستقبل اليمن. اليمن العظيم الذي عليه أن يتحقق في الزمن القادم بنفس حضوره في تاريخ الفن والثورة واكثر منه، يتحقق باستمرار بفنه الحي الذي لا يموت فنه الذي يمنحنا ذاكرة للجمال ومرآة نرى أنفسنا من خلالها وهجاً لاينطفئ.
كان أيوب صوتاً لنا في بداية وعينا بالحياة، وسيبقى بشارة بيمن جديد لازلنا نكافح من أجل الوصول إليه، نحن محظوظون بوجودك بيننا فنانا الكبير وأبانا، نحن نحتفي بك، إذا نحن نحتفي بالفن والفنانين اليمنيين جميعهم من خلالك وعلى وجه التحديد فناني سبتمبر واكتوبر من رحل منهم ومن لازال على قيد الحياة.
إذا اردتم ان تعرفوا اليمن وماذا تعني لها ستينيات وسبعينيات الثورة فانظروا إلى جيل فنانيها العظماء، أنظروا إلى فنانيها في سنوات ولادتها وشبابها تأملوا أيوب طارش عبسي وأبوبكر بلفقيه وعلي الآنسي ومحمد مرشد ناجي وعلي السمة وفرسان خليفة ومحمد سعد عبدالله واحمد قاسم والسنيدار والحارثي وعبدالرحمن الحداد واحمد فتحي وأمل كعدل وآخرين لاتحضرني اسماؤهم الآن.
كان جيل الفنانين الرواد تعبيراً عن حياة جديدة وميلاد اليمن بعد عقود من ظلام الامامة ومظالم الاستعمار، والامامة والاستعمار كما علمنا تاريخنا يأتيان معاً يداً بيد ويرحلان معا يداً بيد. وكان لانتكاستنا دائما وجهان أحدهما من الداخل والآخر من الخارج. الفن ذاكرتنا وأيوب صوتنا الذي يذكرنا بأننا شعب لايموت ويمن يأبى الانكسار أمام الضيم والظلم والظلام.
دعونا نعود إلى الفن. فأمام الفن تصغر السياسة وتتقزم الحرب وتصغر كبارها واذا حضر أيوب حضر الفن بكله، خلف هذه البساطة الأليفة التي عرف بها ايوب طارش عبسي تاريخ من الابداع والتألق والانجاز الفني، خلف هذا التواضع الجم تاريخ مجيد اصبح تاريخنا نحن، تاريخ يمنيننا لا سيرة حياة فنان يمني فحسب.
الأعزاء جميعاً..الحاضرون في هذه الفعالية التريكيمة لأهم رموز الفن في يمننا الحبيب
لا ألقي كلمة اليوم أنا أعبر عما عشته من احساس باليمن وجبالها ثورتها حقولها سهولها شجونها من خلال صوت أيوب طارش عبسي وأغانيه وأناشيده ونغماته. أيوب ليس مجرد فنان عابر والسلام كان ولا يزال حالة نادرة في مجتمعنا وشعبنا حالة استثنائية افرزتها اليمن في لحظة تاريخية معينة انتخاب طبيعي أرادته الحياة ليكون صوتنا ونغمتنا ونشيدنا ومهجدنا وندائنا في زمن لا يتكرر وفي ذروة لا تكون متاحة كل يوم، ولهذا فإننا نحتفي بأنفسنا عندما نحتفي بأيوب، والاحتفاء بفنان يمني من جيل الرواد له مذاق خاص بيننا اليوم.
لقد عم الجحود حياتنا. نعم للأسف، عم الجحود حياتنا العامة حتى ان كل فنان لا يحتفى به إلا بعد موته، لكننا نحتفي اليوم بفناننا الكبير أيوب طارش عبسي وهو بيننا ونقول له عمراً مديداً وأمدك الله بالصحة والعافية لتشاهد حب الناس واحتفائهم بك. تكريم الفنان يكون وهو حي يستمع لصدى إبداعه وتقدير مجتمعه لفنه وعطائه وبذله، ولعلنا بهذا الاحتفاء البسيط نستدرك في أيام الشتات شيئاً مما لم يحدث في أيام الاستقرار، نحاول أن نقول كلمة في زمن الحرب لم تُقل في زمن السلام.
لقد مرت علينا سنوات عجاف كانت القيمة العليا فيها لقاطع الطريق والناهب وأُهمل الفن والفنانين والمبدعين حتى ظن الناس أن اليمن تجحد أبنائها ومبدعيها وتتنكر لهم. لكن اليمن ليست هذه السلطة؛ اليمن هي الناس هي البسطاء، هي الارياف، العمال، المزارعون ومن يكدون من أجل لقمة العيش الكريم، اليمن هي ملايين الناس في المدن الذين يدركون الحقائق بصمت ويعرفون من يمثلهم ويتحدث باسمهم ومن يكذب عليهم ويسعى لطمس تاريخهم وفنونهم وقوتهم وقدراتهم، ومن غير أيوب والفضول نتعلم منهما فشل الشعب وقدره ومكانته؛
اهتفوا للشعب إن الشعب جيش لا يذلُّ
وقفوا للشعب إن الشعب أولى من يجلُّ
وثقوا بالشعب إن الشعب شهم لايغلُّ
واعملوا للشعب بالشعب فما
خاب سيفٌ بيد الشعب يَصِلُّ
دمت بخير وعافية فنان الشعب الكبير أيوب طارش عبسي.