اصداء
بقلم: موسى المقطري
مرت عشر سنوات منذ حصول الاستاذة توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام في العام 2011م كأول إمرأة عربية تحصد هذا التكريم ، وكان حدثاً مميزاً يومها ولازال يلازمه ذلك التميّز ، لا لشئ إلا لان توكل لازالت تحمل رسالتها في التغيير السلمي ، وتكافح وتنافح من أجل هذه الرسالة السامية، ولازالت القضية اليمنية بكل تفاصيلها وتشابكاتها هي الحاضر الأول فيما تقوله وتفعله.
في يوم الاعلان عن فوز توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام كان اليمنيون عطاشى لكل انتصار لسلميتهم امام مصاصي الدماء المتشبثين بكرسي الحكم، وجاء هذا الاعتراف العالمي بنهج التغيير السلمي الذي مثلته هذه المرأة الحديدية والتي واجهت صلف وتعنت وفاشية النظام الحاكم وهو في اعز قوته وجبروته ، وساهم نضالها الذي تشارك معها فيه اليمنيون من مختلف الفئات والمحافظات في التعجيل بزوال الحاكم الذي كان يطمح الى توريث البلد لنجله وكأنه قطعة أرض أو بعضا من متاع يخصه.
مالايعرفه البعض أو لايعترف به أن نضال توكل كرمان لم يكن بدايته ثورة الشباب السلمية ، بل كان مبكراً بنشاطها في تبني قضايا المظلومين من فاشية نظام صالح ، ونشاطها مع ثلة من الاعلاميات في تعرية مواقع الخلل ، ودعواتها المستمرة عبر الوسائل الاعلامية المتاحة وقتها لاصلاح الوضع الحقوقي الذي كان يشهد اسوأ حالاته ، ثم جائت ثورة الشباب السلمية لتشكل الحدث الأبرز في نضالها مع لفيف من شباب وشابات ورجال ونساء اليمن واجهوا تعنت وجبروت النظام بصدورهم العارية ، وكانت الخاتمة برحيل رأس النظام الذي تفردت توكل بكونها أول المطالبين برحيله تصريحاً لاتلميحا.
لذلك التصريح الأول مناسبة كنت شاهداً عليها في مدينة تعز ، حيث دعت أحزاب المعارضة يومها وفي مقدمتهم التجمع اليمني للاصلاح الى مهرجان جماهيري بجانب محطة صافر (قبل تكوين ساحة الحرية هناك) ، وكان المشهد السياسي والحقوقي في البلد في اسوأ حالاته ، وكان الظلم والهظم والجبروت هو السائد في تعامل نظام صالح مع الجميع ، (ولم يكن الربيع العربي قد انطلق في تونس الخضراء) وكانت هتافات المنصة وقتها من قبيل التلميح : يرحل الظلم ـ يرحل الفساد، ثم صعدت توكل اخيرا فكانت ابرز المتحدثين واكثرهم توفيقاً في تعرية مساوئ النظام وضرورة رحيله ، وفي نهاية كلمتها قالتها تصريحاً لاتلميحاً : يرحل نظام صالح ، فالتهب حماس الجماهير ورددوها بشكل كبير ليكسروا مراوغات السياسين وقيادات الاحزاب السياسية ، وكانت الانطلاقة.
لاحقاً وبعد أن حققت الثورة أهم أهدافها برحيل راس النظام العائلي وتحقيق الانتقال السلمي لراس السلطة ، وبعيدا عن تقييم المرحلة وآلياتها لكن ما حدث في العام 2014 والذي تمثل بالانقلاب الاسود لمليشيا الحوثي الممولة من ايران والمخلوع صالح اربك المشهد من جديد ، وكانت توكل ضد هذ الانقلاب من يومه الاول ، والأهم أنها ظلت حاضرة وبقوة في الشأن اليمني بطرق مبتكرة كلها تصب في مصلحة اليمن واليمنيين، فمن حمل القضية اليمنية في المحافل الدولية الى جهودها الانسانية عبر مؤسستها الرائدة، مرورا بالدور الاعلامي المتميز لقناة بلقيس وودعمها للشباب المبدع ومجالات كثيرة ومتشعبة يصعب حصرها لكنها في المجمل تليق بهذه المرأة الاستثنائية.
الأجمل أنها تعمل وتنجز بدافع المسؤولية الانسانية لاغير، ولا تمثل أي إطار رسمي في زمن تخلى أغلب المسؤولين الرسميين - إن لم يكن كلهم - عن ادوارهم التي يجب ان يضطلعوا بها ، وبات وجودهم خارج البلد مناسبة للدعة والراحة والنزهة ، فيما ضربت هي اروع الأمثلة في حمل القضية اليمنية وخدمتها، وكل ذلك رغم وجودها مثلهم خارج الوطن ، ومن امثالها القليل ـ والقليل جدا ـ ولو شئت لعددتهم في هذه العجالة.
وسواء اتفق الكل او اختلف مع طريقة توكل في خدمة بلدها وانسانيتها فإن ما يمكن اعتباره من البديهيات المجمع عليها إنها وهبت وقتها وماتوفر لها من امكانات لخدمة قضيتها وقضيتنا كلنا ، وتخلت عن حضها الشخصي ، ولو فعلت فليس لنا الحق بلومها في ذلك، فسلامٌ عليها وعلى كل النساء الائي يحملن قيم الحرية والعدالة ويكافحن لاجل سيادة هذه القيم سواء في وطننا الحبيب او غيره من الأوطان.
لقراءة المقال على موقع يمن فويس اضغط (هنـــــــــا)