الأنشطة
شاركت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، اليوم 20 يونيو/حزيران 2023 في مؤتمر الرعاية الصحية "الغاية والناس والمنظمات" الذي نظمته وزارة الصحة البرتغالية.
وألقت توكل كرمان كلمة خلال الملتقى أشادت فيها بأدور الأطباء والعاملين في قطاع الرعاية الصحية ونكرانهم لذواتهم في أوقات الازمات والحروب من أجل حياة الأفراد والعائلات والمجتمعات.
وأكدت كرمان أن يزال السلام العالمي وغياب الصراع والعنف على نطاق عالمي مايزال بعيد المنال، مشيرة إلى أنه من أجل تحقيق السلام يجب إعطاء الأولوية للحرية والديمقراطية والحوار والدبلوماسية وتعزيز ثقافة التفاهم والتعاطف، والاعتراف بأن كل فرد، بغض النظر عن جنسيته أو عرقه أو معتقداته، يستحق أن يعيش حياة خالية من الخوف والقمع.
وقالت كرمان إن حماية حقوق الإنسان وتعزيزها أمر محوري في طريق السعي لتحقيق السلام العالمي، لافتة إلى أن حقوق الإنسان هي الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات العادلة وبما يضمن حق كل فرد في الكرامة والحرية والمساواة.
وأضافت كرمان: لتعزيز السلام العالمي وحقوق الإنسان، يجب أن نعمل معًا كمجتمع عالمي (..) يجب أن نتجاوز الحدود مدركين أن مصائرنا متشابكة. يجب أن تركز جهودنا الجماعية على التعليم والتوعية، وتعزيز ثقافة السلام وحقوق الإنسان في سن مبكرة.
وشددت كرمان على ضرورة الاستثمار في التنمية المستدامة والقضاء على الفقر ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع، ومحاسبة الحكومات على أفعالها والدعوة إلى الشفافية والحكم الرشيد وسيادة القانون.
وأشارت كرمان إلى أن على الحكومات الغربية إعادة النظر في تحالفاتها وإعطاء الأولوية لتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد، حتى لو كان ذلك ضد مصالحها الجيوسياسية، مؤكدة أن هذا التحول سيسهم في الاستقرار والتعاون الإقليمي وتحقيق تطلعات شعوب المنطقة.
فيما يلي النص الكامل للكلمة:
إنه لشرف عظيم لي أن أقف أمامكم اليوم في هذا المؤتمر الذي تنظمه وزارة الصحة البرتغالية لأتحدث إليكم حول السلام العالمي وحقوق الإنسان وقضاياهما الهامة.
إنه لمن الأهمية بمكان في عصر يتسم بالترابط والتسارع تبنى المبادئ الأساسية لبناء عالم أفضل لأنفسنا وللأجيال القادمة.
أعلم أن معظم الحضور اليوم من الأطباء والعاملين في قطاع الرعاية الصحية، لذا اريد أن أتوقف لحظة لأعبر عن عميق امتناني وإعجابي بما يقومون به من عمل قيم، فتفانيكم وخبراتكم ونكرانكم للذات له تأثير غير محدود على حياة الناس على المستوى الفردي والأسري والمجتمعي.
إنكم في أوقات الأزمات والحرب بمثابة منارات للأمل والشفاء، وغالبًا ما تعملون في ظل ظروف قاسية وتعرضون نفسكم للخطر في سبيل إنقاذ الأرواح. إن التزامكم الراسخ بتوفير الرعاية الطبية وتخفيف المعاناة لأمر يدعو للفخر كما أن شجاعتكم ومرونتكم مصدر الهام لنا جميعاً.
علاوة على ذلك، نجدكم دوماً في الطليعة في مواجهة الأوبئة الفتاكة كما وباء كوفيد-19، وتعملون بلا كلل ولا ملل لاحتواء انتشار الفيروس وعلاج المصابين وتطوير لقاحات منقذة للأرواح. لقد كانت جهودكم محورية في حماية الصحة العامة وتقليل تأثير أزمة الصحية العالمية هذه.
مع أنه لا يزال تحقيق السلام العالمي وإنهاء الصراع والعنف على نطاق عالمي مطلباً بعيد المنال إلا أنه هدف يستحق السعي إليه بعزيمة لا تلين. حدث أن شهد العالم ما للحروب والصراعات من عواقب وخيمة تؤدي إلى تمزيق المجتمعات، وتعطيل عجلة الاقتصادات وتتسبب في معاناة لا حدود لها. يجب أن ندرك أن السلام ليس مجرد غياب للحرب، بل حالة من الانسجام تسود فيها العدالة والمساواة والاحترام.
ولأجل تحقيق السلام العالمي، يتعين إعطاء الأولوية للحرية والديمقراطية والحوار والدبلوماسية بدلاً من الاعتداء على الآخرين ومعاداتهم. علينا تعزيز ثقافة التفاهم والتعاطف والاعتراف بأن كل فرد - بغض النظر عن جنسيته أو عرقه أو معتقداته - يستحق أن يعيش حياة خالية من الخوف والقمع.
إن حماية حقوق الإنسان وتعزيزها أمر محوري في السعي لتحقيق السلام العالمي، فحقوق الإنسان هي الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات العادلة لأنه يضمن حق كل فرد في الكرامة والحرية والمساواة. علينا التأكيد على التزامنا بدعم هذه الحقوق على المستويين النظري والعملي، بغض النظر عن الفوارق الثقافية أو الاجتماعية أو السياسية.
من معاني احترام حقوق الإنسان الاعتراف بالقيمة المتأصلة لكل إنسان، وحماية حرية التعبير والمعتقد والتجمع، والسماح للأفراد بالتعبير عن آرائهم والمشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم. إن احترام حقوق الانسان يعني ضمان الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والفرص الاقتصادية، وتمكين الناس من تحقيق إمكاناتهم والمساهمة في المجتمع. إنه يعني حماية حقوق النساء والأطفال والمجتمعات المهمشة، ومكافحة التمييز والظلم أينما وجد.
ولتعزيز السلام العالمي وحقوق الإنسان لا بد من العمل جنباً الى جنب كمجتمع عالمي. وهنا تلعب الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني وكذلك الأفراد دورًا حيويًا. لا بد من تجاوز الحدود والتعاون عبر الحدود وإدراك أن مصائرنا متشابكة. يجب أن تركز جهودنا الجماعية على التعليم والتوعية، وتعزيز ثقافة السلام وحقوق الإنسان منذ سن مبكرة. يجب أن نستثمر في التنمية المستدامة والقضاء على الفقر ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع. يجب محاسبة الحكومات على أفعالها والدعوة إلى الشفافية والحكم الرشيد وسيادة القانون.
وفي خضم سعينا الحثيث لتحقيق السلام العالمي وحقوق الإنسان، ليس بوسعنا عدم الاكتراث للتحديات التي تفرضها الأزمات والصراعات الحالية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الحرب الأوكرانية المستعرة، والعدوان الروسي، والتوترات بين الصين وتايوان، وانتشار الأنظمة الاستبدادية في مختلف أنحاء العالم خاصة في المنطقة العربية، بينما هناك ثورات عظيمة ضد الطغاة تعرف باسم الربيع العربي الداعي إلى الحرية والديمقراطية و حكم القانون. علينا أن نواجه هذه القضايا وجهاً لوجه ونكرر التزامنا بدعم المبادئ التي يقوم عليها عالم يسوده العدل والسلام.
إن العدوان الروسي على أوكرانيا وقبله في سوريا يدعو إلى التشكيك في مبادئ القانون الدولي وأهمية احترام الحدود الوطنية. وفي عالم يسعى لتحقيق السلام والاستقرار، من الضروري أن نحاسب القادة على أفعالهم وأن نحمي مبادئ السلامة الإقليمية وتقرير المصير. يجب على المجتمع الدولي التحد في دعم المتضررين من هذا العدوان، وتقديم المساعدات الإنسانية، والعمل من أجل حل دبلوماسي يحترم حقوق جميع الأطراف المعنية.
تمثل الأنظمة الاستبدادية تحديًا كبيرًا لمبادئ حقوق الإنسان والسلام العالمي. إن قمع المعارضة وتضييق الحريات وتجاهل حكم القانون من شأنه أن يقوض أسس المجتمعات العادلة، وبالتالي يتعين علينا أن نتضامن مع أولئك الذين يتوقون إلى الحرية والديمقراطية والى الدفاع عن حقوقهم ومحاسبة الأنظمة القمعية على أفعالها. على المجتمع الدولي استخدام النفوذ الدبلوماسي والاقتصادي لتعزيز القيم الديمقراطية، وتشجيع احترام حقوق الإنسان، ودعم منظمات المجتمع المدني التي تسعى إلى التغيير الإيجابي.
ولأجل المضي قدمًا، لا بد وان نتعلم من أخطاء الماضي ونضع نهجًا محكوم بمزيد من المبادئ والأخلاق. يجب على الحكومات الغربية إعادة النظر في تحالفاتها وإعطاء الأولوية لتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد، حتى ولو كان ذلك على اختبارا لمصالحها الجيوسياسية. سيساهم هذا التحول في النهج في الاستقرار على المدى الطويل، والتعاون الإقليمي، وتحقيق تطلعات شعوب المنطقة.
وأخيراً، من الأهمية بمكان على المجتمع الدولي دعم جهود التعمير بعد انتهاء الصراع في البلدان المتضررة، مع ضمان توفير الموارد والمساعدات اللازمة للتنمية المستدامة واستعادة المؤسسات. يجب أن يكون هذا الدعم مدفوعًا بمبادئ الشمولية والمساءلة واحترام حقوق الإنسان، والعمل بالشراكة مع المجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني.
شكراً لكم،،
للاطلاع على الكلمة كاملة اضغط (هنـــــــــا)