اخبار المنظمة
اليمن: مليشيا الحوثي تمضي في محاكمات صورية جديدة تمهيداً لإعدامات تعسفية بحق مدنيين في صنعاء
اليمن - حذرت منظمة “صحفيات بلا قيود” من التصعيد الخطير الذي تمضي فيه مليشيا الحوثي عبر توظيف القضاء كأداة للقمع والانتقام السياسي، من خلال موجة جديدة من المحاكمات الصورية أمام ما يسمى بالمحكمة الجزائية المتخصصة التابعة لها.
وأكدت المنظمة أن هذه المحاكمات، وما سبقها من انتهاكات جسيمة ومتكررة، تشكل سياسة ممنهجة ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وفقاً لنظام روما الأساسي، بما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية عاجلة لا تحتمل التأجيل.
وأوضحت المنظمة أن هذه المحاكمات، التي بدأت جلساتها في 7 ديسمبر 2025، تستهدف نحو ثلاثة عشر شخصاً، من بينهم موظفون في منظمات أممية وإنسانية، وقيادات تربوية وأكاديمية، وموظفون سابقون في السفارة الأمريكية، وتقوم على ذات التهم الجاهزة التي استخدمتها المليشيا في محاكمات سابقة، وعلى رأسها مزاعم “التخابر” و”التجسس”، مما يعكس الطبيعة السياسية والانتقامية لهذه الإجراءات.
نمط ممنهج يعيد إنتاج الإعدامات الجماعية
وأكدت “صحفيات بلا قيود” أن هذه الموجة تمثل امتداداً مباشراً للمسار القمعي ذاته الذي بلغ ذروته في نوفمبر الماضي، حين أصدرت المليشيا أحكام إعدام جماعية بحق 17 مختطفاً بعد إجراءات افتقرت كلياً لأي معايير قانونية أو ضمانات محاكمة عادلة، ما يعزز المخاوف الجدية من أن المحاكمات الحالية تمهد لإعادة إنتاج الجريمة ذاتها بحق محتجزين جدد.
وبينت المنظمة أن هذه المحاكمات تجرى أمام محكمة فاقدة لأي صفة قانونية أو دستورية، تعمل خارج إطار قضاء مستقل ومحايد، وفي ظل انتهاكات جسيمة شملت الحرمان الكامل من الحق في الدفاع، ومنع المحتجزين من التواصل مع محامين وأسرهم، واعتماد اعترافات قسرية انتزعت تحت الإكراه والتعذيب كوسيلة رئيسية للإدانة، الأمر الذي يجعل جميع الإجراءات والأحكام باطلة قانوناً، ويحمل القائمين عليها المسؤولية المباشرة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وأكدت المنظمة أن المليشيا، عبر هذه الإجراءات، تمهد بشكل منهجي لإصدار أحكام إعدام معدة سلفاً بحق مدنيين محتجزين، في تكرار واضح لنمط ممنهج سبق أن أفضى إلى تنفيذ إعدامات تعسفية، ضمن سياسة تهدف إلى ترهيب المجتمع، وإسكات أي صوت مستقل، وإضفاء غطاء قضائي زائف على ممارسات القمع والتصفية السياسية.
ضحايا المحاكمات وسياق الانتهاكات الأوسع
أوردت “صحفيات بلا قيود” أسماء المحتجزين الخاضعين للمحاكمات الاخيرة، وهم:
1. أ.د محمد حاتم محمد عثمان المخلافي - خبير تربوي وأكاديمي في جامعة صنعاء
2. محمد علي الوزيزة - منسق مشاريع لدى منظمة اليونيسكو
3. هشام أحمد علي الوزير - موظف لدى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)
4. شائف حفظ الله البعداني - موظف لدى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)
5. عامر عبدالمجيد الأغبري - مدير وحدة الشراكة العالمية للتعليم في اليمن (GPE)
6. عبدالمعين حسين عزان - موظف لدى المفوضية السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)
7. بسام أحمد محمد المردحي - موظف سابق لدى السفارة الأمريكية في اليمن
8. جميل عبده محمد الفقيه - موظف سابق لدى السفارة الأمريكية في اليمن
9. عبدالقادر علي السقاف - موظف سابق لدى السفارة الأمريكية في اليمن
10. جمال محمود سلطان - موظف سابق لدى السفارة الأمريكية في اليمن
11. محمد صالح القرشي - موظف سابق لدى السفارة الأمريكية في اليمن
12. علي أحمد علي عباس - مدير عام مكتب وزير التربية في حكومة الحوثيين.
13. محمد احمد الكمالي - موظف في دائرة التوجيه المعنوي بوزارة دفاع الحوثيين
وفي هذا السياق، اكدت المنظمة أن هذه المحاكمات لا يمكن فصلها عن سلسلة الانتهاكات المركبة التي سبقتها ورافقتها، بما في ذلك الاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي وسوء المعاملة وعقد جلسات مغلقة وسريعة تفتقر كلياً لأبسط ضمانات المحاكمة العادلة، واستخدام المحكمة الجزائية المتخصصة كأداة لشرعنة جرائم جسيمة لا علاقة لها بالقانون أو العدالة.
وأشارت “صحفيات بلا قيود” إلى أن هذه المحاكمات تأتي في سياق تصعيد متزامن في عمليات الاختطاف التي تستهدف العاملين في المنظمات الأممية، حيث اختطف نحو 12 شخصاً يومي 18 و19 ديسمبر 2025، ليرتفع عدد المختطفين من موظفي الأمم المتحدة وحدها إلى نحو 72 شخصاً، في مؤشر خطير على سياسة منظمة تستهدف تقويض العمل الإنساني واستخدام المحتجزين كورقة ضغط سياسية.
التوصيف القانوني: جرائم ضد الإنسانية
شددت المنظمة على أن هذه المحاكمات تشكل محاكمات صورية تفتقر للاستقلال والشرعية، وتنطوي على انتهاكات جسيمة للحق في الحرية والأمان الشخصي، والحق في محاكمة عادلة، وتعريض المحتجزين لخطر الإعدام التعسفي، بما يرقى إلى حرمان تعسفي من الحق في الحياة، واعتقال تعسفي وتعذيب، واضطهاد سياسي ممنهج، وهي أفعال ترقى في سياقها العام والمتكرر إلى جرائم ضد الإنسانية وفقاً لنظام روما الأساسي.
وأكدت “صحفيات بلا قيود” أن هذه الانتهاكات تمثل خرقاً صارخاً للمادتين (9) و(14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مشددة على أن أي حكم إعدام يصدر استناداً إلى اعترافات قسرية وإجراءات صورية يعد إعداماً تعسفياً محظوراً دولياً ومن أخطر الانتهاكات غير القابلة للتبرير.
دعوة عاجلة للتحرك الدولي ووقف الإفلات من العقاب
أدانت المنظمة بأشد العبارات هذه المحاكمات، وحملت مليشيا الحوثي المسؤولية الكاملة عن سلامة جميع المحتجزين، وعن أي أذى قد يلحق بهم.
وطالبت المنظمة الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والمجتمع الدولي، بـالتحرك العاجل والجاد لوقف هذه المحاكمات فوراً، وعدم الاكتفاء ببيانات الإدانة الشكلية، والضغط الحقيقي من أجل الإفراج غير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفيا، وضمان عدم تنفيذ أي أحكام إعدام وفتح تحقيق دولي مستقل وشفاف تمهيداً لمساءلة جميع المتورطين.
واختتمت “صحفيات بلا قيود” بيانها بالتأكيد على أن استمرار الصمت الدولي أو التراخي إزاء توظيف القضاء كأداة للقتل والقمع يمثل تواطؤاً غير مباشر مع هذه الجرائم، ويشجع المليشيا على المضي قدماً في انتهاكاتها، مؤكدة أن العدالة لا يمكن أن تبنى على محاكمات صورية، ولا على اعترافات انتزعت تحت التعذيب ولا على قضاء خاضع للسلاح.

