الأنشطة
شاركت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان في جلسة نقاشية بعنوان "الديمقراطية والانتخابات" ضمن مؤتمر ميونخ للأمن 2024 الذي انعقد خلال الفترة 16 - 17 فبراير الجاري.
وتطرقت توكل كرمان خلال حديثها إلى قضية الديمقراطية ومستقبلها في العالم، محذرة في الوقت نفسه من مخاطر تحالف دول العالم المتقدم مع الأنظمة المستبدة.
وأعربت كرمان عن قلقها الشديد من مجرى الأحداث خلال العام الجاري، معتبرة أن التعقيد وضبابية المشهد يعتبران العنوانان الأبرز للعام.
ورداً على سؤال حول وسائل التواصل الاجتماعي وتحولها من "قوة من أجل الخير" إلى فضاء سلبي للغاية ونظرتها للمتغير الذي حدث في العالم الافتراضي وكيف أثر ذلك على الديمقراطية في أرجاء العالم، قالت توكل كرما إن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين.
وأوضحت كرمان أن الأنظمة الاستبدادية تستغل وسائل التواصل الاجتماعي لتقويض مكتسبات الربيع العربي، وقمع النشطاء والآراء السياسية، ونشر المعلومات المضللة، مستدركة بالقول إن وسائل التواصل الاجتماعي أداة مهمة للغاية يمكن من خلالها إيصال أصوات الناس.
وحول إيجابيات وسلبيات اللوائح والتدابير التنظيمية التي تتبناها الحكومات لمواجهة التضليل الإعلامي وسوء استخدام الذكاء الصناعي، رأت توكل كرمان أنه في حين أن بعض اللوائح يمكن أن تعالج قضايا مثل الأخبار المزيفة وإساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، إلا أنه في مقابل ذلك يجري توظيفها من قبل الأنظمة والحكومات كوسيلة للسيطرة والتضييق على حرية الصحافة وحقوق التعبير.
وعرجت كرمان إلى قضية التعاون الحكومي مع منصات التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"إكس" وغيرها، حيث عبرت عن قلقها من أن هذا التعاون قد يؤدي إلى زيادة سيطرة الحكومات ومراقبتها للمحتوى عبر الإنترنت، مما قد يؤدي إلى خنق أصوات الأفراد.
خطر داهم
وفيما يتعلق بالديمقراطية، أشارت توكل كرمان إلى أنها تتعرض لخطر داهم، معربة عن قلقها العميق إزاء الحالة الراهنة للديمقراطية حتى في معاقلها وحواضرها وليس فقط في البلدان التي تحكمها أنظمة غير ديمقراطية.
وقالت كرمان إن التهديد الذي تتعرض له الديمقراطية لا يأتي من المتطرفين اليمينيين فحسب، بل أيضًا من تراجع التزام القادة الليبراليين والدول الديمقراطية بحماية حقوق الإنسان وقيم مبادئ الديمقراطية.
وانتقدت كرمان السياسيين الغربيين، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة وأوروبا وبريطانيا، لإعطائهم الأولوية للمصالح الضيقة وتشكيل تحالفات مع الديكتاتوريات، الأمر الذي انعكس سلباً على الديمقراطية وقيمها ومبادئها.
واعتبرت كرمان أن الديمقراطية ليست مجرد عملية انتخابية واقتراع، بل أبعد من ذلك وتشمل أيضا حرية التعبير والشفافية والمساءلة وحماية حقوق الأقليات، مؤكدة على أهمية الحفاظ على هذه القيم الديمقراطية وسط النفوذ المتزايد للحكومات على منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
وحذرت كرمان من أن ما تتعرض له الديمقراطية من استهداف لن يؤدي إلا الى فقدان الثقة بمؤسساتها سواء داخل الولايات المتحدة أو على مستوى العالم، لافتة الى أن إيمان الناس بالديمقراطية كوسيلة لتحقيق الاستقرار والازدهار في تآكل دائم، الأمر الذي يؤدي إلى عواقب وخيمة، مؤكدة في الوقت نفسه على ضرورة مجابهة السردية الطارئة من أن الديمقراطية لا تؤدي إلا إلى الفوضى وعدم الاستقرار.
وقالت كرمان إنه من الأهمية بمكان بالنسبة للقادة، سواء في الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو أي مكان آخر، أن يجسدوا التزامًا ثابتًا بالقيم الديمقراطية.
كما حذرت كرمان من عواقب قيام قادة تلك الدول بإعطاء الأولوية للعلاقات مع الأنظمة الغنية والمستبدين على حساب التمسك بالمبادئ الديمقراطية، الأمر الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز الأنظمة الاستبدادية.
حرب إبادة
وشددت توكل كرمان على أهمية معالجة الانتهاكات والمظالم المستمرة لحقوق الإنسان، خاصة ما يجري من حرب إبادة ضد سكان غزة، مسلطة الضوء على الحقيقة الصارخة المتمثلة في أن ملايين الأشخاص يعانون ويموتون من أجل حقوقهم الأساسية في الحياة والبقاء في هذه اللحظة.
ودعت كرمان إلى أهمية الاعتراف بالأزمات الإنسانية العاجلة التي تؤثر على هؤلاء السكان والتعامل معها.
الانتخابات الاميركية
وتطرقت توكل كرمان الى الانتخابات الأميركية التي ستجرى في نوفمبر المقبل حيث أبدت قلقها إزاء نتائجها لما لها من انعكاسات على العالم أجمع.
وتساءلت كرمان ما إذا كانت الانتخابات الأميركية المقبلة ستؤدي إلى ظهور قادة ديمقراطيين ليبراليين سيحمون الديمقراطية، أم أنها ستؤدي إلى ظهور قادة أكثر تطرفًا وإثارة للانقسام.
ودعت توكل كرمان الشعب الأميركي إلى حماية الديمقراطية لما تمثله الديمقراطية الأمريكية من رمزية عالمية.
وقالت توكل كرمان إن ما نشاهده اليوم من سلوك لليبراليين من السياسيين الديمقراطيين - في مجال السياسة الخارجية - يدعو للأسف كونه لا يختلف عن سلوك المستبدين.
لمشاهدة حديث توكل كرمان اضغط هنـــا