اصداء
توكل كرمان، تُقاوم
بقلم: كاهينا سيكاي
حصلت توكل كرمان، الصحفية اليمنية، على جائزة نوبل للسلام لنشاطها ضد نظام الرئيس صالح. وتعتبر مكافأة في نهاية المطاف لثورة لم تنته بعد.نسمع من "الربيع العربي" أحيانا من يتحدث عن تونس ومصر. فهم يتحدثون فقط عن حركة الحرية هذه التي لم تنتصر بعد في العالم العربي.
ونسمع أيضا عن النضال المستمر في اليمن، حيث الشجاعة لامرأة تُدعى توكل كرمان تم الترحيب بها يوم الجمعة، وذلك من خلال منحها جائزة نوبل للسلام. رمز نسوي أسطوري في بلدها، حيث جذب نضالها العديد من الكاميرات إلى اليمن، فهي تناضل ضد نظام الرئيس صالح، الذي يتولى السلطة منذ عام 1978*.
"إنه لشرف لجميع العرب والمسلمين ولجميع النساء أيضا". تقول توكل كرمان مندهشة على شاشة قناة العربية هذا الصباح بعد أن علمت بقرار لجنة نوبل، "أهدي هذه الجائزة لكل نشطاء الربيع العربي".
هذه السيدة، وهي أم لثلاثة أطفال، لا تخشى السجن، حيث عانت من التعذيب والتهديدات، وتواصل الكفاح الإيديولوجي. "مع حربين أهليتين، ووجود تنظيم القاعدة ومعدل للبطالة البالغ 40%، فقد أوضحت في فبراير الماضي لصحيفة الجارديان بقولها "ماذا ينتظر الرئيس صالح؟ يجب أن يغادر الآن"، منذ ذلك الحين، اضطر علي عبد الله صالح للفرار من البلاد في يونيو بعد إصابته في هجوم على القصر الرئاسي. وفي نهاية سبتمبر، عاد إلى الأراضي اليمنية، غير مُبالٍ بتجدد العنف والقمع، ولكن نائب الرئيس أصبح يمارس السلطة بالإنابة عنه.
مع أخذ تونس ومصر كمثالين رئيسيين، تحلم الشابة توكل بسقوط الدكتاتور من أجل أن تصبح اليمن دولة ديمقراطية، حيث سيتم تأسيس حرية التعبير في النهاية. وفي مقابلة مع مجلة "التايم" الأمريكية تقول كرمان ‹‹الثورة حتمية فقد تأخرت إلى بداية 2011: لقد عانى السكان من الدكتاتورية والفساد والفقر والبطالة لسنوات، والآن كل شيء في طريقه إلى الانفجار››، فقد أعربت عن أسفها للوضع السياسي في بلدها: "نحن نعاني من زعيم يحاول السيطرة على البلاد بتعديلات دستورية من شأنها تغيير النظام في اليمن إلى نظام ملكي". تعاني الثورة الحالية في اليمن من قمع دموي من قبل القوات الحكومية التي أودت بحياة أكثر من 450 شخصا في ثمانية أشهر، بما في ذلك مائة شخص في أقل من خمسة أيام في أواخر سبتمبر.
وهي نفسها مضطهدة ومتضايقة، لم تخضع توكل كرمان أبدا، تقول: ‹‹تم تهديدي على الهاتف، وعن طريق البريد، حتى عن طريق الرسائل النصية. يقولون إنني سأُسجن أو حتى إنني سأُقتل إذا لم أتوقف عن التسبب لهم بالمشاكل. ولكنني أرى أن مصادرة حقي في التعبير هو أسوأ من أي شكل من أشكال العنف الجسدي ››. تنظم كرمان أسبوعيا اعتصاما أمام الجامعة في العاصمة صنعاء، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، والتي هي أول المشاركين فيه، وتقود كل يوم ثلاثاء مسيرة للمتظاهرين في المدينة.
فحكومة الرئيس صالح لم تكن الهدف الوحيد لنضال توكل كرمان. فقد انتشر الفساد الآن إلى قبائل عديدة جداً في البلاد. تقول لصحيفة الغارديان، "رأيت عائلات طٌردت من أرضها على يد زعيم قبلي فاسد، لقد كانوا بالنسبة لي رمزا لكل الظلم في اليمن. وأثبت لي هذا أنه لا يوجد شيء يمكن أن يغير هذا النظام، إن لم يكن هناك احتجاج". فهذه العزيمة القوية التي أكسبت المرأة الثلاثينية اليوم التقاسم في جائزة نوبل للسلام مع امرأتين قويتين أخريين. وهما إلين جونسون سيراليف وليما غبوي، على التوالي، أول امرأة تٌنتخب رئيسة لدولة أفريقية وناشطة في مجال حقوق الإنسان، فكلا الناشطتين ليبيريتين.
عدو المتطرفين
توكل كرمان، الصحفية، رئيسة منظمة "صحفيات بلا قيود" تدافع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير. على جدران مكتبها توجد صور لمارتن لوثر كينغ، وغاندي ونيلسون مانديلا، إنهم أيقوناتها. يساند هذه المرأة الشابة في نضالها اليومي زوجها محمد. وهو حاضر في جميع التظاهرات، يجيب على الهاتف أثناء مقابلة زوجته لصحيفة "الجارديان".
"تقول في تصريح لصحيفة التايم انجليزية "المتطرفون يكرهونني. يتحدثون عني في المساجد، ويوزعون كتيبات يتهمونني فيها بأنني غير مسلمة. ويقولون عني إنني أحاول إخراج النساء من منازلهن. اتهامات تعكس رفض الناشطة من دمج جماعات إسلامية في الاحتجاجات تقول: "إننا نرفض العنف ونعلم أنه تسبب في مشاكل لا حصر لها لبلادنا. نحن نرفض الحركات المتطرفة - حتى لو كانت لديها مطالب جيدة وعادلة. نحن نرفض جماعات مثل القاعدة لأنه ليس لديهم أهداف حقيقية سوى إسالة الدم. "بعض الحركات الطلابية تنافس أيضا المرأة الثلاثينية، متهمة إياها بأنها تريد الاستيلاء على السلطة. "هدفي الآن هو قيادة ثورة بكل سلمية للقضاء على هذا النظام. أظن أنني أستطيع أن أفعل أكثر من خلال التواجد في الشارع مع الناس أكثر مما لو كنت رئيسة، وتجيب، "إنني مستعدة للتحالف معهم. »يحتاج حزبنا إلى الشباب، بل الشباب يحتاج أيضًا إلى الأحزاب للمساعدة في تنظيم نفسه. لن ينجح أحد منا في إسقاط السلطة دون الآخر. لا نريد أن يصف المجتمع الدولي ثورتنا بأنها ثورة إسلامية ".
متمدنة ومتدينة
إنها صحفية وأم لعائلة، توكل كرمان تحمل أيضا مسؤولية تجاه دينها ونضالاتها في نفس الوقت: "اكتشفت أن ارتداء الحجاب غير متوافق مع امرأة تريد أن تكون ناشطة في المجال العام. "يحتاج الناس لرؤيتك، والانضمام لك، والاندماج معك. لم يُثبت في ديني أنه يجب ارتداء الحجاب؛ إنها ممارسة تقليدية، لذا استبعدتها: " .إنها متدينة ولكنها متمدنة، تريد الشابة جلب الديمقراطية إلى بلدها، وهي مدعومة في ذلك. تقول "لا يمكنك تخيل الاحترام الذي أظهره لي الناس في الخارج. كل الناس يحترمونني، حتى القبائل والجنود. إنهم يقفون ويحيونني. وقد واجهت العديد من العقبات، لكنني تجاوزتها ".
بالإضافة إلى نشاطها السياسي فهي تدافع عن جنسها الذي جعلها مرحبا بها من قبل جائزة نوبل: »إذا ذهبت في احتجاجات اليوم، سترى شيئا جديدا: هناك المئات من النساء. يصرخن ويغنين، وينامون أيضا في الخيام، كما أوضحت لصحيفة الإنجليزية قبل ثمانية أشهر. إنها ليست مجرد ثورة سياسية، إنها ثورة اجتماعية".
* في عام 1978، أصبح علي عبد الله صالح رئيسا لليمن الشمالي. وفي عام 1990، وخلال إعادة توحيد البلاد، رأس الرجل جميع البلاد.
لقراءة المادة في جريدة باريس ماتش الناطقة بالفرنسية لقراءة المادة على موقعها اضغط (هنـــــــــــا)