اخبار المنظمة

ليبيا- تعرب منظمة صحفيات بلا قيود عن بالغ قلقها إزاء استمرار الانتهاكات الجسيمة والممنهجة التي يتعرض لها المهاجرون في ليبيا، في ظل غياب أي تحرك جاد من قبل السلطات الليبية أو المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم وضمان المساءلة. وتؤكد المنظمة أن هذه الانتهاكات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني،
وخرقًا للالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف لحماية المدنيين، إضافةً إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المهاجرين واللاجئين، بما في ذلك الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (1990)، واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (1984)، والاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين (1951) وبروتوكولها لعام 1967، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (2006).
خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، شهدت ليبيا تصاعدًا خطيرًا في انتهاكات حقوق المهاجرين، حيث وثّقت تقارير حقوقية دولية ومنظمات محلية جرائم تشمل القتل خارج نطاق القانون، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب الممنهج، والاستغلال الجسدي والاقتصادي، إضافة إلى حالات اختفاء قسري واتجار بالبشر، وسط تواطؤ أو تهاون الجهات الأمنية، مما يعكس استمرار سياسة الإفلات من العقاب التي تكرّست على مدى السنوات الماضية. وفي شرق ليبيا، تتحمل قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر مسؤولية مباشرة عن عدد من الانتهاكات، حيث وثّقت التقارير عمليات احتجاز تعسفي في سجون غير قانونية، من بينها سجن قرنادة جنوب مدينة شحات، حيث توفي المحتجز خميس محمد العقاب بعد تعرضه للتعذيب في 19 فبراير 2025. كما شهدت مناطق الكفرة وجالو وإجخرة العثور على مقابر جماعية تضم ما لا يقل عن 83 جثة لمهاجرين تم دفنهم في ظروف غير إنسانية دون تحقيقات شفافة. وفي غرب ليبيا، تتحمل حكومة الوحدة الوطنية مسؤولية انتهاكات جسيمة بحق المهاجرين، حيث وثّقت التقارير عمليات تعذيب ممنهج وابتزاز للمهاجرين في طرابلس ومصراتة والزاوية من قبل عناصر أمنية، بما في ذلك إجبارهم على دفع فدية مقابل إطلاق سراحهم، إضافة إلى تعريضهم لاعتداءات جسدية قاسية وصلت إلى حدّ القتل.
تشهد السواحل الليبية استمرارًا لمأساة الغرق الجماعي، حيث تم انتشال عشرات الجثث لمهاجرين حاولوا الفرار عبر البحر الأبيض المتوسط، وكان آخرها العثور على 13 جثة على شواطئ الزاوية والبريقة في فبراير 2025. وتأتي هذه الحوادث في ظل استمرار سياسة الإعادة القسرية التي تمارسها السلطات الليبية بالتعاون مع أطراف دولية، مما يعرض حياة المهاجرين للخطر. إن هذه الانتهاكات ليست جديدة، بل هي امتداد لسياسة طويلة من القمع والاستغلال، حيث وثّقت تقارير دولية منذ 2017 وجود أسواق لبيع المهاجرين كعبيد، مما دفع الأمم المتحدة آنذاك إلى تصنيف الوضع في ليبيا كـ “جرائم ضد الإنسانية”.
أمام هذا الواقع المأساوي، تدعو منظمة صحفيات بلا قيود المجتمع الدولي إلى:
- إلزام الحكومة الليبية في شرق وغرب البلاد بتحمل مسؤولياتها القانونية في حماية المهاجرين، وإغلاق مراكز الاحتجاز غير القانونية، وضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
- تكثيف الضغط من قبل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لضمان احترام حقوق الإنسان، وإجراء تحقيقات شفافة في الجرائم المرتكبة ضد المهاجرين.
- وقف أي دعم أمني أو لوجستي من الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية للجهات الليبية المتورطة في الانتهاكات، والتركيز بدلًا من ذلك على ضمان ممرات آمنة وبدائل قانونية للمهاجرين العالقين.
إن المأساة المستمرة للمهاجرين في ليبيا تمثل وصمة عار على جبين العالم، وإن التغاضي عن هذه الجرائم يعني تشجيع استمرارها. لن يكون هناك سلام أو استقرار في ليبيا ما دامت أرواح المهاجرين تُنتهك دون عقاب، وما دامت السلطات تواصل تواطؤها في هذه الجرائم الوحشية.
صادر عن منظمة صحفيات بلاقيود
22 مارس/ آذار 2025