اخبار المنظمة
اعتبرت منظمة "صحفيات بلاقيود" إعادة تدوير المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان "هدى عبدالمنعم" تأكيداً على استخفاف النظام المصري المروع بالقضاء والقوانين المحلية والمعاهدات الدولية.
وتطالب بالإفراج الفوري غير المشروط عنها وعن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد.
في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 فوجئ المحامين والناشطين الحقوقيين وأسرة المحامية والناشطة الحقوقية هدى عبدالمنعم (65عاماُ) -التي حازت على حائزة على جائزة حقوق الإنسان لعام 2020 من مجلس جمعيات المحامين والهيئات القضائية في أوروبا- بإعادة توجيه تهم جديدة إليها في القضية رقم 800 لسنة 2019، وهذه هي القضية الثالثة التي ظهرت بحقها بعد أن كان مقرراً الإفراج عنها في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعد إدانتها في محاكمة فادحة الجور بالسجن 5 سنوات بسبب القضية والمعروفة إعلاميًا بقضية "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" وهي التي اعتقلت في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2018م.
أعلن خالد بدوي، زوج الحقوقية المصرية هدى عبد المنعم، التي تقضي حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات في القضية المعروفة إعلامياً بقضية "التنسيقية المصرية"، أن النيابة استدعتها للتحقيق معها في قضية ثالثة. وكتب بدوي عبر حسابه على موقع "فيسبوك": "إنا لله وإنا إليه راجعون.. استدعاء زوجتي الأستاذة هدى عبد المنعم المحامية للتحقيق معها في نيابة أمن الدولة في قضية ثالثة تحمل رقم 800 لسنة 2019، رغم حبسها احتياطياً لمدة 13 شهراً على ذمة القضية 730 لسنة 2020، والتي تم تدويرها عليها بعد تنفيذ عقوبة القضية رقم 1552 لسنة 2018 لمدة خمس سنوات بذات الاتهامات التي تمت معاقبتها بها بحكم تم تنفيذه وأصبح باتًا ونهائيًا.. والحمد لله على كل حال وحسبنا الله ونعم الوكيل".
الحقوقية هدى عبدالمنعم تواجه اتهامات مشابهة لتلك التي تم توجيهها إليها في القضايا السابقة (1552 لسنة 2018، 800 لسنة 2019، 730 لسنة 2020)، والتي ترتبط بنشاطها في رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في مصر. تشمل الاتهامات الموجهة إليها "الترويج لأخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والمشاركة مع جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها". ومن الجدير بالذكر أن هدى عبدالمنعم كانت عضوًا سابقًا في المجلس القومي لحقوق الإنسان (2012-2016)، ويبدو أن هذه القضايا تأتي في سياق ملاحقتها بسبب عملها الحقوقي المستمر في الدفاع عن حقوق الإنسان في مصر.
تستمر السلطات المصرية في تجاوز كل القواعد الق انتهاك حقوق المحامية والناشطة الحقوقية هدى عبدالمنعم عبر استمرار سجنها التعسفي، في مخالفة صارخة للمبادئ القانونية الأساسية التي تحمي حقوق الأفراد. إذ أن إعادة محاكمتها بناءً على نفس التهم التي صدر بها احكام سابقًا يُعد انتهاكًا لمبدأ "عدم المحاكمة على ذات الجريمة مرتين" (non bis in idem)، المنصوص عليه في المادة 101 من قانون الإثبات والمادة 116 من قانون المرافعات المصري. هذا التدوير المتواصل في الحبس، والذي يتم تجديده كل 45 يومًا، يمثل تجاوزًا سافرًا للحق في محاكمة عادلة، ويزيد من تعقيد إمكانية الدفاع الفعّال عنها. كما أن انعقاد جلساتها عبر الإنترنت، في ظروف مشكوك في نزاهتها، يحرمها من حقوق أساسية في محاكمة علنية وحضور قانوني كامل، مما يعكس نهجًا متعمدًا لقمع النشاط الحقوقي وإعاقة ممارسة العدالة.
تتجاوز السلطات المصرية كل القواعد القانونية في القانون المصري والقوانين الدولية الإنسانية باستمرار سجن "هدى عبدالمنعم" تعسفيا ، وانتهاك المبادئ القانونية الأساسية التي تحمي حقها من التعرض للمحاكمة لذات الجرم مرتين ((non bis in idem)) المنصوص عليه في المادة ١٠١ من قانون الإثبات والمادة ١١٦ من قانون المرافعات المصري ، «لا يجوز محاكمة الإنسان عن ذات الاتهامات التي سبق محاكمته وعقابه عليها». هذا التدوير المتواصل في الحبس للحقوقية " هدي عبدالمنعم" ، والذي يتم تجديده عبر شبكة الأنترنت كل 45 يومًا، دون السماح لها بتقديم طعن مجد في شرعيته ، يمثل تجاوزًا سافرًا للحق في محاكمة عادلة، ويزيد من تعقيد إمكانية الدفاع الفعّال عنها ، كما يشكك في ظروف و نزاهته الإجراءات عبر شبكة الانترنت ، حيث يحرمها من حقوق أساسية في محاكمة علنية وحضور قانوني كامل، مما يعكس نهجًا متعمدًا لقمع النشاط الحقوقي وإعاقة ممارسة العدالة.
أن استمرار السلطات المصرية في ممارسة "تدوير السجن" أو استخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة ممتدة في حد ذاته، بدلاً من أن يكون إجراء احترازيًا مؤقتًا – حيث يتم تمديد فترات الحبس الاحتياطي لفترات طويلة قد تصل إلى أشهر أو حتى سنوا - ، يشكل انتهاكاً جسيماً للقانون المصري والتزامات مصر للاتفاقيات الدولية والإفريقية لحقوق الإنسان ، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، التي تلزم تؤكد ان الحبس الاحتياطي استثناء وليس قاعدة، ولا يستخدم الا بشروط صارمة بحيث يكون ضرورياً ومحدداً لفترة قصيرة.
تعتبر منظمة صحفيات بلا قيود أن تدوير محاكمة "هدى عبدالمنعم" ذو دوافع سياسية تهدف لإسكات مجموعة المحامية والمدافعين عن حقوق الإنسان ومعتقلي الرأي وابقائهم تحت سيطرتها، وتوجيه رسائل ترهيب لأولئك الحقوقيين والناشطين الموجودين في الميدان والذين يرون انفراجاً في الإفراج عن مئات السجناء السياسيين منذ أكثر من عقد؛ فيما محاولة للنظام المصري لتحسين صورته بالإعلان عن إجراءات لتحسين حالة حقوق الإنسان، بالتزامن مع جلسة المراجعة الدورية الشاملة لسجل حقوق الإنسان لمصر بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
يمكن الاطلاع على تقريرنا السابق حول الحبس الاحتياطي في مصر بالضغط (هنـــــــــــــا)
وضع هدى عبدالمنعم
تم القبض على هدى عبد المنعم في 1 نوفمبر 2018، وظلت رهن الاختفاء القسري لمدة 21 يومًا، حتي تبين وجودها بمقر أمني بالعباسية واستمر حبسها الاحتياطي التعسفي لمدة تزيد عن ٤ سنوات حتي 5 مارس 2023، حين أصدرت محكمة أمن الدولة طوارئ حكمًا بسجنها خمس سنوات بتهم ملفقة، ورغم انتهاء مدة العقوبة في 31 أكتوبر 2023، فوجئت بإعادة توجيه نفس التهم لها في قضية جديدة برقم 730 لسنة 2020، مما يُعد انتهاكًا للقاعدة القانونية التي تنص على عدم محاكمة الشخص عن نفس التهم مرتين.
تحدث الزيارات العائلة بشكل نادر ل"هدى عبدالمنعم" وبقية الناشطات الحقوقيات ومعتقلات الرأي في البلاد. ما ينتهك اللائحة الداخلية للسجون المصرية (المواد من 70 حتى 80)، وقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (1977) (المادتان 73 و929).
تنتكس الحالة الصحية ل"هدى عبدالمنعم" (65 عاماً)، فيما تحرم العائلة من الحصول على أوراقها الطبية في وقت لا تتلقى فيه العناية الصحية اللازمة. وفي 28 أغسطس/آب 2024، أخبرت أسرتها خلال زيارتها في السجن أنه تم تشخيص إصابتها بداء السكر. في يناير/كانون الثاني 2024 زارتها عائلتها في سجن العاشر من رمضان. وعلمت بتشخيص إصابتها بالتهاب في الأذن ما يؤثر على بصرها وتوازنها وكانت هذه الزيارة النادرة هي الأولى منذ يونيو/حزيران 2023م. وسبق أن أصيبت بالتهاب في الأعصاب ما يسبب لها آلاماً كبيرة وخدراً وشعوراً بتيارات كهربائية في جسدها. وتعاني من أمراض عديدة في القلب والكلى وتجلط شرياني وارتفاع ضغط الدم.
وتطالب منظمة صحفيات بلا قيود بالآتي:
* على السلطات المصرية الإفراج الفوري غير المشروط عن "هدى عبدالمنعم"، وكل المحامين والناشطين الحقوقيين والصحافين ومعتقلي الرأي في مصر، وحتى حدوث ذلك ضمان صحتهم الجسدية والنفسية ووصولهم للمحامين وتلقي زيارات عائلاتهم.
* الاستجابة الفورية لتوصيات مجلس أمناء الحوار الوطني بالإفراج عن الصحفيين والسياسيين وكل المتهمين بقضايا رأي، و"المحبوسين الذين مضى على حبسهم أكثر من عامين دون محاكمة". وعلى نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي التوقف عن الاستخفاف بقواعد القوانين المحلية والمواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية.
* إنهاء المنهجية المستمرة منذ أكثر من عقد بربط النشاط الحقوقي ورصد انتهاكات حقوق الإنسان بقضايا أمن الدولة والإرهاب. التعبير عن الرأي ليس جناية، ونيابات ومحاكم أمن الدولة ليست ذات اختصاص بل أداة قمع بيد المخابرات لإدانة الحقوق والحريات.
* يجب على منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية والمجتمع الدولي التدخل للضغط على النظام المصري لوضع حد لانتهاكاته.