الأنشطة
توكل كرمان تلقي كلمة أمام المؤتمر الدولي للسلام والتنمية وبناء الأمة 2023 في تايلند
قالت النانشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، إن حل الصراعات وتعزيز السلام داخل الدول وفيما بينها أمران بالغا الأهمية لتنمية جميع البلدان وتقدمها.
جاء ذلك في كلمة لها في المؤتمر الدولي للسلام والتنمية وبناء الأمة 2023 الذي نظمه المعهد الدولي لبناء الأمة (NBII) في العاصمة التايلندية بانكوك.
وأضافت توكل كرمان: من خلال مناصرة السلام وتبني التنمية التي محورها الإنسان، نمهد الطريق لمستقبل تزدهر فيه الأمم، ويزدهر الأفراد، ويعيش عالمنا الانسجام الذي يحتاج إليه بشدة.
وأكدت كرمان أن السلام والتنمية المستدامين لا يمكن تحقيقهما من خلال الأنظمة الاستبدادية أو قمع حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن السلام ليس مجرد غياب الصراع؛ بل يتطلب وجود العدالة والمساواة والحرية.
وأشارت كرمان إلى أنه من خلال تمكين الأفراد، وحماية حرياتهم، وضمان مشاركتهم في عملية صنع القرار، يمكن تحقيق السلام الدائم.
وقالت كرمان: من خلال دعم حقوق الإنسان، وتعزيز الديمقراطية، ومحاربة الاستبداد والكراهية والعنصرية بنشاط، نمهد الطريق لنظام عالمي أكثر أمناً وسلماً.
وشددت كرمان على ضرورة الاتحاد والالتزام والتمسك بمبادئ الديمقراطية والحرية وتعزيز قيم التسامح والتفاهم، والعمل من أجل مستقبل يمكن فيه لكل فرد، بغض النظر عن خلفيته، أن يعيش في كرامة ووئام وسلام.
وفيما يلي نص الكلمة:
الضيوف الكرام، المندوبون الموقرون، السيدات والسادة،
أقف أمامكم اليوم في المؤتمر الدولي للسلام والتنمية وبناء الأمة للعام 2023، ينتابني شعور بالإلحاح وقناعة راسخة بأن السعي لتحقيق السلام ليس مجرد مسعى نبيل بل ضرورة حتمية لتقدم عالمنا. يتوافق موضوع هذا العام حول "التنمية التي محورها الإنسان من أجل السلام" بقوة مع التحديات التي نواجهها اليوم.
يواجه عالمنا الذي نعيش فيه صراعات وتوترات لا تتوقف، مما يهدد استقرار وازدهار أممه، بدءاً من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى الخلافات طويلة الأمد بين كوريا الشمالية والجنوبية والصين والتبت، إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والتوتر بين باكستان والهند، وإلى النزاع بين اليابان وكوريا الجنوبية والإبادة الجماعية ضد الروهينجا، وإنتهاءً بزيادة الكراهية والعنصرية وإرهاب اليمين المتطرف في الغرب وتصاعد الخطر ضد الديمقراطيات في جميع أنحاء العالم وعودة الإرهاب والاستبداد في كثير من المناطق وخاصة منطقة الشرق الأوسط. والتأثير العميق لهذه الصراعات على مجتمعاتنا ماثل للعيان.
في مؤشر السلام العالمي لعام 2022، رأينا تراجعاً في وضع السلام للمرة الحادية عشرة في آخر 14 عامًا، مما يبرز الحاجة الملحة للتغيير.
النزاعات ليست حوادث فردية يقتصر تؤثر فقط على الأطراف المعنية، بل إن لها عواقب بعيدة المدى. إنها تتسبب في تعطيل التجارة العالمية وفي تفاقم التوترات الجيوسياسية والركود الاقتصادي، فنتيجة لارتفاع أسعار الطاقة والغذاء والسلع الأساسية يصبح نقصها وشحتها دائم، مما يعيق النمو الاقتصادي والتنمية. على المستوى المحلي، تعيق النزاعات تقدم الدول وتعطل التقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. فهي تمنع البلدان من تحقيق إمكاناتها الحقيقية، وتترك شعوبها في حالة اضطراب تفتقر لنوعية جيدة من الحياة.
وعليه، فإن فض النزاعات وتكريس السلام سواء على المستوى المحلي أو فيما بين الدول أمر بالغ الأهمية لتنمية وتقدم جميع البلدان. وهو ما يتطلب تحولًا جوهريًا في تفكيرنا وتظافر الجهود يشمل قادة مختلف القطاعات العامة والخاصة والمجتمع المدني. في عالم الصراع هذا، علينا أن نتحد فيما بيننا لإيجاد حلول شاملة ودائمة.
إن هذا المؤتمر الدولي حول السلام والتنمية في تايلاند بمثابة منصة هامة لتحقيق السلام العالمي وبناء الدولة على نحو مستدام. يجتمع اليوم آلاف الوفود بما في ذلك قادة وخبراء محليين وإقليميين ودوليين من مختلف القارات لمعالجة القضايا الملحة المتعلقة بالسلام والتنمية وبناء الدولة. وبالتالي فإن مؤتمركم هذا لا بد وأن أكثر من مجرد تجمع، يجب أن يكون دعوة للعمل ودعوة لإقامة شراكات عبر القطاعات وتعبئة الجهود الجماعية.
علينا معاً أن نخلق نظامًا بيئيًا يرعى ويمكّن الأفراد في بحثهم عن السلام والتنمية وبناء الدولة، فمن خلال تعظيم رأس المال البشري وتنشئة أفراد أكفاء، يمكننا تحويل بلداننا الى دول أكثر سلامًا وتحضراً. ومن خلال التعاون والمعرفة المشتركة والجهود المتضافرة يمكننا إحداث تغيير إيجابي وبناء مستقبل يكون فيه السلام حقيقة ماثلة لا مجرد طموح.
أمامنا فرصة يجب ان نغتنمها للانخراط في حوار هادف، وتبادل الأفكار الخلاقة، وتعزيز الشراكات الدائمة. دعونا نكتشف طرقًا جديدة لتنمية تتمحور حول الإنسان، متجذرة في التعاطف والشمولية واحترام حقوق الإنسان. نستطيع معاً تطوير أطر عمل تعالج الأسباب الجذرية للنزاعات، وتعزز الحوار والمصالحة، وتبني مجتمعات تزدهر في سلام.
ونحن نستهل هذه الرحلة الجماعية، أحث الجميع على الالتزام الدائم بقضية السلام، وأن لا ننسى بأن الطريق أمامنا قد يكون صعبًا، لكن المكافآت كبيرة. إننا بدفاعنا عن السلام وتبني تنمية محورها الإنسان نمهد الطريق لمستقبل تزدهر فيه الدول، ويزدهر الأفراد، ويشهد عالمنا الانسجام الذي يحتاجه بشدة. علاوة على ذلك، من الضروري الاعتراف بأن السلام والتنمية المستدامين لا يمكن تحقيقهما من خلال الأنظمة الاستبدادية أو قمع حقوق الإنسان الأساسية.
السلام ليس مجرد انتفاء الصراع، بل يتطلب وجود العدل والمساواة والحرية. وعلينا ونحن نسعي الى تحقيق السلام أن ندافع عن قيم حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون. يمكن تحقيق السلام الدائم من خلال تمكين الأفراد وحماية حرياتهم وضمان مشاركتهم في عمليات صنع القرار. ولا يوجد مكان يتجلى فيه هذا الأمر أكثر من الشرق الأوسط والمنطقة العربية التي تعاني من التوترات التاريخية والصراعات المتجذرة لأجيال.
نستطيع من خلال دعم حقوق الإنسان، وتعزيز الديمقراطية، ومن خلال المكافحة الفاعلة للاستبداد والكراهية والعنصرية، أن نمهد الطريق لنظام عالمي أكثر أمنًا وسلاماً. دعونا نقف يداً واحدة في التزامنا بدعم هذه المبادئ، وتعزيز التسامح والشمولية والتفاهم ، والعمل نحو مستقبل يمكن فيه لكل فرد ، بغض النظر عن خلفيته ، أن يعيش بكرامة ووئام وسلام.
شكراً لكم،،
لمشاهدة الكلمة كاملة اضغط (هنــــــا)