في قرية حظة بمديرية التربة في محافظة تعز (جنوب غرب اليمن)، نجحت أروى محمد في تحويل هوايتها إلى مصدر رزق مستدام، بفضل دعم برنامج "حيث الإنسان" التابع لمؤسسة توكل كرمان. هذه القصة ليست مجرد نجاح فردي، بل مثال حي على قدرة الإنسان على تجاوز الصعوبات وتحقيق الأحلام.
نشأت أروى يتيمة الأبوين، واضطرت منذ صغرها إلى تحمل مسؤولية نفسها وأفراد من عائلتها. رغم تفوقها الدراسي وحصولها على امتياز في السنة الأولى من دراسة الرياضيات في الجامعة، اضطرت لترك التعليم بسبب الظروف المعيشية الصعبة، واتجهت للعمل في مجالات متعددة، منها الخياطة وصناعة الإكسسوارات.
تقول أروى: "لدي خمسة أطفال، وأنا المعيلة الوحيدة لهم. أسعى بكل جهدي إلى تأمين مستقبلهم وتوفير احتياجاتهم دون أن يشعروا بأي نقص. رغم صعوبة العمل المتقطع في الحقول أو المنازل، حاولت دائمًا البحث عن مصدر دخل مستقر".
من الهواية إلى المهنة
بدأت أروى رحلتها في الخياطة بحياكة الصوف وصناعة المعاطف والشيلان، ثم انتقلت إلى تصميم الحقائب الصغيرة، لكنها لم تجد رواجًا كافيًا. بعد ذلك، وجدت في صناعة الإكسسوارات فرصة أفضل لجذب الزبائن وتحقيق دخل مناسب. توسعت لاحقًا لتصميم حقائب الأطفال، وحقائب الجوالات، ثم الحقائب المدرسية.
رغم ذلك كانت العقبات أمامها كثيرة؛ فالأدوات اللازمة للخياطة، مثل الماكينات المتطورة والأقمشة، لم تكن متوفرة بسهولة، كما أن ضعف الإمكانيات المادية وصعوبة التنقل شكلت تحديات إضافية لها.
تدخل برنامج "حيث الإنسان"
قرر فريق "حيث الإنسان" مساعدة أروى في تحقيق حلمها، فقام بتنفيذ مشروع متكامل يشمل إيصال المياه إلى منزلها، توفير الإنارة، وتوسعة مساحة مناسبة لعملها. كما التحقت بدورة تدريبية مكثفة في إعداد العطور والروائح، إلى جانب تجهيز متجر خاص بها في مدينة التربة لعرض منتجاتها من الحقائب والإكسسوارات إلى جانب منتجات تجميلية جاهزة.
تعبّر أروى عن سعادتها بهذه النقلة النوعية في حياتها قائلة: "الآن أصبح لدي المعدات المطلوبة، ويمكنني إنتاج حقائب بجودة عالية إلى جانب الإكسسوارات. هذا الدعم فاق كل توقعاتي".
مستقبل أكثر إشراقًا
بفضل هذا المشروع، تمكنت أروى من تأمين حياة كريمة لأطفالها، وأصبح بإمكانهم متابعة تعليمهم دون عوائق. وهي تأمل أن يكون مشروعها نقطة انطلاق لمستقبل أفضل لهم، قائلة: "الآن أستطيع ضمان مستقبل آمن لأولادي، وأتمنى ألا يمروا بما مررت به".
قصة أروى ليست مجرد نجاح فردي، بل دليل على أن تحقيق الأحلام يبدأ بخطوة، وأن الإصرار والعمل الجاد قادران على صنع الفرق.



