اخبار المنظمة
اليمن - في تصعيد مروع، أكدت منظمة “صحفيات بلا قيود” أن مليشيا الحوثي نفذت سلسلة من الهجمات الجماعية ضد المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها في عدة محافظات يمنية خلال الأسابيع الأخيرة.
وأوضحت المنظمة، استناداً إلى المعلومات التي تلقتها من مصادر متعددة ورصد فريقها الميداني، أن التصعيد الأخير شهد تطوراً في أنماط الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين في محافظات البيضاء، صعدة، إب، الحديدة ، صنعاء، الجوف، وعمران، منذ أواخر ديسمبر 2024 وحتى منتصف يناير الجاري.
وسجلت المنظمة تصاعداً ملحوظاً في انتهاكات حقوق الإنسان، حيث شملت الهجمات عمليات قتل ميداني، إضافة إلى تدمير واسع للمنازل والمنشآت المدنية، التهجير القسري ، الاختطافات، الحرمان من الوصول إلى المساعدات الإنسانية والطبية ، مشيرةً إلى تنوع أساليب الهجمات التي شنتها مليشيا الحوثي، مثل القصف العشوائي على المناطق السكنية، وتفخيخ المنازل، واقتحام ونهب المنازل والممتلكات.
و أبرزت المنظمة تلك الجرائم والانتهاكات في المحافظات المذكورة على النحو التالي:
محافظة البيضاء:
- بين 6 و12 يناير 2025، شنت مليشيا الحوثي هجمات متواصلة على منطقة حنكة آل مسعود بمديرية القريشية في محافظة البيضاء، حيث فرضت حصاراً خانقاً ومنعت وصول المساعدات الإنسانية والطبية، مما فاقم معاناة المدنيين. بدأت المليشيا هجومها العسكري الواسع مستخدمة الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيّرة، ما أسفر عن مقتل نحو 30 شخصاً وإصابة العشرات، بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى تنفيذ إعدامات ميدانية بحق مدنيين. شملت الانتهاكات الموثقة تفخيخ ستة منازل، ثلاثة منها تم تفجيرها بالكامل، كما تم إحراق خمسة منازل وتدمير تسعة منازل تدميراً كلياً، بينما تعرضت بقية المنازل لتدمير جزئي نتيجة القصف العشوائي. كما نفذت المليشيا حملة مداهمات واسعة للمنازل، نهبت خلالها ممتلكات المدنيين من الذهب والمجوهرات والوثائق الثمينة. بالإضافة إلى ذلك، اختطفت نحو 400 مدني من أهالي المنطقة، بينهم أطفال، كما قامت بتهجير قسري لمئات الأسر التي أُجبرت على النزوح بسبب القصف المستمر. وفي محاولة لإخفاء جرائمها، قطعت المليشيا شبكات الاتصال والإنترنت عن المنطقة، بالتزامن مع الهجوم الوحشي على المنطقة.
- وفي 26 ديسمبر 2024، شنت المليشيا حملة اعتقالات جماعية في قرية الفرزعة بمديرية العرش، حيث داهمت المنازل واختطفت نحو عشرة أشخاص، بينهم مسنون وأطفال، واقتادتهم إلى سجون تابعة لها. ترافقت الحملة مع عملية تخريب ونهب للمزارع والممتلكات.
محافظة صعدة:
- في اواخر ديسمبر الماضي ، وحتى مطلع يناير الجاري ، اقدمت مليشيا الحوثي على تنفيذ حملة اختطافات واسعة النطاق في المحافظة ، استهدفت أكثر من 300 مدني، بينهم 50 امرأة. الحملة داهمت منازل وأماكن عمل الضحايا واقتادتهم إلى مواقع احتجاز مجهولة. تركزت الحملة في مناطق مختلفة بالمحافظة، بما في ذلك مناطق العبدين وغراز قرب مركز المحافظة.
محافظة إب:
- في 14 يناير 2025 ، أقدمت مليشيا الحوثي ، على اختطاف عشرات الطلاب من مدرسة “الميثاق” في عزلة الاخماس بمديرية فرع العُدين، إثر تنظيمهم تظاهرة سلمية رفضاً لإقالة مدير المدرسة “محمد سيف” وتعيين شخص من خارج السلك التربوي يُدعى “مهران الأهدل” مديراً للمدرسة. هذا القرار أثار استياءً واسعاً بين الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور، الذين اعتبروه جزءاً من مخطط ممنهج لضرب التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. الطلاب عبّروا عن رفضهم عبر احتجاجات سلمية، إلا أن المليشيا واجهت ذلك بالقمع العنيف، حيث ارسلت حملة عسكرية للمدرسة و قامت باعتقال عشرات الطلاب وزجّتهم في أحد سجونها بمنطقة “وادي المكارمة”.
- في مطلع يناير الجاري ، شنت مليشيا الحوثي حملة اختطافات واسعة في المحافظة، استهدفت عشرات الشبان، بينهم نجيب الشعيبي ونجاد صالح ومحمد الذيب، الذين كانوا تحت المراقبة منذ أشهر قبل أن يتم اختطافهم واقتيادهم إلى مواقع مجهولة لإخضاعهم لـ”دورات ثقافية” أيديولوجية.
- وفي اواخر ديسمبر الماضي ، شنت المليشيا حملة اختطافات، في مديرية ريف إب، استهدفت أكثر من 30 شخصاً من قرية الجعاشي والمناطق المجاورة.
محافظة الحديدة:
- في اواخر ديسمبر الماضي ، وحتى مطلع يناير الجاري ، شنت مليشيا الحوثي حملة اختطافات واسعة في عدد من المديريات، استهدفت عشرات المدنيين، بينهم كبار السن. الحملة شملت مداهمات لمنازل المواطنين في مديريات الدريهمي والحالي وبيت الفقيه و مناطق أخرى، حيث اقتادت العشرات تحت تهديد السلاح إلى سجون سرية. من بين الانتهاكات اختطاف المواطن عمر جابر الجحبي 75 عاماً في الدريهمي، بمزعم أن أبناءه يعملون في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
- وكانت قد برزت حادثة مقتل المواطنة فاطمة أحمد عايش أواخر ديسمبر الماضي بعد تعرضها للاختطاف والتعذيب على يد المليشيا، و العثور على جثتها في منطقة نائية بعد أسبوعين من اختطافها من داخل مخيم “مركوضة” للنازحين.
محافظة عمران:
- في 16 يناير 2025، فرضت مليشيا الحوثي حصاراً عسكرياً على منطقة قبائل الغولة في مديرية ريدة ، حيث استقدمت أطقماً وعربات عسكرية وطوقت منازل المدنيين في آل الغولي. وفقاً لتقارير اعلامية، جاء ذلك عقب تحركات قبلية سلمية للمطالبة بإعادة شاحنة نقل مملوكة لأحد أبناء القبيلة، احتجزها نافذون حوثيون في صعدة منذ خمس سنوات دون مسوغ قانوني. ورغم وعود قيادة المليشيا بحل القضية، استمرت المماطلة، مما أدى إلى تصعيد الوضع عبر فرض الحصار، في انتهاك واضح لحقوق المدنيين وتكريس لسياسة العقاب الجماعي والترهيب.
- في 10 يناير 2025، نفذت مليشيا الحوثي اقتحاماً مسلحاً لمسجد الشيخ السلفي عايض مسمار في مدينة خمر، والذي يضم عدداً من الطلاب السلفيين. الحملة التي جرت تحت قيادة “أبو غالب الغيلي”، المعين من قبل مليشيا الحوثي نائباً لمدير أمن مديرية خمر، أسفرت عن اختطاف 9 طلاب من داخل المسجد كانوا قد وصلوا من صنعاء للمبيت فيه. كما تم اختطاف الشيخ السلفي خالد مصارط خلال هذه الحملة.
محافظة الجوف:
- منذ ديسمبر الماضي، تفرض مليشيا الحوثي حصاراً اقتصادياً ومعيشياً خانقاً على منطقة “عفي” بمديرية برط العنان، حيث قيدت تدفق المواد الأساسية، بما في ذلك الغاز، الأدوية، ومواد البناء، وفرضت إجراءات تفتيش مطولة تتجاوز ست ساعات للسماح بدخول كميات محدودة منها، مما أدى إلى تفاقم معاناة السكان بشكل يومي. واتهم الأهالي، خلال وقفة لهم مطلع يناير الجاري ، المليشيا بفرض قيود تعسفية وممنهجة تهدف إلى التضييق عليهم اقتصادياً ومعيشياً، في انتهاك صارخ لحقوقهم الإنسانية، مؤكدين أن هذه الممارسات أدت إلى نقص حاد في الإمدادات الحيوية وتدهور الأوضاع الإنسانية.
- في 9 يناير 2025، اقدمت مليشيا الحوثي على قتل المواطن منصر ناجي منصر الجعيدي بإطلاق النار عليه في نقطة تفتيش بمنطقة آل جعيد غربي مديرية اليتمة. وتأتي هذه الجريمة بعد حادثة مماثلة قبل أسبوعين، راح ضحيتها المواطن طالب يحيى الشاعري، أحد أبناء قبائل ذو حسين، في إحدى نقاط التفتيش التابعة للمليشيا في المنطقة نفسها.
- في 8 يناير 2025 ، نفذت مليشيا الحوثي حملة مسلحة داهمت منطقة الظلفان في مديرية المطمة ، وقامت بفرض حصار على منازل المدنيين تحت ذريعة ملاحقة أحد المطلوبين. تعرضت المنطقة لقصف عنيف بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ما تسبب في حالة من الذعر بين المدنيين، خاصة النساء والأطفال المحاصرين داخل منازلهم ، بالإضافة الى تضرر عدد من منازل المدنيين وممتلكاتهم جراء القصف.
استهداف الموظفين اليمنيين في البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية بصنعاء:
- في 5 يناير 2025، بدأت مليشيا الحوثي حملة اختطافات جديدة في صنعاء ، استهدفت العشرات من الموظفين اليمنيين السابقين في البعثات الدبلوماسية الأمريكية والبريطانية والسعودية وسفارات أخرى. تمت الاختطافات بطرق وصفت بالوحشية، ما أثار الرعب في صفوف الأهالي والجيران. جرى اقتياد جميع المختطفين إلى جهات مجهولة دون السماح لهم بالتواصل مع أقاربهم، كما صودرت ممتلكات شخصية من منازلهم أثناء المداهمات. ومن بين المختطفين الذين تم الكشف عن أسمائهم: رياض السعيدي، الموظف السابق في السفارة الأمريكية، الذي اختطف من منزل والده في حي عطان، ومحمد الشلالي، الموظف السابق في السفارة الأمريكية، الذي اختطف من منزله في شارع هائل، بالإضافة إلى (ي. ع)، الموظف السابق في السفارة البريطانية، الذي اختطف في حي حدة.
قالت “صحفيات بلاقيود” أن الانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها مليشيا الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بما في ذلك القتل الميداني، القصف العشوائي، التهجير القسري، تدمير المنازل، الاختطاف، والتعذيب، تعد انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وشددت المنظمة على أن هذه الأعمال ترقى إلى جرائم حرب بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949، وخصوصاً المادة 3 المشتركة، التي تحظر استهداف المدنيين أو معاملتهم بطريقة لا إنسانية.
أكدت المنظمة أن سياسة الحصار المعيشي والاقتصادي التي فرضت على منطقة حنكة آل مسعود بالبيضاء و على منطتي “عفي” و”الظلفان” بمحافظة الجوف، ومنطقة “آل الغولي” بمحافظة عمران تمثل انتهاكاً صارخاً للمادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، التي تحظر تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.
وترى المنظمة أن استهداف الموظفين السابقين في البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية يعد خرقاً واضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، التي تكفل الحماية لموظفي البعثات، حتى بعد انتهاء عملهم.
ورأت المنظمة أن مليشيا الحوثي تسعى من خلال ارتكابها لهذه الجرائم والانتهاكات إلى تعزيز سيطرتها على المناطق الخاضعة لسلطتها عبر سياسة القمع والترويع، بما يشمل القتل الميداني والتدمير الممنهج للمنشآت المدنية والتهجير القسري للسكان، في محاولة لفرض هيمنتها على المدنيين بشكل قسري. كما تسعى المليشيا إلى إسكات الأصوات المعارضة والنشطاء من خلال ممارسات الاختطاف والتعذيب، وتعزيز قبضتها الأمنية عبر قمع المجتمع المدني وتقويض قدراته على التنظيم والتعبير عن الرأي. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم المليشيا هذه الانتهاكات كأداة للضغط على المجتمع الدولي لتحقيق مكاسب سياسية.
ادانت “صحفيات بلا قيود” بشدة التصعيد الممنهج والهجوم الوحشي الذي تمارسه مليشيا الحوثي ضد المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ووصفت هذه الجرائم بأنها انتهاكات صارخة للقوانين الدولية والإنسانية، معتبرةً أن هذه الجرائم ترقى إلى مستوى جرائم الحرب التي تستوجب تحقيق العدالة ومساءلة مرتكبيها.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي، ممثلاً بالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لوقف هذه الجرائم البشعة، والضغط على مليشيا الحوثي لوقف استهداف المدنيين فوراً والإفراج غير المشروط عن جميع المختطفين. كما طالبت المنظمة بإرسال فرق تحقيق دولية مستقلة لتوثيق هذه الانتهاكات وضمان مساءلة المتورطين فيها أمام المحاكم الدولية.
وأكدت المنظمة أن الاستمرار في هذه الممارسات الوحشية دون رادع يمثل تهديداً للسلم والأمن في اليمن والمنطقة بأسرها، مما يتطلب استجابة دولية عاجلة وشاملة لوقف هذه الانتهاكات الممنهجة وإنهاء معاناة المدنيين.
وختمت المنظمة بيانها بمطالبة الدول الأعضاء في المجتمع الدولي بإدانة هذه الجرائم بشكل علني واتخاذ خطوات ملموسة لضمان حماية المدنيين، مؤكدةً أن الصمت أو عدم اتخاذ موقف حازم يشجع المليشيا على الاستمرار في ارتكاب المزيد من الانتهاكات بحق الشعب اليمني.