الأخبار
بيان لتوكل كرمان بمناسبة الذكرى السادسة للحرب في اليمن
قبل ست سنوات، باشرت المملكة العربية السعودية تدخلها العسكري الوحشي في اليمن بدعوى أن استعراضها المهيب للقوة كفيل بهزيمة ميليشيا الحوثي التي أطاحت بالحكومة اليمنية، وكانت الحملة بقيادة السعودية بمثابة تعزيز لـ "ثورة مضادة" بوجه عملية الانتقال الديمقراطي هناك.
في خريف عام 2014، تآمر الحوثيون والمخلوع علي صالح لوأد عملية التحول نحو مجتمع يسوده السلام والمساواة، وأدى تمردهم إلى إجهاض العملية الديمقراطية التي بدأت مع فجر الربيع العربي.
لم يؤد تدخل السعودية العنيف في الشؤون اليمنية، وبمساعدة حليفها الرئيس الإمارات، إلا إلى مزيد من الاضطرابات في بلدي، فسلوكها على الأرض لا يمت بصلة لاستعادة استقرار الدولة أو حماية المدنيين. وعوضاً عن ذلك انزلق بلدي في دوامة من الاضطرابات جراء القنابل التي أدت الى تقوية التمرد الحوثي مما زاد من تعقيد الأزمة اليمنية.
وها هي اليوم أيادي المستبدين والمجرمين الذين يؤججون الحرب ملطخة بالدماء، فمنذ اندلاع الصراع لقي عشرات الآلاف اليمنيين حتفهم، وأعداد لا تحصى من الأطفال مصابة بالكوليرا والأوبئة وملايين آخرون يعيشون في الفقر يتهددهم شبح المجاعة حتى وصفت الأمم المتحدة بأنها ترقى لتكون أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وهذا كله في خضم جائحة كوفيد-19 المهلكة.
وإنني لأشيد هنا بالرئيس الأمريكي جو بايدن لاتخاذه خطوات أولى مهمة لوقف إراقة الدم، فبإنهائه الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية السعودية في اليمن يكون شرع في الوفاء بأحد وعود حملته الانتخابية. لكن لا يزال أمام الولايات المتحدة والمجتمع الدولي طريق طويل لتأمين العدالة للشعب اليمني.
كما أدعو الرئيس بايدن لوضع المتمردين الحوثيين قيد الرقابة لما ينتهجونه من سياسات مماثلة لتلك التي تنتهجها داعش والجماعات الإرهابية، وعدم منحهم مكاسب سياسية على حساب اليمنيين وحقهم في الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية.
إن الطريق إلى سلام دائم يبدأ باتخاذ خطوات هامة تخفف العبء عن كاهل الشعب اليمني، وهو ما يعني إنهاء السيطرة السعودية الإماراتية على الموانئ والمطارات اليمنية التي تحولت الى ثكنات عسكرية ومراكز احتجاز تُرتكب فيها جرائم بحق المعارضين والناشطين اليمنيين، مثلما يعني ايضاً إنهاء الهجوم الحوثي الدامي على مأرب ورفع الحصار الداخلي عن تعز، فكل هذه الإجراءات الوحشية لا تؤدي إلا إلى مزيد من الجوع والمرض.
ولضمان عملية سلام جادة سيكون من الضرورة بمكان إحالة ملف اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب من جميع الأطراف.
إن كان الرئيس بايدن يريد حقاً الارتقاء إلى مستوى المثل الأمريكية العليا فلا بد من تقديم المزيد؛ يجب أن يدعم هو وحلفاؤه أحلام اليمن بالديمقراطية التي ما رُحلت إلا نتيجة للتمرد الحوثي والتدخل الأجنبي أكان إيرانيًا أم سعوديًا أم إماراتيًا. لن يقبل شعبنا البتة بحكام العنف منهجهم في الحكم، وعلى الولايات المتحدة الأخذ بيد المجتمع الدولي لإنهاء دعمه للحصار السعودي-الإماراتي المتعدد ومحاسبة كافة الأطراف على جرائمهم بحق اليمنيين.
السلام في اليمن يعني استعادة سلطة الدولة المنتخبة ديمقراطياً ورفض احتلال التحالف السعودي-الإماراتي وإنهاء انقلاب مليشيا الحوثي المدعوم من ملالي إيران. هذا وإلا لن يتغير شيء. لا يمكننا تحقيق السلام بمباركة سلطة الحوثيين وترك الملايين رهائن لانتهاكاتهم. كما لا يمكننا تحقيق السلام بإخضاع اليمنيين لأهواء المحتل الأجنبي.
قدم مؤتمر الحوار الوطني خارطة طريق هامة لكيفية جمع اليمنيين بمختلف أطيافهم لتحقيق مستقبل آمن وأكثر ازدهارًا. ما زال يحدوني الأمل من أن نتمكن يومًا ما من تحقيق الديمقراطية التي كانت حلمنا ونحن نشعل ثورتنا قبل عقد من الزمن.
لنعمل سوياً من أجل يمن بلا ميليشيات مسلحة تدعو للكراهية، يمن بلا احتلال أو وصاية، يمن ديمقراطي لديه كامل الأهلية لتقرير مصيره على أساس من التعاون والاحترام المتبادل.