المقالات
الانقلاب السعودي الرديء
بقلم: توكل كرمان
قلنا دائما إنه لم يستفد من هادي وشرعيته سوى السعودية والإمارات، لتنفيذ أجندتهما في تدمير البلاد والاستيلاء على جزرها وسواحلها وملشنتها، وبقية أطماعهما بشكل عام.
تذكروا.. لم يحدث شيء من كل ذلك دون أن يشرعن له هادي، ويصدر قرارا به، أو لنَقُل: دون أن يذيّل القرار الذي تكتبه السعودية بتوقيعه.
سنقول دائما أيضا إن ما حدث في الرياض أخيرا في ٧ أبريل انقلاب متكامل، ومن قام بالانقلاب ليس رشاد العليمي، ولا أحد من اليمنيين، من قام به السعودية، أجبرتهم جميعا على التوقيع في غرف منفردة، أو قُل في زنازين "خمسة نجوم"، وأسوأ الزنازين هي زنازين الخمسة نجوم!
إحلال العليمي ليكون "دنبوعا" جديدا في الرياض ليشرعن للسعودية والإمارات لم يعد ممكنا، إذ أن الانقلاب الجديد أسقط هذه الورقة تماما، وهذه من محاسنه!!
لكن هذا الانقلاب أيضا قدّم في الوقت نفسه هدية عظيمة للحوثيين، يستطيع الحوثي أن يقول في وجه من يقل له انقلابك غير شرعي: "الجميع انقلابيون وغير شرعي"، وقوله هذا متماسك ولا ينقصه المنطق، فقد ساوتهم السعودية والإمارات في المراكز القانونية من حيث كونهما انقلابيْن.
قولنا الصريح هذا قد يحزن البعض ممن لا يريدون أن ننغص عليهم لحظات تفاؤلهم، لكنه قول لا بد من قوله الآن، بعض حالات التفاؤل لها عواقب وخيمة، وتنغيصها أمر مهم، فيه منافع للناس.
ليس المقصود بذلك إضعاف العليمي ومجلسه، بل ما نريده هو العكس، ولا سبيل لذلك غير الصراحة، ووضع النقاط على الحروف.
والآن، إن لم يتحول هذا المجلس بقيادة العليمي إلى سلطة واقعية تدير البلاد، ابتداء من المناطق خارج سيطرة الحوثي، من سقطرى حتى مأرب ومن حضرموت حتى المخا، عسكريا وأمنيا ومدنيا واقتصاديا، بمؤسسات موحدة، وبإرادة موحّدة ومستقلة، وبقرار موحّد، وبخطاب واحد، فإن هذا الانقلاب "السعودي الرديء" سيكون هشا للغاية، انقلاب فيه شركاء متشاكسون، عبارة عن مليشيات متعددة، ووحده الرئيس لا يمتلك أي قوة، الرئيس أضعفهم على الإطلاق، وفوق ذلك أصبحوا عرايا من ورقة الشرعية، في مواجهة انقلاب حوثي يمتلك إرادة واحدة، قرارا واحدا، سلطة واحدة، أمنيا وعسكريا ومدنيا، على العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرته، وهي بالمناسبة، المحافظات ذات الكثافة السكانية الأعلى في البلاد.
يجب أن تتحقق تلك السيطرة للانقلاب الجديد الآن، كاملة ودون تقسيط، ويمكن لذلك -بالمناسبة- أن يحدث خلال أيام بإحدى طريقتين:
أن تكون السعودية قد تابت عن خطاياها، وباتصال هاتفي للجميع ستأمرهم وسيلبون، أو ستستدعيهم إلى زنازين الخمسة نجوم مرة أخرى، وتلزمهم به خلال ساعات، هذه الطريقة الأول.
أما الثانية، فهي أن يفرض رشاد العليمي، وبقية الذين جلبتهم السعودية إلى الرياض وإلى زنازينها الفخمة، عليها ذلك.
والآن، دعوني أسأل المتفائلين: بأي الطريقتين أنتم أشد تفاؤلا، بتوبة السعودية أم بانتفاضة معتقليها؟!
إن لم تحدث لا هذه ولا تلك، وهو ما أتوقعه تماما، فإن الحوثي سيكون قد حقق آخر انتصاراته بهذا الانقلاب، أو فلنقل قد أهديت له آخر الانتصارات، باعتبار أن كل انتصارات الحوثي عبارة عن هدايا وعطايا.