اصداء
بقلم: مازن محمد
تعد الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة "نوبل" للسلام، توكل كرمان، الوجه الأكثر تداولا في وسائل الإعلام الغربية منذ انخراطها في قضايا الدِّفاع عن الحقوق والحُريات، ومشاركتها في ثورات "الربيع العربي".
استطاعت كرمان أن تجتذب اهتمامات عالمية في وقت مبكِّر، نظراً لنشاطها المكثّف والدؤوب في مجال الدِّفاع عن الحقوق والحُريات حتى قبيل اندلاع ثورات "الربيع العربي" خلال العام ٢٠١١م.
وجاءت جائزة "نوبل" تتويجاً لذلك الدَّور، ولكي تدفع ذلك النشاط إلى العالمية بشكل أكبر، بحيث أبرزته كحضور دائم في المحافل الدولية.
في إحدى ليالي صنعاء الباردة، خرجت كرمان تقود مظاهرة لمهجَّري الجعاشن، ما دفع أحزاب المعارضة إلى الشعور بالخجل، كون ذلك النشاط كان كاشفاً لعجز مُزمن في دَور لطالما كان مثار نقاشات النُّخبة.
عادة ما كانت آراء النُّخبة تصوّر بأن ثمة عجزاً في الشارع عن مجاراة خطاب المعارضة.
الشارع الذي لا يقوَى على الاستمرارية، وينام الثانية بعد الظهر، مع بدء جلسات القات. هكذا كان يتم تصوّره.
لكن كرمان وحدها من آمنت بذلك الشارع، واتخذته سبيلاً للنضال في مواجهة الظلم والاستبداد، وديكتاتورية نظام صالح.
وبعد سنوات قليلة، جرى اختباره جيداً، بحيث أسقط كل مقولات النُّخبة، وظلّ مشتعلاً في وجه صالح بصورة أذهلت العالم.
أضحت مشاركة كرمان، في قيادة تلك التظاهرات الضخمة، أكبر من أن يتم تجاهلها في وسائل الإعلام الدّولية.
واحتلت صورة توكل كرمان وسائل الإعلام الدّولية، وفاجأت العالم بتلك الصورة التي تقود جموع الرِّجال والنساء المطالبات بالحُرية.
كانت تلك المشاهد مناقضة لكل الصور السائدة عن المرأة اليمنية، مجهولة الوجه والهُوية. ومع حصولها على جائزة "نوبل" للسلام أصبحت توكل كرمان أيقونة الثورات الأكثر شُهرة في الغرب.
ورغم الزَّخم، الذي تحظى به الآن، لم تتوقّف دول الثورات المُضادة في المنطقة عن محاولات التشويه تارة، والانتقاص منه تارة أخرى.
لقد جنّدت دول "الثورات المضادة" ميزانية ضخمة كجزء من خارطة عبث ماديّة، شملت العديد من البلدان التي قامت فيها الثورات.
تقول كرمان: "ما زلت هدفاً للمعلومات الخاطئة والمُضللة، بدعم من قِبل بعض الحكومات المستبدة في المنطقة، التي تعتقد أن هذه الحملات التي لا تستند على أساس أو حقائق، سوف تجعلني أتراجع عن نقدي لسياستها ضد حقوق الإنسان".
قبل أسابيع، تُوفي الشيخ النافذ والشاعر المجيد محمد أحمد منصور، وعلى إثر ذلك بدأ البعض بذرف دموع الترحّم والاستعطاف، محاولين التعريض بالدّور الذي قامت به كرمان في قضية مهجَّري "الجعاشن".
كانت تلك القضية أولى المهام البارزة، التي تصدّرتها كرمان خلال العام 2007م، بعد أن طرد الشيخ النافذ أكثر من 1200 فرد، بينهم أطفال وشيوخ ونساء، تم طردهم من قُراهم ومزارعهم ومساكنهم على دُفعات، بعد أن رفضوا دفع "إتاوات" غير قانونية.
وردت كرمان على تلك الأصوات بمنشور في صفحتها بـ"فيس بوك" تقول "مات الشيخ الذي أرسل، في يوليو 2005، ظرفا مفخخا للصحفي هاجع الجحافي، انفجر في وجهه، ولولا لُطف الباري لكان أذهب عينيه.. وربّما روحه".
وأشارت إلى تعامله مع مواطنيه باعتبارهم عبيداً، وبمسمّى "رَعِيّة"، لينكل بالمئات، ويشرّدهم، في صورة مُصغّرة لما يفعله الحوثي اليوم.
وأعادت إلى النائحين إحدى صُور دولة علي صالح، التي عادةً يستحضرها أيتامه "مستغلين ثقوبا في ذاكرة الناس".
وكجزء من الثّمن، لا يكاد يمرّ أسبوع دون حضور كرمان كمادة للجدل، إما عن طريق إثارتها تصريحات جديدة أو بواسطة نيلها جوائز جديدة.
بالنسبة لها، الكلمة الأخيرة لم تقل بعد. كما أن "الثورة المُضادة" مصيرها الفشل المحتوم. تقول كرمان "سيهزمون، لأن شعبنا ويمننا حقيقتان غير قابلتان للإلغاء والمحو".
لقراءة المقال على موقع "قناة بلقيس" اضغط (هنــــــــــــــــــا)