كلمات
كلمة الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان في الحفل الختامي للندوة العلمية الأولى لتوحيد الأجهزة الأمنية
ألقت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان في الحفل الختامي للندوة العلمية الأولى لتوحيد الأجهزة الأمنية، فيما يلي نصها:
في البدء دعوني باسم شباب الثورة أنقل لكم تضامننا الأكيد والثابت معكم ضد عملية الاغتيالات الغادرة والجبانة التي تتعرضون لها بشكل يومي، كان أخرها قبل ساعات في اغتيال نائب مدير الأمن السياسي بمحافظة حضرموت الشهيد العميد أحمد بارمادة، وقبلها بأيام اغتيال أركان حرب المنطقة الوسطى الشهيد اللواء ناصر بن فريد.
أثق أيها الشجعان.. أنكم سوف تنتصرون على الإرهاب.. وعلى كافة المؤامرات التي تستهدف الوطن عبر استهداف مؤسساته الأمنية والعسكرية.
أثق أيها الأحرار .. أننا على موعد قريب جيد.. مع انهاء انقسام مؤسستي الجيش والأمن، وهيكلة محترفة ووطنية لمؤسستي الجيش والأمن، مع موعد قريب جداً مع جيش وأمن مؤهلين وقادرين وجاهزين لإيقاف كل هذا العبث وعلى حماية الوطن والمواطنين والدفاع عن حرياتهم .
أيها الأعزاء :
ان شعبنا بشبابه العظيم وكافة قواه الوطنية وهم يطالبون بهيكلة الأمن والجيش ويعدون ذلك مطلبا وهدفا استراتيجيا لنضالاتهم، يقولون إنهم يريدون هذا المطلب كاملا دون تقسيط ، وبصورة عاجلة دون تسويف، إنهم إذ يفعلون ذلك ليس انتقاما من مؤسستي الجيش والأمن، وليس تعبيرا عن خصومة معهما، بل لأنهم يقدرون أهمية الدو المحوري والاساسي لمؤسستي الجيش والأمن في دولتهم المدنية الحديثة التي يريدونها ويكافحون ويضحون لأجلها.
وفي سبيل دولتنا الوطنية المنشودة يتعين بناء أجهزة وتحديث مؤسستي الجيش والأمن بحيث يكون الولاء للمؤسسات لا اشخاص القادة، وللعقيدة العسكرية والامنية لا الاهواء والنزوات الشخصية والعائلية والمناطقية والطائفية والحزبية أو أي انتماءات أخرى صغيرة ودون وطنية.
يتعين بناء مؤسستي الجيش والأمن بحيث لا يتم تسخيرها وحشدها وتوجيهها لخدمة مصالح المسؤولين، وزيادة نفوذ القادة، وزيادة حظ مراكز القوى والنفوذ وقدرتهم على البطش وتوسيع الأملاك والبطش والعدوان، وهو ما قامت ضده ثوراتنا ونضالاتنا الوطنية الممتدة والمتوجة بالثورة الشبابية الشعبية السلمية، وما نريد أن نطويه بهيكلة الجيش والامن.
أيها الأحرار :
إن كفاح شعبنا من أجل الحرية ونضالاتنا من أجل الدولة الوطنية تدعونا اليوم لأن نكون أكثر إصرارا على هيكلة الأمن واعادة بناء وزارة الداخلية بصورة تمكنهما من العمل بصورة متكاملة وفاعلة يسند بعضها بعضا كتروس ماكنة عظيمة تعمل في ذات الاتجاه ولذات الغرض لا تأكل بعضها بعضا أو يصطدم بعضها ببعض.
إن زمن تصادم أجهزة الأمن وعملها في جزر معزولة ووحدات متصارعة ومتخاصمة تبعا لأهواء المسؤولين وأمزجه القادة، زمن غابر قد ولى، وعلى وشك أن تطويه طوته طموحاتنا وتطلعاتنا الحرة الى وطن عظيم يستحقنا ونستحقه.
أيها الأعزاء :
ونحن نمضي في هيكلة أجهزة الأمن والشرطة وتحديث وزارة الداخلية على أسس علمية موضوعية سيكون علينا بناء وهيكلة تلك الأجهزة على أساس عقيدة أمنية جديدة يتم فيها حصر وقصر وظيفة الأجهزة الأمنية بحماية حقوق المواطنين من العدوان وحرياتهم من الانتهاك، وسيكون واضحا بشكل كافي للأفراد والضباط وقادة الأجهزة الأمنية ومسؤوليها الأمنيين والمدنيين أن عصر تسخير أجهزة الأمن والشرطة لحماية المسؤولين من أن تطالهم يد القانون وأن يكونوا بعيدين عن المساءلة قد ولى، وأن عهد تسخيرهم للقوة العامة وإساءة استغلالهم للسلطة واستيلاءهم على الأموال والامكانات العامة والخاصة قد ولى، ذلك زمان غابر طوته ثورة الشباب ولن يعود.
سيكون علينا هيكلة أجهزة الأمن والشرطة وتحديث وزارة الداخلية بحيث لا يكون هناك أي إمكانية لإفلات المجرمين من العقاب ولا حصانة بعدها للذين يعتدون على الممتلكات العامة والخاصة، ثم يمضون دون تبعات ليعاودوا الكرة متى أرادوا مادامت جرائمهم مأمونة العواقب.
نريد هيكلة وتحديث لأجهزة الأمن تضع في برامجها وخططها كفاية الرواتب والبدلات المجزية واللازمة لكفالة الحياة الكريمة لمنتسبي الأجهزة الأمنية ذلك مقتضى العدالة والانصاف ما دمنا نطالبهم بالكفاءة في إداء الواجب.
نريد هيكلة وتحديث الأجهزة الأمنية أن تتم بصورة موضوعية تعتمد على المعايير الحديثة بما يمكن أجهزة الأمن والشرطة من تنظيم وإدارة شئون الأمن في مختلف المجالات والقيام بدورها الفاعل في مكافحة الجريمة بكافة أنواعها بمكافحة الجريمة المنظمة والعبر وطنية ومكافحة المخدرات وجرائم الفساد وجرائم التهريب وغسل الأموال وغير ذلك وإزالة أسبابها بما يحقق الاستقرار بشكل أمثل، وبما يمكنها من حماية المواطنين وكل من قد يتعرض للاعتداء على خلفية الرأي والموقف السياسي من الساسة وقادة الرأي، فضلا عن توفير الحماية الكافية للبعثات الدبلوماسية والوفود الزائرة والخبراء وحماية المنشئات والمرافق العامة ومقرات البعثات الدبلوماسية والهيئات والمنظمات الدولية.
أيها الأحرار :
إن مستقبلنا المزدهر لا محالة، وبلدنا القوي دون أدنى شك، والذي سنبنيه جميعا مدنيين وأمنيين وعسكرين بعقيدة وطنية تعلي من شأن الوطن والواجب مرهون تكاملنا في وطن سعيد نحمله ويحملنا، ونحميه ويحمينا.
ينبغي على جهود التحديث والتطوير لأجهزة الأمن أن تضع في حسبانها بأن حماية حقوق الإنسان وحراسة حرياته هي المهمة الحيوية والوظيفة المركزية لأجهزة الشرطة ووزارة الداخلية، فلئن كانت مهمة القوات المسلحة حماية الحدود والحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله وصد العدوان الخارجي، فإن مهمة الأجهزة الأمنية هي حماية المواطنين من الاعتداء الداخلي من قبل المجرمين والعصابات والخارجين عن القانون الذين ينتهكون حرياتهم ويستولون على حقوقهم، يتم ذلك وفق قوانين ولوائح واضحة تساهم في اشاعة الحقوق وكفالة مزيدا من الحريات لا انتهاكها بحجة الأمن، ولا مصادرتها بمبررات الحفاظ على السكينة العامة، كما يفعل الحكام المستبدون الذين يتغنون بالأمن وهم أول من يدوسه، وبالسكينة العامة وهم أول من يفرط بها.
إن أسوأ ما يحدث على الاطلاق أن تتحول أجهزة الأمن من حامية لحريات المواطنين إلى منتهكة لها، ومن حارسة لحقوقهم إلى مستحوذة عليها؛ هذه المعادلة غير القويمة في العلاقة بين المواطن وأجهزة الأمن يجب أن تتغير، بحيث تصبح قائمة على حماية حقوق المواطنين والدفاع عن حرياتهم في ظل علاقة سوية تختفي معها كافة الاعتقالات خارج القانون، وكافة حالات الاخفاء القسري سواء كانت على خلفية الرأي والموقف السياسي أو على خلفية موقف المعتقلين والمخفين من قضايا الفساد ومناهضتهم لإساءات استغلال السلطة أو لأي سبب كان.
ايها الاعزاء..
بإمكاننا القول أن الثأر وتجارة السلاح واقتناءه تعدان أسوأ ظاهرتين تدمران حاضر وطننا العظيم وتهددان مستقبله وتعيقان نموه وازدهاره، لا أستطيع أن اتخيل مستقبلا مزدهرا وحياة كريمة تنعم بالرفاه والاستقرار في ظل هاتين الظاهرتين.
ومن نافلة القول أن الدور المركزي في مكافحة ومناهضة ظاهرتي الثأر والسلاح هو منوط بالأجهزة الامنية والعسكرية، وعلى خطط وجهود الهيكلة والتحديث أن تضع خططها وبرامجها التحديثية بما يكفل بناء وإعداد قوات الشرطة تنظيما وتدريبا وتسليحا ورفدها بما تحتاج إليه من العناصر البشرية والمادية للحد من هذين الظاهرتين.
هذه المقاصد وغيرها هي ما تستهدف الهيكلة تحقيقه كفالتها في اليمن الجديد، يمن الغد، اليمن الجديد، اليمن السعيد، الذي نعاهد الله وشعبنا وأمتنا بأن نحلق به مدنيين وعسكريين وأمنيين الى آفاق واماد بعيدة.
أمضوا على بركة الله، وعين الله ترعاكم، وحب الوطن وحب الناس.